الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

أقل الخسائر !

الصف ممزق فلا تمزقوه أكثر فأكثر ، العلاقات مهلهلة فلا تقطعوها أكثر وأكثر ، قفوا وكفوا رحمكم الله ، وخذوا درساً مما مضى بل دروساً

أقل الخسائر !
طالب علم
السبت ٠٩ نوفمبر ٢٠١٣ - ١١:٢٢ ص
2458

كتبه/ طالب علم

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وبعد ؛

كأنَّما نزل همّ وغمّ وحزن من السماء فسكن في البيوت ، كأنما نزلت شحناء من السماء مثل المطر وتوزعت على القلوب ، وكأنما تسلطت إشعاعات على الملايين ، فأهاجت الأعصاب ، ووترت النفوس ، وسببت قلقاً هائلاً بين الناس ، نحن للأسف الشديد نعيش تحت ضغط هائل من الأحداث المتلاحقة يسبب أعراضاً وأمراضاً نفسية ، وتتراكم الضغوط وتتزايد ولا ندرى إلى أين ستصل ؟ ولكن الظاهر ـ والله أعلم ـ أن الضغوط مرشحة للزيادة والأحداث متجهة للتصعيد ، ليس في مصر وحدها ، بل في المنطقة العربية بأسرها ، والكلام لا ينتهي والحوادث لا تتوقف ، والملاحظ في الحوارات والأحاديث أن أحداً لن يتراجع عن رأيه ووجهة نظره ، فكل من كون وجهة نظر معينة أو تبنى رأياً محدداً لا يحيد عنه ولا يتركه ولا يتخلى عنه ، بل يحاول أن يؤكده ويثبته ويبرهن عليه و يقويه ، لذلك أقول للقراء : إن الجدل في موضوع الأحداث الجارية هو جدلٌ عقيم لا نتيجة من ورائه وبالتالي فلا داعي له ، لهذا أنصح القراء بعدم الدخول في أي جدل يتعلق بالأحداث فلن ينتهي هذا الجدل إلا بالخصام والقطيعة والبغض والكراهية والعداء والشحناء والضغينة والضيق والحزن والاكتئاب والنفور والتدابر ، وكل ما يشبه هذه المعاني ، و مرة أخرى أكرر النصيحة والطلب : لا تدخلوا في جدال ، ولا تتوسعوا في الحديث عن الموضوعات الجارية ، تفادياً للخسائر والسلبيات ، وفى حالة الاضطرار يكفى الحديث المختصر والكلمات القليلة لتوضيح موقف أو بيان حقيقة مع عدم التمادي والإكثار والإطالة ، فالناس يحبون الكلام والحديث والجدال وربما عندهم الوقت والفراغ والرغبة .. فأكثروا من الكلام عن ذكر الله و الدعاء و إصلاح النفوس و إصلاح الأحوال القلبية و الإيمانية ، أكثروا الحديث الرقيق المؤدب بأخلاق عالية و بأصوات هادئة لا تشعلوا الأوضاع أكثر مما هي مشتعلة ولا تلهبوا المشاعر أكثر مما هي ملتهبة ، أطفئوا نيران الغضب والخصام .. ليحتفظ كل إنسان بما يراه في داخل نفسه ، الكلام ليس سهلاً بل يجرح ويؤلم ويوجع ويفسد ويهدم .. كفا نقداُ ولوماُ وعتاباُ .. وكفى شتائمً وسباباً وهجوماً واتهامات لن تنفع ولن تغير ، بل نريد دعوات ، كل منا يدعوا للآخرين بالرشاد والسداد والتوفيق للصواب وصلاح الأحوال .

الصف ممزق فلا تمزقوه أكثر فأكثر ، العلاقات مهلهلة فلا تقطعوها أكثر وأكثر ، قفوا وكفوا رحمكم الله ، وخذوا درساً مما مضى بل دروساً ، واستعدوا للقادم الذي سيأتي قريباً فهناك أحداث قادمة آتيه قريبة .. أنا مشفق منها وأتساءل من الآن : هل ستجمعنا وتقربنا من بعض مرة أخرى ؟ أم ستمزقنا أكثر وأكثر ؟ مواقف قادمة ستختلف فيها وجهات النظر ، وتتعدد فيها الآراء والاجتهادات ، وتتنوع فيها المواقف ، والمطلوب أن نتوحد في مواقفنا ولا ننقسم في تجمعنا ولو وجدت اعتراضات فلا تتجاوز حد ووصف الاعتراضات إلى انشقاقات وانقسامات .

أكتب هذا الكلام تحصيناً للقراء وحماية للقراء وتحذيراً وتنبيهاً لا تتوسعوا في الانقسامات والانشطارات والانشقاقات مهما كانت الظروف والأحوال ومهما كانت المواقف والأحداث ، ولا ترفعوا أصواتكم بالاعتراضات والاتهامات ، فمن لم يعجبه شيء فليقل هذا لا يعجبني ولا أوافق عليه بصوت خفيض وكفى ، حتى تمر هذه المرحلة الحالكة الخانقة المظلمة بأقل قدر من الخسائر و المفاسد .

يا رب أذهب غيظ قلوبنا ، واجعلنا سلما لأوليائك وحربا على أعدائك ، ونفّس غضبنا وهدئ روعنا ، وكف شرورنا عن إخواننا وأحبابنا ، ونجنا من المهالك ، وأخرجنا من هذه المحنه والفتنه سالمين ، وأحفظ ألسنتنا عن أعراض إخواننا ، واشغلنا بذكرك وما يرضيك .


موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة