الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

إرهابي نيوزيلندا.. ماذا لو كان مسلماً؟

على الرغم من ضخامة الحدث إلا أن حجم التغطية الإعلامية جاء عارضاً، فلم تفرد له البرامج

إرهابي نيوزيلندا.. ماذا لو كان مسلماً؟
محمد البلقاسي
السبت ١٦ مارس ٢٠١٩ - ١٣:٢٠ م
1345

إرهابي نيوزيلندا.. ماذا لو كان مسلماً؟

كتبه/ محمد البلقاسي

لم تبلغ ردود الفعل الدولية علي جريمة نيوزيلندا الإرهابية، حجم الحدث ولا دلالاته، سواء من الناحية السياسية والتي لم تتعدى شجب هنا وإدانة هناك، وقد بدأت كلها متأخرة بعد ساعات من الحادث، أو حتى على المستوى الإعلامي، فلم نرى اهتمام إعلامي قريب لما كان عليه في حادثة شارل إيبدو مثلاً.

الإعلام والحدث

على الرغم من ضخامة الحدث إلا أن حجم التغطية الإعلامية جاء عارضاً، فلم تفرد له البرامج، ولما يتم تنالة بالبحث والتحليل، بالصورة المناسبة لعمل من هذا القبيل، كما لم يسعى أحد لنشر التفاصيل، فلا نعلم كيف وصل الإرهابي لمكان الحادث، ولا كيف أختفى، عدم ذكر هذه الأمور والبحث عن جديد في تغطية الحدث يقتل الحدث إعلامياً.

لا نعلم شيء عن الضحايا، من هم من أين، ما هي قصتهم، فالضحية في هذا الحادث هي في الظل، والمنفذ مجرد شخص مشتبه فيه، فعلى الرغم من كل الأدلة، إلا أنه ما ذال مشتبه فيه، أو “المنفذ المحتمل”، من أي الكيانات، إلى ماذا ينتمي، لم يسعى أحد لذكر ذلك، وكأن المنفذ هو شخص وفقط، لا يعبر عن دين، أو دولة أو فكر، وهذا عكس تماماً ما حدث في حادثة “شارلي إيبدو” من اتهام مباشر للإسلام والمسلمين والثقافة الإسلامية.

الغرب وتضخيم الإرهاب المنسوب للإسلام

لا غرابة فهذا ديدن الغرب الدائم، أن يضخم أي عمل إرهابي، أو فيه شبهة إرهاب، له علاقة من قريب أو بعيد بالمسلمين، حتى ولو كان هذا الحادث بعيد كل البعد عن الإسلام، حتى وصل بالإعلام الغربي الحديث عن المناهج التعليمية، بل صرح بعضهم بأن الإرهاب هو الإسلام، كما قال الرئيس “هولاندعقب هجوم نيس حيث قال: ” فرنسا كلها تحت تهديد الإرهاب الإسلامي

ماذا لو كان المنفذ  غير مسلماً؟

إنه مريض نفسي، إنه يعاني من حالة إضطراب، إنه كان مخموراً، إنه مختل عقلياً ،  إن ما حدث هو حادث اعتداء، إنه حادث إطلاق نار عشوائي.

في حالة المجرم غير مسلم، لن تستمع إلا إلى هذه العبارات، فهل الإرهاب جريمة المسلمين وفقط؟

إزدواجية مقيته

لم يعد خافياً على أحد الأزدواجية في التعامل مع مثل هذه القضايا، فما بين أنه إرهابي، وأنهم إرهابيون، وأن دينهم هو دين الإرهاب، كل هذا إذا كان القاتل مسلم.

إلى إنه تعرض للضغوط النفسية والاضطراب، وغيرها من الكلمات في حال أنه غير مسلم، فيكفي كون الفاعل غير مسلم حتى لا يتم وصف عمله بالإرهابي، بينما يتم دائما وصف نفس الفعل بالإرهابي إن كان الفاعل مسلما !

لاشك أنه إرهابي

لقد أضاع عليهم الفرصة، فقد أعد العدة، وقام بالتصوير، وكتب الرسائل، فهل سيقولون عنه إرهابي؟

لا يشك أحد بأن حادث الاعتداء على مسجدين في نيوزيلاندا، والذي راح ضحيته 49 شخص، وعشرات الإصابات، بأنه حادث إرهابي، فالإرهابي ” برينتون هاريسون تارانت” لم يخف يمينيته المتطرفه، فقد طفحت صفحته على الفيس بوك بالدعوة إلى العنف..

أهداف الإرهابي من خلال الأوراق التي تركها  

تقليل أعداد الغزاة

يقول الإرهابي” قررت أن أتخذ موقفاً يضمن مستقبلاً لقومي” ويؤكد أنه نفذ الهجوم من أجل : “تقليل مباشر لمعدلات الهجرة إلى الأراضي الأوروبية” .

وعن الأسباب التي دفعته  وصف “الإرهابيالأسباب التي دفعته لتنفيذ الهجوم بأنها طريقة كي يُظهر للغزاة أن بلادنا لن تكون بلادهم أبداً، وأن أوطاننا ملكنا، وأنَّه مادام هناك رجل أبيض لا يزال حياً، فلن يحتلوا أرضنا أبداً ولن يقيموا مكان شعوبنا”.

كلمة السر “الانتقام من الغزاة

يقول الإرهابي : “انتقامي من الغزاة من أجل مئات آلاف الوفيات التي تسبب فيها الغزاة الأجانب في الأراضي الأوروبية على مر التاريخ.. ومن أجل استعباد ملايين الأوروبيين الذين أُخذوا من أراضيهم عن طريق النخاسين الإسلاميين.. وآلاف الأرواح الأوروبية التي فُقدت بسبب الإرهاب المنتشر في الأراضي الأوروبية».

الثأر لضحايا العمليات الإرهابية

يبرر الإرهابي” فعلته بالثأر للطفلة “إبا أكرلوند” والتي قتلت في هجوم استوكهولم فى 2017، ويعتبر ” تارانت” هذه الهجوم هو الملهم له، فيقول: “وفاة إبا على يد الغزاة، والمهانة المشهودة في موتها العنيف، وعجزي عن منع الأمر، طغت على استخفافي السقيم بالمسألة كما لو أنَّها مطرقة ثقيلة. ولم أعد قادراً على تجاهل الهجمات».

ليس هذا وفقط وإنما يضع الصورة الشخصية على حسابه في تويتر: لأحد حايا هجوم إرهابي وقع في نيس بفرنسا عام 2016.

التخطيط

يقول أنه يجهز للأمر من سنتين، وأن نيوزيلندا لم تكن الخيار الأول بالنسبة له، إلا أنه قرر من ثلاثة أشهر أنها مناسبة جداً.

يقول: “سوف يلفت وقوع هجوم في نيوزيلندا الانتباه إلى الحقيقة التي تشير إلى الاعتداء على حضارتنا، وأنَّه ليس هناك مكان آمن في العالم، وأنَّ الغزاة موجودون في جميع أراضينا، وحتى في أبعد مناطق العالم، وأنه لم يعد هناك أي مكانٍ آمن وخال من الهجرة الجماعية”.

لا شعور بالندم ولا إقرار بالذنب

يقول: “لا أشعر بالندم، وأتمنى فقط لو كنتُ قادراً على قتل عددٍ أكبر من الغزاة، وكثيرٍ من الخونة أيضاً”.

يعلن عن بث الهجوم

 أعلن في أحد جروبات الفيس أنه سيقوم بهجوم وسيتم البث على صفحته الشخصية، فقال: “سوف أنفذ هجوماً ضد الغزاة، بل وسوف أنقل بثاً مباشراً للهجوم عبر فيسبوك

 وختم رسالته لأصدقاءه على الفيس بقوله: “إن لم أنجُ بعد الهجوم، فوداعاً وليبارك الله، وسوف أراكم في فالهالا!” -أي ألقاكم في الآخرة-

ينشر صور الأسلحة قبل العملية

نشر الإرهابي صور الأسلحة التي استخدمها في العمليه، قبل التنفيذ بفترة، وكتب عليها إِشارات لمعارك قديمة، فكتب على أحدها ” ميثاق الهجرة الخاص بكم

وفي صورة أخرى كتب “من أجل ألكسندر بيسونيت، ولوك ترايني، وروثرهاموهؤلاء الثلاثة منفذين لعمليات إرهابية فبيسونيت حكم عليه بالسجن 40 عام لتقل ستة  أشخاص بإطلاق نار على مسجد المركز الثقافي الإسلامي بمدينة كيبيك الكندية ، أما “ترايني” فمحكوم عليه بالسجن 6 سنوات لإطلاق النار على 6 مهاجرين فى نهاية 2018.

معارك الدولة العثمانية

ذكر عدد من المعارك، كما ذكر عدد من القادة السعكريين، فقد ذكر حصار عكا 1189، ومعركة فيينا 1863، ومعركة شيبكا، .1877.

كما ذكر أسماء فيليكس كازيميرز بوتوكي، وهو قائد عسكري وأحد نبلاء بولندا في القرن السابع عشر.

وشارل مارتيل، وهو قائد عسكري فرنسي برز في القرن الثامن.

ويكفي لإثبات أنه عمل إرهابي منظم ومرتب له

قوله ” يجب علينا مواجهة الغزاة داخل بلادنا ومواجهة الغزاة الذين يحاولون دخول أرضنا. ويجب أن نسحق الهجرة ونرحّل هؤلاء الغزاة الذين يعيشون بالفعل على أرضنا. إنَّها ليست مسألة رفاهية وحسب، بل تتعرض مباشرةً لوجود وبقاء شعبنا”.

السؤال الأهم؟

سؤال لا تخفي إجابته على كل مطلع على حقيقة أن القوة في هذا العصر هي في من يتحكم في توصيف الجريمة بكونها إرهابية أو غير إرهابية وليس العلم والمنطق والحق , وإلا فلماذا لا يتحدث أحد عن “الإرهاب” المسيحي ؟!!

الإرهاب عند غير المسلمين

نعم يوجد إرهاب باسم المسيحية، ونعم يستند إلى نصوص دينية، وليس الأمر فقط في التاريخ القديم، إنما الأمر يحدث حتى الآن، وهذا لا يخص المسيحية، فهناك الإرهاب البوذي فيكفي ما نشاهده في بورما، والإرهاب الصهيوني ويكفي ما نشاهدة في فلسطين، وهناك الإرهاب السيخي ويكفي ما يحدث ضد المسلمين في الهند، وهناك العديد من الجماعات الإرهابية الغير دينية، وإنما تعتمد على الإرهاب العرقي، من أشهرها نمور التاميل بسريلانكا، ومنها فارك كولومبيا وهو تنظيم يساري يمثل الجناح العسكري للحزب الشيوعي الكولومبي، وهناك ” أوم شنريكو” في اليابان.

أوباما: ” المسلمين لا يحتكرون التطرف الديني

قال الرئيس الأمريكي الأسبق بارك أوباما في فبريار 2016 : “أن المسلمين لا يحتكرون التطرف الديني كما يدور في أذهان الجمهوريين اليمينين المتطرفين” وأشار إلى أن “المسيحية لها جانب مظلم”.

واستشهد أوباما على قوله: “بالحروب الصليبية ومحاكم التفتيش الإسبانية كمثالين”.

وقال: “لا يمكن للمسيحيين أن يكونوا مسؤولين عن أهوال محاكم التفتيش، كما لا يمكن أن نلقي باللائمة على كل المسلمين بخصوص التطرف العنيف لداعش، وحركة طالبان والقاعدة، أو بوكو حرام”.

نماذج لجماعات إرهابية مسيحية

جيش مقاومة الرب  

تأسس على يد “جوزيف كوني” بؤغندا سنة 1987 ودعا لإنشاء حكومة أصولية مسيحية .وبدأ نشاطه منذ عام 1988 في شمال أوغندا، إلا أن مقانليه اخذوا بالانتشار في اطراف شمال شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية وفي أفريقيا الوسطى وفي جنوب السودان منذ عام 2005

ارتكبت هذه الجماعة الآلاف من عمليات القتل والخطف، فقد أصدر كوني في وقت لاحق أوامره إلى الجيش بمهاجمة القرى ليعمل في أهاليها قتلًا واغتصابًا في حملة ترويع أدت إلى نزوح مليوني شخص من مناطقهم، واختطف جيش الرب الأطفال وسخرهم كجنود وعبيد، وأقنعهم كوني أن الماء المقدس جعل أجسادهم مقاومة للرصاص

كنيسة الله “البرق الشرقي

البداية من مقاطعة خنان بالصين عام 1990، تؤمن هذه الجماعة بنهاية العالم، فهم يعتقدون بأن العالم إلى زوال، وأنه لابد على أفراد جماعتهم ذبح أكبر عدد ممكن من الشياطين

تتركز غالب حوادث الجماعة في الصين، من قتل طلاب مدرسة ثانوية فى 2010، أو مهاجمة عدد من طلاب المدارس في 2012، أو بعض العمليات التي تدل على بداية توسع الجماعة فى هونج كونج في 2016.

الجبهة الوطنية لتحرير تريبورا

تنشط هذه الجبهة بالهند وتسعى للانفصال وإقامة ولاية مستقلة، في منطقة تريبورا شمال شرق الهند وبدأت عملها عام 1989، ولم تظهر تلك المجموعة أي نوع من التسامح مع أي دين آخر غير المسيحية، وأظهرت المجموعة مراراً استعدادها للقتل، وخطف وتعذيب الهندوس الذين يرفضون الدخول في الأصولية البروتستانتية.

ومن أشهر حوادث هذه الجماعة قتلهم أكثر كمن 30 هندوسياً في مايو 2003 خلال أحد الاحتفالات الهندوسية، وهي ليست الجماعة المسيحية الوحيدة فى منطقة التمرد في شمال شرق الهند.

الخاتمة

ما ذكرناه في هذه الكلمات، ما هو إلى جزء صغير من الإرهاب عند غير المسلمين، سواء في المسيحية أو اليهودية أو غيرها، والسؤال المُلح لماذا الإصرار على إلصاق تهمة الإرهاب بالمسلمين وفقط؟

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com