الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الإمام البخاري وصحيحه الجامع (12) شبهات حول شخص البخاري

الإمام البخاري وصحيحه الجامع (12) شبهات حول شخص البخاري
شحات رجب بقوش
الأحد ٢٣ فبراير ٢٠٢٠ - ١٠:٠٠ ص
748

الإمام البخاري وصحيحه الجامع (12) شبهات حول شخص البخاري

كتبه/ شحات رجب بقوش

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فبعد ما عرضنا في المقالات السابقة الملامح العامة لحياة الإمام البخاري، ونُبذًا عن صحيحه، نتعرض فيما بقي من المقالات لبعض الشبهات المثارة بشيء من الرد، ونبدأها بمجموعة شبهات تثار حول الإمام البخاري نفسه، ومنها:

- البخاري أعجمي ليس عربيًّا:

فالبخاري ولد في "بخارى" في أواسط آسيا، بعيدًا عن جزيرة العرب؛ فكيف يجمع كتابًا يسبق به العرب؟!

والجواب:

أن البخاري وُلد من أب مسلم، ونشأ على الإسلام، وطلب العلم مبكرًا؛ فلمثله أن يأتي بما لم يأتِ به غيره ممن لم يعتنِ بالطلب المبكر، ثم إن هذه البلاد البعيدة تميزت بأمورٍ تنظيميةٍ سبقوا بها العرب، ومنها: التدوين والكتابة، حيث كانت بهذه المناطق نظم سياسية ودول قائمة؛ الأمر الذي جعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يستعين بنظام الدواوين في تنظيم دولته حيث كان مطبقًا في بلاد فارس وغيرها من دول العرب، بل والأعجب من ذلك: أن سيبويه مؤسس علوم العربية هو من هذه البلاد الآسيوية البعيدة عن العرب، وقد سبق العرب أنفسهم في تحرير قواعد لغتهم العربية.

وأخيرًا: فأمر البخاري وغيره من العلماء أنهم غير عرب أمر فيه خلاف، فقد أثبت المؤرخ العراقي ناجي معروف بالأدلة التاريخية أن البخاري ومسلمًا وغيرهما من علماء هذه الأمصار تمتد أصولهم إلى العرب.

- ومِن الشبهات التي أثيرت: أن البخاري تأثر في كتابه بالحالة السياسية وضغوط العباسيين:

جاءت هذه الشبهة في "دراسات محمدية" للمستشرق جولدتسيهر (ص 54)، وتلقفها أذناب الاستشراق من الإعلاميين والمشككين.

والرد باختصار: أن ذلك لم يرد مطلقًا في أيٍّ من كتب التاريخ، وهذه الكتب نفسها قد ذكرت بعض العلماء من شيوخ البخاري الذين لم يثبتوا في فتنة خلق القرآن، فإن المنهج التاريخي الذي اتبعه مؤرخو الإسلام الأول لا يحابي أحدًا دون أحدٍ، بل نقل التاريخ عكس ذلك كما في تاريخ بغداد للخطيب: "بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى إلى محمد بن إسماعيل: أنِ احمِلْ إليَّ كتاب الجامع والتاريخ وغيرهما لأسمع منك. فقال محمد بن إسماعيل لرسوله: أنا لا أُذِل العلم، ولا أحمله إلى أبواب الناس، فإن كانت لك إلى شيء منه حاجةٌ فاحضُرْني في مسجدي أو في داري، وإن لم يعجبك هذا أنت سلطان فامنعني من المجلس ليكون لي عذرٌ عند الله يوم القيامة؛ لأني لا أكتم العلم؛ لقول النبي: (مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ عَلِمَهُ ثُمَّ كَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ) (رواه أحمد، وصححه الألباني)".

- ومن الشبهات: أن البخاري بشر غير معصوم:

والجواب: نعم، إن البخاري ليس معصومًا، فقد أخطأ أخطاءً في كتابه: "التاريخ الكبير"؛ مما دفع ذلك الإمام أبا حاتم الرازي لتأليف كتاب سمَّاه: "بيان خطأ البخاري في التاريخ الكبير"؛ لكن السؤال: هل غير المعصوم لابد أن يخطئ في كل عمل يعمله؟!

فمثلًا: الطبيب غير معصوم، فهل لابد أن يخطئ في كل عملية جراحية يجريها للمريض؟!

وعلى فرض الإجابة: "بنعم"، فهل كل خطأ يقع من الطبيب يؤدي حتمًا لوفاة المريض؟!

قس على ذلك الإمام البخاري في صحيحه، كذلك عمل البخاري في صحيحه لم يكن عملًا فرديًّا، بل عرضه على بعض شيوخه، ومنهم الإمام أحمد، وعلي بن المديني -رحمهما الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة