الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

هل قصَّرنا في حق المُسْلمات ؟!

اتقوا الله في دعوتكم وفي علمائكم... فإنها مؤامرة لإضعاف هذه الدعوة المباركة، بل للقضاء عليها

هل قصَّرنا في حق المُسْلمات ؟!
إيهاب الشريف
الثلاثاء ١٤ يناير ٢٠١٤ - ١٨:٢٨ م
3237

هل قصَّرنا في حق المُسْلمات ؟!

كتبه/ إيهاب الشريف                       

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فيطرح البعض هذه الأيام بمناسبة ما يحدث للنساء حين ينزلن المظاهرات تساؤلاً، فيقولون: ألم يقم النبي -صلى الله عليه وسلم- حربًا لأجل امرأة تآمر اليهود عليها لكشف عورتها، والقصة ذكرها ابن هشام في سيرته: "أن امرأة من العرب قدِمت بجلب لها فباعته في سوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها وهي غافلة، فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا منها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهوديًّا فشدت اليهود على المسلم فقتلوه.

فسار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بني قينقاع وحاصرهم خمس عشرة ليلة حتى نزلوا على حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو القتل، ثم تدخل المنافق ابن سلول حتى وافق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جلائهم فخرجوا من المدينة" (السيرة النبوية لابن هشام).

تلك هي القصة التي يحتجون بها، ونرد عليهم قائلين: ولماذا سكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قتل سمية أم عمار؟! فقد روى ابن هشام أيضًا في سيرته أن أبا جهل طعن سمية بنت خياط مولاة أبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله عمر بن مخزوم، وكانت عجوزًا كبيرة ضعيفة طعنها أبو جهل بحربة في قُبُلها فماتت، وهي أول شهيدة في الإسلام رحمة الله عليها، فما الجواب؟ لماذا تحرك بأصحابه في الموقف الأول ولم يفعل ذلك في الموقف الثاني؟

والإجابة هي: "قاعدة مقياس القدرة والعجز"، ففي نفس الموقف -موقف مقتل سمية رحمة الله عليها- ذكر ابن هشام -رحمه الله- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يمر بآل ياسر وهم يعذبون فيقول: صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة، فمات ياسر من العذاب، وطعن أبو جهل سمية -رحمة الله عليها-... فلماذا سكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على هذا القتل؟ بل على تعذيب سائر الصحابة في مكة؟ بل وكيف يضع يده في يد القتلة عندما جاء ليعتمر فصدوه عن البيت وطلبوا أن تكون هدنة لعشر سنوات؟!

كيف يفاوض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حكومة قريش القاتلة؟!

بل كيف يسكت عن وجود ستين وثلاثمائة صنم حول الكعبة المشرفة "ولمدة عشر سنوات إن تم الإنفاق واستمر"؟!

وكيف يسكت كذلك عن ذلك الاستعراض الجنسي حول الكعبة؟! ولعل هذا الوصف هو الأقرب لما كانوا يفعلونه وليس طوافًا؛ إذ كانوا يطوفون بالبيت عراة كما ولدتهم أمهاتهم! كما نقل ذلك ابن هشام في سيرته.

وورد كذلك في البخاري الإشارة إليه، وفي أثناء ذلك يوجد بعض المسلمين في مكة بعضهم يكتم إيمانه، والبعض الآخر تحت وطأة التعذيب، بل خرج أحدهم ووصل إلى مكان التفاوض وهو أبو جندل بن سهيل بن عمرو، وألقى بنفسه وسط المسلمين، فرفض سهيل إتمام العهد إلا بعد رده، فحاول معه النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يقبل، فردوه إلى المشركين؛ فكيف يفعلون ذلك؟! وكيف يتفاوضون؟! وكيف ينزلون على هذه الشروط المجحفة؟! ولم لا يقتحمون مكة ولو قتلوا جميعًا؟! وقد كانوا أربعمائة وألف مقاتل وهم خيار أجناد الأرض، وهناك وعد بالنصر: (وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا) (الفتح:22).

أليس هذا الواقع الذي نعيشه مشابهًا لتلك الأحداث من بعض الوجوه؟!

فإلى الذين لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفقهون، وإذا فقهوا يجادلون...

اتقوا الله في دينكم...

اتقوا الله في بلادكم...

اتقوا الله في دماء المسلمين وأعراض المسلمات...

أليس الرجوع إلى الحق أولى وأوجب من التمادي في الباطل؟! "مع العلم أن حزب النور كانت له يد بيضاء في الإفراج عما يزيد على مائتي معتقلة".

ما المشكلة في دفع الضرر الأكبر بضرر أصغر؟!

ألم يخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة، وهي أحب البلاد إلى الله وإليه؟! بل صدوه عنها لما أراد العمرة، لكن الله نصره ومكَّن له بعدها بسنتين فعاد فاتحًا منتصرًا.

ألم تترك المرأة وليدها لمن ادعته؛ إبقاءً على حياته؟! والقصة كما في البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ، فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ، وَقَالَتِ الأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ، فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ، فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا، فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لا يَرْحَمُكَ اللهُ، هُوَ ابْنُهَا، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى) (متفق عليه).

ألا نغلِّب المصلحة فيما يجري في مصر هذه الأيام كي نحافظ عليها من خطر التقسيم، والمخاطر الخارجية، وحينها لا تسأل عن شريعة ولا شيء؟!

أليس انهيار الجيش المصري يُعد كارثة بعد أن أصبح الجيش الوحيد في المنطقة، وقد كان البعض على منصة رابعة -ولا يزال- يراهن على انشقاقه؟!

أبعد هذه الدماء وكل هذه الخسائر لم تتضح الصورة بعد؟!

أإلى الآن يحمِّلنا البعض "دعوة وحزبًا" مسئولية الدماء التي أُريقت، وقد نَهينا ابتداءً عن النزول، وحاولنا منع الاقتحام للاعتصام بالقوة، وأغلظنا على مَن فعل ذلك بخير الكلام: كلام الله -تعالى- "وما زلنا على موقفنا"؛ فكيف نتحمل مسئولية الدماء ويتبرأ منها مَن دعا الناس للنزول وحرضهم على القتل، بل وعلم بالفض ولم يخبرهم ليروا رأيهم؟!

إن مثل ما حدث كمثل رجل مر على قوم جلوس على شريط قطار يتناولون طعامًا، فحذرهم من القطار وخطره، فقالوا: نحن كثرة نستطيع صده ورده وإيقافه! فسعى إلى صاحب القطار ينصحه أن يتوقف فأبى؛ لأنه أخبرهم بمروره، وسعى إليهم مرة أخرى ناصحًا فرفضوا فتركهم منصرفًا، ثم مر عليهم بعد ذلك فصرخوا فيه -بعد أن نجا بعضهم-: يا خائن! لماذا تركتنا؟!

بالله عليكم أليس هذا توصيف ما حدث ويحدث؟!

فمَن الخائن... ؟!

الذي حذر من النزول وبيَّن خطره، وسعى لتلافي وضع القتل؟!

أم الذي حرَّض على النزول، بل والقتل؟!

اتقوا الله في العلماء الذين ما علمنا عليهم طيلة ثلاثين سنة -أو يزيد- إلا خيرًا، وهم ناصحون لأمتهم، حريصون على أبنائهم، مدافعون عن الشريعة، معلِّمين لها، فهل يخونون الأمانة بعد هذا كله؟!

ألأجل اختلاف في موقف سياسي يخوَّنون ويكفرون؟!

هل اتهم الصحابة -رضي الله عنهم- بعد مقتل "عثمان" -رضي الله عنه- الذين اعتزلوا الفتنة بالخيانة؟! بل هل اتهموا مَن قام مطالبًا بدم عثمان حالاً بالخيانة؟!

هل اتهم الإمام "أحمد" أولئك العلماء الذين لم يقفوا مثله في فتنة خلق القرآن "وهي قضية شرعية بحتة"؟! هل اتهمهم بالخيانة؟ كلا والله، بل عفا وصفح عمن عذبه إلا صاحب بدعة.

أما آن لكم معشر الشباب أن تعرفوا قدر هذه الدعوة المباركة التي رفعت راية الشريعة ودافعت عنها طيلة ثلاثين سنة، وتخرجت الأجيال على أيدي علمائها فليس قطر إلا وفيه داعية من أبنائهم؟!

أليس من الوفاء معرفة ذلك لتلك الدعوة ونصرتها، نصرة لدين الله -تعالى-؟!

أليس ذلك الحزب المفترى عليه (حزب النور) هو الحزب المتصدر للدفاع عن الشريعة منذ نشأته؟

ألم نحاول في تأسيسية الدستور (2012م) تعديل المادة الثانية إلى أحكام الشريعة أو حذف مبادئ أو تفسير لها، فوقف "الحرية والعدالة" في صف العلمانيين والكنيسة ضد هذه الخطوة حتى يسر الله بها؟!

أليس هم الذين رفضوا عرض "قانون الصكوك" على "هيئة كبار العلماء"، وقالوا: تريدونها دولة دينية؟!

أليس هم مَن أقام الحفلات الراقصة، وسمح للبارات بتراخيص مضاعفة، وأدخل الشيعة للبلاد، وهنأ الكفار بأعيادهم التي يسبون الله فيها؟!

فماذا تنقمون على "حزب النور"؟!

ذلكم الحزب الذي يحمل على عاتقه الدفاع عن الشريعة -وهو وهذه الدعوة- أصحاب الثقل الأكبر في مصر -بحمد الله تعالى-، فلمَ التخاذل؟ ولمَ التغافل والحق واضح أبلج؟!

اتقوا الله في دعوتكم وفي علمائكم... فإنها مؤامرة لإضعاف هذه الدعوة المباركة، بل للقضاء عليها.

انتبهوا قبل فوات الأوان... فقوتكم في وحدتكم والتفافكم حول علمائكم الذين -بحمد الله تعالى- ما يستطيع أحد أن يُثبِت عليهم واقعة نفاق أو مداهنة أو بدعة أو خروج على المنهج، فواجب عليكم رفع الظلم عنهم والذب عن أعراضهم.

واتقوا الله في مصر... فإنها إذا انهارت فشر مستطير لا يعلم مداه إلا الله -تعالى-.

نسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وأمتنا، وأن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

دعمًا للنسوية! (3)
55 ٠١ ديسمبر ٢٠٢٢
دعمًا للنسوية (2)
92 ٠٤ أكتوبر ٢٠٢٢
دعمًا للنسوية!
94 ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٢
خطة إبليسية!
150 ٠٣ مارس ٢٠٢٢