الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فأطمئنكم أخي الكريم أولاً أن كيان الدعوة الحقيقي -وهم أبناؤها الذين تربوا فيها على المنهج الصحيح، وعلى العمل الجماعي- قوي وثابت، وغير متعرض للصدع -كما تزعم-، ولكن أظنك تحسبها بطريقة عاطفية غير استقرائية للواقع في كل مكان، وإنما تنظر في دائرة تحيط بك تتأثر بالإعلام أكثر من الفهم والعلم؛ وإلا فـ"أكثر أبناء الدعوة" فعليًا ينتظرون قرارها، ويؤيدون مبادرتها.
ثانيًا: الدعوة قد شاركت في الثورة بحماية الجبهة الداخلية المؤثـِّرة في الناس مِن اليوم الأول، وأكدت ضرورة التغيير وحتميته في البيان الصادر يوم "29 يناير"، ثم في المؤتمر الحاشد في الإسكندرية في الأسبوع الذي يليه.
ولو تأملتَ ثقة الناس والإخوة في الدعوة الذي تمثـَّل في ظهور كيان "حزب النور"، وما حصل عليه في الانتخابات رغم قلة الإمكانيات -بل انعدامها نسبيًا- وضعف التنظيم، ومع ذلك حققت الدعوة والحزب في أشهر قريبًا مما حققه غيرها في عقود، ولو كان الأمر على ما تقول من أثر عدم المشاركة في مظاهرات "25 يناير"؛ لما كان لهذا الكيان وجود "ولو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لاتخذتُ نفس الموقف".
ثالثًا: حالة ما تسميه: بـ"الغليان" هو لدى قطاع حديث الانضمام للعمل الدعوي المنظم، وهو سرعان ما يهدأ إذا عرف مبررات تريث الدعوة في قرارها إلى ما بعد الطعون، وأظنك الآن وإخوانك تُقدِّرون صحة الموقف وحكمته أكثر مِن ذي قبل، وبالحوار الهادئ وبيان جهد الدعوة في التقييم سوف يدرك مَن لا يعلم حقيقة الأمر.
رابعًا: نعم قد عانينا من الإخوان ما عانينا، وأنا لا أنس يومًا حُمِلتُ فيه وألقيت خارج مسجد الكلية؛ لمنعي من الكلام، ومع ذلك الأمة اليوم في مرحلة خطيرة للغاية... ولا بد أن تعرف أن مصلحة الأمة لا بد أن تُقدَّم على مصلحة الجماعة والفرد، ومصلحة الجماعة تقدم على مصلحة الفرد.
ونحن نضرب المثل العملي في عدم الحزبية التي اتهمنا بها سنوات -بل عقودًا!- أن نجلس مع أكبر المنافسين لنا على الساحة، ونضع احتمال تأييد مرشحهم ضمن احتمالات المبادرة -"مبادرة ائتلاف القوى الإسلامية"-؛ رعاية لمصلحة الأمة والوطن، ولا تنسَ أن المشايخ القائمين على الدعوة حاليًا هم الذين اتخذوا قرار الانفصال عن جماعة الإخوان في السبعينات، وتأسيس الدعوة على المنهج السلفي، وهم الذين اتخذوا قرار إنشاء "حزب النور"، وخوضه الانتخابات مستقلاً عن الإخوان؛ فلا وجه للمزايدة على مواقفهم.
ولا تنسَ أن "الشيخ حازم" -حفظه الله- هو مِن أبناء جماعة الإخوان، وقدَّم استقالة مكتوبة قبل يوم واحد فقط مِن إعلانه العزم على الترشح للرئاسة، وقد كان معهم طيلة السنوات التي رسبت عندك وعند إخوانك الآلام والجراح التي لا بد اليوم في المرحلة الحالية أن نجاهد أنفسنا على تضميدها وعلاجها، ونسيانها "لوجه الله"، مع المحافظة على المنهج، ومع بناء تواصل جديد مِن أجل مصلحة الأمة والدولة، وليس فقط مصلحة الجماعة، وأظن أن طائفة كبيرة في الإخوان اليوم تريد نفس الأمر.
وأعيد عليك أن المبادرة -إن شاء الله- ستزداد قوة كل يوم، وهي -بفضل الله- على وضعها الحالي جيدة، ولو لم ينضم إليها آخرون.
وأحيلك على رابط يبين ما بذلته "الدعوة السلفية" مِن جهود في أمر تقييم المرشحين؛ نصحًا للأمة، وبحثًا عن الأصلح لها.
انظر "درس الأحد 8/4/2012".
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com