السبت، ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٧ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

تساؤلات وجوابها حول مبادرة "الدعوة السلفية" وتريثها في اختيار الرئيس

أكتب اليوم بقلب يعتصر حزنًا على واقع أمتنا المرير إلى مشايخنا وتاج رؤوسنا وعلمائنا الأفاضل، وإني مشفق عليكم من عظم المسئولية المنوطة بكم، ونحسبكم أهل الحل والعقد في هذه الديار، وفي توجيه شعب مصر إلى اختيار الرئيس الأفضل والأنسب في هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها مصر الحبيبة. أكتب إليكم مشايخي الأفاضل من باب قوله -تعالى-: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذاريات:55)، وقول سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فيَّ إن لم أسمعها"؛ وإلا فلا يجوز لي ذلك. أكتب إليكم مفتخرًا بأني تربيت في كنف هذه الدعوة المباركة ممثلاً لتيار -ليس بقليل- من شباب "الدعوة السلفية"، بل مِن شباب مصر الغالية، هذا الشباب الذي طالما كان يحلم بفكرة مشروع إسلامي طوال عمره، هذا الحلم الذي عاش طول حياته له وفقط، فماذا ننتظر من هذا الشباب عندما يجد حلمه يلوح في الأفق، بل ويقترب من الواقع كل يوم عن ذي قبله؟! إننا اليوم بعد إعلان جماعة الإخوان المسلمين ترشيح المهندس "خيرت الشاطر" لمنصب رئيس الجمهورية، هذا الموقف المستغرب من كثير من الناس والذي قد يسبب انشقاقات بين أبناء التيار الإسلامي، والذي وضع الدعوة السلفية في موقف حرج، بل ويهدد نجاح المبادرة التي تبنتها الدعوة السلفية، فنحن الآن بين خيارين: 1- أن نختار مرشح الإخوان المسلمين بدعوى عدم تفتيت الصوت الإسلامي، وحتى لا يفوز بالمنصب أحد المسمين: بالفلول، والذي قد يعيد إنتاج النظام السابق، ولكن التحدي الأكبر في هذا الاختيار هو أننا نخاطر بكيان "الدعوة السلفية"، هذا الكيان العظيم الذي عانينا جميعًا الظلم والقهر؛ ليكون ممثلاً للمنهج الصافي، فلا نريد أن نخاطر بأن يكون هناك صدع كبير في هذا الكيان الذي قد يفقد الشباب الثقة في مشايخهم وعلمائهم. 2- أن ندعم الأستاذ "حازم صلاح أبو إسماعيل"، وهذا الخيار قد يبدو أنه يفتت الصوت الإسلامي، ولكن بالعكس سيجمع شمل الصوت السلفي من جديد، ويعيد ثقة الشباب في دعوتهم بعد الصدع الذي حدث بعد قرار الدعوة بعدم المشاركة في مظاهرات 25 يناير، وسيحافظ على مصداقية الدعوة أمام أبنائها وأمام الرأي العام، حيث إننا شاركنا في العملية السياسية من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية. ونحافظ به على الكيان من التصدع خصوصًا بعد تأييد مجموعة من شباب التيار السلفي للشيخ حازم، بل وانضم عدد كبير منهم لحملته الدعائية، خاصة بعد تأييد عدد لا بأس به من المشايخ للأستاذ حازم ممن يثق فيهم الشباب السلفي؛ مما زاد من شعبية الأستاذ حازم، وأصبح أكثر المرشحين جماهيرية وقبول في الشارع المصري. وعليه من الواضح أن الأستاذ حازم هو الأقرب إلى شباب الصحوة الإسلامية؛ لأنه يمثِّل لهم حلمًا طالما عاشوا من أجله وانتظروه كثيرًا، وهو الأقرب إلى تحقيق المشروع الإسلامي، وإن اختارت الدعوة مرشحًا غيره؛ فنخشى أن يؤثر ذلك بالسلب على أبناء الصحوة الإسلامية، وثقتهم في علمائهم. وفي نهاية رسالتي وقبل الختام أريد أن أطرح عليكم بعض الأسئلة التي تؤرق شباب الدعوة، والتي أتمنى أن تؤخذ إجاباتها في الاعتبار قبل اتخاذ القرار: 1- هل نحن مستعدون أن نخاطر بكيان الدعوة ومستقبل شبابها وترابطها مقابل أي مكاسب أخرى؟ 2- هل توجد حسابات سياسية أخرى في اختيار مرشح الرئاسة؟ 3- بعد قرار الدعوة بعدم المشاركة في ثورة "25 يناير" حدثت زعزعة للثقة بين الشباب وقيادات الدعوة، فهل نحن مستعدون -بقرار آخر- أن نفقد الشباب الثقة في مشايخهم، وهو الشيء الذي يصعب تداركه مستقبلاً؟ 4- هل مجلس إدارة الدعوة يضع في اعتباره حالة الغليان الثوري الذي يعيشه قطاع كبير مِن شباب الصحوة؟ 5- هل نظن أن الإخوان إذا سيطروا على الحكم "برلمان - تأسيسية - رئاسة" سيطبقون شرع الله؟ وفي نهاية هذه الرسالة أؤكد لعلمائنا الفضلاء أن هذه الأطروحات ليست إلا مِن باب: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)؛ وإلا فنحن على يقين أنها في أذهانكم، وما أردنا إلا أن نعلمكم أننا نحمل معكم الهم ونشاطركم المسئولية. وأسأل الله -تعالى- لكم التوفيق والثبات، وأن يسدد رأيكم في هذه المسألة العظيمة، وأن يعينكم علي حمل هذه المهمة، وأرجو من سيادتكم أن تلتمسوا لي العذر وتسامحوني إن كنت قد أسأت الأدب في بعض الألفاظ أو خانني فيها التعبير، وأعتذر عن ضعف أسلوبي، وعن تطاول بعض الشباب المتهور في حق مشايخنا الأفاضل، ولا تنسونا من صالح دعائكم، وجزاكم الله خيرًا.

تساؤلات وجوابها حول مبادرة "الدعوة السلفية" وتريثها في اختيار الرئيس
الثلاثاء ١٠ أبريل ٢٠١٢ - ١٨:٠٢ م
1870

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فأطمئنكم أخي الكريم أولاً أن كيان الدعوة الحقيقي -وهم أبناؤها الذين تربوا فيها على المنهج الصحيح، وعلى العمل الجماعي- قوي وثابت، وغير متعرض للصدع -كما تزعم-، ولكن أظنك تحسبها بطريقة عاطفية غير استقرائية للواقع في كل مكان، وإنما تنظر في دائرة تحيط بك تتأثر بالإعلام أكثر من الفهم والعلم؛ وإلا فـ"أكثر أبناء الدعوة" فعليًا ينتظرون قرارها، ويؤيدون مبادرتها.

ثانيًا: الدعوة قد شاركت في الثورة بحماية الجبهة الداخلية المؤثـِّرة في الناس مِن اليوم الأول، وأكدت ضرورة التغيير وحتميته في البيان الصادر يوم "29 يناير"، ثم في المؤتمر الحاشد في الإسكندرية في الأسبوع الذي يليه.

ولو تأملتَ ثقة الناس والإخوة في الدعوة الذي تمثـَّل في ظهور كيان "حزب النور"، وما حصل عليه في الانتخابات رغم قلة الإمكانيات -بل انعدامها نسبيًا- وضعف التنظيم، ومع ذلك حققت الدعوة والحزب في أشهر قريبًا مما حققه غيرها في عقود، ولو كان الأمر على ما تقول من أثر عدم المشاركة في مظاهرات "25 يناير"؛ لما كان لهذا الكيان وجود "ولو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لاتخذتُ نفس الموقف".

ثالثًا: حالة ما تسميه: بـ"الغليان" هو لدى قطاع حديث الانضمام للعمل الدعوي المنظم، وهو سرعان ما يهدأ إذا عرف مبررات تريث الدعوة في قرارها إلى ما بعد الطعون، وأظنك الآن وإخوانك تُقدِّرون صحة الموقف وحكمته أكثر مِن ذي قبل، وبالحوار الهادئ وبيان جهد الدعوة في التقييم سوف يدرك مَن لا يعلم حقيقة الأمر.

رابعًا: نعم قد عانينا من الإخوان ما عانينا، وأنا لا أنس يومًا حُمِلتُ فيه وألقيت خارج مسجد الكلية؛ لمنعي من الكلام، ومع ذلك الأمة اليوم في مرحلة خطيرة للغاية... ولا بد أن تعرف أن مصلحة الأمة لا بد أن تُقدَّم على مصلحة الجماعة والفرد، ومصلحة الجماعة تقدم على مصلحة الفرد.

ونحن نضرب المثل العملي في عدم الحزبية التي اتهمنا بها سنوات -بل عقودًا!- أن نجلس مع أكبر المنافسين لنا على الساحة، ونضع احتمال تأييد مرشحهم ضمن احتمالات المبادرة -"مبادرة ائتلاف القوى الإسلامية"-؛ رعاية لمصلحة الأمة والوطن، ولا تنسَ أن المشايخ القائمين على الدعوة حاليًا هم الذين اتخذوا قرار الانفصال عن جماعة الإخوان في السبعينات، وتأسيس الدعوة على المنهج السلفي، وهم الذين اتخذوا قرار إنشاء "حزب النور"، وخوضه الانتخابات مستقلاً عن الإخوان؛ فلا وجه للمزايدة على مواقفهم.

ولا تنسَ أن "الشيخ حازم" -حفظه الله- هو مِن أبناء جماعة الإخوان، وقدَّم استقالة مكتوبة قبل يوم واحد فقط مِن إعلانه العزم على الترشح للرئاسة، وقد كان معهم طيلة السنوات التي رسبت عندك وعند إخوانك الآلام والجراح التي لا بد اليوم في المرحلة الحالية أن نجاهد أنفسنا على تضميدها وعلاجها، ونسيانها "لوجه الله"، مع المحافظة على المنهج، ومع بناء تواصل جديد مِن أجل مصلحة الأمة والدولة، وليس فقط مصلحة الجماعة، وأظن أن طائفة كبيرة في الإخوان اليوم تريد نفس الأمر.

وأعيد عليك أن المبادرة -إن شاء الله- ستزداد قوة كل يوم، وهي -بفضل الله- على وضعها الحالي جيدة، ولو لم ينضم إليها آخرون.

وأحيلك على رابط يبين ما بذلته "الدعوة السلفية" مِن جهود في أمر تقييم المرشحين؛ نصحًا للأمة، وبحثًا عن الأصلح لها.

انظر "درس الأحد 8/4/2012".

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com