الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

هل لديك حلم (4)؟!

كان ابن تيمية -رحمه الله- يمثِّل مشروعًا في كل حركة يتحرك بها على الأرض

هل لديك حلم (4)؟!
عصمت السنهوري
السبت ١٣ يونيو ٢٠٢٠ - ٢٠:١٤ م
474

هل لديك حلم (4)؟!

أحلام الكبار (2)

كتبه/ عصمت السنهوري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فعليك أن تحرص على قراءة سير الكبار والمؤثرين وصناع النجاح، وكتب التراجم؛ لتعرف أحلامهم ومشاريعهم التي عاشوا مِن اجلها وضحوا في سبيلها؛ لعلك تعثر على حلمك وتلقى مشروعك، وإذا كان البخاري -رحمه الله- عثر على مشروعه من خلال كلمه عارضة من شيخه، والشافعي -رحمه الله- من خلال سؤال عُرض عليه؛ فلعلك تعثر عليه مِن قصة مثيرة.

كان ابن تيمية -رحمه الله- يمثِّل مشروعًا في كل حركة يتحرك بها على الأرض؛ في كل كتاب يؤلفه، وقد سئل بعض تلاميذه عن علمه، فقال: "هل رأيت قبة الصخر؟ قال: نعم. فقال: كان قبة صخر ملئت علمًا، لها لسان ناطق!".

كان كل تلميذ من تلاميذه يمثِّل مشروعًا وحلمًا؛ نرى ذلك في ابن كثير والذهبي، وصاحب التصانيف والكلام النفيس القيم، العلامة ابن القيم.

ومن الكبار الذين لم يرحلوا عن الدنيا حتى صنعوا فيها واقعًا بهيجًا ومدوا في مساحاتها؛ ذلك الرجل ذو الشخصية الأسطورية؛ د. عبد الرحمن السميط الذي ترك الطب عندما رأى إفريقيا في الخامسة والثلاثين من عمره أثناء زيارته لها، فشعر بحزن عميق من مشاهد الجوع والمرض، فجاش الحلم بداخله، لقد عاش بأحلامه في 29 دولة إفريقية واستفاد منها ملايين البشر.

لقد قام بطبع وتوزيع 51 مليون نسخة من كتاب الله -عز وجل-، وإنشاء 5700 مسجد، و860 مدرسة، و41 جامعه، و200 مركز لتدريب النساء، و102 مركز إسلامي، وحفر 9500 بئر يشرب منه الناس.

يأتي يوم القيامة وقد غرس التوحيد وأخرج الله به من ظلمات الشرك إلى نور الايمان ما يزيد عن 11 مليون إنسان!

فما أعظم أصحاب المشاريع الكبار، وأجمل وأرق قلوبهم.

ومِن الكبار الذين صنعوا مشاريعهم وعرفوا الفكرة الحية التي يعيشون من أجلها، وأدركوا قيمة الإنسان من خلال الحلم الذي يدفع به في تاريخ الأمة؛ العلامة الألباني الذي جاء ليقول لنا: إن الفكرة إذا استعمرت صاحبها وُجد لها فضاء في أحلك الظروف، وأضيق المساحات.

كان الألباني في بداية حياته يصلح الساعات في مساحة لا تتجاوز المترين، لكنه لما كان شغوفًا بفكره، وباحثًا عن حلمه لم تمنعه ظروفه البائسة من البحث عن الفكرة المفقودة في حياته، وحين وقعت في يده مجلة وقعت في قلبه الفكرة الغائبة، وتكوَّن لدية الحلم من خلال رؤيته، فترك ما في يده وتحول مِن صانع ساعات إلى صانع عقول، ومِن محرك لعقارب الزمن إلى محيي لما اندرس مِن معالم السنن، ومن مساحة المترين إلى كل شبر من الأرض، ولم يرحل حتى جعل مشروعه ذكريات ستظل إلى قيامة الساعة.

فحلمك يصنع الحقيقة، ورغباتك تقرِّب المسافات، وجديتك تعلو فوق كل شيء؛ إن وجود الحلم في حياة الانسان هو أعظم الأدلة التي نرى من خلالها قدرة ذلك الإنسان على المشاركة في عالم الكبار! والقدرة على تحويل المثال إلى واقع، ولن تجد إنسانًا يعيش مشروعًا، ويجهد في بنائه، ويسعى إلى تحقيق غاياته إلا أدركت أنك أمام شخص كبير ذي همة عالية.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة