الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

فتَّح قلبك

الإخلاص أصل الدين وأساس قاعدته

فتَّح قلبك
إيهاب الشريف
الأحد ١٦ أغسطس ٢٠١٥ - ١٨:١١ م
1682

فتَّح قلبك

كتبه/ إيهاب الشريف

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

تبدأ اليوم -بإذن الله- رحلتنا لتجديد الإيمان، نتناول إن شاء الله عبادات القلوب عبادةً عبادة، ومع أول عبادةٍ لذل القلب الوليد، مع عبادة يتوقف عليها دين العبد كله؛ إذ مفتاح دخوله في هذا الدين هو كلمة الإخلاص، فإن لم يوافق قلبُه فيها لسانَه، كان في الدرك الأسفل من النار -عياذًا بالله من النفاق-. الإخلاص أصل الدين وأساس قاعدته، قال شيخ الإسلام رحمه الله: «الإخلاص لله هو الإسلام، إذ الإسلام هو الاستسلام لله لا لغيره: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا﴾، فمن لم يستسلم لله فقد استكبر، ومن استسلم له ولغيره فقد أشرك، وكل من الكبر والشرك ضد الإسلام» [التحفة العراقية]، وصية الله للمرسلين وأممهم هو مسك القلب وروح الأعمال، قال الله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا﴾، قال أبو العالية: «وصاهم بالإخلاص في عبادته»، وقال سبحانه: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾، وقال: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾، وكما أنه مفتاح الدخول، فمن ختم له به وكان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: «ما من نفس تموت وهي تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله يرجع ذلك إلى قلب مؤمن إلا غفر الله له» [صحيح الجامع 5793]، ويكون صاحبه أسعد الناس بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه أو نفسه» [البخاري 193]، ويحرم صاحبه على النار، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل» [البخاري 518]، ويوضح الشيخ عبد الرحمن بن حسن سبب ذلك فيقول: «الإخلاص انجذاب القلب إلى الله تعالى بأن يتوب من الذنوب توبةً نصوحًا فإذا مات على ذلك الحال نال ذلك»، والإخلاص يورث صاحبه الفهم عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والعلم والحكمة، قال الله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ خافوه وراقبوه واتركوا زاجره ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾، إنه الفهم والعلم والحكمة يؤتاها صاحب الإخلاص، قال ابن القيم رحمه الله: «متى خلصت الأبدان من الحرام وأدناس البشرية التي ينهى عنها العقل والدين والمروءة، وطهرت الأنفس من علائق الدنيا زكت أرضُ القلب فقبلت بذر العلوم والمعارف، فإن سُقيت بعد ذلك بماء الرياضة الشرعية النبوية المحمدية أنبتت من كل زوجٍ كريم، من علم وحكمة وفائدة وتعرُّف، فاجتنى صاحبها ومن جالسه أنواع الطرف والفوائد والثمار المختلفة الألوان والأذواق». قال يحيى بن معاذ رحمه الله: «من أشخص بقلبه إلى الله انفتحت ينابيع الحكمة من قلبه وجرت على لسانه». ومن أجمل الأمثلة على ذلك ما قاله الإمام البخاري رحمه الله حول تفسير قوله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾، قال: «لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن». وقال ابن القيم رحمه الله: لا يجد حلاوته ويذوق طعمه ويباشر حقائقه إلا القلب المطهر من الأنجاس والأدناس... ثم علق على كلام البخاري قائلا: «وهذه من أصح الإشارات»، ثم بين السبيل إلى تحصيل ذلك، وقال: «وهذه لا تنال إلا بصفاء الباطن وصحة البصيرة وحسن التأمل. اللهم ارزقنا الفهم عنك. وللحديث صلة إن شاء الله.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

دعمًا للنسوية! (3)
57 ٠١ ديسمبر ٢٠٢٢
دعمًا للنسوية (2)
94 ٠٤ أكتوبر ٢٠٢٢
دعمًا للنسوية!
96 ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٢
خطة إبليسية!
155 ٠٣ مارس ٢٠٢٢