السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

ليل الصالحين

في فصل الشتاء نُذكّر بالليل كيف يغتنمه الصّالحون

ليل الصالحين
عصام حسنين
السبت ٢١ فبراير ٢٠١٥ - ١٤:٤٩ م
2581

ليل الصالحين

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

في فصل الشتاء نُذكّر بالليل كيف يغتنمه الصّالحون ؟-جعلنا الله وإياكم منهم-.

فالشتاء غنيمة العابدين كما قال عمر –رضي الله عنه-.

طال ليله فقامه ، وقصر نهاره فصامه  كما روى عنه - صلى الله عليه وسلم – فهو حقاً ربيع المؤمن ؛خير فصول السنة التي تمر على المؤمن الذي فهم الغاية التي من أجلها خُلق وانشغل بها فصارت همّه!

روى الإمام أحمد –رحمه الله- بسنده عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال :- قال رسول الله عليه وسلم-:

 "الشتاء ربيع المؤمن ".

قال ابن رجب رحمه الله: "إنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع فيه في بساتين الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، وينـزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه. انتهى

روى الترمذي في سننه عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ» وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول : ألا أدلكم على الغنيمة الباردة ، قالوا : بلى، فيقول : الصيام في الشتاء .".صحيح

وجاء في حديث حسن لغيره : "الشتاء ربيع المؤمن: طال ليله فقامه، و قصر نهاره فصامه".

.أي يتحصّل أجر الصيام العظيم بعمل قليل لا تكاد تذكر مشقته !0

_ ولذلك فرح به الصالحون فاغتنموه ولم يضيعوه

.ثبت عن عمر رضي الله عنه أنّه قال: "الشتاء غنيمة العابدين". رواه أبو نعيم بإسناد صحيح

وعن ابن مسعود رضي الله عنه  قال: "مرحبًا بالشتاء، تنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام".

وقال الحسن البصري : "نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه".

وعن عبيد بن عمير- رحمه الله - : أنه كان إذا جاء الشتاء قال: "يا أهل القرآن! طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصر النهار لصيامكم فصوموا".

_ إذا جاء الليل فإن المؤمن يتعبد لربه -تعالي- بعبادة التفكر والتأمل : "إن في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الالباب " أي تعاقبهما

{يغشي الليل النهار } فهذا يأتي بظلامه يغشي النهار بنوره فيذهبه فيتذكّر العبد ظلمة القبر وظلمة النار فيستعيذ بالله تعالى –من ظلمة القبر وعذاب النار. وكيف جعله الله سكناً تسكن فيه الخلائق فيزداد ايماناً، كما جعله الله مستعتباً لعباده الصالحين فمن وجد إحساناً في النهار حمد الله وإلا تاب من قريب واستدرك أمره. "وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً".

*أن يحرص علي النوم مبكراً .

قال الحافظ ابن حجر: "وقد رويت كراهة السمر بعد العشاء عن عمر وحذيفة وعائشة وغيرهم. ثم منهم من علل بخشية الامتناع من قيام الليل، روي ذلك عن عمر، ومنهم من علل بأن الصلاة ينبغي أن تكون خاتمة الأعمال، فيستحب النوم عقيبها، حتى ينام على ذكر، ولا ينام على لغو. وروي عن عمر بن عبد العزيز، أنه كان يسمر ما لم يوتر، فجعل الختم بالوتر يقوم مقام الختم بالصلاة المكتوبة، وكانت عائشة تقول لمن يسمر: أريحوا كتابكم. تعني: الملائكة الكاتبين. ومتى كان السمر بلغو ورفث وهجاء فإنه مكروه بغير شك. انتهى

* إذا أوى إلى فراشه توضأ وضوءه للصلاة ؛فإن النبي صلى الله عليه وسلم – قال:- "من بات طاهراً بات  في  شعاره ملك لا يستيقظ ساعة من الليل إلا قال الملك :-اللهم اغفر لعبدك فلاناً فإنّه قد بات طاهراً "      حسن 0السلسلة الصحيحة

وقال :-  "ما من مسلم يبيت على ذكر طاهراً فيتعارمن الليل(أي :يستيقظ أو يتقلب ).فيسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه "صحيح الجامع من حديث معاذ

- و يُحدث توبة واجبة من جميع الذنوب والمعاصي ،وتوبة مستحبة من التقصير والتفريط في حق الله –تعالى- والاستحياء منه حق الحياء .

- ويدعو لإخوانه المسلمين  ويستغفر ربه مما يجده في صدره لإخوانه حتي  يبيت  وصدره سليماً للمسلمين .

- ويعزم إن رد الله عليه روحه أن يًحسن في الباقي ،وإن قبض  روحه مات على توبة فإن النوم وفاة صغرى كما قال الله تعالى –{وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار...} .

· وإن كان هناك شيءمن حقوق وواجبات فإنّه يكتبها.قال –صلي الله عليه وسلم-: " لا يحل لرجل مسلم أن يبيت ليلةً وعنده مال إلا ووصيته مكتوبة عنده" (رواه البخاري من حديث ابن عمر)

· ثم يجلس يذكر الله تعالى ويقرا آية الكرسي وآخر آيتين من سورة البقرة { آمن الرسول0........ إلى آخر السورة }

· -ويجمع كفيه ويقرأ:{ قل هو الله أحد} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس } ثلاثا‘ ينفث فيهما ويمسح ما أقبل من بدنه. يفعل ذلك ثلاثاً. ويسبح ثلاثاً وثلاثين ويحمد ثلاثاً وثلاثين ويكبر أربعاً وثلاثين فإذا أخذ مضجعه قال باسمك اللهم وضعت جنبي وبك أرفعه فإن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ثم يتوسد يمينك ويقول اللهم اني أسلمت نفسي إليك‘ وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك ‘ووجهت وجهي إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك( رواه البخاري ومسلم )

· ويجعلها آخر ما يقول فإن مات من ليلته مات على الفطرة

· وينوي خيراً أن يقوم من الليل للصلاة والذكر والدعاء قال صلى الله عليه وسلم " من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم من الليل فيصلي فغلبته عيناه حتى يصبح كتب له مانوى ‘ وكان نومه صدقة عليه من ربّه – عزّوجل- "رواه النسائي من حديث أبي الدرداء0

وقد ورد في فضل قيام الليل خيرٌ كثير ، من ذلك أنّه من صفات عباد الرحمن وعباد الله المتقين المحسنين أصحاب الجنة قال تعالى { والذين يبيتون لربهم سجداً وقياما} .

وقال " إنّ المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربّهم إنّهم كانوا قبل ذلك محسنين  كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون }

وقال –صلى الله عليه وسلم – " عليكم بقيام الليل فإنّه دأب الصّالحين قبلكم وهو قربة إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاةً للإثم " رواه الترمذي من حديث أبي أسامة بسند حسن .

وعن ابن مسعود رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم عجب ربنا –تبارك وتعالى – من رجل ثار من لحافه وفراشه من بين حبّه وأهله إلى صلاته فيقول الله للملائكة :{يا ملائكتي انظروا إلى عبدي هذا  قام من بين فراشه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي} رواه أبو يعلي بسند حسن.

وفي رواية: ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم ...منهم هذا الرجل فيقول –عز وجل-:" يذر شهوته ويذكرني ولو شاء رقد "رواه الطبري بسند حسن0

وعن أبي هريرة رضي الله عنه – أن ّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم قال" ينزل ربنا –تبارك وتعالى– كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول :  من يدعوني  فأستجيب له ؟من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟" متفق عليه0

-ويجلس في وقت السحر للاستغفار ،فإذا أذن المؤذن الأذان الأول قام واستعد للصلاة ؛فإن من صلي الفجر في جماعة فهو في عهد الله كما قال النبي صلي الله عليه وسلم.

- هكذا يقضي الصالحون ليلهم ،وقد كان الليل للسلف روضة يتلذذون بالعبادة فيه حتي أن معاذاً-رضي الله عنه-لما نزل به الموت تأسف علي فراق قيام ليالي الشتاء الطويلة.

وقال أحد السلف :"أهل  الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم".

وآخر: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف".

وآخر: "إنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طرباً فأقول: إن كان أهل الجنة لفي هذا العيش. إنهم لفي عيش طيب".

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً