الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

أبرز أحداث شهر صفر من السيرة النبوية الشريفة

أبرز أحداث شهر صفر من السيرة النبوية الشريفة
الأحد ١٤ أكتوبر ٢٠١٨ - ١٤:٢٥ م
2654

أبرز أحداث شهر صفر من السيرة النبوية الشريفة

تبين لنا فيما مضى بأن صفر ليس شهراً منحوساً كما يعتقد البعض، وليس من عقيدة المؤمن الذي يعلم أنَّ الحوادث بيد الله وأنَّ الأيام والشهور لا تدبير لها بل هي مدبرة مسخرة، ليس من عقيدته أن يستاء من هذا الشهر، أو يتضجر، أو يمتنع من مزاولة أموره الشخصية، في شؤون حياته، بل على العكس هو كبقية الأشهر والأيام. ولو تصفحنا التاريخ لوجدنا أنَّه قد حصل في هذا الشهر بشائر وحوادث مشرقة للأمة، ومنَّ الله على الأمة بفتوحات الإسلامية، ونصر مؤزر، ولو كان التشاؤم صحيحاً لما قام الفاتحون بما قاموا به، وسنعرض بعضاً من هذه الأحداث والوقائع على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر: أولاً: زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها: سنة ستة وعشرين من ميلاده قال ابن إسحاق: «في شهر صفر كان زواج السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها من النبي محمد صلى الله عليه وسلم عقب خمسة وعشرين يوماً من صفر سنة ستة وعشرين». ثانياً : خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة نحو المدينة: قال يزيد بن أبي حبيب: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة في صفر، وقدم المدينة في ربيع الأول». ثالثاً: غزوة الأبواء: على رأس أحد عشر شهرا من الهجرة فقد «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفر غازياً على رأس اثني عشر شهراً من مقدمة المدينة لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر صفر، حتى بلغ ودان، وكان يريد قريشاً، وبني ضمرة، وهي غزوة الأبواء، ثم رجع إلى المدينة، وكان استعمل عليها سعد بن عبادة»، وهذه أوَّل غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم. رابعاً: زواج علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالسيدة فاطمة رضي الله عنها: سنة اثنتين للهجرة قال ابن كثير: «وأما فاطمة رضي الله عنها فتزوجها ابن عمها علي بن أبي طالب رضي الله عنه في صفر سنة اثنتين، فولدت له الحسن والحسين، ويقال: ومحسن، وولدت له أم كلثوم وزينب». خامساً: غزوة ذي أمر: سنة ثلاث للهجرة عن ابن إسحاق قال: «ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة السويق أقام بالمدينة بقية ذي الحجة والمحرم أو عامته، ثم غزا نجداً يريد غطفان وهي غزوة ذي أمر، فأقام بنجد صفر كله، أو قريباً من ذلك، ثم رجع إلى المدينة فلم يلق كيداً». سادساً: فتح خيبر: قرب آخر السنة السادسة من الهجرة قال ابن إسحاق: «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني قد أعطى ابن لقيم العبسي حين افتتح خيبر ما بها من دجاجة أو داجن، وكان فتح خيبر في صفر». سابعاً: إسلام عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة رضي الله عنهم: سنة ثمان من الهجرة عن ابن إسحاق قال: «كان إسلام عمرو بن العاص، وخالد ابن الوليد، وعثمان بن طلحة رضي الله عنهم؛ عند النجاشي فقدموا إلى المدينة في صفر سنة ثمان من الهجرة». ثامناً: سرية قطبة بن عامر بن حديدة: سنة تسع للهجرة سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم بناحية بيشة قريباً من تربة في صفر سنة تسع، قال ابن سعد: قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قطبه في عشرين رجلاً إلى حي من خثعم بناحية تبالة، وأمره أن يشن الغارة، فخرجوا على عشرة أبعرة يعتقبونها، فأخذوا رجلاً فسألوه فاستعجم عليهم، فجعل يصيح بالحاضرة، ويحذرهم؛ فضربوا عنقه، ثم أقاموا حتى نام الحاضر فشنوا عليهم الغارة فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى كثر الجرحى في الفريقين جميعاً، وقتل قطبة بن عامر من قتل، وساقوا النعم، والشاء، والنساء إلى المدينة، وجاء سيل أتى فحال بينهم وبينه فما يجدون إليه سبيلاً، وكانت سهمانهم أربعة أبعرة، والبعير يعدل بعشر من الغنم بعد أن أفرد الخمس. تاسعاً: وفد بني عذرة: سنة تسع للهجرة قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني عذرة في صفر سنة تسع اثنا عشر رجلاً فيهم جمرة بن النعمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من القوم؟»، فقال متكلمهم: من لا تنكر، نحن بنو عذرة، إخوة قصي لأمه، نحن الذين عضدوا قصياً، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة، وبني بكر، ولنا قرابات وأرحام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مرحباً بكم وأهلاً، ما أعرفني بكم»، فأسلموا، وبشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح الشام، وهرب هرقل إلى ممتنع بلاده، ونهاهم عن سؤال الكاهنة، وعن الذبائح التي كانوا يذبحونها، وأخبرهم أن ليس عليهم إلا الأضحية، فأقاموا أياماً بدار رملة، ثم انصرفوا وقد أجيزوا. عاشراً: غزو الروم: سنة إحدى عشرة للهجرة في شهر صفر لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لغزو الروم، وأمرهم بالجِدِّ، ثمَّ دعا من الغد يوم الثلاثاء لثلاث بقين من صفر أسامة بن زيد رضي الله عنهما، «وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم لأربع بقين من صفر، وأمره من غزو الروم والإغارة عليهم بما أمر، وعقد له لواء بيده المباركة، وجهزه في المهاجرين والأنصار أرباب الصوارم الفاتكة»، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم ببعث هذا الجيش. فهذه بعض الأحداث المشرفة التي حدثت للأمة ووقعت في شهر صفر، وكلها تدلُّ على أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتشاءم من هذا الشهر، بل كان يتعامل فيه كما يتعامل في بقية الأشهر، فقد تزوج في هذا الشهر، وزوج ابنته بعلي رضي الله عنهما في هذا الشهر، وغزا في هذا الشهر، وهذا كله يدلُّ دلالةً واضحةً على إبطال دعاوى من يدعي أنَّ هذا الشهر شهر شؤم ونحس. ولهذا نقول لمن تشاءم من هذا الشهر: أين أنتم من هذا الهدي النبوي؟ وماذا تقولون أو تردون؟ وما موقفكم من هذه النصوص؟ وفي الجانب الآخر نجد أنه كما حدث في شهر صفر أحداث مشرفة للأمة، فكذلك حدثت أحداث ومصائب للأمة في شهر صفر، وهذا لا يعني أن هذا الشهر شهر شؤم تقع فيه المصائب؛ لأنَّه لا دخل للزمن فيما قدره الله، ولا يجلب الزمن أو يرد قضاء الله وقدره، ومن تلك الأحداث: أن هذا الشهر شهر شؤم تقع فيه المصائب؛ لأنَّه لا دخل للزمن فيما قدره الله، ولا يجلب الزمن أو يرد قضاء الله وقدره، ومن تلك الأحداث: أولاً: غزوة الرجيع: السنة الرابعة من الهجرة «وكان أصحاب الرجيع ستة نفر منهم: عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، وخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق حليف لبني ظفر، وخالد بن البكير الليثي، ومرثد بن أبي مرثد رضي الله عنهم، وكان من شأنهم أن نفراً من عضل والقارة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن فينا مسلمين فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم حتى نزلوا بالرجيع؛ استصرخوا عليهم هذيلاً، فلم يرع القوم إلا والقوم مصلتون عليهم بالسيوف، وهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم فقالت هذيل: إنا لا نريد قتالكم، فأعطوهم عهداً وميثاقاً لا يريبونهم، فاستسلم لهم خبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق، ولم يستسلم عاصم بن ثابت، ولا خالد بن البكير، ولا مرثد بن أبي مرثد، ولكن قاتلوهم حتى قتلوا، وخرجت هذيل بالثلاثة الذين استسلموا لهم حتى إذا كانوا بمرِّ الظهران نزع عبد الله بن طارق يده من قرانه ثم أخذ سيفاً؛ فرموه بالحجارة حتى قتلوه، وقدموا بخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة مكة، فأما خبيب فابتاعه آل حجير بن أبي إهاب فقتلوه بالحارث بن عامر، وابتاع صفوان بن أمية زيد بن الدثنة فقتله بأبيه». ثانياً: يوم بئر معونة / سرية القراء / : السنة الرابعة من الهجرة وفي شهر صفر قدم المدينة أبو براء عامر بن مالك وكان يسمى ملاعب الأسنة ، وهو سيد من سادات العرب المشهورين ، فعرض عليه النبي الإسلام فلم يسلم ، ولم يبعد عن الإسلام . وقال لرسول الله : لو بعثت رجالاً من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك رجوتُ أن يستجيبوا لك ، فقال رسول الله أخشى عليهم أهل نجد ، فقال عامر : أنا لهم جار ، فابعثهم فليدعوا إلى أمرك . وكان عامر بن مالك يريد بذلك أن يُسلم قومه قبله فيدخل معهم في الإسلام . فبعث رسول الله المنذر بن عمرو في سبعين رجلاً من خيرة أصحابه ، يسمّون بالقراء ، لكثرة ما يحفظون من القرآن ، فساروا حتى نزلوا بئر معونة ، فبعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله إلى عامر بن الطفيل وكان رئيس بني عامر ، وكانت منازلهم حول بئر معونة ، فلما قرأ كتاب النبي غضب أشد الغضب ، وقتل حامل الكتاب حرام بن ملحان ، ثم طلب من بني عامر أن يخرجوا للتعرض لوفد المسلمين ، فرفضوا أن ينقضوا ذمة أبي براء ، / عامر بن مالك / فاستصرخ عليهم بعض القبائل فأجابوه وخرجوا ، فأحاطوا بوفد المسلمين فما كان من المسلمين إلا أن قاتلوا على قلة عددهم وسلاحهم فهم لم يخرجوا لقتال ، وإنما خرجوا دعاة لتبليغ رسالة الله . فقاتلوا حتى قتلوا ممن آخرهم إلا كعب بن زيد ، فإنه جُرح وظنوا أنهم قد أجهزوا عليه فتركوه ، وعمر بن أمية الضمري كان قد ذهب في حاجة وفد المسلمين فنجا من القتل . ولما علم النبي بذلك حزن أشد الحزن على شهداء الرجيع ومعونة ، ومكث شهرا كاملا يدعو في صلاته على الفئة الغادرة من عُضل والقارة . ثالثا: مرض النبي صلى الله عليه وسلم: سنة إحدى عشرة للهجرة «مرض النبي صلى الله عليه وسلم لاثنين وعشرين ليلة من صفر، وبدأ وجعه عند وليدة له يقال لها ريحانة كانت من سبي اليهود، وكان أول يوم مرض يوم السبت، وكانت وفاته يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول لتمام عشر سنين من مقدمه المدينة». خاتمة : وختاما فإن شهر صفر أنما هو شهر يحمل في طياته الخير والشر كسائر الشهور . فليكن هذا الشهر مما تفعل فيه الخير ليكون لك خيرا، ولا تعمد إلى الشر فيكون عليك شرا ولنكثر قوله : «اللَّهُمَّ لَا يَأْتِ بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْت وَلَا يذهب بالسيئات إِلَّا أَنْت لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه» أخرجه ابْن أبي شيبَة وَأَبُو نعيم عن عُرْوَة بن عَامر ولندعو دعوة رسول الله عندما كان يرقب الهلال فيقول : «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هِلَالَ يُمْنٍ وَرُشْدٍ، وَآمَنْتُ بِاللَّهِ الَّذِي خَلَقَكَ فَعَدَلَكَ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» ابن السني في عمل اليوم والليلة عن أنس وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين