الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

مصر والشام وعز الإسلام (4) قدوم خالد بن الوليد -رضي الله عنه- لنصرة المسلمين في الشام

مصر والشام وعز الإسلام (4) قدوم خالد بن الوليد -رضي الله عنه- لنصرة المسلمين في الشام
أحمد حرفوش
الاثنين ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٠ - ٢١:١٣ م
494

مصر والشام وعز الإسلام (4) قدوم خالد بن الوليد -رضي الله عنه- لنصرة المسلمين في الشام

كتبه/ أحمد حرفوش

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛   

فقد سارع خالد بن الوليد -رضي الله عنه- بالمسير إلى الشام لنصرة الجيوش المسلمة، تنفيذًا لأمر الخليفة الراشد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وقد اصطحب معهُ تسعة آلاف مُقاتل، وخرج خالد بن الوليد من الحيرة بالعراق في 8 صفر (13هـ) المُوافق فيه 14 أبريل (634م)، واخترق الصحراء التي تفصلُ العراق عن الشَّام في ثمانية أيَّام -وقيل: خمسة أيَّام- في طريقٍ وعرة لم يسلُكها أحدٌ قبله، ويتمَّيز هذا الطريق بأنَّهُ خالٍ من قلاع الفُرس والروم، ويصل بِسالكه إلى مدينة بُصرى دون أن يتعرَّض لِهجمات العدوّ.

واجتهد خالد بن الوليد -رضي الله عنه- حين أشرف على الشَّام، وأراد أن يتوغَّل فيها ألا يترك خلفه مواقع قائمة للروم أو لحلفائهم من العرب، فصالح بعضهم بعد أن اصطدم بهم، وضرب الحصار حول مدينة تدمر.

فتح تدمر والقريتين:

كانت تدمر من المراكز العسكريَّة المحصنة، فحاصرها المسلمون من كل جانب وقد تحصن بها أهلها، فهددهم خالد -رضي الله عنه- وقد أصرَّ على فتحها، فمالوا إلى طلب الصلح وفتحوا أبواب مدينتهم للمُسلمين؛ بعدها واصل المُسلمون سيرهم حتى وصلوا إلى القريتين، فاعترضهم أهلها، وجرى اشتباكٌ بين الطرفين أسفر عن انتصار المُسلمين.

توجَّه المُسلمون بعد ذلك باتجاه الجنوب قاصدين غوطة دمشق، فاعترضهم الغساسنة وجرى اشتباكٌ بين الطرفين أسفر عن انتصار المُسلمين وفتح تدمر، والقريتين، وتراجع الغساسنة إلى حُصون دمشق، وواصل المُسلمون تقدمهم حتَّى بلغوا الثنية ووقفوا على التل المعروف بهذا الاسم، وهو بين دمشق وحمص، ونشروا عليه الراية السوداء المُسماة بالعقاب، وهي رايةُ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأغاروا على بعض قُرى الغوطة، وعسكروا أمام الباب الشرقي لِدمشق.

 فتح بُصرى:

اجتاز المُسلمون الغوطة من الشمال إلى الجنوب حتى وصلوا إلى قناة بُصرى، وكانت لا تزال بأيدي الروم وعليها القادة الثلاثة: أبو عبيدة عامر بن الجراح، وشُرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان؛ فاجتمعت الجُيوشُ الإسلامية الأربعة أمامها ومع تنامي خطر الاصطدام مع الروم، حاول خالد -رضي الله عنه- أن يأخذ زمام المُبادرة في الوقت الذي كان فيه عمرو بن العاص -رضي الله عنه- يتراجع بِمُحاذاة الضفَّة الغربية لِنهر الأُردن، يُرهقهُ جيشُ تذارق قائد الروم.

ووجد نفسه أمام خيارين:

الأول: تجميعُ الجُيوش الإسلامية الأربعة في بُصرى بعد إبلاغ عمرو بن العاص بالإسراع نحوهم، والانضمام إليهم ثُم انتظار جيش أنطاكية البيزنطي الزاحف باتجاه الجنوب بِقيادة وردان حاكم حِمص، والاشتباك معه في ذلك المكان.

والثاني: الإسراع لِنجدة عمرو بن العاص والاشتباك مع جيش تذارق، حتَّى إذا فرغوا منه عادوا لِيقاتلوا جيش أنطاكية، بعد أن يكونوا قد ضمنوا مؤخرتهم، ووطدوا أقدامهم في فلسطين.

وتقرر الخيارُ الثاني، وهو الأخطر والأصعب، وترتب على هذا الاختيار فتحُ بُصرى أولًا للانطلاق منها نحو الهدف؛ لِذلك شدَّد المُسلمون الحِصار عليها وأجبروا أهلها على طلب الصُلح، فكانت أول مدينة فتحت صُلحا في الشَّام، وأول جزية وقعت في هذا البلد في عهد أبي بكر.

معركة أجنادين:

رجع عمرو بن العاص نحو أجنادين الواقعة بين الرملة وبيت جبرين، وتوقف فيها ينتظر وُصول جيش الروم، وقد انضم إلى الروم نصارى العرب، وغيرُهم من أهل الشَّام، ووصل الخبر إلى خالد بن الوليد -رضي الله عنه- فعقد مجلسًا عسكريًّا عندما علم بِزحف الروم، وتقرَّر فيه تجميع القوى الإسلامية في أجنادين.

وجرى اللقاء في هذه البلدة يوم السبت في 27 جمادى الأولى (13هـ) المُوافق فيه 30 يوليو (634م)، وقد يسر الله للمسلمين فتحها، وتوجه المسلمون إلى دمشق بعد أن فرغوا من أجنادين، وكان هرقل قد جمع سُكَّان دمشق وأمرهم أن يُغلقوا الأبواب إغلاقًا وثيقًا، وأن يأتمروا بأمر القائد الذي سيُعينهُ عليهم وشجعهم على الاهتمام بالدفاع عن أنفُسهم.

ولمَّا وصل المسلمون دمشق ضربوا حولها حصارًا شديدًا، فعسكر خالد تجاه دير صليبا، والذي عُرف فيما بعد بدير خالد، وهو على مسافة ميل من الباب الشرقي للمدينة، وعسكر أبو عُبيدة -رضي الله عنه- على باب الجابية في حين نزل يزيد على جانبٍ آخر من دمشق، ولم يشترك جيش شُرحبيل في الحصار، ويبدو أنَّهُ بقي في الجنوب لِحماية مؤخرة المُسلمين.

وكان هرقل لا يزال يحشد قُواته ويدعمها لِقتال المُسلمين، فأرسل جيشًا بلغ تعداده خمسة آلاف مُقاتل لِمُساعدة أهل دمشق، وانضمَّ إليه عددٌ كبيرٌ من حامية حِمص، فاضطرَّ المُسلمون أن يُخفِّفوا الضغط عن دمشق، وساروا مُجددًا نحو مدينة مرج الصَّفر؛ لاعتراض قوات الروم التي لا بُد وأن تمُر من هذا المكان للوُصول إلى دمشق، وجرى قتالٌ بين الطرفين في جمادى الآخرة (13هـ - 634م) أسفر عن انتصار المُسلمين، فقتلوا عددًا كبيرًا من الروم، وفرَّ الباقي منهم من المعركة، وعاد المسلمون لحصار دمشق مرة أخرى، وفي هذه الأثناء جاءت رسالة من المدينة النبوية، وفيها...

نكمل في المقال القادم -إن شاء الله تعالى-. 

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة