الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

حوار هادئ مع فضيلة المفتي حول مقاله في جريدة "الواشنطن بوست"

فقد فوجئتُ بخبر على موقع مفكرة الإسلام عنوانه: "مفتي مصر للواشنطن بوست: السلفيون وراء استهداف الكنائس والأضرحة!!".

حوار هادئ مع فضيلة المفتي حول مقاله في جريدة "الواشنطن بوست"
شحاتة محمد صقر
الجمعة ٢٩ أبريل ٢٠١١ - ٠١:٣٣ ص
10595

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقد فوجئتُ بخبر على موقع مفكرة الإسلام عنوانه: "مفتي مصر للواشنطن بوست: السلفيون وراء استهداف الكنائس والأضرحة!!".

فقلت: لعل في الأمر لبْسًا، لعل مصدر الخبر غير موثوق، فعلتُ هذا تطبيقًا لمنهج الإسلام في التثبت مِن الأخبار؛ لئلا نتهم فضيلة المفتي بما هو منه بريء، فدخلتُ على موقع جريدة "الواشنطن بوست" فوجدت مقالة بتاريخ 18/4/2011 بعنوان:

"Revolution، counter-revolution and new wave of radicalism in Egypt"

By Ali Gomaa

ترجمته: "الثورة والثورة المضادة، وموجة جديدة مِن التطرف في مصر" بقلم علي جمعة.

وأقسم بالله العظيم.. لقد خطر ببالي أن الخبر نُسب إليه خطأً، وأن الموقع المذكور قد ظلم فضيلة المفتي حيث لم تَرِدْ إشارة إلى منصبه في صدر المقال، وليس كل مَن اسمه "علي جمعة" هو مفتي مصر، ولكني فوجئت في نهاية المقال بما يلي:

Ali Gomaa is the Grand Mufti of Egypt  وترجمته: "علي جمعة هو فضيلة مفتي مصر".

فتأكدتُ أن المقال لفضيلة المفتي، إلا إذا أصدر بيانًا يكذّب فيه الصحيفة، ويتهمها فيه بتلفيق هذا المقال، وهذا ما نتمناه، ولكنه -للأسف- لم يحدث حتى الآن.

ثم وجدتُ المقال مترجمًا على موقع صحيفة الأهرام المصرية بتاريخ: 19/4/2011 بعنوان: "الثورة والثورة المضادة وموجة الأصولية الجديدة في مصر" بقلم: د‏.‏"علي جمعة‏"، ولم أجده على صفحات نفس العدد المذكور، وإن كنت قد لاحظت أن موقع الأهرام ترجم كلمة المفتي في المقال: "who call themselves Salafis" بـ "السلفيين"، رغم أن معناها: "الذين يسمون أنفسهم بالسلفيين".

وهذا المقال دفع عشرة محامين للتقدم ببلاغ إلى الدكتور المستشار "عبد المجيد محمود" النائب العام المصري، يطالبون فيه بالتحقيق مع الدكتور "على جمعة" مفتى الجمهورية، ويتهمونه بتحريض دولة أجنبية معادية، وهى أمريكا ضد مواطنين مصريين؛ مما يهدد السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية، ويثير الفتن.

وفيما يلي.. حوار هادئ مع فضيلة المفتي حول بعض ما سطره في هذا المقال:

قال فضيلة المفتي: "من أبرز سمات الروح الثورية التي اجتاحت مصر خلال فترة الشهرين الأخيرين هي المشاركة غير المسبوقة في الحياة العامة لجميع فئات المجتمع المصري‏.‏ فجميع المواطنين من شتي الدوائر الاجتماعية‏،‏ ومن جميع مناطق البلاد، ومِن مختلف الثقافات أظهروا معًا إرادة علي التضحية من أجل مستقبلهم السياسي، وهذا في حد ذاته تطور مشجع وملهم في آن واحد".

التعليق:

هذا اعتراف مِن فضيلة المفتي بمشاركة وتضحيات السلفيين في الحياة العامة، فهم جزء مِن جزء مِن "جميع فئات المجتمع المصري"، وجزء مِن "جميع المواطنين".

وأعتقد أنهم -كغيرهم- يستحقون ثناءه.

قال فضيلة المفتي: "ولعل أكثر الظواهر إزعاجًا ـ علي الإطلاق ـ خلال الأسابيع القليلة الماضية هي العنف المتصاعد مِن بعض الأوساط المتطرفة ضد بعض الأماكن ذات الأهمية الدينية، ومنها: الكنائس والأضرحة، وتعد هذه الظاهرة تطورًا خطيرًا للغاية، وخاصة في ظل الحالة الهشة التي تعيشها بلادنا في هذا المنعطف التاريخي الدقيق".

التعليق:

مَن الذي قال: إن المتطرفين الذين سمَّاهم فضيلة المفتي في مقاله بعد ذلك "مَن يسمون أنفسهم بالسلفيين" -"who call themselves Salafis"- مَن الذي قال: إنهم الذين قاموا بالاعتداء على الكنائس والأضرحة؟!

ما دليل فضيلة المفتي على هذا الاتهام؟ ألم يسمع المفتي أن التحقيقات قد أثبتت براءتهم من تلك الاتهامات؟!

ألم يعلم فضيلة المفتي أن النصارى يتهمون وزير الداخلية السابق بتفجير كنيسة الإسكندرية، وأنهم قد أقاموا دعوى ضده أمام المحاكم؟!

ألم يعلم فضيلة المفتي أن السلفيين هم الذين كانوا يحمون الكنائس في ظل الغياب الأمني؟!

ألم يخطر ببال فضيلة المفتي أن السلفيين لو كانوا يريدون هدم جميع الأضرحة وجميع الكنائس؛ لفعلوا ذلك في أثناء الغياب الأمني؟! وكانوا سيجدون مَن يساعدهم، ولكن لم يمنعهم من أن يفعلوا ذلك إلا دينهم ومراعاتهم لفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقديرهم للمصالح والمفاسد.

لو كان فضيلة المفتي يعيش في واشنطن أو باريس أو حتى في وارسو؛ فقد يكون له بعض العذر، رغم أن تكنولوجيا الاتصالات الحديثة لم تُبْقِ لأحدٍ عذرًا في عدم التثبت مِن الأخبار أو تلفيق الاتهامات بلا دليل، فما بالك إن كان فضيلته يعيش في مصر، وأخبار تبرئة القضاء والشرطة للسلفيين مِن هدم الأضرحة، وحراستهم للكنائس يعلمها القاصي والداني.

قال فضيلة المفتي: "وعلينا أن نحترس مِن هؤلاء بشدة، وأن نعمل على وقفهم؛ حماية لسلامة بلادنا ووحدتها السياسية والاجتماعية والدينية"!

التعليق:

مَن الذين يجب عليهم أن يحترسوا مِن هؤلاء بشدة؟!

مَن الذين يجب أن يعملوا على "وقف السلفيين"؛ حمايةً لسلامة بلادنا ووحدتها السياسية والاجتماعية والدينية؟!

الجواب:

1- إن كان فضيلته يقصد "المجلس العسكري" الذي يحكم البلاد؛ فكان على فضيلته أن يخاطبه مباشرةً مِن باب حرصه على مصلحة البلد، مع أن المجلس العسكري قد أثنى كثيرًا على السلفيين لتعاونهم معه -وما زالوا- في حفظ أمن البلاد.

لدرجة أن المحلل السياسي الدكتور "عمار علي حسن" قال -حسب موقع الجزيرة نت في 21/4/2011-: "إن المجلس العسكري يأمل في استغلال السلفيين كقوة منظمة في المشهد الاجتماعي والسياسي؛ لضبط الشارع وعملية انتقال السلطة".

2- وإن كان يقصد الرأي العام المصري -الذي يتعاطف كثيرون منه مع السلفيين-؛ فكان الواجب على فضيلته أن ينشر هذا المقال في إحدى الصحف المصرية الناطقة بالعربية، والتي ذكر كثير منها أخبار تبرئة السلفيين واتهام غيرهم بتلك الجرائم، بدلاً مِن أن يلجأ إلى صحيفة أمريكية تؤثر على الرأي العام الأمريكي!

"نحن يا فضيلة المفتي -ومعنا معظم المصريين- نرفض الوصاية الأمريكية".

قال فضيلة المفتي: "إن من يُقـْدمون علي هذه الأفعال الشنيعة ما هم إلا وصوليون ومتطرفون لا علاقة لهم علي الإطلاق بتعاليم الإسلام العظيمة".

التعليق:

يصف فضيلة المفتي السلفيين بأنهم "وصوليون ومتطرفون لا علاقة لهم علي الإطلاق بتعاليم الإسلام العظيمة"! فهلا شققْتَ يا فضيلة المفتي.. عن قلوب هؤلاء الملايين حتى تتهمهم بهذه التهم الجزافية؟!

في سلسلة مقالاته في "جريدة الأهرام المصرية" يتحدث فضيلة المفتي عن التعايش مع الآخر -أي الكفار مِن اليهود والنصارى وغيرهم-، وكنا ننتظر منه أن يعاملنا حتى بنفس الطريقة -ونحن مسلمون-!

ألا يستحق السلفيون ما يستحقه اليهود والنصارى؟! أم أن السلفيين -عند فضيلة المفتي- غير مسلمين؟! وإن كان ذلك رأيه؛ فليأتنا بالدليل..

وهل وَصْفُهُ لهم بأنهم: "لا علاقة لهم علي الإطلاق بتعاليم الإسلام العظيم" يعني: تكفيرهم؟ نريد مِن صاحب الفضيلة توضيحًا.

قال فضيلة المفتي: "وللأسف.. فمن يُقْدمون علي هذه الأفعال الهمجية ضد الشعب المصري ومؤسساته الثقافية، والدينية لا يهدفون ببساطة إلى إظهار مثالية الماضي، بل إلى عودة تامة إليه بكل تفاصيله وأدق خصائصه، ويشكل هذا الفكر الرجعي معضلة في حد ذاته، بل والأسوأ مِن هذا تصوير هذا الفكر على أنه مرجع يتعين علي جميع المسلمين التمسك به، أما مَن يرفضون هذا الفكر الرجعي فيعتبرونهم ضالين، ويشككون في عقيدتهم، وتتسبب هذه القوى في بث مشاعر الكراهية في المجتمع، وتعزل بعض شرائح المجتمع المسلم عن شرائحه الأخرى".

التعليق:

أين ذلك الواقع الذي يتحدث عنه فضيلة المفتي؟ في أي مدينة؟ وفي أي حي؟ ومَن هم هؤلاء الأشخاص؟! إن كان عنده أشخاص بتلك الصفات؛ فلْيُظهِرهُم لنا، أو حتى يبلغ عنهم الشرطة، ونحن سنساعده -إن شاء الله- في إصلاح هؤلاء المتطرفين.

ونحن نطالب فضيلة المفتي بالموضوعية حيث إنه أستاذ جامعي، ولا بد أن تكون كل كلمة يكتبها مبنية على الدليل لا على الهوى، فالتهم الفضفاضة لأشخاص مجهولين ليست مِن البحث العلمي في شيء.

وكان ينبغي على فضيلته أن ينزه لسانه وقلمه عن اتهام السلفيين -وهم قطاع عريض من المسلمين- اعترف هو في المقال بأنهم الأعلى صوتًا -بألفاظ كهذه-:

1- يهدفون إلي الرجوع للماضي بجميع تفاصيله، وأدق خصائصه.

2- الفكر الرجعي.

3- مَن يرفضون هذا الفكر الرجعي فيعتبرونهم ضالين، ويشككون في عقيدتهم.

4- وتتسبب هذه القوى في بث مشاعر الكراهية في المجتمع، وتعزل بعض شرائح المجتمع المسلم عن شرائحه الأخرى.

ونقول لفضيلة المفتي:

1- إن السلفيين يهدفون إلي الرجوع إلى منهج الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، ولا يمنعهم ذلك مِن الأخذ بتطورات العصر الحديث ما دامت لا تتعارض مع هذا المنهج القويم.

2- إن الفكر الذي يحمله السلفيون ليس رجعيًّا كما يزعم فضيلة المفتي، بل هو منهج الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والصحابة -رضي الله عنهم-، ومنهج الأئمة الأربعة وغيرهم مِن أئمة الدين عبر العصور، وهذا المنهج يؤمن به "كثير مِن أساتذة جامعة الأزهر"، وغيرها مِن الجامعات المصرية، وكثير مِن المثقفين المصريين مِن أطباء ومهندسين ومدرسين وغيرهم.

وما أظن أن مقالة فضيلتكم في الصحيفة الأمريكية ستُثْنِي هؤلاء -إن شاء الله- عن التمسك بدينهم، وما أظن الجيوش الأمريكية أو جيوش الناتو ستفلح في ذلك -إن شاء الله-.

3- نحن لا نشكك في عقيدة المسلمين، بل نحملهم على ظاهرهم، أما فضيلتكم فقد اتهمتم السلفيين، بأنهم "لا علاقة لهم علي الإطلاق بتعاليم الإسلام العظيم"! هكذا.. "لا علاقة لهم على الإطلاق"، فمَن الذي يشكك في عقيدة المسلمين: نحن أم أنت، أم كما يقولون: "رمتني بدائها وانسلت"؟!

4- أما اتهامكم للسلفيين بأنهم يتسببون في بث مشاعر الكراهية في المجتمع، فهذا افتراء لا دليل عليه، بل هم دائمًا حريصون على التأليف بين المسلمين وجمع كلمتهم على الكتاب والسنة مع عدم التفريط في شيء من ثوابت الدين، ويعاملون غير المسلمين وفق تعاليم دينهم، فلا يظلمونهم ، وفي نفس الوقت لا يقرونهم على الكفر، ولا يسعون لإرضائهم على حساب دينهم.

قال فضيلة المفتي: "وعندما يعجز هذا المنظور المثالي للمجتمع -الذي يروج له مَن يسمون أنفسهم بالسلفيين- عن التبلور؛ تتجه الأمور إلي مزيد مِن الأصولية الخطرة.

إن حقيقة أن الماضي الذي يسبغون عليه المثالية الكاملة هو مجرد نتاج لخيالهم، ومِن ثمَّ فهو بعيد المنال (لا يمكن لأحد تحقيقه) يتحول إلى محرك للأصولية التي يغذيها شعورهم بالإحباط، وهو حتمًا ما يصلون إليه.

والنتيجة الأخرى لهذا الوضع هو: الانعزالية التي تقصي المرء عن محيطه مِن إخوانه المواطنين المتدينين، وبالتالي مِن الإنسانية كلها.

فهؤلاء السلفيون يصبحون جزءًا مِن المشكلة بالنسبة للعالم، وليس إخوانًا علي الصراط المستقيم (طريق الله)، وهذا الفكر الذييتبنونه لا مكان فيه للثقافة أو الحضارة ولا حتى لكرامة الإنسان، ويهدد هذا الانعزال بإشاعة روح مِن الشعور بالاضطهاد، ومنظور تجاه العالم تسوده نظريات المؤامرة، وتغيب عنه ـ تمامًا ـ قيم الإسلام العظيمة: كالحكمة والعقلانية".

التعليق:

يستمر فضيلة المفتي في التحذير مِن السلفيين، ويستعدي الأمريكان عليهم، ويستخدمهم كفزاعة للغرب؛ مثلما كما كان يفعل الرئيس المصري المخلوع "حسني مبارك"، فبهم -من وجهة نظر فضيلة المفتي- "تتجه الأمور إلى مزيد مِن الأصولية الخطرة "، ويتسببون في وجود "محرك للأصولية التي يغذيها شعورهم بالإحباط"، وهم "جزءٌ مِن المشكلة بالنسبة للعالم، وليسوا إخوانًا علي الصراط المستقيم"!

وإن تعجب فعجبٌ تلك الاتهامات الباطلة التي يحزننا أن تصدر من مفتي الديار المصرية الذي يُنتظر منه أن يدافع عن المسلمين، لا أن يكيل لهم الاتهامات بلا دليل، تلك الاتهامات التي ما فتئ اليهود والصليبيون وأذنابهم في ديار الإسلام يتهمون بها دعاة الإسلام في كل مكان.

وإن الماضي الذي يسبغ عليه السلفيون المثالية الكاملة ليس مجرد نتاج لخيالهم، بل هو منهج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وليس بعيد المنال، بل سيتحقق، فقد أخبرنا الصادق المصدوق -صلى الله عليه وآله وسلم- بأن الخلافة الراشدة ستعود على منهاج النبوة، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن حُذَيْفَةُ -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ-: (تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُبُوَّةٍ)  ثُمَّ سَكَتَ. (رواه أحمد، وحسنه الألباني).

أما حديث فضيلة المفتي عن انعزال السلفيين عن عموم الناس فأحسب أنه ليس له وجود إلا في مخيلة فضيلته، فالسلفيون -بفضل الله- موجودون بقوة داخل فئات المجتمع، وليس أدل على ذلك مِن تخوف العالمانيين مِن شعبيتهم الجارفة.

ونسأل فضيلة المفتي عن قوله عن السلفيين: إنهم ليسوا "إخوانًا على الصراط المستقيم (طريق الله) "not fellow wayfarers on the path to God": هل معنى ذلك عنده أنهم ليسوا بمسلمين، أي: أنه يكَفّرُهم؟!

قال فضيلة المفتي: "وتكمن خطورة هذا الفكر الرجعي في أن مكوناته المختلفة تعوق أدني إمكان للتطور، وتعتبر أي تغيير بدعة منكرة تستوجب اللعنة، ويحول هذا دون العمل على مواجهة مشكلات العالم مِن خلال تطوير مؤسساتنا وأممنا بطريقة ايجابية تتسق مع قيمنا الإسلامية.

ومِن المحزن أن هذا الخليط الخطر مِن الانعزالية والمثالية بوسعه أن يغذي ـ أيضًا ـ شعورًا زائفًا مِن الثقة بالنفس، بل والغطرسة.

وإجمالاً يمكننا القول: إن هذه المكونات تشكل معًا فوضى روحية هي آفة التطرف، ولا يمكن مواجهتها دون قاعدة إسلامية صحيحة، ويتعين علينا مقاومة هذا الفكر على الدوام مِن أجل مستقبل بلدنا ومِن أجل ديننا، ولتحقيق هذا يجب علينا العودة إلى قيمنا الصحيحة ومؤسساتنا الراسخة".

التعليق:

"فكر رجعي مكوناته المختلفة تعوق أدنى إمكان للتطور، وتعتبر أي تغيير بدعة منكرة تستوجب اللعنة".

مرة أخرى اتهام بلا دليل.. !

إن الإسلام الذي يدعو السلفيون جميع المسلمين إلى الالتزام به هو الإسلام النقي المصَفَّى مِن الشركيات والبدع والخرافات، وهو لا يعوق التطور أبدًا، ولكنه يقف حائط صَدٍّ ضد أي محاولة لتمييع الشخصية المسلمة، أو اختراقها بالدعاوى الخداعة.

ونسأل فضيلة المفتي: مَن الذي قال مِن السلفيين: إن "أي تغيير بدعة منكرة تستوجب اللعنة"؟! وأين يسكن بالضبط؟! فهذا افتراء، لا دليل عليه.

إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ(رواه مسلم)، والمقصود بها: البدعة في الدين.

فالابتداع على قسمين:

1- ابتداع في العادات: كابتداع المخترعات الحديثة، وهذا مباح في ذاته؛ ما دام لا يشتمل على محرم، أو يؤدي إلى محرم؛ لأن الأصل في العادات الإباحة.

2- ابتداع في الدين: وهذا مُحرَّم؛ لأن الأصل فيه التوقيف.

يا فضيلة المفتي.. كنا ننتظر مِن فضيلتكم هذه الوثبة عندما مُنِعت الأخت "كاميليا شحاتة" مِن "إشهار إسلامها في الأزهر الشريف"، وحُبست مع غيرها مِن المسلمات المحتجزات خلف قضبان الأديرة.

يا فضيلة المفتي.. كنا ننتظر مِن فضيلتكم هذه الوثبة نصرةً للمسلمين الذين سبَّ دينَهم "وزير المالية السابق" النصراني "يوسف بطرس غالي"، أو دفاعًا عن الدكتور "عمر عبد الرحمن" -المدرس بجامعة الأزهر- المحتجز ـ ظلمًا ـ في سجون أمريكا، أو دفاعًا عن المسلمين المحتجزين ـ ظلمًا ـ في سجون جوانتانامو.

يا فضيلة المفتي.. كنا ننتظر مِن فضيلتكم هذه الوثبة نصرةً للمسلمين في: فلسطين، والعراق، وأفغانستان.

يا فضيلة المفتي.. كنا ننتظر مِن فضيلتكم هذه الوثبة للتدخل لدى الحكومة؛ لمنع ما يحدث عند الأضرحة مِن دعاء للأموات، واستغاثة بغير الله، وذبح لغير الله -سبحانه وتعالى-.

يا فضيلة المفتي.. كنا ننتظر مِن فضيلتكم هذه الوثبة للتدخل لدى الحكومة؛ لمنع ما يحدث في الموالد مِن: عري، وغناء، وخمر، وميسر، ونوم الرجال بجوار النساء في المساجد.

يا فضيلة المفتي.. كنا ننتظر مِن فضيلتكم هذه الوثبة ضد نوادي الليونز الماسونية التي حذر منها علماء الأزهر، ولكنا وجدناك تحتفل بعيد ميلادك مع أعضاء الليونز: رجالهم ونسائهم يوم الأحد، في يوم 8 مارس 2009.

يا فضيلة المفتي.. إن كنت تستعدي أمريكا على السلفيين؛ فإنا نذَكّرُك بقول عبد الله ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ) قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- حِينَ قَالُوا: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا، وَقَالُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ(صحيح البخاري).

يا فضيلة المفتي.. نحن نحاكمك ل