الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

رسالة إلى مريض

المرض سنة ربانية يبتلي الله بها عباده

رسالة إلى مريض
سعيد محمود
الأربعاء ٠٩ ديسمبر ٢٠٢٠ - ١٠:٠٠ ص
680

رسالة إلى مريض

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

- أخي المريض:

بداية... السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وشفاك الله وعافاك، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، لا بأس طهور إن شاء الله.

- أخي المريض:

اعلم -رحمني الله وإياك-: أن المرض سنة ربانية يبتلي الله بها عباده، والمؤمن يتحصل مِن خلالها على الفوائد الكثيرة التي تنفعه في الدنيا والآخرة، قال -تعالى-: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (البقرة:155).

- واعلم كذلك: أن المرض ليس علامة على هوان العبد على ربه، فأكثر الناس بلاءً، مَن هم خير مني ومنك، فعن مصعب بن سعد عن أبيه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: (الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ ثم الأمثل فالأمثل) (رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني).

- ولذلك:  فرسالتي إليك أخي المريض تتلخص فى نقاطٍ حول فوائد المرض!

فمن فوائد المرض:

1- تكفير الذنوب والسيئات:

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) (رواه الترمذي، وقال الألباني: "حسن صحيح").

2- رفع الدرجات:     

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ، لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ، أَوْ فِي مَالِهِ، أَوْ فِي وَلَدِهِ، ثُمَّ صَبَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يُبْلِغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

3- إيقاظ العبد من غفلته:  

كم مِن عبدٍ كان بعيدًا عن الله، فلما مرض كان مرضه سببًا في توبته وعودته!

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "مصيبة تقبل بها على الله، خير من نعمة تنْسيك ذكر الله".

4- شهود ربوبية الله في الحالين:

- أما في المرض: فيعلم ضعف هذه النفس، وأنها فقيرة إلى عفو ربها ورحمته "والأمثلة مِن أحوال المرضى لا تحصى، وفيرس كورونا خير شاهد".

- وأما في الصحة: فيعلم عظيم فضل ربه عليه؛ أن عافاه مما ابتلى به غيره؛ ولذا كان مِن دعائه -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى مبتلى: (الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

5- استخراج عبودية الضراء (الصبر):

- فعظم الجزاء مع الصبر: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَه) (رواه مسلم).

6- الزهد في الدنيا والطمع في الجنة:

يبتلي الله المؤمنين بالمرض من رحمته، حتى تتنغص عليهم الدنيا؛ لئلا يسكنوا إليها، وليرغبوا في النعيم المقيم، قال -صلى الله عليه وسلم-: (يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا) (رواه مسلم).

7- معية خاصة من الله:

- أنت مع رضاك وصبرك في معيةٍ خاصةٍ مِن الله: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟) (رواه مسلم).

وأخيرًا وليس آخرًا:

أخي المريض... أكثِر من الدعاء والتضرع إلى الله: قال الله -تعالى-: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) (النمل:62)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، وكان مِن دعائه -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني).

- وأبشِر فأجرك محفوظ: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا) (رواه البخاري).

وفي الختام: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة