الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

بيان من (الدعوة السلفية) حول ما يسمَّى بـ(صفقة القرن!)

لا يمكن لعاقلٍ أن يظن أن مسلمًا على وجه الأرض يَقبل بسيطرة اليهود على المسجد الأقصى كما تضمنته الصفقة المزعومة

بيان من (الدعوة السلفية) حول ما يسمَّى بـ(صفقة القرن!)
الدعوة السلفية
الثلاثاء ٠٤ فبراير ٢٠٢٠ - ١٥:٢٥ م
1468

بيان من "الدعوة السلفية" حول ما يسمَّى بـ"صفقة القرن!"

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد أعلن الرئيس الأمريكي "ترامب" في مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني "بنيامين نتانياهو" (صفقة القرن) بين العرب واليهود.

ويا للغرابة!

حضر الوسيط وأحد الطرفين، وغاب الطرف الآخر!

ورغم وضوح الأمر مِن عنوانه -كما يقولون-؛ إلا أننا انتظرنا لنقرأ التفاصيل، ونرى إلى أي مدى وصل ظلمهم وبغيهم.

نظرنا في القدر المنشور مِن الخطة؛ فلم نجد فيه إلا ترسيخًا للظلم والعدوان والبغي الذي وقع للأمة العربية والإسلامية في فلسطين، وتماديًا في ظُلم الشعب الفلسطيني الذي طُرد مِن أرضه -أرض المسلمين كلهم-؛ لإنشاء دولة إسرائيل بغير سندٍ أو حقٍّ مِن شرعٍ أو عهدٍ أو عرفٍ، بل هو عَرْض لبيع المقدسات الإسلامية متمثلة في المسجد الأقصى، وسائر أرض فلسطين، لا يمكن لمسلمٍ أن يقبله، ولا لعربي أن يرضى به، ولو بصفةٍ مؤقتةٍ؛ فكيف بأن يكون على الدوام؟!

ونحن إذ نعلن رفضنا القاطع لهذه الصفقة الخاسرة؛ نذكِّر المسلمين جميعًا بالنصوص القاطعة التي يجب أن يعتقدها كل مسلم في كل مكانٍ وزمانٍ بعودة أرض فلسطين والمسجد الأقصى إلى المسلمين، وظهور الإسلام عليها، بل وعلى الأرض كلها.

وإذا كانت معاهدات السلام لم ترغم الكيان الصهيوني على تغيير خريطة دولتها المزعومة على جدار الكنيست مِن الفرات إلى النيل، ولا عَلَمها الذي يتضمن نجمة داود بين الخطين الأزرقين -إشارة إلى أن مُلك إسرائيل ما بين النهرين: من الفرات إلى النيل-؛ فكيف يُطلب منا أن نتنازل عن عقيدتنا وديننا ومقدساتنا، وما أخبر به ربنا في كتابه، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سنته؛ لضعفٍ طارئ، وفرقةٍ وهوانٍ تسبب فيه كلُّ مَن أعرض عن دين الله وصد عنه؟! قال الله -تعالى-: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) (النور:55).

وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه ضمن هذا الوعد بفتح بيت المقدس بعد موته، فقال في حديث عوف بن مالك الذي رواه البخاري: (اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ... ) (رواه البخاري)، وقد وقع ذلك كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي أعاد بناء المسجد الأقصى.

وقال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ . إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ . وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:105-107)، وقال -تعالى-: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (الصف:8-9).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ) (متفق عليه).

وقال كما في حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه-: ( ... إِذْ بَعَثَ اللهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ...  فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ -أي: يُدركَ المسيح الدجال- بِبَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ) (رواه مسلم).

وفي حديث أبي سعيد الخدري: "إِنَّهُ -يَعْنِي الدَّجَّالَ- يَهُودِيٌّ" (رواه مسلم).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ) (رواه مسلم).

وقال الله -تعالى-: (وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) (الصافات:173).

فالطريق إلى عودة القدس هو عودة الأمة إلى دينها وإيمانها، والعمل الصالح، وإقامة شرع الله، مع الأخذ بأسباب القوة المادية العلمية والعسكرية، والحفاظ على تماسك واستقرار المجتمعات الإسلامية، وكل هذا داخل في قوله -تعالى-: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) (الأنفال:60).  

ومما ينبغي أن يُعلم: أن بني إسرائيل استحقوا الأرضَ المقدسة زمن موسى -عليه السلام-، ويوشع بن نون -عليه السلام-؛ لكونهم ووصفهم مسلمين مؤمنين، لا بنسبهم، قال -تعالى-: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) (يونس:84)، وقال -تعالى-: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) (المائدة:21).

فلما كفروا وكذَّبوا، وقَتلوا الأنبياء؛ نُزعت منهم، واستحقها المسلمون؛ أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وكذلك لابد أن نعلم: أن سليمان -عليه السلام- لم يبنِ ما يسمَّى بـ"الهيكل"، بل بنى المسجد الأقصى -أي: جدد بناءه-، الذي كان أول بنائه في عهد إبراهيم أو إسحاق أو يعقوب -عليهم السلام-؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر لما سأله: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: (الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ). قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: (الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى). قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: (أَرْبَعُونَ سَنَةً) (متفق عليه).

فالقدس بدأت إسلامية وعادت إسلامية، وستظل إسلامية، وستعود إسلامية -إن شاء الله-.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا: حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ، وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ، إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ) (رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني).

فلا يمكن لعاقلٍ أن يظن أن مسلمًا على وجه الأرض يَقبل بسيطرة اليهود على المسجد الأقصى كما تضمنته الصفقة المزعومة

اللهم رد المسجد الأقصى وفلسطين إلى المسلمين.

(رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (البقرة:286).

الدعوة السلفية - مصر

الثلاثاء 10 جمادى الآخرة 1441هـ

4 فبراير 2020م

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com