السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

استقبال جديد

الأَوْلَى إكرام هذا القادم الضيف المضياف الذي يُكرِم مَن أكرمه ونزل بضيافته (شهر رمضان)

استقبال جديد
عصام حسنين
الثلاثاء ٠٩ يونيو ٢٠١٥ - ١٠:٣٠ ص
1566

استقبال جديد

كتبه/ عصام حسنين

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

فنحمد الله تعالى أن مدَّ في آجالنا حتى أدركنا هذه الأيام الفاضلة -أيام شهر  شعبان-، ونسأل الله أن يرزقنا ما فيه مِن فضل، ونسأله تعالى أن يبلغنا رمضان، وأن يوفقنا فيه للصالحات، وبعد؛

 

فعادة الناس إذا كانوا على موعد مع وجيه أو كبير أن يتهيَّئوا لاستقباله بأنواع التحف والإكرام، وهذا في أمر الدنيا، ولا بأس به إذا كان في حدود واجب الضيافة؛ فإنه إكرامٌ أُمِرنا به شرعًا.

وكذلك فالأَوْلَى إكرام هذا القادم الضيف المضياف الذي يُكرِم مَن أكرمه ونزل بضيافته (شهر رمضان) .. وإكرام هذا الشهر يكون بعدة أشياء:

 

1- الدعاء أن يُبلغنا الله تعالى إياه:

فإن السلف الصالح كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يُبلغهم إياه؛ فإن تبليغ العبد إياه نعمة يحمد الله تعالى عليها، يدل على ذلك الحديث الذي رواه أحمد بإسناد حَسَن عن أبي هريرة قال: «كَانَ رَجُلَانِ مِنْ بَنِي قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الْآخَرُ سَنَةً». قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: «فَرَأَيْتُ المُؤَخَّرَ مِنْهُمَا أُدْخِلَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الشَّهِيدِ، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَأَصْبَحْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم»، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ وَكَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ سَنَةٍ؟». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالُبَيْهَقِيُّ، كُلُّهُمْ عَنْ طَلْحَةَ بِنَحْوِهِ أَطْوَلَ مِنْهُ، وَزَادَ ابْنُ مَاجَهْ فِي آخِرِهِ: «فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ».

فطول العمر في طاعة الله تعالى نعمة مِن الله عظيمة .. نسأل الله تعالى طول العمر وحسن العمل.

 

2- كثرة الاستغفار والتوبة:

فالتوبة وظيفة العمر؛ لأنَّ كلًا منا لا يخلو مِن خطأ، فيلزمه توبة صادقة واجبة، كذلك لا يخلو مِن تقصير فيلزمه توبة مستحبة؛ قال تعالى: ?وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ?، والاستغفار دليل عبودية العبد لربه وذلّه وخضوعه، واعترافه بتقصيره في حق مولاه الذي ربَّاه بنعمه، وتولاه برعايته، والله تعالى يحب مِن عبده ذلك؛ لذلك جاء في الدعاء الذي سمَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم (سيد الاستغفار): «اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك مِن شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي؛ فإنَّه لا يغفر الذنوب إلا أنت». رواه البخاري.

 

3- سلامة الصدر وترك شحنائه وحقده:

ليسلم لك دينك، ويصفو قلبك، طاعةً لله تعالى؛ فمِن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «واسلل سخيمة صدري». رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح.

والسخيمة: حقد القلب وغشِّه.

ومِن الدواء النافع في ذلك؛ الدعاء لإخوانك، فمَن وجدت عليه فادعُ له ترغيمًا للشيطان.

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ «أفضل النَّاس مخموم القلب صدوق اللسان»، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟! قال: «هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا حسد». رواه ابن ماجه بسند صحيح.

 

4- العزم والنية الصادقة على اغتنامه؛ فإن أصاب، وإلا قارب الصواب؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «سددوا وقاربوا ...». الحديث. رواه البخاري.

فشهر جعل الله صيام نهاره فريضة، وقيام ليله سُنَّة، وزمانه استجابة للدعاء، وعتق مِن النيران، حري بالمؤمن الحريص أن يعزم عزمًا صادقًا على اغتنامه، وله في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ فقد كان أجود النَّاس، وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان إذا دخل العشر شمَّر وجدَّ، وكان يعتكف بالمسجد طلبًا لليلة القدر، فلنقتدِ به صلى الله عليه وسلم في ذلك كله.

ومما يحفز النفس على الاجتهاد بأنواع الطاعات تقربًا لله تعالى: قراءة فضائل الأعمال: (الصوم -القيام - الصلاة - تلاوة القرآن - الذكر - الصدقة – الصمت – الدعاء - الاعتكاف)، ومطالعة سِيَر الصالحين واجتهادهم؛ فإن الله جعل في ذلك حياة وتثبيتًا للقلب.

 

5- العبادات القلبية:

شرع الله الصوم لمصالح عظيمة، أهمها صلاح القلب، قال الله تعالى: ?يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ?، وفي الحديث القدسي: «يذر طعامه وشرابه وشهوته مِن أجلي ...». الحديث. رواه البخاري.

والقلب مَلِك والجوارح جنوده؛ فإذا صلح المَلِك صلحت الجنود، وإذا فسد الملك فسدت الجنود، وقال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ في الجسد لمضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب». رواه البخاري.

فنستحضر عبادات القلب: (الإخلاص - الصدق - الحب - الخوف - الرجاء - الاستكانة -الافتقار - التواضع - القبول - الانقياد - الاستسلام)، ولنتعبد لله تعالى بها.

 

6- لنجعل مِن رمضان –نسأل الله أن يبلغنا إياه- رمضانًا جديدًا مجددًا لإيماننا بمعناه الشامل

(عمل باطن وعمل ظاهر)، ومحاسبة للنفس، وإعادة ترتيب الأوراق والأولويات، ولنتخذ شعارًا نضعه أمام أعيننا؛ فكل منا طبيب نفسه وأعلم بما يصلحه، ننادي به على أنفسنا كل وقت .. وأرى أن مِن الشعارات التي نحتاجها:

- «لن يسبقني إلى الله أحد».

- «إعادة ترتيب الأوراق».

- «مغلق للإصلاح».

 

اللهم بلغنا رمضان، وبارك لنا فيه .. آمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً