الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

حجية السُّنة النبوية... دلائل وأمثلة

يا أيها القرآنيون... لو كنتم قرآنيين حقًّا؛ لأخذتم بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،

حجية السُّنة النبوية... دلائل وأمثلة
جابر عبد الوهاب
الأحد ١٧ فبراير ٢٠١٩ - ١٨:٢٧ م
1293

حجية السُّنة النبوية... دلائل وأمثلة

كتبه/ جابر عبد الوهاب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ، وَمِثْلَهُ مَعَهُ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (أَلَا هَلْ عَسَى رَجُلٌ يَبْلُغُهُ الحَدِيثُ عَنِّي وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَلَالًا اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَرَامًا حَرَّمْنَاهُ، وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

فهذا دليل على أن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وحي من الله -تعالى-، وسلم وكتاب الله حافل بالأمر والحض على اتباع الرسول الكريم، الصادق المصدوق، الناطق بالوحي -صلى الله عليه وسلم-، وطاعته والأخذ عنه، والتحذير مِن مخالفته.

ومِن ذلك قول الله -تعالى-: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل:44)، فالسنة النبوية تفسِّر القرآن وتوضحه، وتبيِّن ما أجمل منه، وتخصص عامه، وتقيد مطلقه، وتزيد أحكامًا عليه.

ومِن الأمثلة على ذلك:

- بيان لمجملٍ في القرآن: قال -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) (البقرة:43)؛ فهذا الأمر مجمل، وإنما عرفنا بيان ذلك مِن السُّنة المباركة، فدلتنا السُّنة على عدد الصلوات، وأوقاتها، وكيفية أدائها، وعدد ركعات كل صلاة، إلخ.

وكذلك قوله -تعالى-: (وَآتُوا الزَّكَاةَ)، وقوله -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) (البقرة:196)، فكل ذلك بيَّنته السنة المباركة، فالأركان العظيمة للدين لا يمكن معرفتها إلا بالرجوع إلى السنة المباركة، ومِن هنا تعلم أن مَن أنكر السنة فقد هدم أسس ودعائم الدين، واتبع غير سبيل المؤمنين.

- تخصيص ما جاء عامًّا في القرآن العظيم: ذكر الله -تعالى- المحرمات مِن النساء ولم يذكر الجمع بين الزوجة وعمتها أو خالتها، وقد جاء تحريم ذلك في السُّنة المباركة كما في الصحيحين وغيرهما، فيا منكري السنة المشرفة هل يستطيع أحدكم أن يجمع بين زوجته وعمتها أو خالتها؟! وإذا كان الجواب: لا، فمِن أين أخذتم هذا الحكم الشرعي إلا مِن هدي وسنة الرسول الكريم الصادق المصدوق الناطق بالوحي؟!

- ومِن ذلك عموم الإرث للأبناء: يوصيكم في أولادكم الذكر مثل حظ الأنثيين، فخصصت السنة منع الكافر والقاتل للموروث، وإن كانوا أبناءً له كما جاء ذلك في الصحيحين وغيرهما.

- تقييد ما جاء عامًّا في القرآن العظيم: كما في قوله -تعالى-: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) (المائدة:38)، وهذا الحكم مطلق في كل سرقة -قلَّت أو كثرت-؛ فقيَّدت السُّنة القطع إذا بلغ المسروق نصابًا معينًا، قال النبي: (لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَمَا فَوْقَهُ) (متفق عليه).

- ومِن ذلك أيضًا: أن السنة المباركة باعتبارها وحيًا مِن الله -تعالى- تزيد أحكامًا على ما جاء في الكتاب العظيم، مثل: حل ميتة البحر، وتحريم أكل الحمر الأهلية، وكل ذي ناب مِن السباع، وكل ذي مخلب من الطير، وهذا في أحاديث ثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فيا منكري سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-... لولا الوحي الثاني الذي هو سنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لذبحتم الكلاب والذئاب والثعالب، وأكلتموها، ولحرمتم أنفسكم الأسماك بأنواعها وأشكالها؛ لأنها ما أن تخرج مِن البحر حتى تصبح ميتة بعد وقتٍ يسيرٍ.

ويا أيها القرآنيون... لو كنتم قرآنيين حقًّا؛ لأخذتم بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن الله -تعالى- قال في كتابه الكريم: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر:7).

وصلى الله على محمدٍ وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com