الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

فوائد الدعاء

الدعاء تحقيق لتوحيد الأسماء والصفات

فوائد الدعاء
أحمد فريد
الأحد ٢١ يوليو ٢٠١٩ - ١٨:٥٣ م
1046

فوائد الدعاء

كتبه/ أحمد فريد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

1- الدعاء استجابة لأمر الله -عز وجل-، وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-: قال الله -تعالى-: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر:60)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، وما استجلب العبد خيرًا في الدنيا والآخرة بمثل الاستجابة لأمر الله -عز وجل-، وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

2- تحقيق العبودية لله -عز وجل-: فالدعاء هو العبادة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، فالعبادة هي التذلل والخضوع، والدعاء فيه إظهار الفقر والنقص والحاجة إلى الله، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، ثم تلا قوله -تعالى-: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60)، فسبحان الله العظيم ذي الكرم الفياض، والجود المتتابع جعل سؤال العبد حوائجه، وما يصلحه في الدنيا والآخرة عبادة، وأمر به، واعتبر الذين لا يدعونه -سبحانه- متكبرين عليه فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).

3- الدعاء تحقيق لتوحيد الربوبية: وتوحيد الربوبية هو إفراد الله بأفعاله، فهو -عز وجل- الملك المتصرف في ملكه، المنعم بالنعم كلها، المحيي المميت، الذي يجمع الناس ليومٍ لا ريب فيه، ولولا أن الداعي يعتقد أن الله بيده الخير كله، يعطي ويمنع، ويعز ويذل، وبيده خزائن السماوات والأرض لما دعا إليه -عز وجل-.

4- الدعاء تحقيق لتوحيد الأسماء والصفات: كما قال -تعالى-: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَ) (الأعراف:180)، العبد يسأل الله الرزق؛ لأنه يعتقد أن الله هو الرزاق، ويسأله المغفرة؛ لأنه يعلم أن الله هو الغفور، ويسأل الله التوبة؛ لأنه يعتقد أن الله -عز وجل- هو التواب.

5- الدعاء تحقيق لتوحيد الألوهية: وهو التوحيد القصدي الطلبي الإردي، وهو إفراد الله بالعبادة، تحقيقًا لكلمة التوحيد: "لا إله إلا الله"، فالدعاء عبادة لا يجوز للعبد أن يتعبد بها لغير الله، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني). وكان أحد الناس يتردد على بعض الملوك، فقال له أحد العلماء: "يا هذا، تذهب إلى مَن يسد دونك بابه، ويظهر لك فقره ويخفي عنك غناه، وتدع مَن يفتح لك بابه، ويظهر لك غناه، ويقول: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)؟!".

6- الدعاء سير على طريق الأنبياء: والدارس لقصص الأنبياء يرى كيف كانوا؛ فهذا نوح -عليه السلام- يدعو ربه: (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) (القمر:10).

وهذا إبراهيم -عليه السلام- يقول: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ . رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) (إبراهيم:40-41).

وهذا موسى -عليه السلام- يقول: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي . وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي . وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي . يَفْقَهُوا قَوْلِي) (طه:25-28).

وهذا يوسف -عليه السلام- يقول: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (يوسف:101)، وهذا نبينا -صلى الله عليه وسلم- قال يوم الأحزاب: (اللهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اهْزِمِ الْأَحْزَابَ، اللهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ) (متفق عليه).

7- الدعاء سبب لحصول السكينة: فهذا موسى -عليه السلام- لما تراءى الجمعان، وقال مَن معه: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) (الشعراء:61)، قال: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء:62).

وهذا نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- لما قال له الصديق وهما في الغار: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ، أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ. فَقَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا) (متفق عليه)، وقال -تعالى-: (لَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:40).

8- مَن تعود على سؤال الله -عز وجل- وأنزل الحوائج به، صان بذلك نفسه عن سؤال غيره، والشكوى لله لا تنافي الصبر، أما الشكوى لغير الله؛ فهي تنافي الصبر، قال أيوب -عليه السلام-: (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (الأنبياء:83)، وقال -تعالى-: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (ص:44)، وقال يعقوب -عليه السلام-: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) (يوسف:86)، مع قوله: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) (يوسف:18).

9- الدعاء مِن الذكر، والذكر مِن أفضل العبادات، وإنما شرعت كل العبادات إقامة لذكر الله -عز وجل-: قال الله -تعالى- عن الصلاة: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) (العنكبوت:45).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "في الصلاة مقصودان عظيمان، فهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي إقامة لذكر الله -عز وجل-، وكونها إقامة لذكر الله -عز وجل- أكبر مِن نهيها عن الفحشاء والمنكر".

وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لأن أسبح الله تسبيحات، خير لي مِن أنفق عددهن دنانير في سبيل الله -عز وجل-"، وقال: "إذا أعظمكم هذا الليل أن تكابدوه، وبخلتم عن المال أن تنفقوه، وجبنتم عن العدو أن تقاتلوه؛ فأكثروا مِن ذكر الله".

10- الدعاء إحسان للظن بالله -عز وجل-، فلولا أن العبد يعتقد أن الله -تعالى- سوف يعطيه سؤله لما سأله.

11- الدعاء فرار مِن غضب الله، فالله يغضب على العبد إذا لم يسأله.

12- الدعاء سبب لتفريج الكربات وقضاء الحاجات، قال الله عن نوح -عليه الصلاة والسلام-: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) (القمر:10)، وقال أيوب -عليه السلام-: (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (الأنبياء:83).

13- الدعاء مِن أعظم الإحسان إلى الخلق؛ ولذا كان مِن بر الوالدين أن يدعو المسلم لهما فيقول كما أمره الله -عز وجل-: (رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) (الإسراء:24).

14- والتابعين للمهاجرين والأنصار يقولون: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر:10).

15- الدعاء ثمرة التوكل على الله -تعالى-: لأن التوكل هو اعتماد القلب على الله في جلب المنافع ودفع المضار مِن أمور الدنيا والآخرة، والدعاء تحقيق لهذا التوكل، فالتوكل عمل القلب، والدعاء عمل الجوارح، وهو سبب لمحبة الله، وهي غاية العبادة؛ لأن العبادة هي كمال الحب مع تمام الذل، فإذا دعا العبد ربه واستجاب الله عز وجل له، فإنه يزداد محبة لله؛ لأن القلوب جُبلت على حب مَن أحسن إليها، وبغض مَن أساء إليها.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة