الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

السلفية ومناهج الإصلاح - 22

من يتصدى لأن نوع من أنواع القربات بلا علم يفسد أكثر مما يصلح

السلفية ومناهج الإصلاح - 22
عبد المنعم الشحات
الخميس ٠٣ سبتمبر ٢٠١٥ - ١٠:١٥ ص
2023

السلفية ومناهج الإصلاح

الشريط  الثاني والعشرون

عبد المنعم الشحات

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا ومن سيئات أعمالنا ، إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .

وأشهد أن لا إله إلا الله

وأشهد أن محمداً  عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .

ثم أما بعد ،،،

ما زلنا في الكلام على منهج الدعوة السلفية في التغيير ، وذكرنا أنه يقوم على إيجاد الفرد المسلم أو إيجاد الشخصية المسلمة المتزنة المتكاملة التي لا يطغى فيها جانب على جانب ،وأن التوسع في نوع من النوافل أكثر من نوع فهذا مما يسر الله به تعالى الازدياد في أنواع الخير ، وأما اختلاف التوظيف في فروض الكفايات فهذا أيضاً يراعى فيه تنوع الكفاءات وتنوع الاستعدادات .

وبالتالي فلدينا أن الأمر يقوم على إعداد شخصية مسلمة متوازنة بحيث تأخذ ما تحتاجه في كل باب من الأبواب ، وتهيء لأن توظف في الجزئية الثانية وهي إيجاد الطائفة المؤمنة ، وإيجاد الطائفة المؤمنة غير متوقف على وجود الخلافة أو غيرها بل يجب في ذات الوقت أن يسعى إلى تطبيق الشرع وأن يطبق ما يستطاع منه وأن يحاول أن يجعل هناك داخل المجتمع الكبير صور المجتمع الذي ينبغي أن يقال عليه المجتمع المسلم لاسيما داخل المساجد التي هي المفرخة الرئيسية للدعوات وبقدر الطاقة في أماكن العمل والدراسة وغيرها .

وفروض الكفايات كثيرة ذكرنا منها العلم وذكرنا أن العلم له أهمية خاصة في دعوته ، هذه قضية في غاية الأمرة ، لأن القضية بين طرفين ووسط ؛ بمعنى أن البعض  يقول العلم فقط والبعض يقول أن العلم معوق أو لا أهمية له أو لا ينبغي أن تنشغل به الدعوات ولكن يكفي في الأمة عالم أو اثنين أو ثلاثة .

رغم أنهم إذ يكتفون في الأمة بعالم أو اثنين أوثلاثة يريدون من باقي الامة ألا يعلموا عن دينهم إلا القليل ، ونحن ذكرنا أن  العلم هو القاسم المشترك بين جميع الفروض العينية والكفائية

تكمن أهمية العلم هنا أن أي عبادة تقوم بها لله عزوجل تقوم على أن تعلم فضلها وتعلم حكمها وإذا كانت واجبة أو مستحبة ونحو ذلك ، وتعلم كيفية أدائها وشروطها وموانعها إلى غير ذلك ثم تقوم بها .

فالعلم نصف كل العبادات سواء الأمور العينية أو الكفائية .

ومن يتصدى لأن نوع من أنواع القربات بلا علم يفسد أكثر مما يصلح ؛ فيصلي صلاة باطلة ويصوم صوم مشكوك فيه ويؤدي زكاة غير صحيحة . والأمر في فروض الكفايات أخطر فيسفك الدماء المحرمة ويظن أن هذا جهاد ويحقق مفاسد ويظن أن هذا تغيير للمنكر ، ويداهن أعداء الله ويظن أنه هذا تحقيق للمصلحة .. إلى غير ذلك من الصور التي تنشأ عن غياب العلم .

فإذن العلم له دور أساسي بلا شك  ، وأي دعوة لا تقوم على العلم يكفيها ذماً أن أصحابها يذمونها بأنها دعوة غير قائمة على العلم ، فلابد أن أي دعوة تكون قائمة على العلم بدين الله تبارك وتعالى .

ولا يكفي أيضاً في كل دعوة وجود واحد أو اثنين أو ثلاثة ، لأن الدعوة من حيث الإسم أن تدعوا غيرك ؛ فلابد أن كل داعي لديه قدرة على بيان دليل ما يفعل وعلى بيان الحق وعلى غير ذلك من الأمور وحتى لا تنحرف الدعوة بانحراف واحد أو اثنين مهما بلغ درجتهم في العلم ، وشيوع العلم مما يكون سبب لعصمة الجماعة من الانحراف ، فإذن لابد من العلم بصفة عامة ، فكل عمل تؤديه لابد أن يكون العلم شيء رئيسي فيه .

وهناك من يتخصصون في طلب العلم ، وهذه مسألة أعلى . بمعنى أن يكون دورهم الرئيسي القضاء بين الناس في الخصومات أو يكون دورهم الرئيسي تعليم الناس أو القيام بدور القضاء أو بدور الرد على الشبهات ، وهي أدوار عظيمة فيها شغور وفيها نقص وقصور شديد جداً ، لابد أن يسعى المسلمون إلى سده .

وهذا لا نلزم به كل الدعوات ، فلا نلزم كل الدعوات أن يكون من برنامجها أن تسد هذه الثغرات ولكن كما ذكرنا من قبل أن الذي يتكلم ويطرح منهج إما أنه يطرح ما سيقدر هو على عمله وإما أنه يطرح المنهج المتكامل للأمة وينبغي أن يكون هناك خطوط عريضة للمنهج المتكامل للأمة ثم لا بأس أن تأتي مجموعة وتسد ثغرة دون أخرى ولكن مع تأكيدها على أنه لابد أن يسد غيرها الثغرات الأخرى .

فلو جاءت بعض الاتجاهات الإسلامية وقالت نحن تركنا لكم باب رد الشبهات وباب القضاء والإفتاء ونحو ذلك لكان مقبولاً ، ولكن هو ينتقض الاهتمام بطلب العلم الذي غرضه سد هذه الثغرات ، وبالتالي هنا نشأ أهمية نسبة للعلم في دعوتنا ، فنحن نتكلم الآن كمنهج إصلاحي للأمة الإسلامية فلابد من الرجوع إلى العلم بدرجات مختلفة ولكن العلم مطلوب لكل أحد ، حتى العوام الذين يؤدون الفروض العينية فقط يحتاجون علم هذه الفروض العينية ، والذين سيعملون في سد الفروض الكفائية يحتاجون إلى العلم بهذه الفروض الكفائية ؛ فهذا علم مطلوب من كل الناس ، ثم هناك علم مطلوب لسد ثغرات تحتاج إلى متميزن في طلب العلم من القيام بالقضاء والإفتاء ورد الشبهات وغيرها  ، فهذه ثغرة مطلوبة لذاتها .

فعندما نجد أن معظم الدعوات تقصر حتى في طلب العلم الضروري لأفرادها ولا يتعلم كيف تؤدى الفروض الكفائية التي يقوم بها وما هو وجهها ، فيتعين على الدعوة حينئذ إذ سدت هذه الثغرة سواء تركها الآخرين لها اعتمداً منهم على أنهها مؤهلة لها أو تركوها ظناً منهم أنها ثغرة غير ضرورية فيتأكد أن نسد نحن هذه الثغرة ولا نتأخر عنها ، وهذا يؤثر في المنهج العملي والتربوي للدعوة ، بمعنى أنك تجد تلقائياً هناك نوع من أنواع التوجيه وهو أنه من يصلح لطلب العلم غالباً ما لا يوجه إلى غيره .

حتى في المجتمعات التي بها تخطيط عندما يكون هناك تخصصات معينة نادرة يجعل لها أنواع من الترغيب والتحفيظ حتى يدخل الناس هذه التخصصات .

فلو احتاج تخصص الطب مثلاً يجعل هذا التخصص له مزايا في التعيين والمرتبات وغير ذلك بحيث يرغب الناس أن تدخل ، وأيضاً لو احتاج إلى مجال الطاقة النووية مثلاً يجعل له ترغيب فيه وطالما أنه يريد هذا الجانب فيريد النابغين أن يدخلوه ، فالنبابغ عادة يكون عنده القدرة ويريد أن يستثمرها الاستثمار الأمثل فيقال له الاستثمار الأمثل الآن هو الطاقة النووية فيحدث نوع من انواع التوجيه للكفاءات للتخصصات التي يحتاجها المجتمع أكثر ، فهذا عند وجود تخطيط عند المجتمعات .

ولذلك كانت الأمة الإسلامية قديماً وفق هذا المنهج فيكون التعليم الأولي هو " الكتاب " وهو تعليم شرعي في المقام الأول مع بعض قواعد القراءة والحساب وغيره بحيث يتم الفرز عند نهاية مرحلة الكتاب أن النابغين يوجهون إلى العلم الشرعي ، ولأن طبيعة التعليم التأهلي الأولي كان بطبيعة شرعية : أولاً : لتعليم ما لا يسع المسلم جهله . فكانت الشخصة المسلمة المتكاملة تخرج من الكتاب ، وكل أطفال المسلمين يذهبون إلى الكتاب فيحفظ ما يطيق من الكتاب والسنة ومن الآداب ويتعلم الفقه ويتعلم القراءة والحساب فيؤهل ديناً ودنيا  . فإذا انتهت مرحلة الكتاب فرز النابغين فاستمروا في طلب العلم الشرعي وأما غيرهم فيوجهون إلى طلب الصناعات والحرف الدنيوية ونحو ذلك .

فنقول أنه لابد لكل مجتمع من أولويات بحيث أنه من صلح لهذه الأولوية لا يوجه إلى غيرها ، فالآن بعض أبناء المسلمين وبعض المجتمعات يرون أن كرة القدم على رأس القائمة ، بمعنى إذا كان عنده ابن نابغ في التعليم وماهر في كرة القدم يوجهه إلى أكاديميات كرة القدم وفي التعليم يوجهه إلى المدارس الخاصة والجامعات الخاصة والمعاهد التي تعطي شهادات بدون دراسة متعمقة لأن الكرة أفضل من وجهة نظره ، لأنه إذا وضع قدمه على احتراف الكرة واللهو واللعب سيكون معه ملايين وهو لم يتم الثماني عشر سنة ، أما لو أنه أخذ طريق التعلم وصار طبيب أو كذا فيكون عنده ثماني وعشرون سنة وما زال يتحسس بداية الطريق بأن يجني شيء من الأرباح نتيجة جهده وإنفاقه طوال السنوات التي قبلها . فالأمر مختلف .

نحن نقول أن منهج الدعوة توظيف جميع الطاقات ومحاولة سد جميع الثغرات ، ولكن بالفعل من صلح لطلب العلم لا نوجهه إلى أمر آخر ، فهو يشارك ولكن الحاجة الملحة عند الامة ككل وعند الدعوة بصفة خاصة وخصوصاً أن الامور استقرت على أن السلفيين هم الذين يسدون ثغرة طلب العلم فهذا الأمر يترجم أحياناً خطأً على أن الدعوة لا ترى إلا طلب العلم وأنه إذا دخل شخص لا يحسن طلب العلم فيخرج ، وهذا غير صحيح .

نحن نقول أن طلب العلم له الأهمية التي ذكرنا ومن ثم يكون التوظيف بهذه الطريقة .

فالجو العلمي مشجع ومرغب بدرجة تظهر من عنده طاقة علمية ، والذي ليس عنده هذه الطاقة يستفيد من الجو العلمي العام ويسمع كلام إجمالاً في إثبات الصفات .

يبقى هناك أمور اخرى من الفروض الكفائية ينبغي أن تقوم بها الدعوة ويبغي أن توظف فيها الطاقات لاسيما الطاقات الاقل إقبالاً على طلب العلم ، رغم أن طلب العلم حاضر في كل المهام ، فلابد أن يكون طلبة العلم هم الذين يقودون كل المهام بالتوجيه الشرعي المنضبط .

يلي طلب العلم في الأهمية الدعوة إلى الله ، لماذا ؟

نحن قديماً كنا نقول أن دور الإمامة هو حفظ الدين وسياسة الدنيا بالدين فيوجد إمام ينظر إلى الفروض الكفائية التي بها تقصير ويحاول ان يسد هذا التقصير فالآن حصل تقصير نتيجة نظام مدني لا يرى أن هذه الواجبات غير مدرج على قائمة مهام السلطات المدنية . 

من الذي يقوم بهذه المهام ؟

من اصطلح على تسميتهم بجماعات الدعوة إلى الله

انظر إلى هذا الاسم المتفق عليه تقريباً بين جميع الاتجهات أن التوصيف العام لهذه الاتجاهات أنها جماعات دعوة إلى الله . تعرف من هنا أن وصف الدعوة هو أخص وصف ينبغي أن يكون موجود في هذه الجماعات ، والبعض يقول أن الخدمات من باب الدعوة فيقدم خدمات للناس ، ولكن إذا كنت تقدم خدمات للناس دون ان تقدم لديهم أي دعوة صار هذا باب من أبواب الخير ولكن ليس فيه دعوة ، ولو كان فيه دعوة هي أنه يتسم في هذه الناس أنهم أناس صالحون . 

إذن هناك فرق بين أن تقول أن من وسائل الدعوة إسداء المعروف إلى الناس والقيام بحاجاتهم وبين أن تقول من الفروض الكفائية القيام بحقوق الفقراء والمساكين ونحو ذلك ، لأن الذي يقوم بحقوق الفقراء والمساكين مستغرق في هذا الأمر استغراقاً تاماً لا يوظفه في الدعوة ، وهذا خير .

ولكن نحن نقول أن الدعوة ينبغي أن تكون بارزة ، وأن أحد المهام التي نبغي أن تقوم بها جماعات الدعوة إلى الله لابد أن تقوم بالدعوة ، والدعوة في حاجة ماسة إلى العلم ، الدعوة هي البلاغ والبيان والتوضيح وأن يكون لدى هذه الجماعات المنهج الذي ذكرناه ، ومن الأصل النظري أن هذه مقومات الشخصية المسلمة تكون هي مقومات الدعوة التي تقال في خطبة الجمعة والتي تقال في الدورس العامة والمواعظ العامة وفي الكتيبات والملصقات وغيرها مما يخاطب بها لأنك الآن عندك خطاب توجه لأناس ما زلت تعهم في عداد المدعويين وهناك خطاب لمن تعدهم في عداد الدعاة ، فلابد أن يكون واضع أن المدعويين هم المجتمع كله وأنه لابد من خطاب هؤلاء بتوضيح معاني الدين ومعاني الإيمان الشاملة وما ينبغي أن يكون عليه كفرض مسلم ، وما هي الصورة التي ينبغي أين يوجد عليها المجتمع المسلم والدعوة المتكررة لها أن ينتقل من صفوف المدعويين إلى صفوف الدعاة .

يمكن أن يوظف فيها عوامل كالهدية والقيام بحاجة الناس ، فهذه يمكن اعتباره جزء من الدعوة . فمثلاً يوجد في بعض مجالات العمل الطلابي أنشطة خدمية تقدم يكون الغرض منه أن يطبع مذكرات يدرج فيها نصائح تتعلق بالمنكرات العامة الموجودة في المجتمع الجامعي ، فإذن صار يقدم شيء من أنواع الخدمات للناس حتى يضمنها دعوة ، فإذن هذه وسيلة من وسائل الدعوة ، أما أنه يؤدي هذه الخدمة بنية التسير على المسلمين  ، فهذه فرض كفائي آخر ولكن لا ينبغي أن نجد جماعات الدعوة إلى الله أهملت العلم وأهملت الدعوة وتحولت إلى مشروعات الجمعيات الخيرية أو الجمعيات الشبابية الموجهة من بعض الدعاة . فكل هذه من أبواب الخير وهناك أناس يكون هذا أقصى ما يمكن أن توظفه فيه ، فلا بأس ولكن تصور أن هذا يعد مشروع بديل عن مشروع الدعوة إلى الا اختذال لمشكلة أمة ، أمة تعاني الجهل بمنهجها وتعاني فقدان هوية ولا تعرف الرسالة التي بعثت بها والتي ينبغي أن تقدمها للناس ، فأنت إذا اختذلت الأمر في جمع الأشياء القديمة أو الجديدة أو جمع الأطعمة وجمع كذا وكذا صار هذا الأمر يقوم به النصارى والشيوعيين ويقوم به كثير من الناس لما في فطرتهم من رحمة أو لأنهم يريدونها وسيلة للدعوة ، فإذن لا يمكن أبداً أن نختذل الدعوة في أنشطة خدمية

بالدعوة علم دعوة ، فالدعوة أنك تدعو الناس وقبل أن تدعوهم لابد أن تتعلم الذي تدعوهم إليه بحيث أن ما تدعوهم إليه هو الموجود في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتقدم مشروع نهضة وتقدم مشروع تكوين أمة على أفراد ومجتمع المفترض أن يكونه فيه من يفتي ومن يقضي ومن يعلم وفيه من يقوم على حقوق الفقراء والمساكين ، إذن القيام على حقوق الفقراء والمساكين جزء يسير من أنشطة المجتمع الإسلامي يمكن أن تقوم بها كوسيلة لتبليغ الدعوة ويمكن أن تقوم بها كغرض في ذاته لأنه مطلوب شرعاً سد حاجة الفقراء ولكن إدراك هذا الفرق في غاية الأهمية ، بحيث أننا إذا جمعنا الكتب القديمة الملابس القديمة ونجمع الأطعمة ، فماذا أنجزنا من المشروع المتكامل ؟ أنجزنا جزء القيام على حقوق الفقراء والمساكين أو أنجزنا منه ما نستطيع لأن المهام كبيرة جداً والأمة متسعة .

فمثلاً إذا وزعت على الناس كتيب  عن وظائف شهر رمضان ومعه دعوة بأن من وظائف شهر رمضان القيام على حقوق الفقراء والمساكين وأن المسجد عنده مشروعات كذا وكذا ، فأنت خدمت في الثغرتين بدرجة ما لأن الكتيب في وظائف شهر رمضان سد إحدى الثغرات من الخريطة المتاكملة ولابد أن تكون الخريطة المتكاملة أمام عينك وما أنجزناه من مهام وضوح رسالة الإسلام ككل ، فلا نحقر من المعروف شيئاً ولكن في ذات الوقت لا نسمي الأمور بغير مسماها ولا نختذل المعاني الشرعية اختذالاً دون أن ندري .

فمهام طلب العلم مهام مطلوبة على المستويات التي أشرنا إليها

ومهام الدعوة إلى الله وهي نقل هذا العلم إلى الناس .

ونقول عندما نأتي للتعلم لابد من التعلم بالصورة القياسية التي ارتضاها عبر جهود وتجارب وصاغوا المناهج بالصياغة المحكمة التي تصوغ الشخصية العلمية المتزنة التي تفهم القضية فهماً جيداً .

عند إخراج القضية ينبغي أن يكون دارس القضية الذي درسها دراسة جيدة وأتقنها فينبغي أن يجيد إخراها للرجل العامل ويجيد إخراجها لجمهور المسجد ويجيد إخراجها لمن يقابلهم في المواصلات ويجيد إخراجها على هيئة خطبة وعلى هيئة درس وعلى هيئة كلمة قصيرة وعلى هيئة مقالة صحفية أو مقالة في مجلة مسجد .. فينبغي عندما نتكلم عن الدعوة نريد شخص متقن للقضايا التي يتكلم فيها يجيد أن يخرجها حسب مستوى والظروف المتاحة أمامه .

فتتسع مجلات الدعوة كمكان من المسجد إلى الجامعة إلى مكان العمل إلى القناة الفضائية إلى وسيلة المواصلات .. كوسيلة أن الكتاب الكبير للكتيب للنشرة والملصق والمطوية والشريط والسي دي فكل هذه أمور ولكن خلاصتها أنه وجد من درس وأتقن ثم تعرف على الناس وبذل جهده في أن يقرب المعاني إلى الناس بطريقة تبلغها عقولهم وأفهامهم .

بعد العلم والدعوة يأتي سد جميع الثغرات الأخرى .

أيضاً نقول أنه نتيجة أن العلم والدعوة رقم واحد فيما يحتاجه الأمة الآن ، ورقم واحد خصوصاً للاتجاه السلفي ، لأن كثيراً من الاتجاهات الأخرى استغرقت في فروض كفائية أخرى وبالتالي بدلاً من أن نزاحمهم فيها نسد الثغرة التي لا يزاحهم فيها أحد ، وليس معنى هذا أنه إذا كان هناك من يقوم بقضية القيام بحقوق الفقراء والمساكين كالجمعية الشرعية مثلاً فهي لها جهود جبارة في هذا الجانب فلن نترك نحن طلب العلم والدعوة لكي نزاحم الجمعية الشرعية في هذا الجانب ولن نتركه بالكلية إحياءاً لمعناه في القلوب ولأن معظم الناس إذا دخل مسجد يريد ان يستكفي بهذا المسجد ، فلا يعقل أن من دخل المسجد تقول له احضر هنا الخطبة والدرس ولما تريد إخراج زكاة الفطر اذهب إلى المسجد المجاور أو اذهب إلى مكان آخر ، فلابد على الأقل أن جمهور المسجد يحصل على كفايته الشرعية من المسجد فإذا احتاج كتاب يجد الكتاب لأبناءه وإذا احتاج إقامة فرح يقيم فرح بدلاً من أن تدفعه أن يجعل فرحه في معاصي أو أن يشعر أن هذا المكان لم يشبع حاجاته الشرعية ، فأنت قولت له إياك والأفراح التي فيها مزامير الشيطان فلما طلب منك مساعدته في إقامة فرح شرعي تقول له لا فيذهب إلا مزامير الشيطان أو يذهب إلى مكان يوفر له فرح ولكن لا يوفر له طلب العلم .

فإذن لابد أن نؤدي هذه الثغرات من باب التكامل ومن باب أن المنهج النظري كله رصيد عملي ومن باب استيعاب الطاقات الموجودة داخل المساجد ،ولابد أن يكون لكل إنسان وظيفة يخدم بها دين الله تبارك وتعالى ومن باب إشباب حاجات جمهور المسجد ، ولكن في النهاية نحن نسر إذا كانت الاتجاهات الأخرى سدت ثغرات نحن لا نستطيع أن نسدها ولا ننافس من أجل المنافسة وإن كان المنافسة في الخير إن لم تشوبها شوائب بلا شك من الخير العميم ، ولكن نحن نقول نحن نساهم ونعطي العلم والدعوة أكبر الجهد ثم تأتي جميع الفروض الكفائية الأخرى ونحن نعرف تماماً أن كثيراً من هذه الفروض الكفائية تؤديها اتجاهات إسلامية أخرى فنحن نفرح بذلك وإن كان هناك من خلل عند البعض وهو يؤدي فرض كفائي معين نقوم بالنصيحة والتوجيه ولكن عموماً نريد من الجميع أن يؤدي هذه الفروض الكفائية

وكون الدعوة السلفية أو من ينتسب إلى الاتجاه السلفي في أي مكان سيجد نفسه مستغرق بدرجة كبيرة في باب العلم والدعوة ؛ وهذا هو السبب الذي من أجله قال الشيخ الألباني أن مساحة العمل الإسلامي لا يستطيع تيار واحد أن يسدها ، بل لما سئل على ما ينقمه على الإخوان والتبليغ وغيرهم قال : " نحن لا ننكر عليهم أنهم تسموا بهذا الإسم أو أنهم صاروا جماعة وإنما ننكر عليهم ما خالفوا فيه منهج السلف ، ولو أنهم التزموا بقاعدة الرجوع إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة لوجب التعاون والتكامل معهم لأن مساحة العمل الإسلامي أوسع من أن يسدها اتجاه واحد "

فنحن نقرر الأصل النظري ونضع جميع الفروض الكفائية ونسد منها في المقام الأول وبدرجة كبيرة أبواب العلم والدعوة ونساهم قدر الإمكان في الأبواب الأخرى .

