الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

مِن مبادئ الشريعة الإسلامية

فمبادئ الشريعة هي القواعد الأساسية للشريعة

مِن مبادئ الشريعة الإسلامية
خالد فوزي حمزة
الأربعاء ١٢ ديسمبر ٢٠١٨ - ١٧:٤٣ م
1059

مِن مبادئ الشريعة الإسلامية

كتبه/ خالد فوزي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمِن الخلاف المجتمعي الذي ساد وقت وضع الدستور المصري، ما عرف مِن عبارة: (مبادئ الشريعة) أو أحكام الشريعة، وظهر تعريف للمحكمة الدستورية أن المبادئ هي: "ما كان قطعي الثبوت قطعي الدلالة"، ونوزعت في ذلك، والحقيقة أن مَن كان يدندن حول هذا أراد التملص مِن إلزامات الشريعة، وأن يكون الشرع هو عبارة عن منظومةٍ أخلاقيةٍ فقط، أشبه بتعاليم الحكماء على مرِّ التاريخ، وعلى كل فلو تنزلنا أن هذا الذي قالوه هو المراد مِن المبادئ؛ فإننا نجد أن الأمر -حتى الآن- لم يطبَّق كاملّا، فإنه قد نصت المادة الثانية مِن دستور (2014م) على أن: (الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع).

فماذا تعني هذه المبادئ؟

جاء في المعجم الوسيط (1/ 42): "(المبدأ): مبدأ الشيء أوله ومادته التي يتكون منها، كالنواة مبدأ النخل أو يتركب منها كالحروف مبدأ الكلام، والجمع مبادئ، ومبادئ العلم أو الفن أو الخلق أو الدستور أو القانون قواعده الأساسية التي يقوم عليها ولا يخرج عنها".

وعليه؛ فمبادئ الشريعة هي القواعد الأساسية للشريعة، وسأحاول أن أعرض لبعض هذه المبادئ وهي كلها قطعية الثبوت والدلالة.

- فالمبدأ الأول منها: مبدأ أن يكون الحكم لله، (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)، فهذا مبدأ مِن المبادئ التي استقرت في الشريعة الإسلامية، قال -تعالى-: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ) (الأنعام:57)، وقال نبي الله يوسف -عليه السلام-: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (يوسف:40)، وقال نبي الله يعقوب -عليه السلام-: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (يوسف:67)، ولأجل هذا نعى القرآن على مَن يحكم بغير حكم الله، قال -تعالى-: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) (الشورى:21)، وقال: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة:44)، وقال: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (المائدة:45)، وقال: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (المائدة:47)، وأمر الله نبيه بذلك فقال: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) (المائدة:49)، وقال -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) (الأحزاب:36)، كما قال -تعالى-: (فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء:65)، وَلِهَذَا شَدَّدَ فِي خِلَافِ ذَلِكَ، فَقَالَ: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا) (الأحزاب:36)، كَقَوْلِهِ -تَعَالَى-: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور:63).

فهذه النصوص قطعية الثبوت وقطعية الدلالة، وهي تدل على وجوب تحكيم أمر الله في كل شؤون الحياة، وبيَّن -تعالى- أن المعرض عن هذا هم المنافقون فقال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا . وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا) (النساء:60-61).

وقد نقل الإجماع على ذلك: أبو محمد بن حزم -رحمه الله- فقال: "وَاتَّفَقُوا أَنه لَا يحل لأحدٍ أَن يحلل وَلَا أَن يحرم، وَلَا أَن يُوجب حكما بِغَيْر دَلِيل مِن قُرْآن أَو سنة أَو إجماع أَو نظر" (مراتب الإجماع).

فلا يصح بعدها التحاكم إلى غير الشريعة، قال -تعالى-: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50)، فهذا هو أهم المبادئ الشرعية، والله أعلم.

وصلِّ اللهم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة