الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

دروس وعبر من قصة نبي الله الخضر -عليه السلام- (3)

(لقاء موسى بالخضر -عليهما السلام- وآداب التعليم والتعلم)

دروس وعبر من قصة نبي الله الخضر -عليه السلام- (3)
سعيد محمود
الخميس ٢٨ يناير ٢٠٢١ - ١١:٣١ ص
376

دروس وعبر من قصة نبي الله الخضر -عليه السلام- (3)

(لقاء موسى بالخضر -عليهما السلام- وآداب التعليم والتعلم)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

المقدمة:

- تذكير مختصر بما سبق.

- الإشارة إلى أعظم فوائد مشهد اليوم من القصة، وهي: آداب التعليم والتعلم.

المشهد الثالث: لقاء الأنبياء -عليهم السلام-:

- لقاء الأنبياء الثلاثة: (موسى والخضر ويوشع) -عليهم السلام-: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رَجَعَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا، حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، أَوْ قَالَ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ، فَسَلَّمَ مُوسَى، فَقَالَ الخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا مُوسَى، فَقَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: نَعَمْ، أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا، قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لاَ أَعْلَمُهُ، قَالَ: (سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا، وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْرًا) (الكهف:67)، قَالَ: هَلْ أَتَّبِعُكَ؟ قَالَ: (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا . وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا) (الكهف:67-68)، إِلَى قَوْلِهِ: (إِمْرًا) (الكهف:71) (متفق عليه).

الفوائد والعِبَر:

(1) العلم اللدني بين أهل السنة وأهل البدعة:

- علم الأنبياء موهوب من الله: (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) (الكهف:67)، وقال الخضر -صلى الله عليه وسلم- لموسى -عليه السلام: (يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لاَ أَعْلَمُهُ)، وقال -تعالى- لنبينا -صلى الله عليه وسلم-: (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) (النساء:113).

- علم الأنبياء منحة إلهية، لا ينال بالمجاهدة والكسب، وتكلف الشاق من الطاعات، ورياضة النفس كما زعم بعض الفلاسفة والصوفية، فالرسالة نعمة من الله على من اختاره من عباده: قال -تعالى-: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا) (مريم:58)، وقال -تعالى- لموسى -عليه السلام-: (اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي) (الأعراف:144).

- وقد شاع استعمال مصطلح: "العلم اللدني" بين طوائف من أهل البدع، وجاء في كلام بعض أهل السنة إثباته، ولكن لكل فريق منهم مفهوم يختلف عن الآخر، وسبب ذلك اختلافهم في مفهوم الآية: (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا).  

- العلم اللدني كما هو عند بعض أهل السنة: قال ابن القيم -رحمه الله-: "فالعلم اللدني، ما قام الدليل الصحيح عليه أنه جاء من عند الله على لسان رسله، وما عداه فلدنى من لدن نفس الإنسان، منه بدأ واليه يعود" (مدارج السالكين، منزلة العلم).

- العلم اللدني عند أهل البدع من الصوفية والفلاسفة والباطنية: "هو ما كان مستنده ترك النقل والعقل معًا، وأن الأحكام الشرعية المأخوذة من الكتاب والسنة إنما يحكم بها على الأنبياء والعامة، وأما الأولياء وأهل الخصوص فلا يحتاجون إلى تلك النصوص، بل إنما يراد منهم ما يقع في قلوبهم، ويحكم عليهم بما يغلب على خواطرهم، وذلك لصفاء قلوبهم عن الأكدار، وخلوها عن الأغيار، فتتجلى لهم العلوم الإلهية، فيقفون على أسرار الكائنات، ويعلمون الجزئيات بلا واسطة" (تفسير القرطبي).

- مقتضى قول المبتدعة هدم رسالة الأنبياء: قال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-: "وهذا القول زندقة وكفر، يُقتل قائله ولا يستتاب؛ لأنه إنكار ما علم من الشرائع، فإن الله أجرى سنته وأنفذ حكمته بأن أحكامه لا تعلم إلا بواسطة رسله" (تفسير القرطبي).

وقال ابن القيم -رحمه الله-: "العلم اللدني نوعان: لدنى رحماني، ولدنى شيطان بطناوي، والمحك هو الوحي، ولا وحي بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" (مدارج السالكين)(1).

(2) دروس في التربية والتعليم من القصة:

- ينبغي أن يتحلى طالب العلم بالهمة العالية، ولو طال زمان الطلب: (لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) (الكهف:60)، قال الشيخ بكر أبوزيد -رحمه الله-: "كبر الهمة يجلب لك بإذن الله خيرًا غير مجذوذ، لترقى إلى درجات الكمال، فيجرى في عروقك دم الشهامة والركض في ميدان العلم والعمل، فلا يراك الناس إلا واقفًا على أبواب الفضائل، ولا باسطًا يديك إلا لمهمات الأمور" (حلية طالب العلم).

- التماس الشيخ العالم المربي أثناء الطلب حتى لا تهدر الأوقات: ففي القصة: (قالَ مُوسَى: يا رَبِّ فَكيفَ لِي بِهِ؟)، وقال محمد بن سيرين: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم" (رواه البخاري).

- التزام الأدب التام مع شيخه وقدوته والصبر على شدته: ففي القصة: (قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا) (الكهف:69)، وعن الشعبي قال: "صلى زيد بن ثابت -رضى الله عنه- على جنازة، ثم قربت له بغله ليركبها، فجاء ابن عباس -رضى الله عنه- فأخذ بركابه، فقال له زيد: خل عنك يا ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال ابن عباس -رضي الله عنه-: هكذا يفعل بالعلماء والكبراء" (جامع بيان العلم وفضله)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ) (رواه أحمد والحاكم، وحسنه الألباني).

وقال الشافعي -رحمه الله- في حق شيوخه:

أهـيـن لـهم نـفس فـهم يكرمونها       ولن تكرم النفس التي لا تهـينها

وقال -رحمه الله-: "قيل لسفيان بن عيينة: إن قومًا يأتونك من أقطار الأرض، تغضب عليهم؟! يوشك أن يذهبوا أو يتركوك! فقال للقائل: هم إذًا حمقى مثلك إن تركوا ما ينفعهم لسوء خلقي!" (تذكرة السامع والمتكلم).

- العلم يؤتى إليه ولا يأتي: ففي القصة: "خروج موسى -عليه السلام- في طلب الخضر مع المعاناة"، وقال حمدان الأصفهاني: "كُنْتُ عِنْدَ شَرِيكٍ، فَأَتَاهُ بَعْضُ أَوْلَادِ الْخَلِيفَةِ الْمَهْدِيِّ، فَاسْتَنَدَ إلى الْحَائِطِ وَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثٍ؛ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْنَا، ثُمَّ عَادَ، فَعَادَ لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَتَستَخِفُّ بِأَوْلَادِ الْخُلَفَاءِ؟ فَقَالَ شَرِيكٌ: لَا، وَلَكِنَّ الْعِلْمَ أَجَلُّ عِنْدَ اللهِ -تعالى- مِنْ أَنْ أَضَعَهُ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ شَرِيكٌ: هَكَذَا يُطْلَبُ الْعِلْمُ" (المجموع للنووي).

(3) تتمة: آفات العلم:

- ما دمنا تعرضنا للعلم وفضله وآداب طلبته وحملته، فمِن باب إتمام الفائدة، نذكر شيئًا مِن آفات العلم حتى يتقيه أهله:

1- تعلمه لغير وجه الله: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني).

2- كتم العلم: قال -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) (آل عمران:187)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كَتَمَ عِلْمًا أَلْجَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ) (رواه ابن حبان، وقال الألباني: حسن صحيح).

3- القول على الله بغير علم: قال -تعالى-: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) (النحل:116)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) (متفق عليه).

4- الكبر والعجب: في الحديث القدسي: (الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا، قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني). وقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ، وَتَعَلَّمُوا لَهُ الْوَقَارَ وَالسَّكِينَةَ، وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تَعَلَّمْتُمْ مِنْهُ وَلِمَنْ عَلَّمْتُمُوهُ، وَلَا تَكُونُوا جَبَابِرَةَ الْعُلَمَاءِ، فَلَا يُقَوَّمُ جَهْلُكُمْ بِعِلْمِكُمْ" (جامع بيان العلم وفضله).

5- المراء والمخاصمة والجدال: قال -تعالى-: (وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل:125)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ) ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: (مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) (الزخرف:58) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

6- النسيان: قال الزهري: "إِنَّمَا يُذْهِبُ الْعِلْمَ النِّسْيَانُ وَتَرْكُ الْمُذَاكَرَةِ" (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء)، وعن سعيد بن عبد العزيز: "أن عطاء الخرساني كان إذا لم يجد أحدًا، أتى المساكين فحدثهم، يريد بذلك الحفظ" (جامع بيان العلم وفضله).

7- التعصب بالهوى والتقليد الأعمى وتحكيم آراء الرجال: قال -تعالى- في ذمِّ المشركين: (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى? أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى? آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ) (الزخرف:22)، قال الشافعي -رحمه الله-: "أجمع المسلمين على أن مَن استبانت له سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس" (إعلام الموقعين)، وقال أحمد -رحمه الله-: "لا تقلدني، ولا تقلد مالكًا، ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا" (إعلام الموقعين).

8- التسرع في الفتوى: قال سفيان ابن عيينة: "أعلم الناس بالفتوى أسكتهم فيها، وأجهل الناس بالفتوى أنطقهم فيها" (الفقيه والمتفقه)، وعن مجالد قال: "سئل الشعبي عن شيء، فقال: لا أدرى. فقيل له: أما تستحيي من قولك: لا أدرى وأنت فقيه أهل العراق؟ قال: لكن الملائكة لم تستحِ حين قالت: (سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا) (البقرة:32)" (الفقيه والمتفقه).

9- التحاسد والحقد: قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "الْحَسَد مرضٌ من أمراض النَّفس، وَهُوَ مرضٌ غَالبٌ، فَلا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس، وَلِهَذَا يُقَال: مَا خلا جَسَدٌ من حسدٍ، لَكِنَّ اللَّئِيم يبديه، والكريم يخفيه" (أمراض القلوب وشفاؤها)، وقال الغزالي: "اعلم أن الحسد إنما يكثر بين قوم تكثر بينهم الأسباب الداعية إلى الحسد، وهذه الأسباب إنما تكثر بين أقوام يجمعهم روابط يجتمعون بسببها" (إحياء علوم الدين).

10- الغرور: قال أبو حامد الغزالي: "الغرور هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى، ويميل اليه الطبع عن شبهة وخدعة مِن الشيطان، فمَن اعتقد أنه على خير؛ إما في العاجل أو الآجل عن شبهة فاسدة؛ فهو مغرور" (إحياء علوم الدين).

خاتمة:

- عود على بدء، بالإشارة إلى فضل هذا الجزء من قصة الخضر مع موسى -عليهما السلام- وفائدته لأهل العلم.

- الإشارة إلى ما تبقى من القصة، وهي المواقف الثلاثة العجيبة من الخضر -كما سيأتي إن شاء الله-.

نسأل الله أن يعلمنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يجعله خالصًا لوجه الله الكريم.

والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ولقائل أن يقول: إذا كان مصطلح العلم اللدني شعارًا لأهل الفساد والغي، فلماذا يُشتغل ببيانه وتفصيل القول فيه؟!

والجواب: لا يَمنع اشتهار أهل البدع والخرافة باستعمالهم للعلم اللدني -حتى صار ذلك شعارًا لهم- من تناول هذا المصطلح بشيء من التفصيل؛ بيانًا لحقيقته، ولعل في هذا فائدتين، والإنصاف عزيز، وقد علمنا الله -تعالى- إياه في قوله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) (البقرة:219).

الأولى: التحذير من الاغترار بأقوالهم، أو التوهم بأنها توافق ما جاء في قوله -تعالى-: (وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) (الكهف:65).

الثاني: دفعًا لما قد يتوهمه مَن وقف على بعض كلام أهل السنة والجماعة -كالإمام ابن تيمية وابن القيم- في العلم اللدني، فيظن من ليس له ممارسة بأقوالهم أنهم يوافقون أهل البدع، أو يلبس المبتدعة على أهل الحق فيقولون لهم: إن علماءكم يستعملون مصطلحاتنا، ويقولون بها، فلِمَ تنكرون علينا استعمالها؟! والحق الذي لا مرية فيه أن كلا الأمرين باطل (انظر: العلم اللدني بين القبول والرفض - الباحث: علاء إبراهيم عبد الرحيم - مركز سلف للبحوث).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة