الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

خواطر حول "عاصفة الحزم"

نرجو أن تكون بداية انطلاقة هذه الأمة نحو ذرى المجد، واسترداد الحقوق، وتحرير المقدسات، وردع الأعداء

خواطر حول "عاصفة الحزم"
عادل نصر
الأحد ٠٥ أبريل ٢٠١٥ - ١٣:٢٨ م
1878

خواطر حول "عاصفة الحزم"

كتبه/ عادل نصر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لقد جاءت عاصفة الحزم، وهذا الاسم الذي اصطلح على إطلاقه على العمليات العسكرية ضد الفئة الرافضة المُجرمة المُسمَّاة بالحوثيين في اليمن، وحليفهم المتآمر المستبد على  وطنه وأهله "علي عبد الله صالح" الذي باع وطنه و أهله من أجل كرسي  لم تحتمل نفسه مفارقته، وسلطته لم يستطع العيش بدونها، وهذا دأب كل من يجعل من الحكم غاية يهون في سبيلها كل شيء، جاءت هذه العاصفة لتضع حدًّا فاصلًا بين مرحلتين؛ الأولى: مرحلة التشرذم والخوار والهوان؛ حيث طمع في الأمة أعداؤها، وتكالبوا عليها من كل جانب، كما يتكالب الأكلة الجياع على القصعة الشهية؛ فصدق فيها حديث رسول الله  صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا، قُلْنَا: مِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: لا، أَنْتُم يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، يَنْزَعُ اللَّهُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ، قِيلَ: وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ: حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ".

ومرحلة آتية بإذن الله يُرجى لأمتنا أن تكون فيها مرهوبة الجانب، يُحسب لها ألف حساب، وهي خليقة لذلك؛ فقد آتاها الله عز وجل من كل شيء شيئًا، وهيَّأ لها من كل مقومات العزة والسؤدد ما يجعلها تبوء مواضع الريادة والقيادة من أمم الأرض لو أحسنت التعامل مع هذه المقومات وأجادت توظيف الطاقات.

وإن من طوت عليه هذه العملية من سرية في الترتيب، ودقة في الأعداد، وتضافر في الجهود، وتوحيد في الصفوف، ليسير في النفس من الخواطر الكثيرة والكثير، وها أنا ذا أذكر بعضًا منها.

أولاً: عناية الله عز وجل لهذه الأمة؛ فبينما الخطر الشيعي يستعجل أمره ويتمدد انتشاره السرطاني في جسد أمتنا، حتى أصبح قاب قوسين أو أدنى من إهلاكه، حتى أوشك المشروع الإيراني الصفوي الكارثي على الاكتمال، والذي يتآمر فيه الروافض مع أعداء الأمة للوصول إلى إقامة إمبراطورية الفرس من جهة ودولة إسرائيل الكبرى من جهة أخرى.

فبعد أن ابتلع الروافض العراق، وأوسعوا أهل السُّنَّة فيها قتلًا وتشريدًا، وأذاقوا الشعب السوري الويلات ذبحًا واغتصابًا؛ حيث تدير إيران الحرب بنفسها على أرض البلدين العربيين المسلمين من خلال حرسها الثوري ومن معهم من الميلشيات الشيعية في العراق، وذراع إيران في عالمنا العربي أعني المجرم "حسن نصر" وحزبه، أما لبنان فقد حسموا الأمر فيها من وقت طويل، ثم كان للهلال الشيعي أن يكتمل لسيطرة  عصابات الحوث الرافضية على اليمن، والذين لو استتب لهم الأمر فيها لتمكن الروافض من وضع اللمسات الأخيرة لمشروعهم الإجرامي بخنق السعودية ومصر تمهيدًا للانقضاض عليهما، بينما الأمر يمضي على هذا النحو مع صمت عالمي مُريب يصل إلى حد التواطؤ بغض الطرف عن جرائم إيران في سوريا والعراق وأخيرًا اليمن، وإذا بعناية الله عز وجل تُدرك هذه الأمة في اللحظات الحرجة؛ حيث وقف قادتها لتدارك الخطر الداهم وتوحد صفهم وقوي عزمهم، ليهبوا مجتمعين لمقاومة الأخطار في مشهدٍ لطالما اشتاقت النفوس لرؤيته؛ فأربكوا بذلك حسابات الأعداء، والذين ظنوا أن الأمة بلغت من الضعف والتجرذم  مبلغًا لا يمكنها من الحراك؛ فإذا بهم يفاجئون بها وهي تنتفض كالأسد الجريح، الذي لم تمنعه جراحه من الافتراس والذب عن عرينه، لقد أحدثت "عاصفة الحزم" صدمة مروعة في الداخل والخارج، ومن شدة الذهول والارتباك أضحى الهذيان عنوانًا عليهم علامة مميزة لهم.

ثانيًا: كشفت ملحمة "عاصفة الحزم" عما تملكه الأمة من رصيد ضخم يُمكِّنها من إعادة كتابة التاريخ من جديد، وصناعة مكانتها اللائقة بها مرة أخرى، فها هي تملك من عوامل النصر وأسباب القوة بشقيها المعنوي والمادي، ما لا تملكه أمة أخرى؛ فالقوة المعنوية تتمثل في هذه العقيدة المباركة التي تجتمع عليها الأمة في ربوع الأرض، وتمثل أعظم رصيد لها، وهي متى ما تمكنت في النفوس صنعت العجائب، ولعظم شأنها وكبير أثرها حاول الأعداء إفسادها بكل سبيل ولكن: "يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ".

أما عن القوة المادية وما تملكه أمتنا فحدِّث ولا حرج؛ لقد أثبتت "عاصفة الحزم" أن الأمة إذا وضعت يدها على مكامن القوة فيها وأحسنت استثارتها وتحركت نحو هدفها فلن يحول دون انطلاقتها شيء.

ثالثاً: إن أعداء الأمة ما حققوا يومًا إنجازًا لهم على حساب أمتنا، وما بلغوا مرادًا لهم  إلا من خلال من مد إليهم يده من داخلنا، سواء كان ذلك عن جهل، أو كان عن سوء قصد، ويشهد لذلك ما نحن بصدده، فما تمكَّن الروافض اليوم من اختراق جسد الأمة وابتلاع ديار الإسلام  الواحد تلو الآخر إلا عن طريق من مد يده إليهم  تآمرًا مثل "علي بن عبد الله صالح" وغيره, أو جهلاً كما هو شأن الجماعات التي هللت للثورة الإيرانية وزعيمها، وروجت لهما في بلاد الإسلام، وهوَّنت من الخلاف بين السنة والشيعة، وغضت الطرف عن جرائم الروافض قديمًا وحديثًا بزعم التقريب، وكانوا بذلك مطية امتطى الروافض ظهرها لبلوغ أهدافهم الخبيثة، وأضحت حصوننا مهددة من داخلها بسبب أولئك السطحيين.

رابعًا: أن حقوق الأمة لن يصونها إلا أبناؤها، كما أن الأخطار لن تدفع إلا بسواعدنا؛  فلا ننتظر حلًا لمشاكلنا من منظمات دولية تكيل بمكيالين ولا قوى كبرى ترى مصالحها في تشرذمنا، بل تسعى إلى تفتيتنا وإعادة تقسيمنا لمصلحة إسرائيل، فكما غضت طرفها من قتل عن جرائم إسرائيل، ومكنتها من ابتلاع فلسطين وإقامة دولتها الصهيونية عليها، ها هي اليوم تغض طرفها عما ترتكبه إيران وعصاباتها من جرائم على أرض العراق وسوريا ولبنان وأخيرًا اليمن، فلم نجد أحدًا يحرك ساكنًا إزاء تلك الجرائم، فما يسمونه بالقانون الدولي واحترام سيادة الدول، أضحى كالصنم الذي كان يصنعه الرجل في الجاهلية فإذا ما جاع أكله.

أخيرًا: لقد رأينا بركة الاجتماع ووحدة الصف في مواجهة الأخطار، فلن تروع قوى الشر المتكالبة علينا إلا حينما تجدنا يدًا واحدة على من سوانا من البغاة المعتدين. إننا في عالم لا يُقيم وزنًا إلا للتكتلات، والأمم المتماسكة وأمتنا بفضل الله عز وجل أولى الأمم بذلك وأجدرها على ذلك إذا ما امتثلت أمر ربها "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا  كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ".

وإنا لنرجو أن تكون "عاصفة الحزم" بداية انطلاقة هذه الأمة نحو ذرى المجد، واسترداد الحقوق، وتحرير المقدسات، وردع الأعداء من الروافض اللئام والصهاينة المغتصبين. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة