الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

صيانة لحظات الود

ألا يشفع لأخوتنا اختلاط دموعنا بين يدي الله، واختلاط عرقنا عند بذل الجهد لنصرة دينه؟!

صيانة لحظات الود
غريب أبو الحسن
الاثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٩ - ٢١:٣٠ م
860

صيانة لحظات الود

كتبه/ غريب أبو الحسن

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

- الصحبة الصالحة ورفقة الخير مِن نعم الله على العبد الصالح، فبهم تصفو الحياة وتهون المصاعب، وتأنس النفس، وتقوى العزائم.

- هم الذكرى إن هاجمنا النسيان، وهم التفقد عند المرض والانشغال، وهم الوقود عندما تخبو نيران العمل والبذل لدين الله، وهم المواسون عندما تداهمنا المصائب، بل هم المشيعون عندما تحل بنا مصيبة الموت؛ تلهج ألسنتهم بالدعاء الصالح لنا بعد الموت، وبالذكر الحسن.

- ولأنها علاقة كانت مبنية على نور الكتاب والسُّنة، كان اللقاء في الآخرة على منابر النور، ولأن التزاور والتلاقي كان في الله، كان الثواب مغفرة الذنوب، ورفع الدرجات.

- بها لا تتوطد أواصر المجتمع فقط، بل تتوطد أواصر الدين؛ فالحب في الله أوثق عرى الإيمان، وحسبها منقبة وشرف.

- تنمو الأخوة وتزدهر بحسن الظن وبذل المعروف، وإقالة العثرة، ورد الغيبة.

- ثم إذا انضاف إليها صفاء الصدر وذهاب الغل؛ فتلك التي يبلغ بها صاحبها ما لا يبلغه أحد.

- وتتزين في أبهى حللها وتبلغ غاية الحسن حينما يجتمع أصحاب تلك الأخوة على نشر الخير، والأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فمَن أحسن قولًا ممَن دعا إلى الله وعمل صالحًا؟!

- وتظل تُروَى بالطاعات المشتركة من صيام وصلاة، ثم اختلاط عرق الاجتهاد في نصرة هذا الدين حتى تستوي على سوقها، وتخرج شطأها، فيعجب بها كل مَن رآها، وتغيظ كل كاره لصلاح حال هذه الأمة.

- ولكن هذه الأخوة تحتاج لرعاية وصيانة حتى لا تغزوها الآفات ويلحقها الضرر، وتلك فرصة يهتبلها الشيطان ويستثمرها، ويوقد نارها ليصل إلى مبتغاه من فساد ذات البين التي تحلق الدين لا الرأس.

- فإذا حلَّ فساد ذات البين؛ فهذا نذير الفشل والتنازع، وذهاب الريح، وإضاعة الساعات الطوال في محاولة احتواء نيرانها المتولدة والمتجددة.

- نيران فساد ذات البين التي تتغذى على الغيبة والنميمة والبهتان، وسوء الظن، ونسيان الفضل الذي حذَّر الله من نسيانه بيننا.

- فساد ذات البين التي تلوِّث البيئات السليمة النقية، وتحولها من بيئة معقمة يتطهر من أدرانه كل مَن تواجد فيها لبيئةٍ تقسي قلب كلِّ مَن مرَّ بجوارها!

- فتتحول تلك البيئة من بيئة جاذبة لكل مريد للخير لبيئة طاردة لأهل الخير، فينجذب إليها كل شغوف بالغيبة، فيفر مِن تلك البيئة فرسان الخير، ويعسكر بها قطاع الطريق.

- فيا صديقي، ويا أخي، ويا رفيق محنتي، ألا يسعنا وإن اختلفنا أن نظل إخوانًا؟!

- ما يضرنا إن اختلفنا في مسألتين، واتفقنا في آلاف المسائل؟!

- ألا يشفع لأخوتنا اختلاط دموعنا بين يدي الله، واختلاط عرقنا عند بذل الجهد لنصرة دينه؟!

- ألا يشفع لأخوتنا ليالٍ بتناها وقد أظلنا البلاء، وزلزلت منا القلوب، وامتزج صوت دعائنا لله أن يكشف الكرب؟!

- ألم تطل عشرتنا وخبر كل منا صاحبه، فصار يعلم متى يفرح ومتى يحزن، وما يحب وما يكره حتى من الطعام والثياب؟!

- ألا تشفع لأخوتنا لحظات الود ومجالس العلم وسفر الساعات؛ فالحر لا ينسى وداد لحظة؛ فكيف وهو عمر وصحبة؟!

- صدقني يا صديقي... أنا لا أستطيع أن أجفوك ولو تكلفتُ ذلك، تمنع عليَّ قلبي وأَبَى إلا وصالك، فهو لم ينسَ عهده بأن أخوتنا بدأت على الطاعة في الدنيا، وهي المستثناة يوم المحشر عندما يتعادى الأخلاء، حتى تستقر خلتنا في جنة الخلد على سررٍ متقابلين.

قــــد كـــان حلــمًـا فــانـقـــضـى

 

قـــــد كــــان طـــيفـــًـا فـــمـضى

نــــبعــــًــا أجـراه الــــــســــراب

 

فــــقــــلــــت ريـــًّـا فـائــضــــًــا

فــــأتـــيـــتـــه نــارا تــلــظــــى

 

ووهـــــج جـــمـــرٍ رامـــضــًـــا

أســـمـــعــنــي حـلـــــو الــكــلام

 

فــــقــــلـــت جـــاء لــيـومـــضَ

فــــأذاقــــنـــي مـــر الـبــــعــــاد

 

وأفــــرشــنــي شــوك العـــضــا

مــــنــــه تـــئــــنُّ جــــوارحـــي

 

مــــــن ذكــــــره فــــــأمــــرض

يــعــودنــي كـــل الـــصــحــــاب

 

وزاد ألــــمـــي فــمــا رضـــــى

حـتـى يـــفــاجـئـنـي الـرحــيــل

 

مــــــــن دون أن يــــعــــــرضَ

فــــــــلـــــمَ أحــــــــــــبَ أولًا؟!

 

ولــمــاذا صــــار مــبــغــضًـا؟!

ولــمـــاذا جـــاء بــســاحــتــي

 

وحــــولـــه كـــل الــفـــضــا؟!

كــــنـــت ســـعـيـدًا قــــبـــلــه

 

وراضــيـًـــا بــمــا قــــــضـــى

بـــه الــــمـــلـيـــك، ولا أبـــالي

 

حـــــنَّ فـــؤادي أم أعـــــرضا

والـــيــوم أســمع نـــــبـــضــه

 

يــــعـيـــد ذكـــــر مـــا مـضـى

فــكـم أصــابـــك يـا فــــؤادي

 

يــقــول طــرفــي قـد غـضـى

أقـــول: هــل أســعـى إلـــيــه

 

فـيــــســـابــقـــنــي راكــضـًـا

مــهــلًا يــا قـلـب قــد جـفـاك

 

وتـــولــى عــنــك معرضــــًـا

لــو كــان يـــحـــزنــه بـكـاك

 

مـــا تــــوارى و أغــمــضــا

فــيــجـيـبني هــو بـغـيـــتــي

 

مـــا دام عــــرقــي نـابـضــًا

يا ســـاذجــًا قد مـــال عنـك

 

وآوى كــــــل مــعـــارضـــا

فـــأجــابــني مــا مـلت عنه

 

ولـــســـوء ظـنك هائـضـــًا

ولأحـــفــظـــن عــــهـــــده

 

بـــحــبـــال وده قــابـــضــًا

قــــلــبٌ غــبـــي لــم تــزل

 

لـحـبال وهـمـك عـاضـضًـا

فـــأجــابـني يـصون سابق

 

وده ولا يــكــون خـائـضـًا

ابــن الأصــول يــزيــــنــه

 

"لحظوظ نـفـسه رافـضًا"

ويـقـيــل عـــثــرة خــلــه
 

 

عن سوء فعله غـاضـضًا

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com