الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

مسئولية الأسير!

ويجب عليهم أن يراعوا قواعد وضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراعاة المصالح والمفاسد، والقدرة والعجز، وأن يرجعوا إلى علمائهم

مسئولية الأسير!
عصام حسنين
الجمعة ١٧ يناير ٢٠١٤ - ١٤:٣٥ م
2847

مسئولية الأسير!

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمن أفضل مقامات التعبد لله -تعالى-: "مقام الدعوة إلى الله".

وتبليغ سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الأمة أفضل مِن تبليغ السهام إلى نحور العدو كما قال ابن القيم -رحمه الله-، والقائمون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هم نوابه -صلى الله عليه وسلم- وأتباعه على الحقيقة كما قال الله -تعالى-: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108)، وقال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) (آل عمران:110)، وقال: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً) (رواه البخاري).

والواجب على المسلمين أن يقوموا بهذا الفرض الكفائي؛ وإلا أثِم كل قادر، فإن لم يقم به الحاكم؛ لزم على جماعة المسلمين أن يتجمعوا ويتناصروا من أجل إقامة الدين والدعوة إلى الخير، ويتخذوا في سبيل التبليغ كل وسيلة مشروعة.

ويجب عليهم أن يراعوا قواعد وضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراعاة المصالح والمفاسد، والقدرة والعجز، وأن يرجعوا إلى علمائهم ليتعرفوا على طبيعة المرحلة التي تمر بها الدعوة وما يلزمها من فقه.

وربما تمر الدعوة بمرحلة استضعاف فتكون العبودية الواجبة: الصبر، وكف الأيدي، واحتمال الأذى مع الاستمرار في الدعوة والتزام إصلاح النفس ومعاملة الناس معاملة حسنة بالأخلاق والآداب الشرعية.

وربما يصل الاستضعاف بأهل الدعوة إلى أن يهتم الإنسان بنفسه صابرًا محتسبًا حتى يمر، ولا يتلبس بحماقة قد تؤخر الدعوة سنوات طويلة وتفقده ثقة الناس وحبهم الذين هم رأس ماله الذين أمر بدعوتهم وتحبيب الله إليهم وتحبيبهم في الله.

ويجب أن يُعلم أن من أعظم التمكين للمؤمنين: تمكين الله لعباده المؤمنين من تبليغ الدعوة بوسائلها المختلفة، فليحافظ عليها الدعاة والعلماء، وليحذروا أن يكونوا سببًا في منع هذا التبليغ بتصرفات طائشة غير منضبطة بالقواعد الشرعية، وليُعلم أيضًا أن العمل السياسي المشروط من وسائل الدعوة إلى الله -تعالى-، ولا يغني عن أصل التبليغ، ولا نضيع الأصل من أجل الفرع!

ومما أعجبني جدًّا كلام للأستاذ "محمود عبد الحليم" -رحمه الله- في هذا المنوال، وهو كلام علمي دقيق أرجو أن يستفيد منه الدعاة والشباب المتحمس من الإخوان وغير الإخوان... فبعد خروج قيادات الإخوان من معتقل 54 كانوا يُلاحَقون في كل مكان حتى سُلبوا حرية التحرك حتى في شئونهم الخاصة.

ويحكي لنا الأستاذ "محمود" حال الإخوان بالخارج فيقول: "مجموعة من الإخوة الكرام كانوا في خلال هذه الفترة في حيرة من أمرهم، فهم يرون حكومة لا ترعى للإسلام حرمة ولا كرامة، ولا تبالي باقتراف أضعاف سيئات العهد الملكي من الإباحية والتهتك تقتحم بها على الناس بيوتهم عن طريق وسائل الإعلام، وتشيع الفاحشة في المجتمع بتشجيعها المتفحشين ومطاردتها أصحاب الفضائل والمتدينين... ويرون الحال لا يزداد كل يوم إلا سوءًا، ولا يرون مع ذلك أحدًا يقف في وجهها أو يرفع صوتًا بمعارضتها!

وكان أكثر هؤلاء الإخوة من الشباب الغض الذي كان في أوائل الخمسينيات لا يزال نبتًا ثم ترعرع واستوي في أواخر الخمسينيات وفتح عينيه على الصورة التي أومأتُ إليها، فهاله ما رأى، وذهب يتلمس الطريق... كما أن قليلاً منهم كانوا من الإخوة الأكبر سنًّا والذين حجبتهم ظروف أقرب إلى الصدفة عن أعين الظالمين فنجوا من ظلمهم... وسار هؤلاء في ثورة نفسية يبحثون عن قيادة ترشدهم إلى الطريق الأقوم لإصلاح هذا الفساد فلا يجدون؛ لأن القيادات تعيش وراء القضبان حتى مَن كان منهم في مظهره خارج القضبان كان مضروبًا عليه الحصار من كل جانب.

أما الذين كانوا لا يزالون وراء القضبان؛ فقد التمس هؤلاء الإخوة لهم العذر، وأما الذين كان مضروبًا عليهم الحصار -وهو حصار في الخفاء-؛ فلم يلتمس لهم هؤلاء الإخوة العذر وحمَّلوهم المسئولية كاملة، وطالبوهم بقيادتهم إلى ميدان العمل.

جاءني نفر من هؤلاء الإخوة، وبثوني ما في صدورهم من حرج، وما في نفوسهم من ضيق، وطالبوني بعمل إيجابي، فقلت لهم: إن الذي بين حنايا ضلوعكم من ألم ولوعة وحزن هو بعض ما عندي؛ لأنكم غاضبون وليس في أيديكم قيود، ولا في أرجلكم أصفاد، بدليل أنكم جئتموني وتتحركون كما تشاءون، أما أنا وأمثالي فنحس ما تحسون، ولكن الأغلال جعلت في أيدينا وأرجلنا، وإذا كنتم لا ترون السور المضروب من حولنا فإننا نراه محيطًا بنا، والسجانون يلاحقوننا في كل مكان وفي كل وقت، وكانوا في السجن الحربي بملبسهم العسكري ظاهرين، ولكنهم هنا بالملابس العادية غير معروفين، إننا أسرى معركة، والأسير غير مطالَب بما يطالب به الجندي الحر، وقد أعفاه الله وأعفته القوانين؛ لأن أمره لم يعد بيده، بل صار بيد آسريه.

فقالوا: إذن نقعد ونستكين، ويستمر الظالمون في ظلمهم، ولا يجد الشعب المسكين من ينقذه!

قلتُ: إنني لم أنهكم عن العمل، ولم آمركم بالاستكانة، فالمسلم مطالب بالعمل في كل الظروف، ولكن في حدود استطاعته... وأدنى درجات العمل أن يعكف المسلم على القرآن عكوفًا يربط قلبه به ويأخذ نفسه وذويه بأحكامه وآدابه، وأن ينشر مبادئ هذا الكتاب الكريم، وهي ما سماه الناس مبادئ الإخوان المسلمين عن طريق القدوة، وهي أقرب طريق إلى قلوب الناس... وهذا هو القدر المطالب به أسرى المعارك من أمثالنا، وليس في هذا القدر من العمل ما يمت إلى الاستكانة بسبب، فالقلب العاكف على القرآن لا تبرحه الحياة، ولا تجتمع الحيوية والاستكانة في قلب؛ فإحداهما تطرد الأخرى.

والتاريخ يحدثنا وهو صادق، والتاريخ ليس إلا سنة الله في خلقه... يحدثنا أن الدنيا دول: (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران:140)، فدولة تدوم إلى الأبد أمر محال، تبدأ الدولة بدءًا صالحًا ثم يدب الغرور في نفوس حكامها فيظلمون فتدول دولتهم (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا) (الكهف:59).

والذي يكاد يدخل اليأس إلى نفوسكم أنكم تظنون أن هزيمة هؤلاء الظالمين لابد أن تكون بأيديكم وإلا فلا أمل في الإنقاذ، وهذا الظن يبين خطؤه حين ترجعون إلى صفحات التاريخ، وليكن تاريخ أمتنا، فسترون بني أمية قد انتزعوا السلطة من بني هاشم، ودانت لهم الدنيا من أدناها إلى أدناها، وظل يُهتف لهم بالدعاء على منابر الدولة الإسلامية مائة عام، فتكوا في خلالها بكل من رفع رأسه من بني هاشم، فقتلوا الحسين بن علي -رضي الله عنهما- كما أعملوا القتل في أنصاره، وقضوا على عبد الله بن الزبير ومن كان معه، ولم يعد في جزيرة العرب ولا في خارجها مَن لا يدين لهم بالولاء.

فظنوا أنهم قد استأصلوا شأفة منافسيهم وقضوا عليهم إلى الأبد... وطابت لهم الحياة، واستقرت الدولة، وباتوا آمنين، ولكن بعد مائة عام قام من بني هاشم -الذين استؤصلوا- من انتزع السلطة منهم وشتت شملهم، وأسس الدولة العباسية التي تتبعت الأمويين تتبعًا اعتقدوا معه أنهم لن يبقوا لهم في الدنيا على أثر.

وتوطد الأمر لبني العباس، ولكنهم مع ذلك لم يستطيعوا أن يخضعوا الأيام لإرادتهم، فما لبث الأمويون -الذين أبيدوا في ظنهم- أن أنشأوا دولة في الأندلس تضارع دولة العباسيين، وظلوا يحكمونها سبعة قرون، وإذا كانت السنة ذات الثلاثمائة والستين يومًا في حياتنا زمنًا ذا بال، فإن عشرات السنين في حياة الأمم وفي حركات التاريخ لا تعد زمنًا يذكر، وأصحاب الدعوات الذين يريدون أن يلووا عنق الزمان لا يلبثون أن تدكدكهم الأيام بأقدامها الثقال!

أما الذين يفهمون التاريخ فإنهم يخطون بخطى وئيدة ثابتة، لا يدعون يومًا يمر دون أن يملئوه بعمل يناسبه، لا يحاولون أن يثبوا عليه وثبًا، يفعلون ذلك وهم واثقون من أن الغد غدهم، وأن اليوم الذين يأملون أن يأتي سوف يأتي، ولكنه قد يكون من أيام حياتهم وقد يكون من حياة جيل يأتي بعدهم، وسنة الله لا تتخلف.

إنني واثق كل الثقة أن دعوتنا التي حيكت لها المؤامرات، ودبرت لها المكايد، وحوصرت من كل مكان، وعمل الحاقدون الظالمون على إطفاء جذوتها واستئصال شأفتها - ستنتصر آخر الأمر، وستعود لها الكلمة العليا والصوت الأعلى والصدى المستجاب، ولكن كيف يتم ذلك ومتى يتم؟ هذا هو ما لا أعلم، وهذا هو ما استأثر به علم الغيب.

نعم، إن الظروف التي نعيشها الآن لا توحي بذلك، ولا تسلمنا إلا إلى اليأس، ولكن الله -تعالى شأنه، وجلت قدرته- صاحب هذه الدعوة أخبرنا أنه: (وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (النحل:8)، الذي يخلق فيما يخلق ما لا نعلم، وما لا يدور في خلدنا، وما لا يدخل في حساباتنا ولا في حسابات أعدائنا من الظروف والأحوال... وهذا النوع من الظروف التي تعجز الحسابات البشرية عن الإحاطة به هو الذي يفاجأ به الطغاة، وتدول من هوله الدول، ومجرد إيماننا بالله وبدعوتنا يطرد كل خاطرة من خواطر اليأس من نفوسنا، ويملؤها بالثقة المطلقة بحيث يكون يقيننا بنصر الله كيقيننا بوجوده -سبحانه-.

وإذا كان الإنسان يلجأ إلى عقله ومواهبه في استغلال الظروف، فإنه عاجز عن أن يخلق الظروف؛ لأنه هو نفسه ليس إلا بعض هذه الظروف التي تفرد الخلاق العليم بخلقها، وإذا كنا نقول ذلك ونؤمن به ونثق في تحقيقه، فلسنا نقوله كما يقوله الموتى القاعدون، الذي آثروا متع الحياة وتمنوا على الله الأماني، وإنما نقوله الآن بعد أن قدَّمنا لدعوتنا كل ما في وسعنا، فمنا من قضى نحبه، ومنا من ينتظر، ولكن الكَرَّة كانت هذه المرة علينا لا لنا؛ فوقعنا في أسر العدو... وليس أمامنا الآن إلا أحد الأمرين، إما أن نقدم أعناقنا لمقاصلهم دون مقابل، وإما أن ننتظر وعد الله -تعالى- وما سوف يخلق من ظروف، واثقين في وعده، آملين في نصره: (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) (التوبة:52).

وتحضرني الآن صورة المسلمين في المدينة، وقد بوغتوا بما لا قِبَل لهم به من قدوم جميع قبائل الجزيرة العربية حيث ضربوا حصارًا خانقًا حول المدينة في تحالف سوى بينهم وبين يهود المدينة، وما عاد هناك ما يمنعهم من أن يمسكوا المسلمين بالأيدي دون أن يجد واحد منهم لنفسه مهربًا... ورأى المسلمون الموقف على هذه الصورة فماذا فعلوا؟ إنهم فعلوا ما في طاقتهم، وتركوا ما فوق طاقتهم للقدرة الإلهية.

كل الذي فعلوه أنهم حفروا الخندق حول المدينة ولجأوا إلى حيلة قصمت عرى التحالف المعقود بين العرب واليهود، ولم يكن في استطاعتهم أن يفعلوا أكثر من ذلك... ولكن هل كان الذي استطاعوا أن يفعلوه كافيًا لرد هذا البحر المتلاطم من قبائل العرب؟!

لا، ولا هذه يقولها كل مَن له عقل، فالتكافؤ مفقود في كل مقومات الحرب، ولكن الذي (يَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ) لا يطالِب المدافعين عن دعوته بأكثر مِن أن يراهم قد بذلوا ما في استطاعتهم وعليه هو أن يتولي الأمر... فماذا خلق مما لا يعلمون؟

خلق ريحًا نسفت المهاجمين نسفًا، وأنزل جنودًا لا تراها أعين البشر، وهذا الموقف من المواقف البالغة الدقة التي لا يمكن التعبير عنها إلا بالنص القرآني نفسه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا . إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا . هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا) (الأحزاب:9-11).

(وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا . مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً . لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا . وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا) (الأحزاب:22-25).

كانت هذه صورة من صورة النقاش الذي دار بيني وبين بعض الإخوة الشباب المتعجلين الذين هالهم وأفزعهم ما ينال الشعب من هوان، وما تنتهك له من حرمات، باسم الشعب وباسم الحرية وباسم الكرامة! والشعب في حال من الذهول!

وإذا كانت حججي قد أقنعت عقول هذا الشباب فإنها لم تتجاوب مع عواطفهم الثائرة التي لم يستطيعوا لسيلها الدفاق دفعًا؛ فذهب كثير منه ليعمل عملاً يرضي هذه العواطف، ولكنهم كانوا كالفأر الذي يبيت خطة الهرب ولم يدر أن جدران المصيدة تحيط به من كل جانب، فالبلد لم تكن إلا سجنًا كبيرًا سجانه هو حاكم البلد، وقد وزع زبانيته على الأبواب والأسوار... فلم يشعر هؤلاء الإخوة بعد قليل إلا وهم في قبضته ليفعل بهم الأفاعيل!" (انتهى من "الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ" 3 /458 وما بعدها).

رحم الله الأستاذ "محمود عبد الحليم" فما أعلمه، وما أعقله!

وجزى الله خيرًا من وضع هذه النصيحة أمام عينيه.

والله المستعان.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً