الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

عِبَر من نازلة كورونا -3

الواجب علينا أن نتوب وأن نكثر من التضرع إلى الله ليرفع عنا البلاء والوباء والعنت والمشقة

عِبَر من نازلة كورونا -3
سعيد محمود
الأحد ١٩ أبريل ٢٠٢٠ - ٢١:١٥ م
563

عِبَر من نازلة كورونا -3

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فإن مما يدعو إلى الاتعاظ والاعتبار من نازلة كورونا، ما نزل بالناس مِن اضطرابٍ شديدٍ في العلاقات الاجتماعية على جميع المستويات تقريبًا، والذى يتمثل في الإجراء الاحترازي المفروض من الجهات الصحية المتخصصة في مواجهة الوباء؛ للحفاظ على عدم انتشار العدوى، ومحاصرة الوباء، وهو المسمَّى اصطلاحًا بـ"التباعد الاجتماعي"، والذى يعني: التباعد الحسي بين الناس عند المخالطة، لاسيما المصافحة والمعانقة والتقبيل ونحوه، مع ما يصاحب ذلك مِن إجراءاتٍ احترازية أخرى إذا حدثت مخالطة اضطرارية، مثل: التنظف التطهير بالكلور المخلوط بالماء، ونحو ذلك، مما أحدث نوعًا مِن الاضطراب في العلاقات الاجتماعية، وسبَّب نوعًا من المشقة والعنت والمعاناة، وأثر على الجوانب النفسية والمعنوية.

- فلك أن تتصور مثلًا تأثير "التباعد الاجتماعي" على العلاقات الأسرية عمومًا، فلازم التباعد الاجتماعي منع الزيارات العائلية، واختفاء مشهد اجتماع الاسرة الكبيرة يوم الجمعة في كثيرٍ من الأسر، فالكل خائف على نفسه وأولاده من العدوى من أحد أفراد الأسرة الآخرين!

- ولك أن تتصور مدى تأثير ذلك على نفوس الآباء والأجداد عند لقاء الأبناء والأحفاد؟! فالكل خائف من المصافحة والمعانقة، فضلًا عن التقبيل للأولاد والأحفاد وحملهم واحتضانهم بما هو متعة للآباء والأجداد!

- ولك أن تتصور مدى التأثر النفسي الحزين عند كثيرٍ مِن كبار السن عندما يتعاملون مع الناس من قرابات وجيران وغيرهم، وهم يرونهم يتجنبون مخالطتهم أكثر من غيرهم؛  لأنهم أقل مناعة من الوباء، وأكثر قبولًا للمرض؟!  

- كل هذا وغيره مِن صور الاضطراب الاجتماعي وما صاحبه من عنتٍ ومشقةٍ، فيه عبرة وعظة لنا، قال الله -تعالى-: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) (الحشر:2)، وقال -تعالى-: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) (الشورى:30)، وقال العباس -رضي الله عنه-: "ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة" (تاريخ دمشق لابن عساكر).

فالواجب علينا أن نتوب وأن نكثر من التضرع إلى الله ليرفع عنا البلاء والوباء والعنت والمشقة، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ . فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الانعام42-43).

ربنا لا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين مِن قبلنا.

والحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة