الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الفساد (57) التعليم الأساسي وقبله هو البداية (1-2)

دور الحضانة في علاج مشاكل الطفولة

الفساد (57) التعليم الأساسي وقبله هو البداية (1-2)
علاء بكر
الأربعاء ١٠ يونيو ٢٠٢٠ - ١٥:٤٥ م
448

الفساد (57) التعليم الأساسي وقبله هو البداية (1-2)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فقد جاءت مصر في التصنيف العالمي لجودة التعليم في عام 2015م -وفقًا لمؤشر جودة التعليم الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي- في المرتبة 139 من 140 دولة، ثم خرجت مصر من هذا التصنيف في عام 2017م، وهذا الترتيب تأكيد على الوضع السيئ للتعليم في مصر.

ومِن أهم أسباب فشل محاولات الإصلاح: افتقاد محاولات تطوير وتحديث التعليم للأسس العلمية التي تنطلق منها كتوجه وممارسة، وبناء المقررات بطريقة تجذب انتباه المتعلم وتنمي طموحه، إلى جانب إغفال الإصلاح في أولى مراحل التعليم الرسمية، خاصة مرحلة رياض الأطفال ومرحلة التعليم الأساسي الابتدائي، وهي الفترة التي تشهد انتقال الطفل من البيت إلى المدرسة، والتي يمكن أن تحبب الطفل في التعليم فيقبل عليه ويستمر فيه وترتقي معه مداركه، أو أن تنفره من التعليم فيتعثر فيه أو يتسرب منه حيث الأمية أو الانحراف السلوكي والاجتماعي.

ولا شك أن خطأ البداية أو ضعفها يمهد لخطأ النهاية أو ضعفها، ومن هنا كانت أهمية التربية والتعليم في فترة الطفولة، بل والطفولة المبكرة، ويؤكد التربويون وعلماء النفس أن الفترة الأولى من حياة الطفل هي بداية تشكيل وجدانه وغرس القيم والأخلاق فيه، ومن خلالها يدرك الطفل كيفية التعامل والمشاركة في اللعب مع الآخرين، ويتعرف على الصواب والخطأ.

وخلال السنوات الأولى تكون تنمية المهارات البدنية والعقلية والقدرات وتعديل السلوك، فهناك أكثر من 60 % من شخصية الطفل يتم تشكيلها في السنين الأولى من عمره؛ ولهذا فليس من المبالغة القول بأن غالبية المشكلات التي يعاني منها المجتمع المصري في الوقت الحالي سواء من تدني السلوكيات والأخلاق، وعدم الإقبال على التعلم والعزوف عن القراءة، بل والتسرب من التعليم، وضعف الثقافة، ونقص الجدية في الحياة والعمل؛ إنما هي نتاج إهمال التربية والتعليم في الصغر، أي: في الفترة التي ترتبط بالتعليم الرسمي والأساسي الإلزامي، أي خلال مراحل رياض الأطفال والتعليم الابتدائي والتعليم الإعدادي.

ولهذا فمن الأهمية بمكان أن نعيد النظر في كل ما يقدَّم لأطفالنا من خدمات تربوية وتعليمية في مرحلة الطفولة عامة والطفولة المبكرة خاصة؛ إذ هي مفتاح بناء الفرد وتنميته وتشكيله، فالتعليم والتربية في الصغر كالنقش على الحجر.

ويحقق التعليم في الطفولة المبكرة مزايا عديدة، منها: رفع معدل الالتحاق بالمدارس، وتقليل معدل التسرب من التعليم، وتحسن التحصيل الدراسي، وتقليل معدل الأمية ومشاكلها، وبالتالي تقليل معدلات الانحراف وسلبياته، ولهذا مردوده الإيجابي على المجتمع ككل.

دور الحضانة:

دور الحضانة تعد بيئة خصبة لتأهيل وتشكيل ملامح شخصية الطفل، من خلال منظومة من البرامج التربوية والتعليمية التي تتناسب مع سن الأطفال في هذه المرحلة، حيث يلتحق بتلك الحضانات الأطفال من سن الرضاعة إلى سن الرابعة من العمر، حيث يكون بعدها الالتحاق برياض الأطفال التي تستقبل الأطفال بين الرابعة والسادسة من العمر، وربما امتد البقاء بالحضانة إلى سن السادسة ودخول المدرسة الابتدائية، وهي فترة مهمة ينبغي أن تشرف عليها كوادر مؤهلة ومتميزة، قادرة على التعامل هؤلاء الصغار وتربيتهم وفق أعلى المعايير والأسس التي تمهدهم للمراحل الدراسية القادمة، من خلال تكوين أطفال أصحاء صحيًّا ونفسيًّا وثقافيًّا ودينيًّا.

وتتولى وزارة التضامن الاجتماعي رسميًّا مسئولية الإشراف والرقابة على دور الحضانة في مصر، حيث يوجد في مصر أكثر من 14 ألف و500 دور حضانة، أكثر من نصفها غير مرخص رسميًّا (جريدة الوطن العدد رقم 2798 - الجمعة 27 ديسمبر 2019م، ملف عن دور الحضانة في مصر، ص: 6-7)، وأكثرها يتبع جمعيات أهلية تقدم خدماتها للمواطنين بأسعار ميسرة خاصة في المناطق الشعبية.

وهذه الحضانات بيئة حاضنة للطفل تحتويه عقب خروجه من منزله وترك والديه، وتشغل قسطًا كبيرًا من يومه بما هو مفيد، وتغرس فيه أخلاق وسلوكيات وعادات حميدة، وتعده للمراحل التالية من عمره.

دور الحضانة المرخصة:

إن الحضانات المرخصة هي حضانات تعمل من خلال إطار قانوني، ووفقًا لقانون الطفل، وتتبع رسميًّا وزارة التضامن الاجتماعي، ويتم مراجعة ترخيصها على مستوى الجمهورية بصفة دورية كل 4 سنوات لضمان جودة الرعاية للأطفال ومتابعة الصيانة للمكان، وتتوفر في هذه الحضانات المرخصة معايير الجودة الواجب تواجدها للحصول على ترخيص لها، ومنها معايير تنطبق على مبنى الحضانة من بينها التهوية والإضاءة، وكونه صحيًّا وآمنًا من النواحي الإنشائية، وألا تقل مساحة الغرفة الواحدة عن 3 أمتار في 4 أمتار، وأن يكون لكل طفل فيها مساحة في حدود مترين مربعين.

ويتم اختيار المعلمين والعاملين فيها -وغالبهم من الفتيات والسيدات- من خلال خبرتهم في هذا المجال، وبعد اجتياز بعض الدورات التي تنظمها وزارة التضامن، وتعتمد الحضانة على تعليم مبسط لتنمية عقول الأطفال من خلال تعلم مبادئ اللغة ومبادئ الحساب وحفظ الأرقام والحروف وكتابتها، ومن خلال ألعاب وأنشطة بدنية مناسبة لتنشيط وإكساب الأطفال قدرات مختلفة في هذا السن المبكر، إلى جانب مساعدة الأطفال في السن المبكرة على المشي والكلام ومشاركة الآخرين في اللعب، كما تستخدم العديد من وسائل الترفيه كالكومبيوتر والمكعبات والصلصال، والعديد من أدوات اللعب المناسبة للصغار كالمراجيح؛ هذا بالإضافة إلى الرعاية والرقابة الصحية، والتي تتضمن متابعة الكشف الدوري على أطفال الحضانة من قبل طبيب متخصص. وتمتاز الحضانات المرخصة بوجود المتابعة والرقابة على خلاف الحضانات غير المرخصة التي لا رقابة عليها ولا متابعة لها.

دور الحضانة في علاج مشاكل الطفولة:

يعد الاكتشاف المبكر للأطفال المعرضين لصعوبات التعلم قبل الالتحاق بالمدرسة -أي في مرحلة الحضانة أو الروضة- أفضل مدخل وقائي لمشكلات التعليم في المدرسة، فصعوبة التهجي والقراءة والتي لا تظهر إلا بعد الالتحاق بالمدرسة الابتدائية، لكن لها مؤشراتها في سن الرابعة من العمر، أي: بداية مرحلة الروضة، وهذه المؤشرات بمثابة إعلان عن حاجة الطفل للمساعدة حتى لا تتفاقم الصعوبة لديه.

ومن هذه المؤشرات: كونه يجد صعوبة في استعادة أسماء شائعة (مأكولات، لعب، أدوات، وما شابه) يسهل التعرف عليها وتحديدها، وكون الفاصل الزمني طويلًا نسبيًّا بين سؤال اعتيادي وجه إليه وإجابته عن السؤال، ومعنى وجود هذه المؤشرات أن الطفل يبدو مختلفًا عن أقرانه، وأنه عرضة أن يعاني صعوبة تعلم عندما يلتحق بالمدرسة، ولتجنب هذا ينبغي أن يكون تعليمه خلال الروضة بإستراتيجية مختلفة عن غيره.

وللحضانات دور كبير بالتعاون مع الأسرة وأولياء الأمور في اكتشاف ومعالجة الكثير من مشاكل الطفولة المبكرة كاكتشاف ومعالجة عيوب النطق عند بعض الأطفال، ومشاكل التأخر في الكلام، ونقص القدرة على التحاور، وكذلك الاكتشاف المبكر لبعض الصور من العاهات والأمراض العضوية والنفسية والعصبية؛ هذا إلى جانب دورها في تأهيل أطفال الحضانة للتفاعل الاجتماعي من خلال المشاركة في مجموعات مع الآخرين في اللعب، ومن خلال الأنشطة الترفيهية؛ بالإضافة إلى اكتشاف المهارات والمواهب الفردية عند هؤلاء الأطفال، وقبل ذلك وبعده فلهذه الحضانات دورها في بداية إعداد الطفل لمرحلة التعليم الأساسي وتهيئته لها.

وينص القانون على ضرورة توفير حضانات تابعة لقانون العمل في حالة وجود 50 سيدة عاملة في أحد المصانع أو 50 سيدة في مجموعة من المصانع في نفس الحيز الجغرافي، ولكن هذا القانون غير مطبق وغير مفعل في كثيرٍ مِن الأماكن، وهو ما يتسبب في قبول السيدات العاملات لالتحاق أطفالهن الصغار في أي حضانات قريبة ولو كانت غير مرخصة، ولو كانت تفتقد المعايير والشروط الواجب مراعاتها في الحضانات المرخصة، وعلاج ذلك بتطبيق القانون من خلال لجان حماية الطفل الفرعية الموجودة في كل حي -برئاسة رئيس الحي وعضوية الإدارات المعنية- وتفعيل دور هذه اللجان في رصد الحضانات المخالفة وأماكنها وسرعة تحسين وتوفيق أوضاعها أو إغلاقها.

الآثار السيئة للحضانات غير المرخصة:

تنتشر في أنحاء مصر خاصة في الأحياء الشعبية والقرى الكثير من الحضانات غير المرخصة وغالبها محروم من المعايير والشروط الواجب توافرها في أي حضانة للقيام بالدور المنوط بها؛ مما يتسبب في آثار سلبية صحية واجتماعية ونفسية كثيرة، فهناك حضانات تقام في شقق تفتقد الإضاءة الجيدة والتهوية الصحية والمساحة الكافية لكل طفل للجلوس المريح أو اللهو واللعب بارتياح، وغالبها يفتقد جهود التربويين في إعداد مناهج وطرق التعليم؛ إذ الغالب فيها أنها تجتذب للعمل فيها حاملات المؤهلات المتوسطة بدون خبرة أو مَن لهن خبرة ضعيفة في هذا المجال، حتى أصبح العمل في هذه الحضانات مهنة مَن لا مهنة لها، خاصة مع ضعف الأجور والمرتبات الشهرية والتي لا تتعدى بضعة مئات قليلة من الجنيهات، وفي المقابل تترك لهن الساحة للعمل في ما يشبه الجزر المنعزلة، دون دراية كافية للتعامل مع هذا السن الحرج للأطفال، والذي لا يكفي لتربيته وتعليمه وتقويمه سلوكيًّا واجتماعيًّا مجرد الحصول فقط على أي مؤهل دراسي، وعليه فتعاني تلك الحضانات مِن تدني مستوى الخدمات التعليمية والتربوية والأنشطة الاجتماعية فيها.

كما تفتقد الكثير من هذه الحضانات الرعاية الصحية للأطفال؛ لعدم تواجد فعلي ومنتظم لطبيب فيها، أي عدم وجود إشراف صحي جاد، إلى جانب افتقاد النظافة العامة والشخصية؛ مما يتسبب مع تكدس الأطفال في انتشار وانتقال الأمراض الجلدية والأمراض العضوية بين أطفال الحضانة، والتي لا يكتشفها أولياء الأمور أو العاملين في الحضانة إلا في وقت متأخر.

ومنها حضانات تفتقد القدرة على تنمية قدرات ومهارات الأطفال، بل يصل الأمر في بعضها إلى معاملة الأطفال معاملة سيئة غير آدمية في غياب الإشراف والرقابة من الدولة متمثلة في وزارة التضامن الاجتماعي، وغياب المتابعة اليومية من أولياء الأمور، فلا يتمكن أحد مِن رصد صور الممارسات السيئة والعنيفة من العاملات في الحضانة ومنعها ومحاسبة القائمات بها.

ومحصلة هذا التفاوت في النواحي التربوية والتعليمية والأنشطة الاجتماعية بين الحضانات الجادة المرخصة والحضانات غير المرخصة، والتي تفتقر غالبًا لمعايير وشروط الجودة، ولكنها تلقى إقبالًا خاصة في الأماكن الشعبية والمدن الصغيرة والقرى؛ إما لعدم وجود حضانات قريبة غيرها وحاجة الأمهات العاملات إليها، وإما لقلة مصروفاتها، ونتيجة لذلك نجد التفاوت الكبير بين مستوى مئات الآلاف من الأطفال الذين يتخرجون من هذه الحضانات المتفاوتة، مما يؤدي إلى حدوث مشكلات عديدة نتيجة هذا التفاوت في تلقي العلوم المتنوعة في مراحل التعليم الأساسية بعد ذلك بين أفراد الجيل الواحد، وهذا الأمر يمثِّل داءً لا بد من التصدي له؛ لئلا يصبح ظاهرة سلبية تنمو وتتفاقم مع الأيام أكثر من ذلك، وهنا يكمن دور الدولة -خاصة وزارة التضامن الاجتماعي- في السيطرة على هذه الحضانات ورصدها، ومتابعة ورقابة المرخص منها وتطويرها، وتوفيق أوضاع غير المرخص منها وتقنينها أو إغلاقها.

كما ينبغي على وزارة التضامن أيضًا متابعة ومراقبة من يعملون في تلك الحضانات ووضع نظام واضح للتعيين فيها، وتأهيل العاملين بها تربويًّا وعلميًّا للقيام بمهامهم، ولو بتنظيم دورات تعليمية وتثقيفية للعاملين بهذه الحضانات وإتاحة الالتحاق بها أو اشتراط اجتيازها، أو قصر تولي التعامل مع الأطفال في الحضانات على خريجي أقسام رياض الأطفال بكليات التربية، فهم المؤهلون علميًّا للتعامل مع هذه النوعية من الصغار خاصة مع تفاوت قدرات الأطفال الذهنية والعضلية، والحركية والبدنية، والاجتماعية والعاطفية والسلوكية، بل واختلاف مواهب الأطفال في هذا السن المبكر، مع ضرورة توحيد المناهج الموجهة لأطفال الحضانات بإعداد كتب لهم يضعها متخصصون تربويون تضع بقدر الإمكان منهج موحد للحضانات استرشاديًّا -أو إلزاميًّا- مع إتاحة هذه الكتب لتلك الحضانات بأسعار رمزية مناسبة أو بحق التكلفة، مع متابعة مدى التزام الحضانات بها وقدرتها على الاستفادة منها.

كما ينبغي على الدولة تيسير سبل الحصول على التراخيص حال استيفاء الشروط اللازمة؛ إذ إن من أسباب عزوف الكثير من أصحاب الحضانات عن استخراج التراخيص ما يلاقونه من إجراءات معقدة مرهقة وتحتاج إلى أوقات طويلة قد تمتد لشهور في التردد على الجهات الرسمية المعنية منها والفنية، والتي تفتقد عادة المرونة المطلوبة في التعامل مع طالبي التراخيص، ومن تلك الجهات وزارة الداخلية متمثلة في الدفاع المدني وقطاعات الأمن للتأكد من أمن وسلامة المكان، وهناك إدارة الأسرة والطفل بوزارة التضامن الاجتماعي إذ هي المسئولة عن الحضانات والرقابة عليها، ومنها مجلس المدينة، وهيئة الأبنية التعليمية والمرافق وغيرها من الجهات.

لقد أصبحت الحاجة ملحة لإعادة النظر في أمر دور الحضانات، ففي أماكن كثيرة نجد عجزًا شديدًا في عدد الحضانات تحتاج معه إلى فتح حضانات نموذجية فيها، وهناك تكدس من الحضانات في أماكن أخرى أكثرها غير مرخص، وهناك حضانات تهتم بالنواحي التعليمية على حساب الأنشطة الاجتماعية والترفيهية، وهناك حضانات تبالغ في مصروفاتها إذ غايتها المبالغة في الربح، وتحتاج الحضانات غير المرخصة إلى تبسيط إجراءات الترخيص ومواكبة العصر من خلال ميكنة الترخيص ببيان الأوراق المطلوبة من خلال البوابة الالكترونية لوزارة التضامن الاجتماعي وملء ومراجعة الأوراق المطلوبة من خلال (الأون لاين)، لتشجيع أصحاب الحضانات غير المرخصة على ترخيصها، إلى جانب تشجيع أصحاب الحضانات المرخصة على تحسين وتطوير حضاناتهم.

رياض الأطفال:

يلتحق الأطفال من الرابعة برياض الأطفال لمدة سنتين (كي جي وان - كي جي تو) قبل الالتحاق في سن السادسة بالمدارس الابتدائية الإلزامية، وتعد رياض الأطفال أول مراحل التعليم الرسمي، وهي تتبع وزارة التربية والتعليم.

وتعد تهيئة الصغار لمراحل التعليم القادمة هي الوظيفة الرئيسية للروضة، حيث يرى التربويون أهمية التعلم والتربية في الطفولة المبكرة من خلال الربط بين اللعب والتعلم في فصول ما قبل المدرسة، ومن خلال تخطيط جيد للتعلم فيها، فمن المسلَّم به بين التربويين أن للتعليم في هذه المرحلة مردود طويل الأمد بعد ذلك في التعليم الابتدائي وما بعده.

وهناك العديد من الدول التي أدخلت رياض الأطفال ضمن التعليم الأساسي الإلزامي كما هو في جنوب إفريقيا وبيرو. حيث قد قدمت جنوب إفريقيا نموذجًا لتخطيط إصلاح مرحلة الروضة حددت فيه لنفسها أهدافًا تتحقق بحلول عام 2030م، جعلت فيها الاهتمام بتعليم الطفولة المبكرة على رأس أولويتها التعليمية، ومواجهة تحديات ذلك بتمويل البنية التحتية وتدريب المدرسين وتوفير أدوات دعم المتعلم وتعزيزها، والوصول إلى الأسر الأقل ضعفا، والتنسيق بين المؤسسات المختلفة المسئولة عن ارتقاء الطفولة المبكرة وتقديم خدمات تنمية الطفولة لتتمكن من العمل والتعاون فيما بينها، مع معالجة نقاط الضعف التي تظهر في هذا التنسيق.

أما في بيرو فقد أصدرت حكومة بيرو سنة 2003م قانونًا للتعليم جعل مرحلة الروضة جزء من التعليم الأساسي، وقد حققت بيرو طفرة مذهلة في ضوء معدلات الاستيعاب التي تستهدف أن تكون 100 % في علم 2021 م وفقًا للخطط الموضوعة لتعليم أطفال ما قبل المدرسة، مؤكدة على ضرورة الاستثمار في تعليمهم، وبوجه خاص الأطفال الذين يعيشون في ظروف غير مواتية، لتقليل تأثيرها السلبي عليهم كأساس للتقدم الاجتماعي، بناءً على أن تعليمهم ليس فحسب إعدادًا للالتحاق بالتعليم الابتدائي، بل لتهيئتهم للحياة أيضًا.

وقد تمت هذه التجارب على ثلاثة عقود، وكان لها نجاحات كبيرة أحدثت تكاملًا بين كل برامج الرعاية وأعطت فرصًا متكافئة لنمو الأطفال، ولاستمرار هذا النمو (راجع في ذلك مقالة: إصلاح التعليم: أي النقاط أولى بالبدء؟ د. عبد المنعم شحاتة - أستاذ علم النفس - كلية الآداب - جامعة المنوفية - مجلة الفكر المعاصر، إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب الإصدار الثاني - العدد الثامن - أكتوبر / ديسمبر2017 م، ص 24 - 25).

رياض الأطفال في مصر:

تشير الإحصائيات المسجلة للعام الدراسي 2016 م - 2017م أن التعليم قبل الابتدائي في مرحلة رياض الأطفال في مصر يتم من خلال 11250 مدرسة موزعة في أنحاء الجمهورية، أكثرها حكومية (80% منها في مدارس حكومية)، تستوعب إجمالًا 1244052 طفلًا وطفلة، منهم 75 % في هذه المدارس الحكومية.

وحيث إن الإحصائيات تشير إلى أن مصر تستقبل حوالي 7و2 مليون مولود سنويًّا، فإن عددًا ممن هم بين الرابعة والسادسة من العمر يزيد بذلك عن 5 ملايين طفل، أي أن هناك أكثر من 75 % من أطفال سن الالتحاق برياض الأطفال لا يلتحقون بها (راجع مقالة: إصلاح التعليم: أي النقاط أولى بالبدء؟ د. عبد المنعم شحاتة - مجلة الفكر المعاصر، ص: 26).

والأنسب للتغلب على هذه النسبة المتدنية وتخطي صعوبة تمويل إنشاء رياض أطفال تستوعب كل أطفال مصر في سن رياض الأطفال أن يعهد للقطاع الخاص بإنشاء رياض الأطفال في الأماكن الراقية والمناطق غير الشعبية بينما تتولى الحكومة إنشاء شعب رياض الأطفال الحكومية في المناطق الشعبية والأماكن كثيفة السكان والتي لا يصل إليها القطاع الخاص، مع إلحاق هذه الشعب بالمدارس الأساسية الحكومية الموجودة كصف من صفوفها، مع إعداد وتجهيز هذه الشعب بكل ما يلزمها من أدوات ومعلمين وخدمات.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة