الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

عِبَر مِن قصص الأنبياء (11)

إنكار اليهود أن إسماعيل هو الذبيح سببه الحقد والحسد

عِبَر مِن قصص الأنبياء (11)
أسامة شحادة
الأحد ٢١ أكتوبر ٢٠١٨ - ١٧:٥٠ م
797

عِبَر مِن قصص الأنبياء (11)

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أ- إسماعيل -عليه السلام-:

إن مِن أهم العِبَر والفوائد في القصص القرآني: تصحيح المفاهيم، وبيان الحق والصحيح مِن أخبار السابقين مِن الأمم والأنبياء وما جرى لهم، وتخليص البشرية مِن الأوهام والشائعات، وتحقيق القدوة الصالحة بخيرة البشر، وهم الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-؛ مما يأخذ بأيدهم للرقي والفلاح، وعمارة الأرض بالحق والخير (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف:111).

ومِن قضايا التاريخ التي تعرضتْ للتحريف: تعيين شخصية الذبيح مِن أبناء إبراهيم -عليه السلام-، فبينما يُشيع اليهود والنصارى أن الذبيح هو إسحاق -عليه السلام-، وهو الابن الثاني لإبراهيم -عليه السلام-، وقلّدهم في ذلك بعض المسلمين! فإن القرآن الكريم يشير بوضوحٍ إلى أن الذبيح هو الابن الأول لإبراهيم، وهو إسماعيل -عليه السلام-، كما في قوله -تعالى-: (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ . رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ . فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ . فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ . فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ . وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ . وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ . وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ . سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ . كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ . وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ . وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) (الصافات:99-113).

فهذه الآيات تقرر وجود ابنين لإبراهيم -عليه السلام- أولهما: إسماعيل، تعرض للابتلاء والاختبار بالذبح، وبعد تجاوز الامتحان، جاءت البشارة بالابن الثاني، وهو: إسحاق، واستدل الإمام محمد القرضي على أن الذبيح هو إسماعيل بتناقض البشارة بولادة إسحاق وأنه سيولد له يعقوب مع كونه هو الذبيح كما في قوله -تعالى-: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ) (هود:71).

ولليوم، وبرغم ما تعرض له الإنجيل والتوراة مِن التحريف والتبديل والضياع -تسببتْ في تناقض كثيرٍ مِن مواضعه-؛ إلا أن فيه إشارات تطابق رؤية القرآن الكريم، فبعض نصوص التوراة تصرِّح أن الذبيح هو الابن الوحيد، ونصوص أخرى تصرِّح بأن إسماعيل هو الابن الأول لإبراهيم -عليه السلام-، مما يتوافق مع القرآن الكريم.

وإنكار اليهود أن إسماعيل هو الذبيح سببه الحقد والحسد؛ لأن اليهود مِن ذرية إسحاق، بينما العرب والنبي -صلى الله عليه وسلم- مِن ذرية إسماعيل، ولا يزال حسد اليهود وحقدهم على العرب والمسلمين قائمًا لليوم، وهو سبب مكائدهم للمسلمين سواء في زمن الدولة العثمانية على يد يهود الدونمة، أو عبْر دولتهم اللقيطة التي تسعى دومًا لقتل أهل فلسطين وتهجيرهم، ونشر الإلحاد والكفر بينهم، وترويج الإدمان بيْن شبابهم، فضلًا عن سعيها الدائم بحياكة الدسائس بيْن الدول المسلمة، وإرسال الخلايا التجسسية، وتصدير الأفكار الهدامة لهم، والمنتجات المضرة بهم، كما حصل مِن تخريبٍ للأراضي الزراعية عبْر البذور الزراعية المهجنة والمعدلة وراثيًّا، وغيرها كثير.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً