الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

عِبَر مِن قصص الأنبياء (29)

وفي قصة سليمان -عليه السلام- كثيرٌ مِن العِبَر

عِبَر مِن قصص الأنبياء (29)
أسامة شحادة
الثلاثاء ٠٩ أبريل ٢٠١٩ - ١٧:٥٦ م
849

عِبَر مِن قصص الأنبياء (29)

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أ- سليمان -عليه الصلاة والسلام-:

مِن المعلوم أن سليمان -عليه السلام- ورث عن أبيه داود -عليه السلام- النبوّة والملك (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) (النمل:16)، ثم خصّه الله -عز وجل- بأن أجاب دعاءه وجعل له مُلْكًا لا ينبغي لأحدٍ مِن بعده (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (ص:35).

وفي قصة سليمان -عليه السلام- كثيرٌ مِن العِبَر نقف مع بعضها على وجه الإيجاز، فمنها نسيانه قول: "ما شاء الله" حين عزم على الطواف على نسائه مِن أجل أن ينجبن فرسانًا مجاهدين، فروى البخاري ومسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (قَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً، تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارِسًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، وَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا إِلَّا وَاحِدًا، سَاقِطًا أَحَدُ شِقَّيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَوْ قَالَهَا لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

وهذه هي قصة قوله -تعالى-: (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ) (ص:34)، فالأنبياء يتعرضون للفتنة والاختبار مِن الله -عز وجل-، وكذلك الصالحون؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- حين سئل: أيّ الناس أشد بلاءً؟ فقال: (الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).

ومِن العِبَر المهمة هنا: أنه على أتْباع الأنبياء أن يَعرفوا أن طريق الأنبياء كان فيه ابتلاءات وفتن، وأن النجاة منها تكون بانتهاج نهج الأنبياء بالتزام الحق أولًا، والتوبة والإنابة ثانيًا، كما في قصة سليمان -عليه الصلاة والسلام- هنا (ثُمَّ أَنَابَ)، ومِن قبْل في قصة أبيه داود -عليه السلام-: (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ) (ص:24)، ففي هذه المرحلة الحساسة مِن تاريخ الإسلام لابد لنا مِن الاستعداد والتيقظ لكثرة الفتن والابتلاءات، والاعتصام بالله -عز وجل-، والأخذ بالأسباب الشرعية والواقعية.

ومن العِبر الكبرى في هذه الفتنة: إبطال قول الرافضة بعصمة الأنبياء والأئمة المطلقة، فها هو سليمان -عليه السلام- نسي قول: "إن شاء الله" برغم أن صاحبه قد ذكّره بها! وقيل: إن ذلك وقع أيضًا لنبينا -صلى الله عليه وسلم- حين سأله مشركو قريش عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح، فقال لهم: "أجيبكم غدًا"، ونسي أن يقول: "إن شاء الله"، فتأخر الوحي عنه مدة أسبوعين ثم نزل قوله -تعالى-: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا . إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) (الكهف:23-24).

وفي هذا بيان لبشرية الأنبياء، وأن عصمتهم هي في تبليغ الرسالة الإلهية، فإذا كان الأنبياء يقع منهم النسيان أو الخطأ كقتْل موسى -عليه السلام- للقبطي؛ فكيف تصحّ مزاعم أفّاقي الرافضة وقصصهم الخيالية عن عصمة الأئمة مِن الخطأ والسهو والنسيان، فهل هم أفضل مِن الأنبياء؟ أم أن هذه الآيات القرآنية خاطئة؟ وكِلا وجهي الأمر ذميم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً