الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

القُرب والفوز في الأيام العشر

هذه الأيام هي أفضل أيام الدنيا، والعمل فيها ليس كالعمل في غيرها

القُرب والفوز في الأيام العشر
محمود عبد الحفيظ البرتاوي
السبت ٠٣ أغسطس ٢٠١٩ - ٠٩:٤٨ ص
602

القُرب والفوز في الأيام العشر

كتبه/ محمود عبد الحفيظ البرتاوي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن القرب مِن الله -عز وجل- والفوز بمرضاته وجنته، هو الغاية التي يعمل لأجلها العاملون، ويسعى لها المؤمنون.

والقربُ مِن الله هو أعلى المقامات وأرفع الدرجات، قال الله -تعالى-: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ . أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ . فِي جَنَّات النَّعِيم) (الواقعة:10-12).

وطاعة العبد لربه هي سبيل القرب منه -سبحانه- ونيل أعظم مطلوب، وهو محبة الله -تبارك وتعالى-؛ إذ إن الاجتهاد في طاعة الله والتقرب إليه يوجب محبته سبحانه -كما أن معصية الله هي سبب البُعد والبغض، والشقاء والحسرة-، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن رب العزة -عز وجل-: (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ(رواه البخاري).

- وإن أيام العشر الأُول مِن ذي الحجة لهي فرصة عظيمة للقرب مِن الله -تعالى- والفوز بمحبته؛ إذ يجتمع فيها مِن أمهات العبادات والطاعات ما لا يجتمع في غيرها؛ ففيها: الصلاة، والصيام، والصدقة والنفقة في السبيل الله، والحج، والأضحية، والتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد، لله -تعالى-، وكثرة ذكره، ودعائه والتضرع إليه -سبحانه- في يوم عرفة وسائر الأيام العشرة، وما إلى ذلك مما يحبه الله ويرضاه؛ مما يجعل تلك "الأيام العشر المباركات"، فرصة مثالية عظيمة، تتيح للمحب الصادق لمولاه -تعالى- أن يَنال ما يرجوه ويطلبه مِن القرب مِن ربه والاستقامة على طاعته.

فهذه الأيام هي أفضل أيام الدنيا، والعمل فيها ليس كالعمل في غيرها، بل تفضل الطاعة فيها على جهاد المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله -عز وجل- في غيرها مِن الأيام؛ إلا أن لا يرجع من ذلك بشيءٍ، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ) يَعْنِى: أَيَّامَ الْعَشْرِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: (وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

- وفضلها العظيم مما لا يَخفى: فقد أقسم الله -سبحانه وتعالى- بها في القرآن الكريم، فقال: (وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (الفجر:1-2)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيا أَيَّامُ العَشْرِ) (رواه البزار، وصححه الألباني). وقال -تعالى-: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) (الحج:28). قال ابن عباس -رضي الله عنهما: "الأيام المعلومات: أيام العشر".

فلتكن همتنا في هذه الأيام العشر الفاضلة، ليس فقط تعميرها بطاعة الله -تعالى-، ولكن أن تكون تلك العشر سبيلًا لنا وطريقًا إلى القرب مِن الله -تعالى-، والفوز بمحبته وولايته ورضوانه، والاستقامة التامة على طاعته ومرضاته.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com