الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

السلفية ومناهج الإصلاح - 6

الاتجاهات التي ترى حتمية المواجة العسكرية

السلفية ومناهج الإصلاح - 6
عبد المنعم الشحات
الخميس ٠٧ مايو ٢٠١٥ - ١١:٤٩ ص
1369

السلفية ومناهج الإصلاح

الشريط السادس

عبد المنعم الشحات

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى أله وصحبه وسلم .

ثم أما بعد ،،،

انتهينا في المرة السابقة بفضل الله تعالى من الكلام على الاتجاهات التي تسلك الحل البرلماني وناقشنا هذه القضية من ناحية الأدلة الشرعية ومن ناحية موازنة المصالح والمفاسد .. إلى غيره .

ونشرع اليوم إن شاء الله تبارك وتعالى في الاتجاهات التي ترى حتمية المواجة العسكرية  ، وبين يدي هذا الجزء من البحث نعطي تعريف تسريع للاتجاهات التي سلكت المواجهة العسكرية في مصر .

يعتبر الاتجاهات الإسلامية التي سلكت هذه المواجهة في مصر مكونين من جماعتين كبيرتين وربما يوجد بعض الروافد الصغيرة ولكن كان بصفة أساسية جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية في الصعيد .

ربما تكلمنا في مناسبات أخرى عن تاريخ الصحوة الإسلامية في مصر ولكن نريد أن نشير هنا بسرعه إلى أنه حدث بعد سقوط الخلافة وربما قبلها في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي وأوائل القرن العشرين نوع من انواع سيطرة الغرب على كثير من بلاد الإسلاميين واطلق عليه الغرب اسم الاستعمار وهو استخراب أو عرف باسم الاحتلال ، وأن هذا تواكب مع حرب فكرية شرسة على ثوابت الإسلام ووجد ربما قبل هذا من أيام الحملة الفرنسية على مصر أو قبل ذلك نوع من أنواع غرس الثقافة الفرنسية وتغريب عقول كثير من المثقفين وبداية الظهور بأن هناك أناس ينتسبون إلى الإسلام ويطعنون في ثوابت الإسلام وربما يطعنون في إعجاز القرآن والتشريع الأسلامي وصلاحيته في كل زمان ومكن ، إلى آخر هذه الأفكار المظلمة التي كانت تموج بها الدنيا .

يمكن التأريخ ببداية الحركة الإسلامية في مصر لمقاومة هذه المظاهر من مظاهر البعد عن دين الله تبارك وتعالى ومظاهر هذه الحرب الشرسة على دين الله تعالى فبلا شك لم تخلو الأرض بفضل الله من قائم لله بالحجة ولكن بداية وجود عمل له تأثير ما يمكن أن يسمى بصحوة إسلامية كان على يد " محمد الرشيد رضا محب الدين الخطيب " وهذا الجيل كان جيل من العلماء والدعاة وبدأ يتحرك ويتصدى للغزو الفكري ويكتب الكتب وينشر كتب السلف وينشر المجلات ويؤسس الجمعيات الخيرية التي تحاول أن تقوم بدورها في تنظيم الندوات والمحاضرات ونشر الكتب التي تتصدى لهذا الجانب .

تستطيع أن تقول أن هذه المرحلة غلب عليها الفردية ، وهذا ربماً يحتاج أن نركز عليه مرة أخرى عندما نتكلم على من يرون التركيز على التربية الفردية .

وقد  تكون الظروف آنذاك لا تسمع لأكثر من هذا ، فالجبهات مفتوحة لنقاط متعددة ، فلا يوجد فرصة كبيرة ولا طاقات كبيرة قادرة على مواجهة كل هذه الكوارث التي كان توجد ، وكل هذه الأفراد التي كان لديهم إمكانيات علمية وعقلية والتصدي لهذا الأمر يتصدون ويتحركون في إطار يشبه إطار شبه جماعي ولكن في النهاية إطار متمحور حول أشخاص يقومون بالرد والتفنيد .. إلى غير ذلك .

ومن الممكن أن ترجع إلى قبل هذه المرحلة إلى مرحلة جمال الدين الأفغاني ومرحلة محمد عبده ثم تصل إلى مرحلة محمد رشيد رضا ،ولكن تقول أن مرحلة الدين الأفغاني ومرحلة محمد عبده كانت مرحلة حراك في محاولة عمل شيء ، ولكن كان فيها كثيراً من الدخن ، والأمر بالنسبة لجمال الدين الأفغاني فيه غموض كبير جداً حول شخصيته مع الاتفاق في الجملة أنه ألقى حجراً في الماء الراكد ، فهل كان رجلاً لديه رغبة في الدعوة إلا الدين ولكن متشبع ببدع كثير عقلانية وشيعية أم كان كما يقول البعد أنه كان عميلاً .. إلى غير ذلك ، ولكن في النهاية حركة جمال الدين الأفغاني كان لها صدى ، وأحد أصداء هذه الحركة كان محمد عبده ، ومحمد عبده أضبط بكثير جداً من جمال الدين الأفغاني ولكن يبقى في النهاية أنه مصنف رجل عقلاني وهناك علامات استفهام حول علاقاته بالنوادي الماسونية ، وإن كان الذي نميل إليه أن أصول العقلانية تقبل الالتقاء مع أي أحد ولم تكن هذه النوادي في هذا الوقت قد أسفرت عن وجهها أو اتضح حقيقة كنهها وهذا غالب الظن في تعامله معها .

يبدأ الأمر يكون أكثر رسوخاً وأقتراباً من منهج السلف ووضوحاً على يد محمد رشيد رضا وه يكاد يكون منهج سلفي خالص عند محب الدين الخطيب رحمه الله

فهؤلاء بداية الحركة والصحوة ونشر كتب السلف ونشر كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ونشر كتب ابن القيم والتوعية بالقضايا التي أطعنا فيها المستشرقون ... إلى غير ذلك .

هذا الجيل جيل تلاميذ رشيد رضا ومحب الدين الخطيب بدأ يطور الأمر قليلاً ، وتلاميد محمد رشيد رضا كان منهم الشيخ / محمد حامد الفقي رحمه الله مؤسس جمعية أنصار السنة والمحمدية وبهذا كأنه يمشي على خطى شيخه لأن الأستاذ / محمد رشيد رضا والشيخ محب الدين الخطيب كان لهم في تأسيس جمعيات خيرية وكان هذا هو الباب الذي من خلاله يتحركون لإعطاء الندوات والمحاضرات .

نشأت جمعية أنصار السنة كنوع من المحاكاة لجهود هذا الجيل ، في ذات الوقت أسس الأستاذ حسن البنا وهو من أصغر تلاميذ الشيخ محب الدين الخطيب والأستاذ محمد رشيد رضا سناً جمعية الإخوان المسلمين .

الأستاذ حسن البنا كان له أصول صوفية قديمة

الأستاذ حسن البنا شخصية من الشخصيات العقليات الفذة التي أثرت فيمن حولها أثر كبير وكانت سريعة التلقي والاستيعاب لما حولها .

وعنده طاقة وهمة جعلته وهو في سن صغيرة يقدر أن يطور الطريقة الخصافية في دمنهور ويخرجها من شرنقة الكسل الصوفي ويؤسس جمعية الإخوان الحصافية من شباب المنتمين للطريقة الحصافية في بلدته .

بعد أن انتقل لدراسة كلية دار العلوم بدأت مداركه تتسع ويطلع على نتاج محب الدين الخطيب ومحمد رشيد رضا ، ولعل محب الدين الخطيب قدم الأستاذ حسن البنا ككاتب في مجلة التفح التي كان يصدرها آنذاك ، جمهور الدعاة عرف الأستاذ حسن البنا من خلال مجلة الفتح التي قدمته كأحد كتابها ، وكانت الفتح لها تاريخ طويل في التصدي لحركات العلمنة والتغريب والغزو الفكري ، ومعظم رؤس الحركة الإسلامية في ذلك التوقيت كانوا يخرجون من مدرسة مجلة الفتح التي كان يصدرها ويشرف عليها الأستاذ محب الدين الخطيب رحمه الله .

وبعد نقل الأستاذ حسن البنا إلى الأسكندرية وهنا كانت نقطة خارقة أخرى في مسيرة الأستاذ حسن البنا وهو بدأ أن يكون بعيداً عن الأستاذ محب الدين الخطيب والأستاذ محمد رشيد رضا وكأنه حصل لديه قدر من التوجيه المزدوج ـ التوجيه الصوفي القديم مع التوجيه الجديد الذي تلقاه في الآخرة ـ وكأنه في النهاية مال إلى أن يوفق بين الإثنين ولو توفيق عاطفي بمعنى السكوت ، ومن هنا نشأ الميل الكبير بأن يكون كلامه واسع يشمل كل الاتجاهات فأسس جمعية الإخوان المسلمين على غرار جمعية الإخوان الحصافية ، بمعنى وكأنه انتقل بها من أن تكون جمعية صوفية إلى أن تكون جمعية شاملة وقال في تعريفها أنها دعوة سلفية وحقيقة صوفية .

لسنا الآن بصدد دراسة تجربة الأستاذ حسن البنا كاملة بجميع ما فيها من فوائد ودروس ، ولكن لعل هذه تكون المأخذ الرئيسي الذي نأخذه على تجربة الأستاذ حسن البنا وميله إلى التجميع والتوفيق بدون أسس ، بمعنى أن نجمع بين المتناقضات ونضعها بجوار بعضها دون محاولة لمعرفة أيهما أقرب وموافق الكتاب والسنة من الذي لا يوافقه .

ولكن الأستاذ حسن البنا أوجد تيار عارم مختلف تماماً عن الجيل الذي يسبقه ، وتحرك في المدن والقرى وبحث عن الكفاءات .

وكانت الحركة الإسلامية على يد الأستاذ حسن البنا رحمه الله أخذت شكل مختلف تماماً ، ولذلك كان العلامة الألباني رحمه الله وهو من أكثر الناس نقداً لحركة الإخوان المسلمين ، وهذه طبيعة علماء الحديث عموماً ان نقدهم يكون بارز جداً ويكون أبرز بكثير من ثنائهم ، ولكن لما كلم الشيخ الألباني في ذلك وأن البعض ينتقد عليه موقفه الحاد من الأستاذ حسن البنا وأنه لم يعطه حقه فقال : إن كان الأستاذ حسن البنا فيه ملاحظات فهي مغمورة في غمار حسناته وإن لم يكن له إلا تجديد شباب الإسلام ونقله إلى العمل من أجل الإسلام لكافئه ذلك .

فلابد أن يكون هناك إنصاف حتى في الأشخاص التاريخية وليس الأشخاص الحية الموجودة بيننا فقط .

فبلا شك أن حركة الأستاذ حسن البنا هي حركة أوجدت حركة كبيرة جداً في المجتمع المصري وانتقلت لغيره من الأقطار العربية ، وبدأ أن يوجد ما يسمى ببداية عمل جماعي للتعاون من أجل العمل الإسلامي .

لكن أيضاً غاب النقاء المنهجي ، وكان بعض رموز هذه الحركة على تعليمهم الأزهري فظلوا على نفس ما تعلموه في الأزهر ، وبعض من انظم كان لهم جزور صوفية وظلوا عليها ، من وسط هذه الحركة برز الأستاذ سيد قطب رحمه الله .

والأستاذ سيد قطب يعتبره بعض المؤرخين في تاريخ جماعة الإسلام أنه رمز لا يقل أهمية عن حسن البنا .

فهو بلا شك أيضاً شخصية أثرت في تاريخ الحركة الإسلامية تأثيراً بالغاً ، وأيضاً لابد من معرفة هذا الأثر سلباً أو إيجاباً .

الأستاذ سيد قطب رحمه الله خريج دار العلوم ، وكان بداية حياته بداية أدبية محضة تقريباً ، بل إنه كان مساند للعقاد في مواجهة الرافعي ، فكان عندنا الرافعي وتكلمنا عليه قبل ذلك وهو ربما خارج السياق الذي نحكي عنه ، وكان هناك معركة بين الرافعي وبين طه حسين وبين فلول التغريب وكان موضوعها القرآن وإعجاز القرآن .

والرافعي رغم أنه رجل أديب إلا أنه جبل شامخ وقف في قضية من أخطر القضايا ، وهيأها الله تبارك وتعالى أنه استطاع أن يوقف واحد مثل طه حسين أو غيره ، وطه حسين معه آنذاك ألقاب " عميد الأدب العربي ، ويدرس في الجامعة "

لكي تعرف عمق المأساه انظر في كلام الأستاذ محمود شاكر رحمه الله على الهزة النفسية التي عاشها لما دخل الجامعة .

والأستاذ محمود شاكر من بيت علم ، وأبوه هو الأستاذ العلامة محمد شاكر ، وأخوته لهم باع كبير في العلم وعلى رأسهم محدث الديار المصرية أحمد محمد شاكر .

الأستاذ محمود شاكر دخل الجامعة لأنه سمع كلام الأستاذ طه حسين في نقد القرآن وبيان أن الشعر الجاهلي في زعمه أبلغ من القرآن ، فتخل لو أن واحد بهذه الدرجة وخارج من بيت علم بهذه الصورة فيحدث له هزة من الكلام الذي سمعه لأن الكلام أتى من الكرسي التدرس ومن واحد له ضجة كبيرة جداً ، وفي النهاية بفضل الله تبارك وتعالى الأستاذ محمود شاكر حسم موقفه بأنه ترك الجامعة نهائياً حتى لا يسمع فيها هذا الباطل وأكمل دراسته الأدبية وصار من أبرز أدباء مصر بعد الرافعي وانضم لمدرسة الرافعي في الدفاع عن القرآن وكان هو التلميذ النجيب للرافعي .

في المقابل كان سيد قطب منضم لمدرسة كانت لا تطعن في القرآن بالدرجة الكبيرة ولكنها كانت في النهاية سلبية جداً تجاه قضية إعجاز القرآن ، وكلامها في النهاية يخدم اتجاه طه حسين بصورة أو بأخرى ، وكان سيد قطب هو التلميذ النجيب في هذه المدرسة .

وبعد ذلك والقصة معروفة التي كانت سبباً في التزامه والقصة تدلك على أن الله تبارك وتعالى يهدي من يشاء .

فالأستاذ سيد قطب كان في رحلة إلى أمريكا على متن باخرة وكان على متن الباخرة منصراً ، فاستثار هذا المنصر همم المسلمين الذين على الباخرة فأرادوا أن يظهروا دعوى مقابلة فكلموا ربان السفينة بأنهم يريدون أن يقيموا صلاة الجمعة على ظهر الباخرة فأذن لهم ، ثم كان من الوارطة ألا يجدوا خطيب فصاروا يبحثون عن من يخطب بهم فوقع الاختيار على الأستاذ سيد قطب رحمه الله على اعتبار أنه خريج كلية دار علوم وهو كلية فيها بعض الدراسات الشرعية ، وكان أول المتأثرين بهذه الخطبة هو الأستاذ سيد قطب نفسه وانتهى من الخطبة وقد قرر أن يغير مصار حياته .

سيد قطب رجع بحس أدبي مرهف وتجربه أدبية عاشها قبل أن ينضم للحركة الإسلامية ، فانظم للحركة الإسلامية ليسهم في التصدي لتار حركة التغريب ويكتب كتابات في الرد على شبهات الغرب سواء في عدم الاجتماعية في الإسلام أو ما شابهها من كتب الغزو الفكري ثم يتجه إلى تدبر القرآن وكتب كتاب " في ظلال القرآن "

والتجربة تحكي لك أنه لم يكن هناك خلفية شرعية راسخة ، وأنه انتقل من مجرد كونه أديب إلى أديب ذو عاطفة إسلامية ، فلابد أن تتوقع وجود أخطاء كبير في كلامه ، ولكن من يستطيع ويكون عنده خلفية شرعية مناسبة لا يفوته أن الظلال  تميز في بابين يكاد يكون لا يدانيه فيهما أحد ـ باب الوحدة الموضوعية للسور ـ وهذا باب أتقن فيه الأستاذ سيد إتقان عالي جداً و ـ باب الإعجاز التصويري في القرآن ـ وهذا أيضاً باب اتقنه الأستاذ سيد قطب إتقان عالي جداً ، أما باب البلاغة فهناك ما يفوق تفسير الظلال بمراحل كـ ـ تفسير ابن عاشور ـ أو نحو هذا ، كما أشرنا في ذلك في دروس إعجاز القرآن .

الأستاذ سيد قطب كان له كلام كثير عن أهمية العقيدة واستعلاء الإيمان والاستعلاء على الأفكار الباطلة ، وهذه تعتبر مرحلة جديدة داخل مرحلة التزامه ، فمرحلة التزامه داخلة في عدة مراحل ، فهي مرحلة تصدى فيها لأفكار الغرب ومرحلة أخرى قال بل نحن غير ملزمين نرد عليهم بل نحن معنا الحق يجب أن نستعلي على أفكارهم بأحد الأفكار الرئيسية بفكر الأستاذ سيد قطب ، ثم بعد ذلك هناك نقطة لا نقف عليها كثيراً في مدى وجودها في فكر سيد قطب ولكن على الأقل أن كل من يقرأ كتابات سيد قطب لابد أن يشعر بها وهي أنه تارة بدلاً من أن يقول الاستعلاء على الكفار تكون الاستعلاء على عصاة المؤمنين ، والفكرة أصبحت أوضح بكثيراً عند أخيه الأستاذ محمد قطب وهي أنه من لم يعمل بالإسلام ومن أجل الإسلام فلا يستحق اسم الإسلام ، فهل لا يستحق إسم الإسلام فيكون كافر ؟ أم نقول كمصطلح أهل السنة بأن يكون مؤمن ناقص الإيمان ؟ ، فهذه هي المعركة الكبيرة الدائرة حتى  الآن وهي مدى مسئولية الأستاذ سيد قطب عن فكر التكفير ، فهل قصد التكفير أم قصد مجرد حث العصاة على الالتزام أو حث الذين لا يفهمون معاني العقيدة على أن يفهموها .. إلى غير ذلك .

على كل حال أن هذه الأفكار التي اهتم فيها الأستاذ سيد قطب بمعاني العقيدة وخصوصاً معنى الحاكمية من جملة هذه المعاني والتي تكلم فيها عن استعلاء الإيمان ، فهذه الأفكار إلى الآن موجودة ، وبمفهومها الخاطئ كانت مسئولة عن وجود تيار التكفير والهجرة ، أو بصورة أكثر عمقاً عن تيار التوقف والتبين الذي ينتمي صراحة أو يسمي نفسه أو يسميه الناس بالتيار القطبي لاعتماده على تراث الأستاذ سيد قطب وكتابات الأستاذ محمد كتب .

إذن نستطيع أن نقول أنه انبثق عن فكر الاستاذ سيد قطب تيار تكفيري راجع لكتابات موجودة وعبارات مدسوسة في كلام الأستاذ سيد قطب من أوله إلى آخره .

وحكاية أنه ماذا كان يقصد بها بالضبط ؟ ليس هو موضوعنا الآن

ولكن هذه العبارات التي بنى عليها أحد تيارات التكفير وهم تيار التوقف والتبين بنوا عليها أصولهم المنهجية ويستدلون بها ويقولون أن إمامهم في ذلك الأستاذ سيد قطب .

في نفس التوقيت كانت كتابات الأستاذ سيد قطب مسولة بدرجة من الدرجات عن نشوء جماعة الكتابات ، وهذا ما نتكلم عليه الآن ، لأن الأستاذ سيد قطب تكلم كثيراً على حتمية المواجهة والمغالبة مع استعلاء على الباطل كما ذكرنا .

هذه البوتقة من الأفكار في سياق معين أوجدت نوع من أنواع الحماس الملتهب القابل للاشتعال في أي لحظة

انتبه فإن عندما رافض آخر من الروافض ، فلما نتكلم على جماعة الجهاد المصرية ، الرافض الأول هو كتابات سيد قطب ،والرافض الثاني الذي لا يقل أهمية عن كتابات سيد قطب المد الثوري الذي كان موجوداً في العالم كله .

الآن الإشتراكيين واليساريين وغيرهم يريدون أن يصوروا أن العنف صناعة إسلامية وأنه لا يوجد أحد حمل السلاح على حكوماته إلا الاتجاهات الإسلامية .

في الواقع هذا نوع من التضليل في سرد الواقع .

نحن بغض النظر عن التصويب والتخطيئ سنتكلم على هذا الكلام ، لكن جماعة الجهاد المصرية ومثلها تقريباً كل الاتجاهات ، لأن تجربة الحركة الإسلامية المصرية المعاصرة هي التجربة الرائدة التي تمت محاكاتها في معظم بلدان المسلمين .

فلابد هنا من أن نؤكد على أمر في غاية الخطورة وفي غاية الأهمية وهو أن فكر المواجهة المسلحة كان هو الفكر السائد في العالم كله في فترة  الستينيات أو أواخر الخمسينيات من القرن العشرين .

فإذن هناك جزور وتربية موجودة أوجدت أناس متحمسين ناقمين على الأوضاع ، ونحن قلنا من قبل أن هذا البحث ـ السلفية ومناهج التغيير ـ فنتكلم إجمالاً إسلاميين لابد أن يروا أن الواقع منحرف ، لأن الواقع بعيد عن الإسلام في أشياء كثيرة ، والآن لا أحد يعجبه الواقع لا الإسلاميين ولا يغر الإسلاميين . ولكن كل يبكي على ليلاه . فكل واحد يرى الانحراف من زاويته .

ففي هذا الوقت كان الانحراف أعمق بكثير من الانحراف الموجود الآن ، وكان ما زالت الدنيا حديثة عهد باحتلال وفيها الحملات التغريبية على أشدها ، ومن كان يتعامل مع هذه البيئة من الدعاة ؟ قلنا أن في الجيل السابق مباشرة محمد رشيد رضا ومحب الدين الخطيب ثم حسن البنا ثم ظل اتجاه حسن البنا كان هناك سيد قطب وكان هناك من لا يزالون يسيرون على طريق محب الدين الخطيب ومحمد رشيد رضا وهو أنصار السنة ولكن الدنيا فيها إرهاصات وهناك شباب يتلقى عن هؤلاء الموجهين المتعددين ، وهناك منهم توجيه وهو المنسوب للأستاذ سيد قطب وكان توجيه أكثر نقمة على الأوضاع وأكثر تعلقاً بالأمل القريب ، فهذه البذرة ربماً كانت بذرة مناسبة أن يستعيروا الأفكار الثورية التي كانت تموج في العالم كله في ذات الوقت ، فبدأت تكون أفكار متناثرة وأن واحد يفكر في أن ينقلب ، وطبعاً تعظيم جانب الحكم ونحن نقول اعتقاد أن الحكم حق خالص لله تبارك وتعالى هذا جزء من العقيدة { إن الحكم إلا لله } ، قلنا أن سيد قطب جعل طريقة عرضه أن الحاكمية تحتل الجزء الأكبر من العقيدة وأنه لو أزيلت الطواغيت ينتشر الإيمان ونحو ذلك ، فعنده درجة من الغلو في مكانة قضية الحاكمية واهميتها من ضمن سائر قضايا العقيدة ، رغم أنها مهمة فعلاً ولكنه أعطاها درجة اهمية عالية .

فإذا كان الأمر كذلك فلابد أن عند من تأثر بهذا الفكر كان لابد أن يكون أقصر الطرق من طريقة نظرهم تغيير أو وضع قضية الحاكمية موضع التطبيق ، وبالتالي نستطيع أن نقول أيضاً أن فكر الأستاذ سيد قطب مسئول بدرجة ما عن مسألة الحل البرلماني ، وإن كان كلام الأستاذ سيد قطب في عاية الرفض للتحالف مع الأحزاب العلمانية والدخول تحت مظلمة البرلمانات الجاهلية ، ولكنه في النهاية تقرير مبدأ أنه لو نجحنا في قضية الحكم ستحل كل مشكلة ، في حد ذاتها قضية غير سليمة ، وكما ضربنا مثال بتركيا أو غيرها لما يكون الحكم رأس السنة ويريد أن يطبق ولكنه لا يرى مساعدة فيكون كالعاجز وسيضطر يتركها كما تركها أربيكان أو يضطر أن يطبق العلمانية تماماً كما يطبقها أردوغان .

على كل حال لكي تصل إلى الحاكمية ما هو المطلوب ؟

إما الحل البرلماني أو الحل الثوري الانقلابي ، وهذا الذي تم عبر تجارب لا نخوض في تفاصيلها ، المجموعات الصغيرة التي في النهاية أصبحت في النهاية جماعة الجهاد المصرية .

إذن لكي تعرف ما هي جماعة الجهاد :

جماعة الجهاد هي جماعة إسلامية ترى أنه يجب عليها أن تعمل على قلب نظام الحكم لإقامة الحكم الإسلامي عن طريق الدخول والتجسس داخل الجيش أو داخل الشرطة أو غير ذلك ، وبالتالي جماعة الجهاد ليست جماعة دعوية بمعنى أنها متى تتحرك لكي تدعوا شخص ؟ عندما تتوسم فيه انه سيقبل الفكرة الإنقلابية ، ولكن جماعة الجهاد تؤجل الدعوة أصلاً ، وبالتالي عندما تتكلم في جماعة الجهاد في موضوع المصالح والمفاسد والدعوة تجد أن كل هذا الكلام عنده صفر

فأصل الفكرة عند جماعة الجهاد هي محاولة عمل انقلاب أو الوصول إلى الحكم عن طريق مواجهة عسكرية أو انقلابية هو في مرحلة دعوته لا يدعوا كل الناس بل يدعوا الأفراد الذين يصلحون أن يعملوا في المنظومة .

وقلنا أن أحد الروافض المهمة لذلك أن هذا كان هو الشائع في الدنيا كلها آنذاك بحركات انقلاب في كل البلدان لاسيما في العالم الثالث أو نحو ذلك ، ووجدوا أن هذه الطريقة الأسهل والأيسر ولكنها لم تنجح بعد .

وطبعاً هذا بعد ذلك أثر على اختياراتهم ، وابتداءاً هم عندهم جرعة ميل إلى التكفير لأن كتابات الأستاذ سيد قطب في حد ذاتها فيها درجة من درجات هذا الميل ، ونقول أيضاً أن هذه الجرعة زادت وهم مرحبون بها جداً لانه في ذات المواجهة يحتاج إلى الحرية في الحركة والمناورة وعمليات القتل أو غيرها ويحتاج ألا يجد فيها قيود ، وبالتالي جماعة الجهاد عندها درجات من الغلو في التكفير والقبول بكل درجات التكفير أقلها عنده تسمح حتى يكون الشخص يصلح أن ينتمي إلى هذا الفكر أن يكون لا يعذر بالجهل ، فيقول في الحكم بغير ما أنزل الله أنه كفر ولا يعذر الحاكم ولا المحكوم ويكون بذلك في النهاية عنده درجة جيدة من القدرة على تكفير من يستهدف .

من الممكن أن تصل عند البعض أن يكون نفس منهج تكفير المجتمع ككل ابتداءاً بأنهم ليسوا مسلمون أو كفار ولدوا من ذراري كفار ، وجماعة الجهاد تحتوي بداخلها على طيف كبير من أصحاب الاتجاهات التكفيرية ولا يقبل عندهم أحد ليس لديه عقيدة تكفيرية .

من منهم يريد أن يكون عقيدته سلفية وفي ذات الوقت يكون منتمي بهذا الفكر فعلى الأقل يقول بعدم العذر بالجهل وإلا ستكون عنده قيود تقيده وتكبله .

وهذا الاتجاه موجود هذه الأيام في معظم بلدان المسلمين وفي مصر ولكن جماعة الجهاد المصرية علقت العمليات العسكرية في مصر وأعلنت أنها لا تعمل عمليات من سنة 1995 وتوجهت أنها انتمت مع تنظيم القاعدة ولكن هنا نقول أنه علقت العمليات دون أن تقول بعدم مشروعيتها ، لم تتعرض للمشروعية من عدمها ولكن علقات العلميات فقط

فهناك عمليات تمت داخل السجون وعملها أحد أكبر منظريهم الدكتور سيد إمام ولكن وافق عليها البعض ولم يوافق عليها البعض الآخر لكن هذا فكرة جماعة الجهاد وكيف نشأت

الجماعة الإسلامة مختلفة عن جماعة الجهاد ولابد أن نعرف أن الفرق كبير في ظروف النشأة وفي الأهداف وفي طريقة التطبيق .

فنحن تكلمنا عن جيل الأستاذ محب الدين الخطيب والأستاذ محمد رشيد رضا وقلنا أن الجيل الذي يسبقه كان جيل الأستاذ محمد حمدي الفقي مؤسس جماعة أنصار السنة المحمدية والأستاذ حسن البنا مؤسس جمعية الإخوان المسلمين ، وأنه بعد ما حصل أن جماعة الإخوان نشأ منها شرنقة داخلية في فكر الأستاذ سيد قطب ثم إن هذه الشرنقة نتج عنها أفكار تكفيرية وأفكار جماعة الجهاد واستمر تيار الإخوان الباقي في الدعوة العامة والعمل السياسي الذي دعموا من خلاله الضباط الأحرار وقامت ثورة يوليوا ثم اصدتمت هذه الثورة مع الإخوان وحصل الملاحم المعروفة بين المواجهات بين الثورة والإخوان وبالتالي كانت الساحة تقريباً ليس فيها إلا أنصار السنة ، لأننا قلنا أن الجهاد جماعة غير دعوة ، فالجهاد تنتقي من يخدم مشروعها لكن ليس لها تواجد دعوي عام إلا في نطاق محدود جداً لأن هذا يتنافى مع طبيعة الطرح الذي يطرحونه ، وبعد ذلك وجد شباب في الثانوي والجامعة فيما عرف فيما بعد بالجماعة الإسلامية والجماعات المصرية ، وهم معظم روافضهم الأصلية كانت من مساجد أنصار السنة وهي كانت صوت الدعوة الوحيد الباقي في ذلك الوقت مع الاطلاع على بعض كتابات الأستاذ حسن البنا أو كتابات بعض رموز الإسلام التي ما زالت موجودة بعد دخولهم السجن ، ونشأت الجماعة الإسلامية على عقيدة سلفية وعلى ما تعلموه من جماعة انصار السنة ، ولاسيما وأن في هذه الفترة شهدت رواج لكتابات رموز سلفية كبيرة كالعلامة الألباني والشيخ ابن باز والشيخ بن العثيمين وهذه كونت الأرضية التي تكونت عليها فكرة الجماعة الإسلامية ، ولكن بعد ذلك وفي أواخر السبعينيات بدأت الجماعة الإسلامة تنشطر إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : الجماعة الإسلامية بالصعيد ، وهؤلاء احتكوا بجماعة الجهاد وبدأ يكون هناك درجة من تلاقح الأفكار بين بعضهم

إحدى القضيات وكانت قضية فارقة بالنسبة للجماعة الإسلامية في الصعيد هي قضية تغيير المنكر باليد ، فهذه قضية يراها السلفين وما زالوا يرونهم أن القضية عليها كثير من القيود حتى لا تؤدي إلى مفاسد .

طبيعة البيئة في الصعيد كانت تشجع الشباب الجامعي المنتمي للجماعة الإسلامية في الصعيد أن يبارز تغيير المنكر باليد بدرجة واضحة وصارخة داخل الجامعة بمنع الحفلات الغنائية وغيراه وخارجها بمنع الأفراح ومنع محلات بيع الخمور التي تبيع الخمور للسياح أو غير ذلك ، وبدأت الجامعة الإسلامية في الصعيد تتبنى أنها جماعة تغيير منكر بمعنى أنها تخرج تتفقد المنكرات وتغيرها وتلزم أصحاب المنكرات بالتغيير الفوري كأنهكم جماعة حسبة معينة من قبل الإمام . ليس قضيتنا كونها معينة من قبل الإمام أو لا ، ولكنهم ظنوا أن لديهم التمكين الكافي الذي يجعلهم يخرجون ويتفقدون المنكرات كما تقرأه في الكتب عن جماعة الحسبة التي كان دورها تغيير المنكرات في الأسواق .

هنا نشأت قضية المصالح والمفاسد ، وكان هو يغير المنكر على تاجر يبيع شيء منكر ويلزمه بصورة أو بأخرى أو يكسر فرح أو نحو ذلك  ثم يقاضيه الآخر ويتم معاقبة من قام بالإنكار أو تعقبهم أو نحو ذلك .

في الواقع أن الرأي الذي كان آنذاك أنه لابد أن نغير المنكر حتى لو ترتبت مفاسد ، وبدأ يكون نوع من أنواعه المواجهة مع النظام ، وفي الواقع كانت المواجهة بأن تقوم الجماعة الإسلامية بعمليات تغيير للمنكر والنظام بذلك يريد أن يعاقبها لأن ذلك خروج على القانون بوجهة نظره ، وتتم مواجهة عند القبض على أحدهم فبدأ يكون هناك مواجهة مسلحة بين الجماعة الإسلامة وبين الشرطة وحدث بينهم قتلى ، وهذا القتل أوجد ثأر متبادل ، حتى أتى في وقت وكانت قضية ثأر غير معروف أين هو .

حتى لما بدأت الجماعة الإسلامية في كتابة المراجعات الفقية قالوا نحن بدأن جماعة دعوة واشتغلنا بتغيير المنكر وحصل مخالفات ما في تطبيق تغيير المنكر أدى إلى مواجهات مع الشرطة في ظل وجود قيادات آنذاك كانت تميل للتصعيد ومع الطبيعة النفسية الصعيدية أو نحو ذلك وجد ثأر فهم يقولون أنهم وجدوا أنفسهم بعد فترة في حمامات دم ثأرية ولم نكن جماعة دعوة ولا جماعة تغيير منكر وأصبحنا في مواجهة مع الشرطة .

والمراجعات ما هي إلى إعادة الجماعة الإسلامية إلى سيرتها الأولى وأنها جماعة دعوة ومع التأكيد على الضوابط التي تمنعها أنها جماعة دعوة تتحول إلى جماعة تغيير منكر بالصورة التي أوجدت مفاسد ، فالدعوة دعوة إلى خير وفعل المعروف وترك المنكر ولكن قضية تغيير المنكر باليد بالذات تحتاج إلى ضبط وأظنهم ضبطوها في المواجهة .

هذه المواجهة التي نشأت في الواقع بصورة شبه ارتجالية بمعنى أن الجماعة الإسلامية جماعة دعوة ثم أصبحت تعنى بدرجة أكبر في دعوتها بتغيير المنكر وبدرجة أكبر بتغيير المنكر باليد وكما ذكرنا أنه دخل بالجماعة الإسلامية في دومة العنف بلا نظام ، فهو يغير المنكر باليد الذي أرغم على أنه يغلق محله لأن فيه مخالفة رغم أن هذا حق شرعي ، ونحن نتكلم ونبين هل أنت تفعل هذا لكي تأتي بمصلحة أو تأتي بمفسدة أعظم ؟ ، فإذا كنت عاجز أن تفعل مصلحة اكتفي بالنصيحة ولا يكلف الله نفساً إلى وسعها .

الأشخاص الذين كانوا يتعرضون لمنع أفراحهم أو منع تجاراتهم المحرمة أو نحو ذلك يستعينون بالنظام فهم لم يفعلو شيء مخالف قانونا وهؤلاء يمنعونهم ، وطبعاً الشرطة تتعقب إخوة الجماعة الإسلامية فأخذوا قرار بالمواجهة .

فهو إما يأخذ قرار بالتراجع عن تغيير المنكر باليد أو يواجه لأنه بذلك يغير مرة ثم يلقى القبض عليه فتنتهي القضية ، فقالوا الأفضل نواجه حتى نجبر النظام ألا يتعقبهم ـ يريدون أن يصبحوا جماعة تغيير منكر تفرض نفسها بالقوة ـ

هذه المواجهة اوجدت درجة ما من درجات التقارب مع جماعة الجهاد ، وحدث وكأنما التقى الاثنين في منتصف الطريق .

لأنهم في عداوة مع النظام بلا هدف ، فأصحاب الجماعة الإسلامية يعمل عمليات ثأرية رغم أنه في البداية يقول أنه يريد حماية جماعة الدعوة التي فقدت ويحاول أن يكون كوادر حتى تتواجد في الجبال حتى تنفذ العملية الثأرية

والجهاد من المفروض أنه يؤجل المواجهة تماماً لأنه رجل يعد العدة حتى يحدث تغيير مرة واحدة ، ولكن هو الآخر دخل منافسة مع الجماعة الإسلامية فيمن يقتل أكثر ومن الذي يحدث عمليات أكثر وأوسع أثراً .

فتستطيع أن تقول أن هناك مرحلة ما كان فيها عنف غير مبرر ، فأنت تناقش فكرة بغض النظر عن صحتها أو خطأها .

فأصحاب الجهاد لهم فكرة معينة وتخلوا عنه فجأه ويقتل بلا هدف

وأصحاب الجماعة الإسلامة كان تنظيره كذلك وفجأة يريد أن يثأر وعنده كم أخ مسجون وكم أخ قتل في المواجهات ، فأصبت القضية ليست قضية تغيير منكر .

تعطلت الدعوة وتعطل تغيير المنكر وأصبحت القضية قتل وقتل مضاد فقط بلا هدف

فأصحاب جماعة الجهاد من ضمن الأشياء التي أحدثت قدر من أهمية المراجعة الداخلية ،أين هم من الأساس الذي قاموا عليه ، ناهيك من أي شيء آخر ، فأين هم من أنهم يحاولون أن يصنعوا تربية خاصة جداً وليس دعوة عامة ولكن لأفراد مؤثرين حتى يصنعوا تغيير مفاجئ ، بل هم لا يزالون يستنذفون طاقتهم ويفعلون عمليات القتل ونحو ذلك وخصوصاً ان معهم فتاوى تكفير وبالتالي تكون المسألة بالنسبة لهم واسعة .

فهذا الذي أدى بأن جماعة الجهاد المصرية أن تعلق عملياتها .

لماذا لم تقل جماعة الجهاد أن هذه العمليات خطأ شرعاً ؟

لأنها لا ترى أن هناك حرمة للدماء التي قتلتها ، بالتالي هم لا يريدون أن يقولون أن هذا خطأ شرعاً ، فهم عندهم توسع في موضوع التكفير ، حتى الناس الذين قتلوا خطئاً ، فهم عندهم تنظير ما دام أنهم في مواجهة عسكرية أن من يقتل في الطريق يقتل ويبعث على نيته ، وهذه قضية ربما تحتاج إلى مناقشة .

فموضوع البحث لا نقدر أن نوفي كل مسألة حقها فيه ، وإلا فقضية الجهاد لها بحث أكثر تفصيلاً ولكن نحن نريد أن نعلم الدنيا من حولنا  .

فبعد فترة من سفك الدماء بالإضافة إلى المفاسد والتشويه الإعلامي وحتى الآن وعن قريب كان اللقب للإسلاميين في الإعلام ـ قتلة الطفلة شيماء ـ والطفلة شيماء هي طفلة في مدرسة أو لا أدري يمكن أن تكون ليست في نفس المدرسة ، فقامت جماعة الجهاد فتفخيخ سيارة واقفة بجوار سور مدرسة ، فسور مدرسة يعني يوجد أطفال ، فلو أنهم أطفال كفار وأطفار مشركين لا يقصدون بالقتل فضلاً أنهم أبناء مسلمين . ولكن كما ذكرنا أن هناك درجة توسع في أنه يكفر الجيش والشرطة وحتى بقية الناس لا تفرق معه ، فحرمة الدماء سقطت عنده ، لأنه في حكم مواجهة هؤلاء لا بأس بمن يقتل في الطريق ويبعث على نيته .

فهم كانوا يترصدون أحد المسئولين بحيث يفجرون السيارة بجوار موكبه ولكن القوة التفجيرية كانت ناحية المدرسة ولم تأتي بشيء ناحية الموكب وهناك طفلة ماتت ، وظل الإعلام يقول الإسلاميون قتلة الطفلة شيماء ، وطبعاً الإخوة بمنتهى البساطة قالوا أن يصوموا كفارة قتل نفس الخطأ وانتهى الأمر على ذلك .

فهناك تهور وتسرع واستهتار بشأن الدماء بلا شك ، فإذا كان هو تسرع في تكفير جميع أفراد الجيش والشرطة ، أو ربما أحياناً يقسمونها رتب وهذه من أعجب الأمور فعنده بعض الرتب كفار ومن تحتهم ليسوا كفار ، فيكون الرجل اليوم مسلم فتأتي له ورقة الترقية فتكون ورقة الخروج من الإسلام !! ، فهي أشياء لا تستطيع أن توزنها بميزان الشرع ، وكما ذكرنا ليس هذا وقت المناقشة التفصيلية في هذا الأمر .

حدث أن حمامات الدم ألزمت بالمراجعة ، فجماعة الجهاد ألزمت نفسها بتعليق العمليات فقط ، وطبعاً المبرر الداخلي بتعليق العمليات هو أن العمليات أصلاً انحراف عن منهج جماعة الجهاد ، وأن جماعة الجهاد من المفروض أنها وفق المنهج التي قامت عليه ألا تعمل العمليات .

أما الجماعة الإسلامية فراجعت ، فهي كان تريد تغيير المنكر باليد ثم تبنت الدفعاع عن أبنائها الذين يغيرون المنكر باليد من الشرطة التي يريد منعهم ، فوجد الثأر والثأر المضاد ، فهو يريد أن يرجع لأصله كجماعة دعوة ومن جهة أخرى راجعوا الأساس النظري في أنه أثناء تغيير المنكر باليد لا تراعى المصلحة والمفسدة فنصوا صراحة على وجوب مراعاة المصلحة والمفسدة في هذا الباب وبالتالي أغلق الباب من أوله بدلاً من أوله يغير المنكر باليد بغض النظر عن العواقب ، وهذه العقواب تكون تتبع من قبل الأجهزة الأمنية ، وهذا التتبع يولد مواجهة وثأر وثار مضاد ، وكان هو ملخص قضية المراجعات في الجماعة الإسلامية لأنهم تقريباً قالوا بما يقول به السلفيون في قضية تغيير المنكر باليد ، بأنه إذا كان يأتي بمفسدة بأن يمنع منه ويكتفى بإنكار المنكر باللسان ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، فحصل المراجعات في قضية الجماعة الإسلامية وتم بعد ذلك بما عرف بقضية المبادرة والتي تستطيع أن تقول أن الجماعة الإسلامة في مصر صارت جماعة لا تحمل السلاح وهي قريبة إلى حد ما من الطرح السلفي ، بل إن أحياناً أثر التجربة من باب الاصطلاح الدارج " اللي اتلسع من الشربة ينفخ في الزبادي " فنحن احياناً ننكر على الجماعة الإسلامي في وضعها الحالي المبالغة في عدم مواجهة الواقع ، فهم الآن يحاولون القول على بعض البدع بكلام غير صحيح ، يعني هم كانوا يهدمون الموالد ويكسرونها فبدأ يتكلم بأن المولد لو خلا من الشركيات والقصائد الشركية وأصبح مناسبة نذكر بها الناس بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم فقد لا يكون منكر أو أن بعض العلماء لم يقولوا ببدعيته .

فنقول الأفضل أن نلتزم بالعدل والإنصاف والتوسط ، وأن الجماعة قامت طول عمرها على محاربة البدع وأنه إذا كان في وقت من الأوقات حارب البدع باليد فصنعت المفاسد فهذا لا يلزم منه أن يهادن بعض البدع الآن .

فهو لا يهادن البدع ولكن يقول إعادة قراءة وتقييم لبعض الأمور .

نقول بعض الأمول التي يعيد قراءة تقييم لها في الواقع هي ناشئة من رغبة في إشعار الأتباع وأن هناك كثير كانوا يرونها خطأ حتى بغض النظر عن تغير المنكر باليد وكانت صحيحة ، فلو كان هناك أدلة تبين ذلك فلا بأس ، ولكن نقول أن هناك درجة ميل لدى الجماعة الإسلامية الآن بأنها تمرر بعض البدع أو على الأقل تقول أن الخلاف فيها سائغ ، وتمرر موقف لطيف من بعض الدعاة التي لهم اخطاء مثل الشيخ الغزالي مثلاً وكل يؤخذ من قوله ويترك ، ولكن حملته على السنة واستهزاؤه بها وطعنه في أحاديث البخاري ومسلم ، وطبعاً الجماعة الإسلامية إلى الآن تقول أنها جماعة دعوة سلفية بأن منهجهم قائم على الرجوع للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة . فكيف من يقول أن منهجه سلفي يسصغر شأن إنكار أحاديث البخاري ومسلم وتقديم العقل على النقل في مواطن  .. إلى غير ذلك ، ومثلاً موقف من مواقف الدعاة الجدد مث الأستاذ عمر خالد ونحو ذلك ، فنحن نقول أن كلاً يؤخذ من قوله ويترك ، ولكن الأستاذ عمرو خالد عنده أخطاء فجة مثل قضايا النصارى والذهاب إلى الكنيسة والدانمارك وغير الدانمارك والشباب الذي يجمع بينهم في أعماله وهناك درجة من درجات الاختلاط وغير انه غير متقن للمسائل الشرعية فمن الممكن أن أثناء كلامه يقول كلام كثير غير صحيح ، فيوجد ميل لدى الجماعة الإسلامية ، فهناك رغبة شديدة أن يلقي لأتعباعه رسالة أنه يمكن نوع من أنواع التعايش السلمي والرضا عن المجتمع .

نحن نريد أن نقف موقف الوسط والقصد بدون إفراط ولا تفريط.

فمثلاً على سبيل المثال يقولون موقفهم من الأزهر ولابد أن يعترفون أن الأزهر أكبر مرجعية سنية في العالم ولها احترامها ولها قداستها وأن الدعاة السلفيين يغبطون الأزهر حقه .

فهل الأزهر هل هي البناء أم أنها أفكار ومناهج ؟

لو أنك تقول أنها أفكار ومناهج فنحن نقدر المناهج الأزهرية في الفقه والتفسير وغيره لأنها مأخوذة من كتب السلف ، ولكنهم يدرسون العقيدة الأشعرية ، فالقضية لا تقبل أبداً أنصاف الحلول ، والقضية لابد فيها من وقفة ، ومع أن هذا لا يمثل جزء كبير من المنهج ولكن لا يصح أن نسكت هذا الموضوع ، لما يكون المقام في مقام الكلام على عقيدة الأشاعرة لا نجامل لأن هناك مؤسسة إسلامية كبيرة أو غير كبيرة عقيدتها أشعرية .

ولما تتكلم عن الأفراد ، فمن الأزاهرة أفراد عقيدتهم سلفية صرف ، فالدكتور محمد خليل هراس كان عميد كلية أصول الدين في وقت من الأوقات ورسالة الدكتوراة له عنوانها " باعث النهضة الإسلامية ابن تيمية السلفي  " وهي رسالة دكتوراة يناشد فيها الأزهر أن يدرس منهج السلف على الأقل جنباً إلى جنب مع منعهج الأشاعرة ، وهذا رجل أزهري ولكن كلامه رفع شأنه .

وهناك مثلاً أناس في الازهر لهم شأن كبير جداً من الناحية الفقهية والأصولية ولعلنا أحياناً كثيرة نستعين ببحوث الأستاذ الدكتور محمد ابو زهرة رحمه الله وهو رجل موسوعة وهو عظم علماء الازهريين في العصر الحديث ، ولكن في الحقيقة في النهاية عندما ناقش عقيدة ابن تيمية أنكر عليه إنكاره على الأشاعرة  في باب الصفات بينما لم يتمالك من أنه يقول أن منهج ابن تيمية وهو منهج السلف في باب القضاء والقدر أمثل بكثير من موقف الأشاعرة ، ونحن نقول في النهاية أن عقيدة السلف كلها هي الحق الواجب اتباعه ، ولكن من الممكن أن نرجع إلى عالم كهذا في الأمور التي يتمكن منها ، وعلى هذا فقس .

 ولكن هناك أناس في الأزهر درسوا العقيدة الأشعرية ، والصدام بين الأشاعرة والمعتزلة على أشده وهو يدعوا إلى عقائد المعتزلة ، وكثيراً منهم نتجية تأثرهم بوجود درجة إعجاب عالية عند الأزاهرة بكتاب تفسير الكشاف للزمخشري وهذا للإسف بعد أن يدرسه الناس بدراسات تجد أنه خرج منه معجب بالمنهج المعتزلة وليس بمجرد أدبيات الزمخشري ولطائفه اللغوية التي يقولها في التفسير .

فإذن كل واحد يعامل بحسبه ومنظار قربه وبعده عن الحق ، ولا نقدر أن نأتي على مؤسسة فيها آلاف الناس في كل العصور ثم نقول أن نعتبرها مرجعية .

فالأزهر يكفر ابن عربي ولكن بعض رموز الأزهر يثنون على ابن عربي ولهم دراسات لابن عربي ، وربما بعضهم له درساته ولما يصدر باسم الأزهر يقول أنا أتكلم بعقيدة الأزهر ولا ندري أين دراساته ، فلا نستطيع أن نعطي مرجعية لشخص أو لهيئة أو نعطي حكم واحد لهذه الأمور المتفاوتة ولكن المرجعة للكتاب والسنة ، ويقاس كل الناس بمقدار قربهم أو بعدهم من الكتاب والسنة .

فهذا استطراد يسير لهذه المسألة ، فنستيطع أن نقول في النهاية أن الجماعة الإسلامية جماعة دعوة رأت في وقت من الأوقات تغيير المنكر باليد ، وهذا أحد الأسباب التي جعلها وتنفصل وتتميز بطريقة عمالها عن الجماعة الإسلامية الأم التي تعتبر انقسمت إلى ثلاث اتجاهات :  الجماعة الإسلامية في الصعيد ، الجماعة الإسلامية في وجه بحري وصارت أحد فصائل الإخوان والدعوة السلفية .

فالجماعة الإسلامية في الصعيد التي هي كانت في الأصل إحدى فصائل الجماعة الإسلامية الأم ، وكان النقطة المميزة لها تغيير المنكر باليد وهذا الذي جرها لمواجهة مع النظام مما جرها إلى درجة تقارب ما مع الجهاد ونتج عن ذلك مراجعة هذا الملف والرجوع لنقطة اعتبار المصالح والمفاسد في تغيير المنكر باليد .

فعندما موضوع تغيير المنكر أو فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وموضوع فقه الجهاد .

فالموضوعين متقاربين ولكن تستطيع أن تقول أن فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كأنه هو الأمر المميز أو أمر المفاصلة بين السلفيين وبين الجامعة الإسلامية قديماً ، ولأنه لا فكر يموت ، بمعنى أن الفكر يظل اسمه من يرى عدم تقدير المصالح والمفاسد في قضية تغيير المنكر باليد ، تستطيع أن تقول أن هذا الفكر موجود كان يتبناه جماعة هي الجماعة الإسلامية التي هي الآن لمتعد تتبناه ولكن من الممكن تجد آحاد من الناس لا زال يعيش بداخله هذا الفكر ، ومن الممكن في يوم من الأيام في مصر أو في غيرها تجد جماعة تتبنى هذا المنهج ، فنحن دائماً نتكلم على فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لنبين أصوله وضوابطه .

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر لم يكن فيه كبير إشكال والإنسان لا يسعه أن يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مدعياً أنه لا يلزمه إلا إصلاح نفسه ، فهي قضايا كثيرة معظمها لا يمثل نقاط مفارقة بين الفصائل الإسلامية .

الذي كان يمثل نقطة مفارقة أساسية أو جوهرية مسألة تغيير المنكر باليد ، وبالتالي كنا ندرس ومازلنا قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتكون القضية التي تحتل الصدارة كما لو كان الموضوع من أجلها موضوع وجوب مراعاة المصالح والمفاسد في تغيير المنكر باليد .

في المقابل نتكلم على قضية الجهاد وكأن هذا هو موضوع الخلاف الرئيسي بينك وبين جماعة الجهاد ، لأن جماعة الجهاد لا تتكلم على مجرد تغيير المنكر بل تتكلم على جهاد الأنظمة الحاكمة لمحاولة إزالتها وأنه أيضاً يتكلم على أن الجهاد بدون إعداد عده وبدون تكييف للواقع ، فهو هل يجاهد الكفار أم مرتدين أم طائفة ممتنعة أم يقاتل بغاه ؟ ، فكل هذه أنواع من القتال والجهاد لابد أن تكيف .

فعنده الأمر سهل جداً وهو تكفير النظام والقتال عنده هو قتال المرتدين فهذا يكون هو الجهاد ، وجهاد المرتدين عنده مقدم على جهاد الكفار ، وهذه مسألة تعرضت للمراجعة من قبل جماعة الجهاد .

فهم الأول كانوا يقولون تكييف الأنظمة الحاكمة بأنهم مرتدين واليهود والنصارى والأمريكان كفار أصليين ، فكان يقول أن جهاد المرتدين مقدم على جهاد الكفار الأصليين .

والآن بعد إنشاء تنظيم القاعدة وجماعة الجهاد المصرية تحتل مواقع قيادية بارزة في تنظيم القاعدة بدأوا يميلوا أن قتال الكفار مقدم على قتال الأنظمة رغم أنهم لم يتراجعوا عن وصفهم بالردة ، ولكن رأوا أن قتال الكفار هو لمقدم .

وقتال الكفار نحن نقر بجزء منه مثل القتال في العراق وأفغانستان وفلسطين ولكن يبقى قضية ، فهو يريد أن يقاتل الكفار في كل الدنيا ، وهو لا يكون قتال في الواقع بل هي عمليات عشوائية فيها خلل ، لأنه من الممكن أن يعطيهم أمان من نفسه كأن يطلب تأشيره أنه يريد أن يدخل أمريكا مثلاً فيقول اسمحوا لي يا معشر الكفار أن أدخل بلادكم ، فهذا يكون أمان وأعطاهم الأمان من نفسه فلا يصح أن يقاتلهم . وبالتالي سيبقى القدر المشرتك والقدر الذي نقل به وهو أعمال هذا الاتجاه وقتال الكافر وهم أتوا بنفسهم في بلاد المسلمين ، لأنه لا يقاتل الكفار في واقع الأمر بل هي عمليات عسكرية متناثرة تسمى في الإعلام إرهابية فيها مفساد فيها خيانة للعهود ومواثق الأمان وفيها مفاسد تعود على بلاد المسلمين كلها ونحو ذلك .

لكننا نقول أن جماعة الجهاد كان لها فكر معين بانه كان أمامها قتال مرتدين وقتال كفار وكانت تقدم قتال المرتدين على قتال الكفار ، والآن تراجعوا مع عدم سحب وصف الردة .

الجديد في مراجعات الدكتور سيد إمام بأنه دعا إلى أن وصف الردة يحتاج إلى تثبت وهناك مسألة تسمى العذر بالجهل .

وهذا التطور الرئيسي الذي كان في مراجعات الدكتور سيد إمام وهو بذلك وكأنه يرجع إلى بعض الأمور في المنهج السلفي وإن كان مراجعاته لا تعبر صورة طبق الأصل من المنهج السلفي ولكن هو رجع لقضية وجود العذر بالجهل وبالتالي توظيف الأمر بردة النظام ونحو ذلك ثم ينبني عليه قتاله الذي تراجعوا عنه ، لكن المسألة أنهم مازلوا مصرين على توصيف الأمر بالردة طبعاً مع إغفال قضية العذر الجهل تماماً .

ومراجعات الدكتور سيد إمام فيها إشارة ومبناها على أنه لابد من الاعتبار بقضية العذر بالجهل مع اعتبار قضية المصالح والمفاسد حتى لو وجد مرتدين أو وجد كفار اصليين أو غيرهم وبالتالي هذه عندما تراعي قضية المصالح والمفاسد وقبلها تراعي قضي العذر بالجهل لا تكيف المواجهة في بلاد المسلمين على أنها قتال ردة ، ولما يراعي المصالح والمفاسد سيمنع من المواجهة في بلاد المسلمين جزماً وسيمنع مواجهة الكفار  في بلادهم بإحداث تفجيرات أو غيرها لأنها من حيث الواقع المتكرر ينتج عنه مفاسد أكبر كما هو معروف .

فنحن دائماً نضطر نتكلم في قضيتين فقهيتين : قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع التركيز فيها على قضية وجوب مراعاة المصالح والمفاسد عند تغيير المنكر لاسيما تغيير المنكر باليد ، وقضية الجهاد ونركز فيها على أنه ليس كل قتال جهاداً ، فمن الممكن أن يكون قتال فتنة أو غيره ، فالجهاد هو الجهاد الشرعي الذي يكون فيه تكييف واضح وصريح للطرف المقابل وفيه تمكين وفيه فئة وتجمع لراية المسلمين التي تحارب الطرف المقابل ، وكثير من الأحيان نجد أصحاب الجهاد يتسرعون في في توصيفات غير مطابقة للشرع كما أنه يوصف الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين بالردة استناداً على عدم تطبيق الشرع دون مراعاة لقضية العذر بالجهل وإغفاله لقضية المصالح والمفاسد في هذا الباب .

وبالتالي عندما تدرس مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتدرس مسألة فقه الجهاد تجد الكلام واحد في أصوله العامة ، ومن الممكن أن تعمم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتقول أن الجهاد نوع من أنواع تغيير المنكر ، وممكن تعمم قضية الجهاد وتقول جهاد الكلمة والنصيحة جزء من الجهاد .

ولكن في النهاية عندما تفصل كل واحد منهم بمعناه الدقيق ستجد أن الأمرين متقاربين جداً في التركيز على مراعاة الضوابط الشرعية عموماً ومراعاة المصالح والمفاسد والقدرة والعجز خصوصاً .

في الواقع هنا لأنه يتكلم في البحث عن من يرون حتمية المواجهة العسكرية فالكلام موجه أكثر لمن يرون قتال الأنظمة

فنحن قلنا أن الجماعة الإسلامية كانوا لا يرون القتال كمبدأ وإن كان هذا أتى كعرض على قضية تغيير المنكر باليد .

فنقدر أن نقول أن البحث لخص لنا أهم العناصر التي ندرسها في بحث فقه الجهاد ، وهناك بحث أكثر تفصيلاً عن فقه الجهاد ، فهو هنا سيلخص لنا أهم العناصر المطلوب استحضارها في قضية فقه  الجهاد ومعرفة ما يتعلق به لضبط الغلو الذي يوجد عن اتجاهات جماعة الجهاد في التسرع في التكفير في القتل لما يعم ضرره ، وفي التسرع في القتال دون مراعاة المصالح والمفاسد ، فهذا الموجود هنا في هذا البحث .

نحن مهلنا في ذكر التطور التاريخي ونشأة جماعة الجهاد المصرية والجماعة الإسلامية وتقريباً هذا موجود في كل بلاد المسلمين بصورة أو بأخرى وذكرنا التطورات الأخيرة في كل منهما بأن الجماعة الإسلامية أقرت بمدأ لزوم مراعاة المصالح والمفاسد في تغيير المنكر باليد وبالتالي تخرج عن هذا التصنيف لكن الفكر سيظل موجود ، من الممكن تجده في بلد أخرى وفي منطقة أخرى كنوع من التحصين الدعوي والحرص على بقاء المنهج بأن نكون على علم بقضية تغيير المنكر باليد وضوابطها ، وأيضاً جماعة الجهاد حصل عندها تطور ولكن ليس تطور في كل فصائلها ، فعندنا جماعة الجهاد المصرية تطور عندها تطوران : الأول تعليق العمليات العسكرية في مصر أو من الممكن أن تضيف إليه أن رؤية مواجهة الكفار صارت مقدمة عندهم عن مواجهة الأنظمة

التطور الثالث مبادرة الدكتور سيد إمام والذي اقترب فيها من الطرح السلفي ، إلا أن هذه الوثيقة ليست محل اتفاق من كل المنتسبين إلى هذا الفكر .

لذلك نقول أن جماعة الجهاد مازالت موجودة بهذا الفكر وإن كان ليس لها رصيد على أرض الواقع لأن أعضائها أما داخل السجون وإما خارج مصر موجودين مع القاعدة أو مع غيرهم ، فهذا الفكر مجمع على أرض الواقع على النحو الذي ذكرناه ، وعلى أي نحن في المرة القادمة إن شاء الله نقرأ من البحث ما فيه ، والذي هو تقريباً خلاصة الكلام على فقه الجهاد لأن معرفة هذا الفقه يبين لنا مواطن الخلل في فكر من يرون المواجهة المسلحة في ظل هذه الظروف الراهنة .

سبحانك اللهم ربنا وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 


الكلمات الدلالية