الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

البخاري وصحيحه الجامع (7) اسم الصحيح وموضوعه ومنهجه

عدد أحاديث صحيح البخاري حسب قول ابن حجر: إنه بالمكرر سوى المعلقات والمتابعات (7397) حديثًا

البخاري وصحيحه الجامع (7) اسم الصحيح وموضوعه ومنهجه
شحات رجب بقوش
السبت ٢١ ديسمبر ٢٠١٩ - ١٨:٣٧ م
710

البخاري وصحيحه الجامع (7) اسم الصحيح وموضوعه ومنهجه

كتبه/ شحات رجب بقوش

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فقد اشتهِر ما صنفه البخاري باسم: "صحيح البخاري"، هكذا مختصرًا ومنسوبًا لمؤلفه؛ تمييزًا له عن كتب الصحاح الأخرى التي صُنفت مِن بعده، كصحيح كل مِن: مسلم، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن السكن، والحاكم، لكن للكتاب اسم آخر سمَّاه به البخاري، ووُجد على القطعة الموجودة مِن نسخة أبي زيد المروزي المحفوظة في جامعة كمبردج، وذكر القاضي عياض وابن خير الاشبيلي في "فهرسته" وغيرهم، كلهم نقلوا تسمية البخاري لصحيحه باسم: "الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-، وسننه وأيامه".

وفهم مفردات هذا الاسم يعطي تصورًا صحيحًا لمنهج البخاري في صحيحه، ويرد على كثيرٍ مِن الشبهات المثارة حول الصحيح:

"الجامع": يعني الكتاب المقسَّم لعدة أقسام تجمع أبوابَ الفقه؛ مِن الفقه، والعقيدة، والسيرة، والآداب والأخلاق والفضائل، والجنة والنار، وغيرها.

"المسند": أي: المتصل بالأسانيد من المؤلف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا يُعترض على البخاري بالمعلقات والبلاغات، فهي خارجه عن شرط الكتاب، إنما جاء بها البخاري في صياغة تراجم الأبواب.

"الصحيح": أي: الذي صحَّت نسبته إلى قائله بتوفر شروط صحة الحديث من عدالة الرواة، وضبطهم، واتصال الإسناد، وعدم الشذوذ والعلة.

"المختصر": أي لم يستوعب كل الصحيح، كما صرَّح بذلك البخاري نفسه، فقد يصحُّ أحاديث لم يخرجها البخاري في صحيحه، وإنما اقتصر البخاري على أصحِّ ما عنده في الباب.

"من أُمور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسننه وأيامه": أي ما نقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سواء من السنن التي يستفاد منها فقه أو اعتقاد، أو شمائله وسيرته -صلى الله عليه وسلم- وفضائل أصحابه.

أمَّا عن محتوى الكتاب، فإن عدد أحاديث صحيح البخاري حسب قول ابن حجر: إنه بالمكرر سوى المعلقات والمتابعات (7397) حديثًا، والخالص من ذلك بلا تكرار (2602) حديثًا، وإذا أضيف إلى ذلك المتون المعلقة المرفوعة وهي (159) حديثًا، فمجموع ذلك: (2761)، وعدد أحاديثه بالمكرر والتعليقات والمتابعات واختلاف الروايات (9082) حديثًا، وهذا غير ما فيه مِن الموقوف على الصحابة والتابعين.

وعدد الأحاديث المعلقة: (1341)، وأكثرها مكرر مخرج في الكتاب أصول متونه، وليس فيه من المتون التي لم تخرج في الكتاب ولو من طريق أخرى إلا (159) حديثًا معلقًا.

أمَّا عن تنوع تراجم البخاري فيقول صديق حسن خان: "وجملة تراجم أبوابه تنقسم أقسامًا؛ منها: أنه يترجم بحديث مرفوع ليس على شرطه، ويَذكر في الباب حديثًا شاهدًا على شرطه.

ومنها: أنه يترجم بحديث مرفوع ليس على شرطه لمسألة استنبطها من الحديث بنحو من الاستنباط من نصه أو إشارته أو عمومه أو إيمائه أو فحواه، ومنها أنه يترجم بمذهب ذهب إليه ذاهبٌ قبله، ويذكر في الباب ما يدل عليه بنحو من الدلالة لو يكون له شاهدًا في الجملة من غير قطعٍ بترجيح ذلك المذهب فيقول: باب مَن قال كذا ...

ومنها: أنه يترجم بمسألة اختلفت فيها الأحاديث، فيأتي بتلك الأحاديث على اختلافها، ليقرب إلى الفقيه من بعده أمرها، مثاله: "باب خروج النساء إلى البراز"، جمع فيه حديثين مختلفين.

ومنها: أنه قد تتعارض الأدلة، ويكون عند البخاري وجه تطبيق بينها، يحمل كل واحد على محمل فيترجم بذلك المحمل، إشارة إلى التطبيق، مثاله: باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وما يحذر مِن الإصرار على النفاق والعصيان. ذكر فيه حديث: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر".

ومنها: أنه قد يجع في الباب أحاديث كثيرة كل واحد منها يدل على الترجمة، ثم يظهر له في حديث واحد فائدة أخرى سوى الفائدة المترجم عليها، فيعلم ذلك الحديث بعلامة الباب، وليس غرضه أن الباب الأول قد انقضى بما فيه، وجاء الباب الآخر برأسه، ولكن قوله: "باب" هنالك بمنزلة ما يكتب أهل العلم على الفائدة المهمة لفظ: تنبيه أو لفظ فائدة أو لفظ قف.

ومنها: أنه قد يكتب لفظ: "باب" مكان قول المحدثين: "وبهذا الإسناد"، وذلك حيث جاء حديثان بإسنادٍ واحدٍ، كما يكتب حيث جاء حديث واحد بإسنادين، مثاله: "باب ذكر الملائكة"؛ أطال فيها الكلام حتى أخرج حديث: "الملائكة يتعاقبون، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار" برواية شعيب عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، ثم كتب: "باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء آمين" ثم أخرج حديث: "إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة"، ومنه: أنه يذهب في كثيرٍ مِن التراجم إلى طريقة أهل السِّير في استنباطهم خصوصيات الوقائع والأحوال من إشارات طرق الحديث، وربما يتعجب الفقيه لعدم ممارسة هذا الفن، لكن أهل السير لهم اعتناء شديد بمعرفة تلك الخصوصيات".

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة