الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

حاجتنا إلى الإحسان

فإن مراتب الدين ثلاثٌ: إسلام وإيمان وإحسان، والإحسان أعلاها،

حاجتنا إلى الإحسان
محمود عبد الحفيظ
الأحد ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ - ٢٠:١٦ م
2058

حاجتنا إلى الإحسان

كتبه/ محمود عبد الحفيظ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فعن شداد بن أوس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنّ الله مُحْسِنٌ يُحِبُّ الإِحْسانَ) (رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني).

ولأنه محسن -عز وجل- فقد أحسن كل شيء، وأتقن كل شيء؛ قال الله -تعالى-: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (السجدة:7)، وقال: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) (النمل:88).

ولأنه يحب الإحسان -عز وجل- فقد أحسن إلى خلقه وعباده غاية الإحسان، وخلقهم في أحسن تقويم، وسخَّر لهم ما في السماوات وما في الأرض جميعًا منه، وأمدهم بالأرزاق والهبات، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، وكان مِن أعظم إحسانه -عز وجل- إليهم دعوتهم إلى التوحيد والإسلام، وإرسال الرسل وإنزال الكتب، والدلالة على طرق الإيمان، وإثابتهم على الطاعات بالأجور المضاعفة ثم الخلود في جنات النعيم، فإحسان الرب إلى الخلق لا يحيط به أحدٌ قط.

ولأنه يحب الإحسان -عز وجل- فقد أمر به ودعا إليه في غير ما آية في كتابه الكريم، قال الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (النحل:90)، وقال: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة:195)، وقال: (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) (القصص:77).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنّ الله -تَعَالَى- يُحِبُّ منَ العامِلِ إِذا عَمِلَ أنْ يُحْسِنَ) (رواه البيهقي، وحسنه الألباني).

والإحسان مأخوذ مِن الحُسن، وهو كل ما مُدح فاعله، وهو أعلى مراتب الدين: "فإن مراتب الدين ثلاثٌ: إسلام وإيمان وإحسان، والإحسان أعلاها، وإذا كان الإسلام يمثِّل أعمالَ الجوارح الظاهرة، والإيمان يمثِّل اعتقادات وأعمال القلوب الباطنة؛ فإن الإحسان الذي هو أعلى تلك المراتب هو إتقان تلك الأعمال وحسنُ أدائها، مع كمال التوجُّه بها إلى الله -سبحانه-" (موسوعة فقه القلوب للتويجري 1/ 777 بتصرف يسير).

وإن الناظر إلى واقع المسلمين اليوم -في بلادنا وغيرها- ليوقن بحاجتهم الماسة إلى امتثال أمر ربهم -عز وجل- وتطبيق شريعته -في كل وقت، وإن كان وقتنا هذا مِن أولى هذه الأوقات-، ومنها ما أمرهم الله به مِن الإحسان، فما أكثر ما نسمع ونشاهد في مجتمعاتنا من صور النزاع، والفجور في الخصومة، والظلم والعدوان، والشماتة، والفرح بمآسي الناس وأحزانهم، وبأقذع العبارات وأشنع التعبيرات مِن كافة الأطراف، مِن هنا ومِن هناك!

نحتاج جميعًا إلى الإحسان كي نتحرر من ربقة الضغائن والأحقاد، والحسد، وكل أمراض النفس وسلبياتها، فينعكس هذا على أقوالنا وأعمالنا، وكل مواقفنا وسلوكنا؛ فننعم وتنعم مجتمعاتنا بالحب والود، والتفرغ إلى التنمية والبناء، والنهضة في كافة المجالات.

وقد وسَّع الشرع الشريف دائرة الإحسان لتشمل كل معاملات الإنسان، وكل نواحي الحياة، قال الله -تعالى-: (وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (الأعراف:56)، وقال -عز وجل-: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) (النساء:36)، فجمع الله -تعالى- بيْن الأمر بتوحيده وعدم الشرك به وبين الإحسان حتى إلى المستضعفين مِن المماليك.

ولما أخبر الله -تعالى- بأنه لا يستوي فعل الحسنات والطاعات، ولا فعل السيئات والمعاصي، وهذا يتضمن فعل الخير وترك الشر - أمر سبحانه بإحسان خاص له أثر عظيم وموقع كبير، وهو الإحسان إلى المسيء والعدو؛ ذلك أن الإحسان للمحسنين لا يزيد عن كونه مجازاة بالمثل، أما الإحسان الأعلى قدرًا ومكانة عند الله والناس؛ فهو الإحسان لكل الخلق، حتى الذين أساءوا منهم! فقال -تعالى-: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34).

فالإحسان إلى العدو والمسيء يجعله يُفاجأ بمقابلة إساءته بالإحسان، وهو الذي كان يتوقّع مِن خصمه ردَ السيئة بالسيئة أو بأشد منها، فتنقلب عنده المعادلة، ويخجل مِن إساءته، وينظر بعين الإكبار والتقدير إلى مَن أساء إليه، وإن لم يصر وليًّا حقيقيًّا صار كأنه ولي حميم!

وامتدح الله -عز وجل- عباده المؤمنين بإحسانهم إلى أعدائهم، فقال: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) (الإنسان:8)، فهم ليسوا فقط يعدلون مع الأسير فلا يظلمونه أو يجوعونه، بل يؤثرون بأحب الطعام إليهم ويؤتونه لأسراهم (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا) (الإنسان:9).

وهذه الآيات ترد على مَن يترك الإحسان ويمتنع عنه بدعوى إساءة الناس أو أنهم لا يستحقون الإحسان؛ ولو استحضر المسلم أنه يتعامل مع الله ويبتغي الثواب منه دون سواه لسهل عليه الإحسان، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ) (رواه مسلم)، وإذا كان الله -تعالى- شكر لبغي مِن بني إسرائيل أنها سقت كلبًا فأدخلها بذلك الجنة، وكذا ثبت أن رجلاً دخل الجنة بكلب سقاه؛ فكيف بالإحسان إلى مسلم أو مَن يُرجَى إسلامه أو هدايته؟!

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ) (رواه مسلم)، فأمر -صلى الله عليه وسلم- بالإحسان حتى في القتل بأن يختار الإنسان أسهل الطرق وأخفها إيلامًا وأسرعها زهوقًا.

فيا لله العجب!

إذا كان العبد مأمورًا في الإسلام بالإحسان إلى مَن استحق القتل من الآدميين أو غيرهم من أعداء الإنسان مِن وحوش وسباع، وبإحسان ذبحة ما يريد ذبحه مِن الحيوان، فكيف بغير هذه الحالة؟!

فما أحوجنا إلى الإحسان على كافة المستويات... إحسان في عبادة الله -تعالى-، وإحسان في معاملة الخلق ولو بالتبسم في وجوه المسلمين فتكون لنا بها صدقة، وإحسان في الحوار والكلام، وإحسان في إتقان المهام والأعمال، وإحسان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحسان في الدعوة إلى الله التي لابد أن تكون كما أمر الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن؛ فإن أعظم الإحسان إلى الخلق دعوتهم إلى الله، وتعليمهم ما ينفعهم في دينهم، وما يكون سببًا لسعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة مِن العلم بالله وأسمائه وصفاته، ودينه وشرعه، وتحذيرهم سبل الشر والمهالك.

ولذلك كان الأنبياء وأتباعهم هم أعظم الناس إحسانًا إلى الخلق بكل صور الإحسان وأنواعه؛ لأنهم يعرِّفون الخلق بربهم -سبحانه-، ويحملون الخير لهم، ويدلونهم على ما فيه نجاتهم.

صور مِن إحسان الأنبياء -عليهم السلام-:

- هذا عيسى -عليه السلام- كان مِن صفته: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ) (مريم:31). عن مجاهد -رحمه الله- في قوله: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا) قال: "نفـَّاعًا" (تفسير الطبري وابن كثير).

- وهذا نبي الله يوسف -عليه السلام-: كانت صفة الإحسان ملازمة له على الدوام حتى وهو في الحبس والسجن اشتهر بالإحسان وعرف به، حتى قال له الفتيان اللذان سُجنا معه: (نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف:36)، وقال له إخوته وهم لا يعرفونه بعد أن صار إلى الملك والحكم: (يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف:78).

ولا شك أن يوسف -عليه السلام- كان في سجنه فقيرًا لا مال له، ولكن الإحسان لا يكون فقط بالمال، بل يكون كذلك بالنفس، والجاه، والسعي في مصالح المسلمين وقضاء حوائجهم، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ولأَنْ أمْشِيَ مَعَ أخِي المُسْلِمِ فِي حاجَةٍ أحَبُّ إلَيَّ مِنْ أنْ أعْتَكِفَ فِي هَذَا المَسْجِدِ شَهْرًا) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني)، وقال: (اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا) (متفق عليه)، وقال: (السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ) (متفق عليه).

- وهذا موسى -عليه السلام-: قال الله -تعالى- عنه: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ . فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (القصص:23-24).

فلم يترك -عليه السلام- الإحسان إلى المرأتين حتى مع ما كان يعانيه مِن التعب والنصب من جراء السفر الطويل والمسافة الشاسعة التي قطعها من مصر إلى مدين، ومع الألم النفسي من مفارقة أهله وشيعته رغمًا عن إرادته، ومع ما كان عليه مِن الخوف من فرعون وجنوده الذين كانوا يبحثون عنه في كل مكان لينالوا منه؛ فضلاً عن كونه غريبًا وسط قومٍ لا يعرف فيهم أحدًا ولا يعرفه منهم أحد، بل لم يسعَ أحد مِن القوم لمساعدة المرأتين، وفضلاً عن كون الموقف ذاته كان في وقت شدة حرارة الشمس كما يدل عليه قوله -تعالى: (ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ).

مع كل هذا يرق موسى -عليه السلام- للمرأتين وتأخذه النخوة والمروءة والشهامة، فيحسن إليهما دون حتى أن يسألهما إن كانتا على الإسلام أم لا؟ تمامًا كما كان حال يوسف -عليه السلام- في إحسانه إلى أهل السجن وهم كفار مشركون، ومجرمون مذنبون؛ مما يدل على أن الإحسان عند أنبياء الله ورسله الكرام هو الأصل في المعاملة مع الناس.

- وأما نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-: فقد أدهش بإحسانه وعظيم أخلاقه العالَم كله، وكل مَن سمع به -في الجاهلية وبعد الإسلام-، فلم يُسمع بمثل رأفته وحرصه -صلى الله عليه وسلم- على نجاة الناس وسعادتهم في الدنيا والآخرة، ولم يُعرف في التاريخ قط أرحم منه وأشفق منه -صلى الله عليه وسلم-، قالت خديجة -رضي الله عنها- لما دخل عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- ترجف بوادره بعد ما رأى جبريل -عليه السلام- للمرة الأولى: فقال: (زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي)، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ: (أَيْ خَدِيجَةُ، مَا لِي) وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، قَالَ: (لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي)، قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: "كَلا أَبْشِرْ، فَوَاللهِ، لا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، وَاللهِ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ" (متفق عليه).

فكانت هذه أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الإسلام "ومع قومٍ مشركين!"، وأما بعد الإسلام فقد تضاعف ذلك؛ فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "مَا سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ شَيْءٍ قَطُّ فَقَالَ: لاَ" (متفق عليه)، وعن عبد الله بن شقيق -رحمه الله- قال: قلتُ لعائشة -رضي الله عنها-: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي وَهُوَ قَاعِدٌ؟ قَالَتْ: "نَعَمْ، بَعْدَ مَا حَطَمَهُ النَّاسُ" (رواه مسلم).

قال النووي -رحمه الله-: "قَوْلُهَا قَعَدَ بَعْدَ مَا حَطَمَهُ النَّاسُ، قَالَ الرَّاوِي فِي تَفْسِيرِهِ: يُقَالُ حَطَمَ فُلانًا أَهْلَهُ إِذَا كَبُرَ فِيهِمْ، كَأَنَّهُ لمّا حَمَلَهُ مِنْ أُمُورِهِمْ وَأَثْقَالِهِمْ وَالاعْتِنَاءِ بِمَصَالِحِهِمْ صَيَّرُوهُ شَيْخًا مَحْطُومًا، وَالْحَطْمُ الشَّيْءُ الْيَابِسُ" (شرح النووي على مسلم).

فسبحان الله! أخذ الناس شبابَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعافيته، وهو مع ما ذلك ما ملَّ قط مِن الإحسان إليهم والسعي في مصالحهم!

ثمرات الإحسان:

وإن مما يعين المسلم على أن يكون مِن أهل الإحسان ومِن المتصفين به، أن يعلم أنه بالإحسان:

- ينال محبة الله -تعالى-: (وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ) (آل عمران:134).

- ينال معية الله -عز وجل-: (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحسِنُونَ) (النحل:128).

- يقترب من رحمة الله ومغفرته، وتقترب منه رحمة الله: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (الأعراف:56).

- يُصرف عنه البلاء وسوء القضاء: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صَنَائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني).

- الزيادة مِن فضل الله ورحمته: قال الله -تعالى-: (سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) (الأعراف:161).

- دخول الجنة: قال الله -تعالى-: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ . كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ . وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ . وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (الذاريات:15-19)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنّ أهْلَ المَعْرُوفِ فِي الدُّنْيا هُمْ أهلُ المَعْروفِ فِي الآخِرَةِ، وإنّ أوَّلَ أهلِ الجَنَّةِ دخُولاً هُمْ أهْلُ المَعْرُوفِ) (رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني)، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ) (رواه مسلم).

- النظر إلى وجه الله -تعالى-: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (يونس:26)، فالحسنى هي دخول الجنة، والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم.

وغير ذلك مِن الثمرات العظيمة والكثيرة...

وبمراقبة الله وتقواه يرزق العبد الإحسان.

نسأل الله أن يجعلنا مِن أهله.

وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي