الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

دينٌ مَن حفظه ساد!

يا شباب الأمة الإسلامية شمّروا عن سواعدكم، وهبوا في طلب العلم الشرعي

دينٌ مَن حفظه ساد!
محمود الحفناوي الأنصاري
الاثنين ٠٦ مايو ٢٠١٩ - ٢٢:١٠ م
791

دينٌ مَن حفظه ساد!

كتبه/ محمود الحفناوي الأنصاري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فعن الوليد الموقري عن الزهري قال: "قدمتُ على عبد الملك بن مروان، فقال: من أين قدمت يا زهري؟

قال: قدمت من مكة.

قال: ومن خلفت يسودها؟

قلت: عطاء بن رباح.

قال: فمن العرب أم من الموالي؟

قلت: من الموالي.

قال: فبمَ سادهم.

قال: قلت: بالديانة والرواية.

قال: إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا.

قال: فمَن يسود أهل اليمن؟

قال: طاوس بن كيسان.

قال: فمِن العرب أم من الموالي؟

قلت: من الموالي.

قال: فبمَ سادهم.

قلت: بما سادهم به عطاء.

قال: إنه لينبغي ذلك.

قال: فمن يسود أهل مصر؟

قلت: يزيد بن أبي حبيب.

قال: فمِن العرب أم من الموالي؟

قلت: مِن الموالي.

قال: فمن يسود أهل الشام؟

قلت: مكحول.

قال: فمِن العرب أم من الموالي؟

قلت: مِن الموالي، عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل.

قال: فمن يسود أهل الجزيرة؟

قلت: ميمون بن مهران.

قال: فمن العرب أم من الموالي؟

قلت: من الموالي.

قال: فمن يسود أهل خراسان؟

قلت: الضحاك بن مزاحم.

قال: فمن العرب أم من الموالي؟

قلت: من الموالي.

قال: فمن يسود أهل البصرة؟

قلت: الحسن البصري.

قال: فمن العرب أم من الموالي؟

قلت: من الموالي.

قال: ويلك، ومن يسود أهل الكوفة؟  

قلت: إبراهيم النخعي.

قال: فمن العرب أم من الموالي؟

قلت: من العرب.

قال: ويلك يا زهري، فرجت عني، والله لتسودن الموالي على العرب في هذا البلد حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها.

قال: قلت: يا أمير المؤمنين إنما هو دين مَن حفظه ساد، ومن ضيعه سقط".

قال الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع -رحمه الله- معلقًا: "فتأمل هذه القصة العجيبة، وانظر كيف رفع حفظ العلم ودرايته أولئك السادات حتى ارتفع مقدارهم على مَن هو أرفع منهم نسبًا، فلعلك أن تجد وتجتهد في حفظ العلم الذي هو سبب السعادة في الدنيا والآخرة لمَن عمل به" (إرشاد الطلاب إلى فضيلة العلم والعمل والآداب). "المولى: هو مَن كان عبدًا فتم عتقه وأصبح حرًّا فيظل ولاؤه لسيده الذي أعتقه؛ لذلك يسمَّى مولى".

وأقول: يا شباب الأمة الإسلامية شمّروا عن سواعدكم، وهبوا في طلب العلم الشرعي؛ فالأزمة الحقيقية التي تعاني منها الأمة الإسلامية الآن، هي الحاجة إلى العلماء الربانيين.

نريد في هذه الأيام...

العالم المجدد الذي يجدد لهذه الأمة دينها.

نريد العالم المجاهد الذي يجاهد عن ثوابت الدين والعقيدة، ويدك حصون الشرك والإلحاد.

نريد العالم الذي يرد على الشبهات، ويقف في وجوه أصحاب الأفكار المنحرفة، والمناهج العفنة، والبعيدة كل البعد عن منهج أهل السنة والجماعة.

فهل من شاب مخلص ذي همة عالية وإخلاص، يقول: ها أنا ذاك الشاب؟

هل من مشمر؟

إنما هو دين من حفظه ساد.

الملوك والرؤساء والوزراء والأمراء وأصحاب المناصب والجاه يحتاج إليهم ويقصدهم أصحاب الحاجات والمصالح، والأغنياء يحتاج إليهم ويقصدهم الفقراء والمساكين؛ أما العلماء فيحتاجهم الملوك والرؤساء والوزراء، وأصحاب المناصب والجاه والأغنياء، وأصحاب الحاجات والفقراء والمساكين.

وكل الناس يحتاجون إلى العلماء، والعلماء لا يحتاجون إلى واحدٍ مِن هؤلاء.

إنما هو دين من حفظه ساد.

العلماء للناس كالشمس للدنيا والعافية للأبدان.

إنما هو دين من حفظه ساد.

يقول الإمام أحمد -رحمه الله-: "حاجة الناس للعلماء أكثر من حاجتهم للطعام والشراب، فهم يحتاجون الطعام مرة أو مرتين أو ثلاث مرات في اليوم، ويحتاجون للعلماء بعدد أنفاسهم!".

وقال الحسن البصري -رحمه الله: "لولا العلماء لسار الناس كالبهائم".

إنما هو دين مَن حفظه ساد.

على مرِّ التاريخ كل مَن عذب العلماء وسجن العلماء ماتوا، وماتت سيرتهم وأسماؤهم، وخلّد الله سيرة العلماء الذين عذبهم هؤلاء، وخلد ذكراهم وعِلمهم وكتبهم.

الله أكبر... الله أكبر.

إنما هو دين من حفظه ساد.

أين الحاكم الذي سجن ابن تيمية وعذب ابن تيمية، ومات ابن تيمية في سجنه، لا يعرف الناس اسم هذا الحاكم ولا نسبه ولا حسبه! وبقي اسم ابن تيمية وعلمه وكتبه وفتواه، وإذا قال قائل: قال ابن تيمية أو رجح ابن تيمية سكت الجمع وأزعن الجميع!

إنما هو دين من حفظه ساد.

فمن منكم يا شباب الأمة الذي سوف يحفظ هذا الدين، ليسود في حياته وبعد موته؟!

إنما هو دين من حفظه ساد.

اللهم كما علمت آدم وإبراهيم علمنا، وكما فهمت سليمان فهمنا.

اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل. آمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة