الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

القدوة الحسنة

فالخطر المحيط بالأمة في عقيدتها عظيم في ظل هذا الواقع الأليم الذي

القدوة الحسنة
سامح بسيوني
الأحد ١٣ أكتوبر ٢٠١٣ - ١٣:١٠ م
2780

القدوة الحسنة

كتبه / سامح بسيوني

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..وبعد ..

في مثل هذه الأوقات من شهر ذي الحجة وأيام الحج من كل عام نتذاكر جميعا قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام ، الذي شرفه الله عزوجل برفع قواعد البيت ، وجعله أسوة حسنة وقدوة طيبة للأمم من بعده في ولائه لربه ودينه وعباد الله المؤمنين، وفى برائه ومعاداته لأعداء الله حتى ولو كانوا من قومه أو من أهله.

نتذكر قصة نبي الله إبراهيم في مثل هذه الأوقات المؤلمة التي نشاهد فيها صورة العذراء و هي تحمل المسيح ، ونستمع إلى صوت مناجاتها للرب– كما يزعم النصارى -  بل ونرى بأم أعيننا من يتراقص على صوت ترانيم نصرانية تمتزج بآيات من القرآن على شاشات بلادنا الإسلامية في احتفالات نصر حرب أكتوبر لتسحق عقيدة الولاء والبراء في نفوس شعوبنا الإسلامية وأجيالنا الصاعدة .

نتذكر نبي الله إبراهيم عليه السلام في مثل هذا الموقف لنذكر أنفسنا وأهلينا وشعبنا المسلم بعقيدة الولاء والبراء التي هي أصل من أصول الإسلام وركن من أركان الإيمان ، والتي أمرنا الله عزوجل باتباع ملة أبينا إبراهيم عليه السلام فيها ، حيث قال سبحانه وتعالى :

( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاءؤا مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) [الممتحنة: 4].

وقال أيضا :( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) [آل عمران: 68]
فقد وجهنا الله سبحانه وتعالى إلى الاقتداء بنبي الله إبراهيم  في عبادته لله وحده ، والتوكل عليه وحده ، وفى نقاء عقيدته ، ونقاء موالاته بالتبرء من الشرك وأهله ومعاداة الباطل وأهله.
يقول الإمام الطبري : " قد كانت لكم يا أمة محمد أسوة حسنة في فعل إبراهيم والذين معه في هذه الأمور من مباينة الكفار، ومعاداتهم، وترك موالاتهم إلا في قول إبراهيم (لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ) ، فإنه لا أسوة لكم فيه في ذلك لأن ذلك كان من إبراهيم عن موعدة وعدها إياه، قبل أن يتبين له أنه عدو لله فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، فتبرءوا من
أعداء الله، ولا تتخذوا منهم أولياء حتى يؤمنوا بالله وحده ويتبرؤا من عبادة ما سواه، وأظهروا لهم العداوة والبغضاء " .

ويقول ابن القيم رحمه الله في الجواب الكافي : " لا تصح الموالاة إلا بالمعاداة كما قال تعالى عن إمام الحنفاء المحبين، أنه قال لقومه: ( أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين) فلم تصح لخليل الله هذه الموالاة والخلة إلا بتحقيق هذه المعاداة. فإنه لا ولاء إلا لله، ولا ولاء إلا بالبراء من كل معبود سواه قال تعالى: ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءؤا مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فإنهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) [الزخرف: 28] أي جعل هذه الموالاة لله والبراءة من كل معبود سواه كلمة باقية في عقبه يتوارثها الأنبياء وأتباعهم بعضهم عن بعض، وهي كلمة لا إله إلا الله، وهي التي ورثها إمام الحنفاء لأتباعه إلى يوم القيامة " .
إن مسألة الولاء والبراء ليست مسألة
جغرافية، فما كان داخل الحدود الجغرافية شمالاً وشرقاً وجنوباً وغرباً فإنه يستحق الولاء، وما كان خارج الحدود فلا يستحق الولاء ؛ وليست مسألة مواقف فمن اتفق معي في رأى فإنه يستحق الولاء، ومن اختلف معي فإنه يستحق العداوة والبغضاء .

بل عقيدة الولاء والبراء ترتبط بلا إله إلا الله ، محمد رسول الله لا بغيرها ، فلا شيء يحبس ولاءنا للمؤمنين حتى ولو كانوا من المذنبين المخطئين أو من الأعاجم التي تفصل بيننا وبينهم القفار و البحار

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " الأصل الولاء لكل مسلم مهما كانت ذنوبه، والأصل البراء من كل كافر مهما كانت محاسنه ".

فالمؤمن أياً كان الأمر لابد أن نظل نواليه بحسب ما فيه من الإيمان والطاعة، ونتبرأ مما فيه من المعصية ً، والكافر الأصل فيه هو البراء حتى وإن كان أبر الناس و أنفعهم ، فحقيقة الولاء للإسلام وأهله داعيةٌ إلى البراء من الكفر وأهله ، وهذا يترتب عليه غالبا التضييق والتهديد لمن يجهر بذلك بين الناس كما أجمع الطغاة من قوم إبراهيم عليه السلام على حرقه ( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) ، لكن رعاية الله وحفظه تحوطان من يصبر في سبيل كلمة الحق وحفظ الدين ولا يتعلق قلبه إلا بالله عزوجل وحده كما حدث لإبراهيم عليه السلام فصارت النار برداً وسلاماً عليه بأمر الله ورد الله كيد الطغاة عليهم وجعلهم من الأخسرين       ( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ )

فالواجب علينا إن كنا ممن يحب الخير لقومه أن نبذل جل جهدنا في تصحيح عقائد الناس و نثبت على ذلك متوكلين على الله حق توكله، لنستنقذ أنفسنا وإياهم من النار ،  فالخطر المحيط بالأمة في عقيدتها عظيم في ظل هذا الواقع الأليم الذي يشاهد فيه عموم المسلمين ما حدث في هذه الاحتفاليات بلا إنكار أو استنكار .

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً