الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

دعاة على أبواب جنهم!

وهلْ أفسدَ الدينَ إلا الملوكُ وَأحبــارُ سُـوءٍ وَرُهبانهـا

دعاة على أبواب جنهم!
أحمد حمدي
الأربعاء ١٢ ديسمبر ٢٠١٨ - ١٧:٤٦ م
961

دعاة على أبواب جنهم!

كتبه/ أحمد حمدي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

قال حذيفة بن اليمان كاتم سر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وراوي أحاديث الفتن: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: (نَعَمْ)، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ)، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: (قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ)، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: (نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: (نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: (تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ)، فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: (فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ) (متفق عليه).

هؤلاء هم العدو فاحذرهم، وهم أمراء وعلماء السوء والضلالة الذين يدعون أنهم مصلحون، ويدّعون التيسير على الناس ومسايرة العصر والرحمة بالناس، وهم يدلسون عليهم، ويزيفون الحقائق ويزينون الباطل ويهدمون ثوابت الدين ورموزه، وينكرون المعلوم مِن الدين بالضرورة ويطعنون في السُّنة ويتلاعبون بالشريعة، فهم أذناب الغرب ينفذون مخططاتهم، فهم باعوا دينهم بثمن بخس وعرض مِن الدنيا بحثًا عن منصبٍ أو جاه أو شهوة أو مال أو وجاهة أو مكانة أو شهرة، بدلوا وحرفوا يتتبعون زلات العلماء وأقوالهم الشاذة في بطون كتب المذاهب بحثًا عن الرخص، وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على عدم جواز تتبع رخص العلماء، وقال الإمام أحمد بن حنبل: "مَن تتبع رخص العلماء، فقد اجتمع فيه الشر كله وقد تزندق".

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الأَئِمَّةَ المُضِلِّينَ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

وقال عمر -رضي الله عنه-: "إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ ثَلَاثَةٌ: مُنَافِقٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ لَا يُخْطِئُ فِيهِ وَاوًا وَلَا أَلِفًا، يُجَادِلُ النَّاسَ أَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُمْ لِيُضِلَّهُمْ عَنِ الْهُدَى، وَزَلَّةُ الْعَالِمِ، وَأَئِمَّةٌ مُضِلُّونَ".

وقال ابن المبارك:

وهلْ أفسدَ الدينَ إلا الملوكُ               وَأحبــارُ سُـوءٍ وَرُهبانهـا

فباعُوا النفوسَ ولمْ يربحَوا              ولمْ تغلُ في البيعِ أثمانهـا

قال -تعالى- ذاكرًا أحوال أحبار اليهود ورهبان النصارى في تبديل الشرع والدين: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31)،  ورُوِيَ عَنْ عُدَيِّ بْنِ حَاتِمٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي عُنُقِي صليب من ذَهَبٍ فَقَالَ لِي: (يَا عُدَيُّ اطْرَحْ هَذَا الْوَثَنَ مِنْ عُنُقِكَ)، فَطَرَحْتُهُ ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ: (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)، حَتَّى فَرَغَ منها، قلت: إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ، فَقَالَ: (أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونَهُ، وَيَحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟) قال: فقلت: بَلَى، قَالَ: (فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ) (رواه الترمذي والبيهقي، وصححه الألباني).

وهي طاعتهم في اعتقاد تبديل الشرع، وتحليل الحرام وتحليل الحلال، ومنها ما فعلته تونس مِن مساواة الذكر بالأنثى في الميراث، والتكذيب بصريح الدين، أو زواج المسلمة مِن غير المسلم أو تحريم تعدد الزوجات سيرًا في ركب الليبرالية والتغريب والعلمانية، وتنحية الشريعة جانبًا، والحكم بغير ما أنزل الله بزبالات أفكار البشر؛ ظنًّا منهم ظن السوء أنهم أرحم بالناس أو أن هذه القوانين أحكم أو تناسب العصر! وأن آيات القرآن والسُّنة لا تناسب العصور الحديثة، أو أنها شريعة البدو والصحراء، فكبرت كلمة تخرج مِن أفواههم، فيجب التحذير مِن هؤلاء والتبرؤ منهم، فإنهم يدسون السم في العسل.

ومنهم: "سعد الدين الهلالي" الذي أخزاه الله وفضحه أمام كل المسلمين، قال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (الأنعام:55)، وكرر الأزهر وعلماؤه التبرؤ منه، ومِن أقوالهم الشاذة مِن الطلاق الشفهي بأنه لا يقع، وأن الإيمان بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليس بواجبٍ، وغير ذلك مِن أباطيل، وكذلك الطعن المستمر مِن أمثال: "خالد منتصر"، و"محمود بدر"، و"علاء الأسواني" في البخاري والسُّنة؛ حقدًا منهم على علماء السلف والصحابة جهلًا منهم بمَن سبق البخاري مِن أمثال: "الزهري" و"موطأ" الإمام مالك، والشافعي، ومسند الإمام أحمد، ومصنف عبد الرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة، وسفيان الثوري، وما نقلوه مِن أسانيد الأحاديث عن تابعي التابعين عن التابعين عن الصحابة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

فهذا حقًّا زمن الفتن يُصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويخون فيها الأمين، ويؤتمن فيها الخائن، ويتكلم الروبيضة، وهو الرجل التافه الذي يتكلم في أمر العامة؛ فحقًّا إنها فتن يرقق بعضها بعضًا، فما أن خرجنا مِن دعاوى حظر النقاب حتى دخلنا في بدعة وجوب الاحتفال بمولد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، والدعوة إلى ذلك وعقد الولاء والبراء على ذلك حتى خرج علينا دعاوى مساواة الذكر بالأنثى في الميراث، ومَن يطعن في ثوابت الدين، فتستشعر مخططات الأعداء لهدم الدين، قال -تعالى-: (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) (سبأ:33)، (وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) (إبراهيم:46)، مؤامرات وكيد على الإسلام وأهله مِن المشككين الذين يثيرون الشبهات كل ساعة على وسائل التواصل الاجتماعي.

فاللهم رد كيدهم في نحورهم، واجعل تدبيرهم تدميرهم، واكفِ الأمة شرهم، وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

آداب العمل الجماعي -3
619 ٣٠ أبريل ٢٠٢٠
رمضان في ظروف خاصة!
777 ٢٧ أبريل ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -2
612 ٢٢ مارس ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -1
928 ١٩ مارس ٢٠٢٠
الطموح -2
620 ١٠ مارس ٢٠٢٠
الطموح (1)
676 ٢٧ فبراير ٢٠٢٠