الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

أكثروا قرع باب السماء في العشر

أيها الموحدون عباد الله... رتبوا أوقاتكم في العشر ونظموا أموركم فيها

أكثروا قرع باب السماء في العشر
إبراهيم جاد
السبت ٢٥ مايو ٢٠١٩ - ٠٨:٢١ ص
750

أكثروا قرع باب السماء في العشر

كتبه/ إبراهيم جاد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ 

فعن النُّعمان بن بَشِير -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ) ثُمَّ قَرَأَ: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) (رواه أحمد وأبو داود الترمذي، وصححه الألباني).

قال القرطبي -رحمه الله-: "وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي)، يقول: إن الذين يتعظمون عن إفرادي بالعبادة، وإفراد الألوهة لي (سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) بمعنى: صاغرين. وقد قيل: إن معنى قوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي): إن الذين يستكبرون عن دعائي" (تفسير القرطبي).

وقال صاحب أضواء البيان -رحمه الله-: "وقالَ بَعْضُ العُلَماءِ: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) أيِ: اسْألُونِي".

ومما لا شك فيه ولا ريب عنه: أن الدعاء هو العبادة، أي نوع من العبادة سواء العبادة القلبية وعبادة الجوارح والأركان على مدار العام كله، وفي شهر المغفرة يتأكد، وفي العشر منه فهو آكد، فالعبد منا يعترف بالتقصير سالكًا درب التذلل والانكسار، مقتحمًا باب التضرع باكيًا خاشعًا ممرغًا رأسه في التراب، محاولًا جبر تفريطه في عبادة ربه -جل وعلا- فيما مضى من عمره، ممتلئ بالأمل وحسن الظن والرجاء في رضاه -سبحانه-، ومعلنًا التسليم لقضائه وقدره، مفتقرًا إلى رحمته، غني عن جميع المخلوقات به -جل وعلا-، فلا منة له إلا بفضله ولا مكانة له في الدنيا ولا في الآخرة إلا ما حباه الله إياها.

فنحن الآن على مشارف العشر الأواخر من رمضان، والقلوب متلهفة مشتاقة لليلة القدر، فأقول بعون الله ومنته وفضله وحكمته: يا أيها المذنبون المقصرون البعيدون عن حظيرة الإيمان، وعن درب العبودية الحق... أكثروا قرع باب السماء.

ويا أيها العباد الزهاد المستقيمون على شرع الله، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر الحافظون لحدود الله... أكثروا قرع باب السماء.

ويا أيها العمار للمساجد المعتكفون المقبلون على العشر... أكثروا قرع باب السماء.

ويا أيها المبتلون المهمومون المكروبون، والمرضى على الأسرة المتناسون، فلا يعرف أحد عنهم شيئًا... أكثروا قرع باب السماء.

ويا أيها المنشغلون المشتغلون بالدنيا، الغافلون عن قيمة العشر وعن شرفها، وعن شرف ليلة القدر التي فيها... أكثروا قرع باب السماء.

ويا أيها الشباب والكبار والصغار، والنساء والفتيات والأطفال أكثروا قرع باب السماء.

ويا أيها السادة والقادة والعظماء، والضعفاء والطلقاء والسجناء... أكثروا قرع باب السماء.

فمَن لنا غير ربنا -جل وعلا- رحيم يغمرنا برحمته ويشملنا -إن شاء- بعفوه، عظيم تشمل عظمته كل شيء، غفور يدعونا لمغفرته؛ فهو التواب الذي يغفر جميع الذنوب كمًّا ويغفر أكبر الذنوب نوعًا، رحمن فلا أرحم منه ولا أحن منه على عباده، فهو المهيمن ونحن في سلطانه وتحت جبروته وملكوته، فهو يملك ولا نملك، ويقدر ولا نقدر، يغير ولا يتغير، فهو الحكيم واسع العلم والاطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها، فيضع الأشياء موضعها، وينزلها منازلها بعزته، فهو العزيز القوي، فعزته مقرونة بالحكمة والمنعة، غالب على أمره فلا ينازعه أحد، ولا شبيه له ولا ولد، متكبر على عرشه بائن من خلقه، فهو القدوس الجامع لكل أوصاف الكمال والجمال والجلال، منزه عن كل وصف وعن كل خيال، فتلك بعض مِن أسمائه وصفاته، والإخبار عنه -جل وعلا-.

أفلا نكثر قرع باب السماء إليه؟!

أيها الموحدون عباد الله... رتبوا أوقاتكم في العشر ونظموا أموركم فيها وأشغلوا ألسنتكم بالدعاء والابتهال والذكر والثناء على الله -تعالى-، وتمجيده وتعظيمه، فما زالت الفرصة قائمة والأمل في الله موجود، والجنة بأمر الله قريبة.

فاللهم ارزقنا الدعاء والانكسار، والذل والتضرع بحق لك في العشر بالقلب وباللسان، ليس لأحدٍ فيه مِن البشر ولا غيرهم نصيب أبدًا فيه، واجعلنا مخلصين منيبين إليك، وتقبل منا دعاءنا واجعله سببًا لمغفرة الذنوب والعتق من النيران ورفع الدرجات في أعالي الجنان، مع والدينا وإخواننا وعلمائنا وجميع المسلمين. اللهم آمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة