الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

العلم قوة للأمة

لى الأمة الإسلامية مسؤولية ضخمه في مواجهة هذا الفساد كله بجيشٍ مِن أهل العلم

العلم قوة للأمة
علاء الدين عبد الهادي
السبت ٢٣ فبراير ٢٠١٩ - ١٧:٥٣ م
774

العلم قوة للأمة

كتبه/ علاء عبد الهادي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد علمنا مِن الوحي المنزَّل أن العلم ميراث الأنبياء وسبيل الأولياء، وبصيرة للأتقياء، وسبب رفع درجات الأصفياء الذين اتخذوا العلم دليلًا لنجاتهم فسلكوا بالعلم والإيمان والعمل الصالح صراط الذين أنعم الله عليهم، ونجوا ببركته مِن أن يكونوا كالذين علموا وما عملوا مِن المغضوب عليهم، كما نجوا مِن أن يكونوا مِن أضدادهم مِن الضالين.

وللعلم وأهله مِن الفضائل ما لا يتسع له الأسفار المطولة؛ فضلًا عن فقرةٍ مختصرةٍ في مقالٍ، ولكن ألا يكفي أولي الألباب في هذا الباب أن يدل الله -تعالى- نبيه وصفيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو ربه بالزيادة مِن العلم، خاصة في قوله: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (طه:114)؟!

ولا شك أن العلم بالله وكتبه ورسله، والشرع الشريف، أشرف أنواع العلوم، وأعلاها مكانة، وأنفعها للعبد في حياته وبرزخه وآخرته، ولكن لأنواع العلوم الأخرى النافعة مكانة كبيرة أيضًا، وهي على أقل أحوالها فروض كفاية على الأمة لابد مِن أن يتحملها ويبرع فيها جزءٌ منها، فكل علم نافع للناس في حياتها ومعاشها ومستقبلها هي علوم مطلوب تحصيلها، بل والحرص على ذلك، يعم ذلك العلوم التجريبية والإنسانية واللغات والتقنيات الحديثة وغيرها وفق الضوابط العامة المستقاة مِن الوحي بحيث لا تنقلب هذه العلوم أداة لتضليل الناس أو حجب الحق عنهم أو إلحاق الأذى بهم.

فكم رأينا العلوم إذا ما تم وضعها في بوتقةٍ ماديةٍ بحتة، وحجب عنها أنوار الوحي وأخلاق الهدى، أنتجتْ لنا معارف مظلمة وسلوكيات مشوهة، ونظريات خرقاء تعاند الوحي، وتبارز الخالق بالكفر والإلحاد، وتلحق بالبلاد والعباد كل ضررٍ وفسادٍ!

وانظر لدول سخَّرت كل ما لديها مِن علوم عبْر قرون لصنع أسلحة فتاكة تثير الرعب، وتخضع الشعوب، وتستعبد الأحرار، وتحرق الأرض التي عاشوا عليها جيلًا بعد جيلٍ!

ويساند الآلة العسكرية هذه آلة إعلامية بنيت بحذق وعلى دراية ومعرفة بكيفية تضليل الشعوب وتزييف الوعي وحجب الحقائق؛ آلة إعلامية لا تقل فتكًا عن الآلة العسكرية، وقد حصل هؤلاء أيضًا علمًا واسعًا ومعرفة عميقة بحرب المعلومات والاستخبارات، وزرع الفتن بيْن الشعوب والترويج لسياسة الإلهاء بتحصيل لقمة العيش، ثم إغراق الأمة بالشهوات والشبهات، وغير ذلك كثير مِن صور الانحراف في استغلال العلم والمعرفة في الفساد والإفساد.

لذا على الأمة الإسلامية مسؤولية ضخمه في مواجهة هذا الفساد كله بجيشٍ مِن أهل العلم والمعرفة الذين ارتبطوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم وهوية أمتهم؛ ليتخذوا العلم سبيلًا حقيقيًّا للنجاة بتحصيله وبثه في الأمة، وهذا لا يكون إلا بعلمٍ راسخٍ ذي بنيان تراكمي متين في كافة المجالات؛ علم بالقواعد العامة والتفاصيل الجزئية والطرق التي بها يردون على شبهات أعدائهم تارة، وعليه يربون أبناءهم ويصلحون منهجهم في الدعوة والدولة والحياة تارة أخرى، وبه يجابهون خطط اعدائهم ويقابلون كيدهم السيئ بقوةٍ وعلمٍ وبصيرةٍ، بعلم يكون مِن إنتاج الأمة بدلًا مِن أن تكون عالة فيه على غيرها، مستهلكة لما أنتجه غيرها!

هذا العلم -وهذه القوة فيه- لم يعد خيارًا ولا تَرَفًا فكريًّا، بل هو مستقبل الأمة بأسرها، وأحد أهم مصادر قوتها، (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ) (رواه مسلم).

فاللهم دبِّر لنا، فإنا لا نحسن التدبير.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com