ــ بعد أن ذكر العلم والدعوة من الفروض الكفائية قال : وكالواجبات الاجتماعية من سد حاجات الفقراء والمساكين وراعاية اليتامى وحث الأغنياء على الزكاة والصدقة ومعاونتهم في إخراجها على ما جاء في الكتاب والسنة وعيادة المرضى ودعوتهم إلى الله وإحياء الروابط الأخوية بين المسلمين من اتباع الجنائز والتعزية في المصائب وإجابة الدعوات والتهنئة في الأفراح وغير ذلك ، وكالسعي لإيجاد النظام المالي الإسلامي لإبعاد الناس عن الربا والريبة وسائر المعاملات المحرمة وكذلك تربية الأمة على روح الجماعة برد الناس إلى أهل العلم منهم وجمعهم عليهم ونهيهم عن التفرقة وكذا إقامة الجهاد في سبيل الله طالما وجدت مقوماته وشروطه والسعي إلى أسبابه عند العجز عنه ، فما تعلمه المسلمون في أفغانستان مثلاً هو من أعظم الواجبات والقربات ، فالجهاد في أفغانستان في أول أمره في الثمانينات حينما كان جهاداً شرعياً ضد الروس وهو الآن أيضاً جهاد طالبان ضد الأمريكان جهاد شرعي بإذن الله ، وكان هناك فترة من فترات الوضع الأفغاني كان هناك فتنة بين المسلمين ولكل واقعة حكمها الشرعي ، ولكن وقت كتابة هذا الكلام كانت الإشارة فيها إلى جهاد المسلمين في أفغانستان ضد الروس  .

يقول : وكذلك تعليم الناس التحاكم إلى الشرع برد موارد النزاع إلى أهل العلم الذين يجب وجودهم والسعي إلى وجودهم في كل مكان لفض الخصومات وفق الكتاب  والسنة بعيداً عن القوانين الوضعية الطاغوتية ، وهذا وغيره هو من فروض الكفاية كإقامة الجمع والجماعات والأعياد يمكن للمسلمين إذا اجتمعوا وتعاونوا على إقامتها كما أمرهم ربهم فقال { وتعاونوا على البر والتقوى } أن يقوموا بأضعاف ما يقومون به الآن من غير مفسدة ولا مضرة بإذن الله ، وما قاموا به من الحق كان سبباً لتمكين الله لهم مما عجزوا عنه ".

يقول : ثالثاً : كيفية التمكين :

في الواقع أن ثالثاً ليست جزء من المنهج ، فالمنهج يقوم على إيجاد الفرد المسلم والطائفة المؤمنة ولكن هو إجابة عن تساؤل

البعض يقول ماذا نريد في نهاية الأمر ؟

نقول : نحن نريد مضاة الله والجنة وهكذا ينبغي أن يكون ، وإن كان هذا هو المراد فوالواجب أن نطيع الله تبارك وتعالى ، الواجب هو طاعة الله تبارك وتعالى وما ذكرناه هو طاعة الوقت ، فلا نريد أكثر من ذلك ، لكن ماذا ننتظر ؟

نحن نقول أن المسلمون الأولون آمنوا بالله وطاعوا الله عزوجل طاعة الوقت فمنهم من قضى نحبه قبل أن يمكن ومنهم من مات في مكة في فترة الاستضعاف ومنهم من مات في المدينة قبل فتح مكة وهكذا ، فالقضية ليست قضية أن ندرك نحن تحقق وعد ما من الله ، لكن القضية أن نسعى نحن ، فمطلوب منا أن نربي أنفسنا على الدين وأن نحاول أن نقيم الدنيا بالدين . ونأخذ بأسباب ذلك ولأنه  رأى النبي صلى الله عليه وسلم النبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد ، فالقضية بالأخذ بالأسباب الشرعية فقط وليست القضية بالنتائج ، فالله تبارك وتعالى لم يتعبدنا بالنتائج لا في دين ولا في دنيا ، ويعني أنت لم تحاسب إذا كان إنسان مات من مرض أو من مات من تحت ولايته ولا وصايته ، فهو لم يحاسب لماذا مات ولكن سيحاسب هل عالجه أم لا ، وهل أخذ بأسباب الصحة أم لا ، ومن أدرك هذا استراحت نفسه ، فيأخذ بالأسباب وهو يعلم أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، ولكن هناك وعد ، فهل نحن من الأمة التي يبعث نبيها وليست معه أحد ؟ ، هناك أمم على الحق إن شاء الله وهو نبي من عند الله ولكن لم يؤمن له أحد وهناك نبي آمن معه رجل أو رجلان أو أكثر ، ولكن أمتنا أمة خيرية وعدت بنصر في الدنيا ، وهذا النصر تحقق ولكن هناك أدلة على أن بعض مراحله لم يتحقق منها قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله زوى لي الأرض ما بين مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها ) ، وملك الأمة الإسلامية في الفتوحات الإسلامية الأولى لم يدخل وسط أوروبا وإن كان دخل أطرافها من الجهتين ولم يكن قد اكتشفت الأمريكتين مما يدل أن هذا الوعد لم يتحقق بعد وسيتحقق جزماً بإذن الله .

البعض أحياناً ينظر نظرة مادية مفرطة فيقول متى ؟ نقول العلم عند الله . يقول ضع خطة ولابد من التخطيط .

وفي الواقع أن هذا نوع من سوء الفهم ، وطباً علم الإدارة من علوم الدنيا التي يمكن أن يستفاد بها في إدراة شئون الدعوة ولا بأس ، وإن كان علم الإدارة على اتساعه لا يكاد يصلح في باب الدعوة إلى الله منه إلا بعض الإجماليات وبعض القواعد العامة لأنه علم مصاغ لإدراة نشاط إنتاجي غرضه الربح فيه قوانين صارمة وفيه ثواب وعقاب مبني على أمور محسوسة وملموسة إلى الناس فيمكن فيه التخطيط ويكون التخطيط بناءاً على رؤية أما أنت في الدعوة تتكلم على تغيير الله لقلوب العباد .

فيمكن أن يصلحهم الله في ليلة ويمكن أن تظل ألف سنة أو قريب كما ظل نوح عليه السلام فلا ينفتح لقلوبهم غلق . فأي  تخطيط إذن وعلى أي شيء يخطط .

فالذي يخطط في مجال إدارة الأعمال أو حتى في إدارة الموارد الحكومية وما يسمونه الإدارة العامة يخطط بناء على أمور ومعطيات معروفة ويكون هناك نسبة خطط لان هناك سنن كونية معروفة ، فإن كان يخطط في مجال الإنتاج وطاقات الماكينات وطاقات الأشخاص وحتى المحفزات كفي يمكن أن تثمر والمنافسات في الربح والخسارة فكلها حسابات مادية محسوبة ، ولو أن إنسان ماهر يمكن أن يتحقق من تخطيطه قدر ، ومع هذا تحدث مفاجآت ويكون هناك تخطيط ممتاز جداً وبفضل الله يأتي أمر ككارثة أو زلزال أو يكون سلعة كمالية وتم إنتاج كمية كبيرة جداً فتحدث أزمة اقتصادية .. إلى غير ذلك

ولكن عموماً التخطيط في مجال إدارة ال‘مال أو إدارة الأمور الدنيوية فالأمور لها سنن كونية محفوظة ،أما تغير قلوب العباد أمر لا يمكن أن تتوقعه

أنت فقط تأخذ بأسبابه ، ووفق ما يتحقق على أرض الواقع أنت ترى فضل الله تعالى عليك وأنت تعلم أن هناك من الأنبياء من بعث وليس معه أحد .

إذن من السفه الكلام على خطة دعوة بأننا مثلاً سندعوا عشر سنين ثم بعدها سنجد أن عدد المصليين أصبحوا نصف المجتمع ، فهو كلام فيه قدر كبير من الخلط ، ولكننا من جهة نقول أننا يلزمنا طاعة الوقت ومن جهة نقول أننا معنا وعد من الله تبارك وتعالى فنحن نستبشر به فمن مات دونه حسبه أن فعل ما عليه ولعله أن يكون أعظم لأجره ومن أدركه فليحمد الله تبارك وتعالى على إداركه ، فنحن لا نضع جدول زمني ولا نشترط أنه لابد من حتمية المواجهة ، فنحن نقول متى تجوز المواجهة ومتى تجب ومتى تستحب وأصناف من يواجهون .. إلى غير ذلك ، وهذه قواعد تطبق كل على حاله ، وأما القول بحتمية المواجهة فهو مخالف للسنن الشرعية .

العجيب أن البعض أحياناً يجمع بين قمة المادية في الأسباب وبين قمة التواكل ، فابتداءاً تجده مادي جداً فيقول لابد من خطة ويضح خطة حتمية المواجهة العسكرية وتجدهم مثلاً عشرة أشخاص وسيواجهون جيوش جرارة بالملايين ويقولون النصر من عند الله ، نقول أنك قولت أن المبدأ الذي دفعك للأمر هو أنه لابد من تخطيط وتعتبر التوكل على الله نوع من الدروشة ثم لما تأتي للحسابات وتجد أن مبناها كلها على { إن تنصروا الله ينصركم } ، نقول أن من أحد أسباب النصر أن تكون النية خالصة لله وليس لكون الإنسان ينصر جنسه أو قومه ولكن عندما ينصر الله تعالى بالسنن الشرعية التي أمرته بمراعاة السنن الكونية وحساب المصالح والمفاسد ، فتجده يقول لابد من حسابات ثم تجد أن الحسابات كلها حسابات وهمية .

وهناك تجارب عديدة مثل تجربة الفنية العسكرية ، فهي مجموعة تحاول أن تستولي على مخزن السلاح للكلية الفنية العسكرية . نقول وماذا بعد ذلك ؟ يقولون بعد ذلك تقوم الدولة الإسلامية .

وكل الحسابات بما في ذلك حادث المنصة نفسه ، طبعاً الجماعة الإسلامية التي نفذت حادث المنصة تقول نحن لا نعلم كيف فكرنا في ذلك ، فأنت الآن قتلت الرأس وكأن الأمر كله مجتمع في واحد

تجد معظم الحسابات حتى من ناحية الحسابات المادية تجدهاحسابات فيها درجة كبيرة جداً من التوكل ،

نحن ابتداءاً نتوكل على الله تبارك وتعالى ولا نخوض فيما ليس في أيدينا ولا نعلم ماذا يفعل الله بنا غداً .

والصحوة الإسلامية منذ بدأت وهي تحقق نتائج على خلاف المتوقع بفضل الله تبارك وتعالى ، وكلما زاد التضييق كما حققت نتائج .

الصحوة الإسلامية ذاتها مفاجئة ضخمة  ، فجيل العلمانية الذي كان يربى على العلمانية ولقلب العالم الإسلامي إلى عالم علماني صرف وكأنه جزء من أوروبا هو الذي خرجت منه الصحوة الإسلامية التي تبنت المشروع الإسلامي بفضل الله تبارك وتعالى ، فنحن لا نشترط على الله تبارك وتعالى شيء وإنما المطلوب أن نوجد أسباب النصر المعنوية من الإيمان والعمل الصالح القيام بما نستطيع من فروض الكفايات فمن فعل ما يقدر عليه قد أدى ما عليه ويلقى ربه بإذن الله تبارك وتعالى وقد أدى ما عليه ، ويأتي النصر بإذن الله حينما يوجد جمع كبير من الأمة يؤدون ما عليهم في خاصة أنفسهم ويتعاونون مع بعضهم البعض في إيجاد الصبغة المسلمة في المجتمع المسلم .

ولذلك يقول : وأما نهاية المطاف وكيف تقام دولة الإسلام بعد ذلك ، فنحن لا نوجب على الله امراً معيناً نعتقد حتميته ولزومه وأنه لا سبيل سواه ، بل قد قص الله علينا من قصص أنبيائه ورسله من آمن قومه كلهم بدعوته بالحكمة والبيان ، قال تعالى  { وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين } [الصافات/147] ، ومنهم من نصره الله بإهلاك أعدائه بقارعة من عنده أو بأيدي الرسل وأتباعهم ، وقد جعل سبحانه وتعالى في سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم هذه الأمور أيضاً ففتح عليه المدينة بالقرآن وكذا فتح عليه البحرين واليمن وكثيراً من جزيرة العرب كما فتح عليه مكة بالسنان وفتح أصحاب العراق وما وراءه والشام ومصر وغيرها بالسنان كذلك ، وله الحمد سبحانه على كل حال ، فالتمكين منة من الله ووعد غايته تحقيق العبودية لله للفرد والأمة .

فالإنسان يبغي أن يكون مقصوده الأصلي العبودية ، وإذا كان الله قد أمرنا أن نسعى للتمكين لدينه في الأرض فهو جزء من العبودية لا العكس .

فلو أن التمكين غرض لذاته فهذا قد يكون فيه دخل في النية .

يقول : والأخذ بالأسباب المقدورة لنا واجب علينا ، النصر من عند الله لا بالأسباب ، قال تعالى  { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون } [النور/55] ، وقال سبحانه  { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون } [الأنبياء/105] وقال تعالى  { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون } [التوبة/33]

بذلك نكون قد انتهينا بفضل الله تبارك وتعالى من هذه السلسلة التي كانت بعنوان " السلفية ومناهج التغيير " ونحن تناولناه بعنوان " السلفية ومناهج الإصلاح "

وباقي أن نشير إلى أن بعض الإخوة ظن أن هذا نوع من أنواع الدراسة لمناهج الجماعات الإسلامية ، والأمر ليس كذلك ، بل هو المناقشة من حيثية رؤيتهم لمنهج الإصلاح وليس من حيثية المنهج العقدي ومناهج الاستدلال  .

فهناك حيثيتان :

منهج الإصلاح : وهذه حيثية ، وذكرنا اتجاه دعوة السلفية والاتجاهات الأخرى . وبعض هذه الاتجاهات تتوافق مع الدعوة السلفية في المنهج العقدي كالجماعة الإسلامية فمنهجها العقدي في الجملة منهج عقدي وهي تعلن إلتزامها بالمنهج السلفي في المنهج العقدي ومناهج الاستدلال ، وطبعاً الجماعة الإسلامية غيرت الآن ولكن هذا الكلام قديماً .

قد يوجد هناك عرض آخر من باب المنهج العقدي ومناهج الاستدلال ،وهذا تبرز فيه جماعات التكفير وجماعات التوقف ، ومن الممكن أن تجمع بعض الجماعات بين الأمرين كجماعة الجهاد مثلاً فهي لها منهج خاص في التغيير أثر على اختياراتها في مناهج الإيمان والكفر بحيث أنه يوجد لديها بدرجة كبيرة بين أفرادها قبول للاتجاهات الغالية في باب التكفير ، فهذه الحيثية لم تناولها في هذا البحث وهي حيثية المنهج العقدي ولأنه يمكن استنباطها من خلال دروس العقيدة حتى وإن لم نصرح بمنهج كل اتجاه فيما وافق فيه منهج السلف أو خالف أو هل التزم من حيث المبدأ بمنهج السلف أم لا ، ثم عند تفصيل الكلام هل طبق التزامه الإسلامي أم أخل في بعض الأمور .

فإذن هذه الدراسة كانت تعنى بمناقشة رؤية كل الاتجاهات الإسلامية للإصلاح .

سبحانك اللهم وبحمدك

أشهد أن لا إله إلا أنت

أستغفرك وأتوب إليك .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

الكلمات الدلالية