الجواب :
الأَذَانُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لاَ تَصِحُّ إِلاَّ مِنْ مُؤَذِّنٍ فِيْهِ شُرُوطُ الْمُؤذِّنِيْنَ فَقَدْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالأَذَانِ لِمَنْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاةَ فِي جَمَاعَةٍ , بِقَوْلِهِ عليه السلام : { فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ } وَلَيْسَ التَّسْجِيْلُ أَحَدَهُمْ .
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي "الْمُغْنِي" :
( 570 ) فَصْلٌ : وَلا يَصِحُّ الأَذَانُ إلاَّ مِنْ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ ذَكَرٍ , فَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمَجْنُونُ , فَلا يَصِحُّ مِنْهُمَا ; لأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَاتِ . وَلا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ الْمَرْأَةِ ; لأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ يُشْرَعُ لَهُ الأَذَانُ , فَأَشْبَهَتْ الْمَجْنُونَ , وَلا الْخُنْثَى ; لأَنَّهُ لا يُعْلَمُ كَوْنُهُ رَجُلاً . وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ . وَلا نَعْلَمُ فِيهِ خِلافًا .
وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَالْبُلُوغُ لِلاعْتِدَادِ بِهِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ فِي الصَّبِيِّ , وَوَجْهَيْنِ فِي الْفَاسِقِ : إحْدَاهُمَا : يُشْتَرَطُ ذَلِكَ , وَلا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ صَبِيٍّ وَلا فَاسِقٍ ; لأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِلْإِعْلامِ , وَلا يَحْصُلُ الإِعْلامُ بِقَوْلِهِمَا , لأَنَّهُمَا مِمَّنْ لا يُقْبَلُ خَبَرُهُ وَلا رِوَايَتُهُ . وَلأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ : { لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ } . وَالثَّانِيَةُ : يُعْتَدُّ بِأَذَانِهِ . وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ , وَابْنِ أَبِي لَيْلَى , وَالشَّافِعِيِّ . وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ , بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ : كَانَ عُمُومَتِي يَأْمُرُونَنِي أَنْ أُؤَذِّنَ لَهُمْ وَأَنَا غُلامٌ , وَلَمْ أَحْتَلِمْ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ شَاهِدٌ لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ . وَهَذَا مِمَّا يَظْهَرُ وَلا يَخْفَى , وَلَمْ يُنْكَرْ , فَيَكُونُ إجْمَاعًا , وَلأَنَّهُ ذَكَرٌ تَصِحُّ صَلاتُهُ , فَاعْتُدَّ بِأَذَانِهِ , كَالْعَدْلِ الْبَالِغِ .
وَلا خِلافَ فِي الاِعْتِدَادِ بِأَذَانِ مَنْ هُوَ مَسْتُورُ الْحَالِ , وَإِنَّمَا الْخِلافُ فِيمَنْ هُوَ ظَاهِرُ الْفِسْقِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ عَدْلاً أَمِينًا بَالِغًا لأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي الصَّلاةِ وَالصِّيَامِ , فَلا يُؤْمَنُ أَنْ يَغُرَّهُمْ بِأَذَانِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ , وَلأَنَّهُ يُؤَذِّنُ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ , فَلا يُؤْمَنُ مِنْهُ النَّظَرُ إلَى الْعَوْرَاتِ . وَفِي الأَذَانِ الْمُلَحَّنِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : يَصِحُّ ; لأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ مِنْهُ , فَهُوَ كَغَيْرِ الْمُلَحَّنِ . وَالآخَرُ , لا يَصِحُّ . اهـ . |