الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

جواب في الإيمان ونواقضه -4

أما جواب السؤال الثاني وهو ما يخرج به المسلم عن الإسلام بحيث يصير مرتدًا؟ فجمعه ثلاثة أمور...

جواب في الإيمان ونواقضه -4
عبد المنعم الشحات
الاثنين ٠٥ أكتوبر ٢٠١٥ - ١٣:٥٦ م
1489

جواب في الإيمان ونواقضه (4)

عبد المنعم الشحات

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا

إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له

وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

أما بعد ،،،

لازلنا في تدارس رسالة ـ جواب في الإيمان ونواقضه ـ للشيخ البراك حفظه الله .

انتهينا من كلامه على عقيدة أهل السنة في مسمى الإيمان والكلام على أقوال الفرق المختلفة في هذه المسألة أو الكلام على بم يدخل الكافر الأصلي في الإسلام .

وهو بعدما بين حقيقة الإيمان عند أهل السنة قال : وبهذا التقسيم والتفصيل يتهيأ الجواب عن سؤالين :

أحدهما بما يدخل الكافر الأصلي في الإسلام ويثبت له حكمه

والثاني بما يخرج المسلم عن الإسلام عن الإسلام بحيث يصير مرتداً

وتكلمنا عن إجابة السؤال الأول ، وكان خلاصته أنه لابد على الأقل أن يأتي بالإيمان الركن ، والذي في جزء منه باطن وجزء ظاهر ، فلكي ينجو عند الله لابد على الأقل من أن يأتي بالإيمان الركن في الظاهر والباطن ، وأما نتيجة عندم استطاعتنا أن نرى الباطن فإنما يحكم في الظاهر على ما هو ظاهر من أركان الإيمان وهو النطق بالشهادتين ، وبناء على ذلك من أنه لا يكن مؤمناً إلا إذا حصل تصديق القلب وإقراره وإزعانه ونطق اللسان يتفرع على ذلك أنواع الكفر ، وهذا المخلص الذي ذكرناه في المرة السابقة ، أنه لا يكون مؤمناً عند الله إلا إذا أتى بحد أدنى بقول القلب والتصديق وإزعان القلب وانقياده والنطق باللسان .

لما نتصور العبد قبل أن يصل إلى هذه المرحلة ماذا يحصل ؟

ابتداءاً يكون فيه جهل فيأتيه خبر الرسول صلى الله عليه وسلم فإما أن يسمع وإما أن يعرض ، فإن أعرض فذلك كفر الإعراض ،

وقد ذكرنا أن وجوب إقامة الحجة قبل المؤاخذة كأصل مجمع عليه ، ولكن كل مسألة بحسبها فأصل الدين الجحة فيها بلوغ الرسول وأنه يدعوا إلى عباده الله وحده ، فيطلب منه الشهادتين ويبلغه أن هناك من يدعوا إليهما ، فمن لم يبلغه خبر الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون كافر جاهل معذور ، وصفه عذره أنه يمتحن يوم القيامة ، أما في الدنيا غير متصور وجوده ، بمعنى أنه عند أول وصول المسلمين لحد هذه النوعية فيقيمون عليه الحجة ، فلا يوجد الاحتكاك بأحد من هذه النوعية إلا إذا كان إنسان في جزيرة دخلها الملسمون ووجوه فيها ميتاً ولم يبلغه خبر الرسول صلى الله عليه وسلم سيعاملونه على أنه كافر ، وهو يوم القيامة كافر معذور يمتحن في عرصات يوم القيامة ، فإن بلغه خبر الرسول فإما أن يسمع وإما أن يعرض ، فإن أعرض فذلك كفر الإعراض ، فإن سمع فهذا لا يكون إيمان بل هي خطوة وهو يقترب ، فإما أن يصدق أو يكذب أوي يشك ، فينتج من هذا كفر التكذيب وكفر الشك ، فإن صدق لم يحصل بعد أصل الإيمان ، بل هو جزء من الإيمان ولكنه دون الأصل ، فرغم أنه جزء من الإيمان إلا أنه ما زال دون الأصل ، فهو لا يرقى إلى أن يدخله في الإسلام ، فإن سمع ثم صدق فهل يقر ويزعن أم لا ؟

فإما أن يقر وإما أن يأبى ويستكبر ، وهنا ينشأ كفر الإباء والاستكبار ، وها هنا أمرين :

إعلان قبوله للشهادتين ، وإعلان إزعانه للشرع

فممكن يقبل الشهادتين ولكن يأبى التزام الشرائع ، وممكن يرفض الشهادتين ابتداءاً ، والبعض يفصل هذين النوعين من أنواع الكفر ، والبعض يجملهما ، فحصل إن الإنسان الكافر الأصلي وارد أن يقع في أكثر من أمر ـ كفر الإعراض فإن نجا منها فسمع يمكن أن يقع في كفر التكذيب أو الشك فإن نجا من ذلك وصدق يمكن أن يقع في كفر الإباء والاستكبار ، فإن نجا من ذلك وأزعن فقد حصل أصل الإيمان ولابد حينئذ أن ينطق ، وكما ذكرنا أن المرجئة يتصورون أنه يمكن أن يوجد من حصل لديه التصديق والإزعان ثم يمتنع من النطق ، وهذه المعركة الرئيسية التي أولاها شيخ الإسلام ابن تيمية عناية كبيرة في كتاب الإيمان ، فعلى أية حال هنا الشيخ اعتبر هناك نواقض للامتناع عن القول وإن هي داخلة في غياب قول القلب أو عمله ، ولكن كما ذكرنا المرة السابقة لم يدرج ابن القيم رحمه الله أنواع خاصة في الكفر لكفر اللسان لأنه داخل في كفر القلب ، وهنا قال أن التصديق ضد التكذيب والشك والإعراض ، فكان عندنا تصديق وانقياد ونطق بالشهادتين ، فقال أن التصديق ضده ثلاث أنواع ـ التكذيب والشك والإعراض والانقياد وضده الإباء والاستكبار ـ فهنا أربع أنواع ، وقالوا أن النطق باللسان ضده التكذيب والإعراض ، لذلك كرر  معه التكذيب والإعراض فذكرهم مرة مع القلب ومرة مع اللسان ، وهم لا يمكن أن يأتوا مع اللسان إلا ومعهم تكذيب وإعراض من القلب أو على الأقل إباء واستكبار ، وينشأ غير الأربعة أو ستة على حد كلام الشيخ عندما أفرد مضادات النطق باللسان باثنين ـ كفر النفاق ـ الذي ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله وهو ناشيء عن من وجود قد نطق بلسانه فنفترض أن باطنه كظاهره وإنما في واقع الأمر ليس كذلك ، فطالما قلنا أنواع الكفر تقريباً المتصورة ، فهل انتهى باب النواقض ، فدائماً تجد باب النواقض أكثر تفصيلاً من الدخول في الإسلام ، لأن هنا جزيئتين :

الأول :الذي يظهر الإسلام نقبل منه الظاهر ونفترض أن باطنه كذلك ، ومن هنا نشأ عندنا أنه يمكن وجود كفر النفاق وهو أننا افترضنا أنه أظهر بينما هو ليس كذلك

الأمر الثاني :أن كل من أظهر الالتزام بالمجمل قبل منه ذلك وافترض أنه سوف يطبق هذا الأمر عند كل التفاصيل ، وبالتالي إذا كان هذه الأمور التي تعوق الكافر الأصلي عن الإيمان المجمل ، بأن يعرض أو يشك أو يكذب أو يأبى ويستكبر ، فكل هذه أشياء تمنعه من الوصول إلى الإيمان المجمل وهو النطق بالشهادتين والاعتراف بهم ، لكن وارد أنه بعد أن يصل إلى الاعتراف والإزعان بهذا الايمان المجمل يأتي إلى بعض التفصيل ويتكرر معنا نفس الأمر ـ تكذيب أو شك أو إعراض أو إباء واستكبار ـ ونحو ذلك ، وبالتالي الأمر في باب النواقض يكون فيه توسعة ، مع أن المسألة في النهاية تظل أن اصل الإيمان هو قول القلب وأصل أعمال القلوب وقول اللسان ، وأن الكفر المخرج من الملة هو زوال أياً من هذه الأجزاء التي هي أصل في الإيمان .

الكافر الأصلي مطلوب منه الإيمان المجمل وهو النطق بالشهادتين ، وقد يمنعه من ذلك إعراضه فلم يعرف ما المطلوب منه ، هو كفر الإعراض ، أو أن يكذب أو شك ، أو يأبى ويستكبر فلا يلتزم .

أما إذا دخل الرجل في الإسلام فيخرج بنقض أحد هذه الأجزاء ولكن النقض هنا قد يأتي من قبل الإجمال وقد يأتي من قبل التفصيل .

لذلك قال : وأما جواب السؤال الثاني وهو ما يخرج به المسلم عن الإسلام بحيث يصير مرتداً ؟

فجمعه ثلاثة أمور :

الأول ما يضاد الإقرار بالشهادتين ، وهو أنواع الكفر الستة المتقدمة ، بمعنى أنه يرجع في كلامة تصريحاً ، بأن ينطق بالشهادتين أو يولد لأبوين مسلمين فيكون مسلم ويأتي في وقت من الأوقات ويقول أنه شك في صدق الشهادتين أو يشك في صدق النبي صلى الله عليه وسلم أو أنه يرى أن هناك إله مع الله أو نحو ذلك ، فمتى وقع من المسلم واحد منها نقض إقراره وصار مرتداً .

في الواقع كلام المرجئة يفهم منه بل هو كذلك أنه لا كفر إلا هذا ، وهو كلام المرجئة المتكلمين وليس مرجئة الفقهاء ، لأن مرجئة الفقهاء في كتب الفقه ينصون على كفر المستهزئ وكفر الساب وكفر المنكر المعلوم من الدين بالضرورة ونحو ذلك . ولذا لما قال الإمام الطحاوي في عقيدته :" ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه " ، العبض تعامل بحساسية بالغة على اعتبار أن الإمام الطحاوي من جملة مرجئة الفقهاء ، وقد يكون في باب النواقض توسع في الإرجاء فانقلب إلى قول المرجئة المتكلمين ، وهذا صنيع البعض مع هذه العبارة ، والبعض قال أن العبارة خاطئة وإن لم نجزم أن الطحاوي أراد هذا المعنى ، ولعل هذا اعدل المآخذ في المسألة ، والبعض التمس للطحاوي وجه وقال أنه جحود الإجمال أو التفصيل فيكون موافق تماماً لعقيدة أهل السنة ، ولأن مرجئة الفقهاء في باب النواقض كأهل السنة تماماً ، وكما ذكرنا أنه إلزام ألزمهم به ابن تيمية بأن هذا جزء من التناقض ، وهم أخرجوا أعمال الجوارج من مسمى الإيمان ، أما أعمال القلوب كأنهم لم يكونوا يودوا التفصيل فيها ، لكن مقتضى كلامهم كأنها خارجة هي الأخرى ، فلما قالوا في باب النواقض وقالوا بكفر الساب والمستهزئ قيل لهم بم أخرجتموهم من الإيمان ؟

فإن قالوا أنهم أخرجوه من الإيمان لأنه فقد شيء لم يكن في الإيمان أصلاً ، وبالتالي ألزمهم ابن تيمية أن يدخلوا أعمال القلوب في مسمى الإيمان ، لكي يستقيم كلامهم في الإيمان مع كلامهم في باب الردة ، ثم يلزم إذا التزموا هذا أنهم نقضوا قاعدتهم أنهم يريدون جعل الإيمان شيء واحد ، فيدخلون أيضاً أعمال الجوارح ، هذا كله في مجال المناظرة والإلزام ، لكنهم أخرجوا العمل من مسمى الإيمان ووافقوا أهل السنة في باب الردة في تكفير الساب والمستهزئ وانواع الأمور التي كفر أهل السنة من فعلها .

الأمر مستقيم جداً على قاعدة أهل السنة فلا إشكال فيه ولا غبار ، أن أهل السنة عندهم الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ، الإيمان مكون من أبعض وبعض هذه الأبعاض أركان وبعض هذه الأبعض واجبات ، وبعض هذه الأبعاض مستحبات ، والأبعاض التي هي أركان هي عبادة عن قول القلب وأصل أعمال القلوب وقول اللسان ، فإن الذي يحصل هذا الكلام يدخل في الإسلام ، ومن رجع ونقضه يخرج مع الأخذ في الاعتبار هنا أنه يدخل معنا الظاهر والباطن ، والإجمال والتفصيل .

فلما يأتي إنسان ويدخل في الإسلام ويظهر ذلك نفترض أن باطنه كذلك إلا أن يثبت العكس ،وهذا يظهر معنا في باب النواقض ، لذلك قلنا في باب الدخول نفترض أن باطنه كذلك ، لكن لا نظل مفترضين هذا حتى وإن ظهر أثر هذا الباطن ظهر بحيث لا يجعل مكاناً للشك بأنه ليس كذلك ، فالقضية الأولى في مسألة الباطن والظاهر وهو عند الدخول يقبل منه الباطن والظاهر ويفترض أن الباطن كذلك ، فإن ظهر فيما بعد فساد في الباطن فيحكم عليه حينئذ بالكفر .

الأمر الآخر : أن المطلوب عند الدخول هو الإجمال ، ثم مطلوب تطيبق هذا الإجمال على التفاصيل . فإن أتى على تفصيل من التفاصيل وأبى واستكر أو كذب أو شك فيكفر حينئذ عند هذا التفصيل ، طالما أن هذا التفصيل يقدح في تصديق القلب أو انقياده وإزعانه ، ومن ثم مع كل تفصيل من التفاصيل نحتاج إلى إقامة حجة غير الحجة التي أقيمت على الإجمال .

فأظهر أنواع الكفر والردة أن ينقض إقراره الأول صراحة ، بمعنى أنه يظل مصر على إجماله ثم يخالف في تفصيل من التفاصيل ، بل يأتي على الإجمال نفسه ويرجع عنه ـ يكذب بالشهادتين ـ ، وما الذي يجعله رجع ؟

إما تكذيب وإما شك أو إباء واستكبار ، كحال الكافر الأصلي ، فممكن يعود فيبتلى بما منع الكفار الأصليين من الدخول في الإسلام فيرتد من أجل ذلك ، لذلك هو يجعل أول نوع من أنواع الردة وهي يكاد يكون مجمع عليها بين أهل السنة والمرجئة أيضاً وليس أهل السنة فقط ما يضاد الإقرار بالشهادتين ، بأن يأتي إقراره صراحة .

الثاني : ما يناقض حقيقة الشهادتين ، بمعنى أنه ينقاض التفاصيل بعد أن أتى بالإجمال يأتي بالتفصيل ويناقض .

يقول : فحقيقة شهادة أن لا إله إلا الله الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ، وهذا يشمل التوحيد الثلاثة ـ توحيد الربوبية والإلوهية والأسماء والصفات ـ وهذا يتضمن الإيمان بأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وأنه الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه ، وأنه الموصوف بكل كمال والمنزه عن كل نقص ، وأنه كما وصف نفسه وكما وصفه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تعطيل ولا تمثيل كما دل على ذلك قوله تعالى { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } وإفراده مع ذلك بالعبادة والبراءة من كل ما يعبد من دونه .

فممكن يقول صراحة أنه لا يشهد أن لا إله إلا الله فيكون هذا من النوع الأول ، وممكن يخالف في مسألة من مسائل الإلوهية أو مسائل الصفات ويجحد شيء من ذلك فيكون هذا مناقض لحقيقة الشهادتين والمعاني التي دلت عليه الشهادتين .

قال : وجملة ما يناقض التوحيد أمور :

جحد وجود الله : وهذا شر الكفر الإلحاد وهو مناقض للتوحيد جملة ومنه القول بوحدة الوجود ، وهذا طبعاً كان ينبغي في النوع الأول ، ولكن المثال الذي قاله مثال القائلين بوحدة الوجود يدلك على أنه يمكن واحد ينطق بالشهادتين وبالتالي نعتبر أن هذا النطق منه إقراري ويدخل في الإسلام وعند التدبر نجده يقول لا إله إلا الله لأن يعتقد أن لا يوجد في الكون شيء آخر إلا الله ، وهؤلاء القائلين بوحدة الوجود ، وهذا الكلام ردة إجماعاً ، ولكننا سندرجه في مناقضة الإقرار بالشهادتين أم مناقضة حقيقة الشهادتين ؟ في الواقع أنه كم ممن يقولون هذا القول يقرون بالشهادتين ، فلو أنت أدركته في مناقضة الإقرار يقول هو يقر ، فكيف يقر وتقول له أنه لم يقر ؟ ، لكن من الممكن أن يكون هو أقر وتقول أنه أقر بشيء غير الذي طلب منك أن تقر به ، بل أنت طلب منك أن تقر أن الله هو الإله وأنه هو الإله الواحد لا شريك له فأنت قلت لنا لا إله إلا الله ثم وصفت لنا إلهاً هو الكون بأسره ، وهو الخالق وهو المخلوق ، إذن فحقيقة ما تقوله يناقض حقيقة ما طلب منك ، ويناقض حقيقة الشهادتين التي يدخل بها في الإسلام ، فيكون هذا الكلام كفر والعياذ بالله , ومن اعتقد أن مع الله خالقاً ومدبراً أو مؤثراً مستقلاً عن الله في التأثير والتدبير فهذا هو الشرك في الربوبية ، وهذا قد يقع ممن يشهد أن لا إله إلا الله ، لذلك أدرجه فيما يناقض الحقيقة ، حقيقة معنى لا إله إلا الله كما ينبغي أن تفهم من الكتاب والسنة ، فهناك من يقولها وترجع تقول أن في الكون خالق مع الله ، واعتقاد أن لله مثلاً في شيء من صفات كماله كعلمه وقدرته ، وتشبيهه تعالى بخلق في ذاته أوصفاته أو أفعاله كقول المشبه له سمع كسمعي وبصر كبصري ويدخل في ذلك وصفه بالنقائص كالفقر والبخل والعجز ونسبة الصاحبة والولد إليه .

الخامس : أعتقاد أن أحداً من الخلق يستحق العبادة مع الله : وهذا اعتقاد الشرك في الإلهية ولو لم يكن معه عبادة لغير الله .

بمعنى أنه مجرد أن يقول أن هناك من يستحق أن يُعبد وإن لم يَعبد فهذا الاعتقاد في حد ذاته شرك .

يقول وهذه الأمور الخمس تدخل في كفر الاعتقاد وشرك الاعتقاد .

السادس : عبادة أحد مع الله بنوع من أنواع العبادة : وهذا هو الشرك في العبادة ، سواء اعتقد أنه ينفع ويضر أو زعم أنه واسطة إلى الله يقربه إلى الله زلفى , ومن ذلك السجود للصنم ، والفرق بين هذا والذي قبله أن هذا من باب الشرك العملي المناقض لتوحيد العمل الذي هو إفراد الله للعبادة ، وذاك من باب الشرك في الاعتقاد المنافي لاعتقاد تفرد الله بالإلوهية واستحقاق العباد .

فإذن لو أنه قال أن هناك من يستحق العبادة غير الله فهذا شرك في الاعتقاد

ولو أنه صرف العبادة لغير الله فهو شرك في العمل

وكلاهما شرك أكبر

ولا يشترط أن يجمع بينهما ، بمعنى أنه ممكن أن يدعو إلى عبادة غير الله ولا يعبد هو ، وإن كان هذا نادر لكنه وارد ، بأن يقول كما يقول أناس أنه يجوز إقرار اليهود والنصارى والبوذيين على دينهم ويكون هذا حق وينفهم ، ومعنى أن المتكلم بحكم أنه ولد مسلماً يرى أنه سيبقى على اعقاده ،فيكون هذا شرك أكبر وإن لم يعبد ، لأنه وجد أنه يجوز أن من أراد أن يعبد المسيح ومن أراد أن يعبد غيره أن يعبده ، فهذا يكون كفر في الاعتقاد وهو كفر في العمل .ولا يلزم أن يجتمع الاثنين معاً .

فالذي يعبد غير الله ما الذي يمكن أن يحمله على ذلك إن لم يكن ثمة اعتقاد ؟

نقول يمكن أن يكون اعتقاد صريح بأن المعبود الذي يتوجه هو إليه يجلب النفع أو يدفع الضر أو يستقل بالتصرف في الكون .

وممكن يقول أنه يتصرف في الكون من باب التفويض كأن يكون فوضه الله ، أو من باب الشفاعة بغير إذن من الله .

والاحتمال الثالث أن يكون يداهن قوم أو يطلب رفعة أو منزلة .

وبغض النظر عن هذا الاعتقاد ، فعبادة غير الله مناقضة لحقيقة الشهادتين ، فهي كفر وإن تعددت الدوافع ، فهنا عبادة غير الله مناقدة للشهادتين .

فالذي يقول انه لم يعتقد بل هو من داخله يرى أن الله هو المستحق للعبادة ، فلا فرق بينه وبين شارب الخمر ، وشارب الخمر يشرب لهوى والزاني يزني لهوى ؟

نقول أن الهوى قد يصل إلى الكفر ، فلما يبلغ الهوى بالعبد إلى أن يفعل ما يعلم أنه مناقض للشهادتين فإن يكون كافر وإن فعل الأمر لهوى .

فمن عبد غير الله إما لاعتقاد ويأتي هذا لأنه يرى أن هذا الغير ابتداءاً هو الرب كاعتقاد النصارى أو بعض طوئفهم في عيسى عليه السلام ، أو يرى أنه مفوض من قبل الرب كالعتقاد مشركي العرب ، أو أن له شفاعة بغير إذن من الله ، أو حتى أنه لا يعقتد ذلك واعتقد أن هذا الكلام باطل ولكن يفعل عبادة غير الله لمداهنة قوم أو لمنزلة عندهم . فهنا يكون هذا من باب شرك المحبة ، بأن أحب قومه أو منزلته أو ماله إلى الدرجة التي فعل ما يناقض الشهادتين من أجل هذا الهوى سواء كانت محبة القوم أو الهوى . هذا بخلاف الهوى التي يفعل معه المعصية التي لا تناقض الشهادتين ، فهو هوى أيضاً بأن يفعله للمال أو للجاه أو للمنزلة  ولكنه لم يفعل الكفر .

فإذن فعل الكفر طالما أنه فعل ما يصادم حقيقة الشهادتين بغض النظر عن الاعتقاد الذي دفعه إلى ذلك .

فمن الممكن أن يعتقد جواز عبادة غير الله فيكون هذا كفر مستقل ، ومن يعبد غير الله دون اعتقاد وهذا كفر مستقل ، وممكن يجمع بينهم .

يقول وبما بين الاعتقاد والعمل من التلازم صار يعبر عن هذا التوحيد بتوحيد الإلهية وتوحيد العبادة وعن ضده بالشرك في الإلهية أو الشرك في العبادة ، يعني المسألة قريبة ، تدرج المسألة بأنها في الاعتقاد أو في العمل ، وغالباً ينشأ تلازم بينهم ولكن قلنا أنه لا يلزم ، بمعنى أنه ممكن أن يفعل بعض من الكفريات التي نص عليها لشرع أنها كفر ويدفعه هواه لا اعتقاده إلى أن يفعله فيكون هذا كفراً .

هنا مسألة كفر الاعتقاد وكفر العمل من المصطلحات التي تحتاج إلى تحرير فهل هي تناظر الشرك الأكبر والشرك الأصغر أو الكفر الأكبر والكفر الأصغر ؟

قد يكون ذلك في اصطلاح البعض ، وقد لا يكون ، من جهة اللغة والشرع لا يلزم لأننا قلنا أن الذي سجد للصنم ثم قيل له في ذلك قال أنه كان يجامل قومه ، فهذا ما زال اعتقاده موافق لما دلت عليه الشهادتين ، ولكن عمله ليس كذلك . ولكن لا يمكن أن يفعل كفر العمل إلا مع انخرام في الباطن ولا يلزم أن يكون في الاعتقاد بل ممكن يكون في العمل من أعمال القلب كأن تصبح محبة الغير أعلى من محبة الله تبارك وتعالى ، فإذن هناك أنواع البعض يقول كفر الأعتقاد وكفر العمل ويعني بأي شيء وقع الكفر .

فعند سؤال من سجد للصنم فيقول نعم هذا أمر حسن فيسمون هذا كفر اعقتاد

وإذا قال أنه فعله مجاملة يسمونه كفر عمل

وكلاهما أكبر

فمن نظر إلى مجرد هل هذا وقع بالاعتقاد أو بالعمل ، فيكون كلمة عمل عنده لا تساوي أصغر بل منها الأكبر الأصغر .

وإن كان البعض يقول كفر العمل وكأنه يقول كفر العمل المجرد عن كفر الاعتقاد فلا يسمي المسألة كفر عمل إلا إذا كان لا صلة لها بالاعتقاد البتة .

بمعنى أن السجود للصنم قلنا أنه لابد أن يكون له صلة بالاعتقاد إما من جهة قول القلب أو من جهة عمله ، لكن المعاصي التي سماها الشرع كفراً ليست نقضاً تاماً لقول القلب ولا لعمله ، فوقتها يقولون عليه كفر عملي يساوي الكفر الأصغر .

الشيخ حافظ حكمي في ـ مأتين سؤال وجواب في العقيدة ـ قال أن الكفر ينقسم إلى كفر الاعتقادي وهو الكفر الأكبر والكفر العملي وهو الكفر الأصغر ، ثم عاد وسأل قال فإن قيل إن إلقاء المصحف في القاذورات والسجود للصنم والاستهزاء بالدين وذكر رابعة هي من الكفر الأكبر وهي من الكفر العملي

قال : فالجواب أن هذه الأربعة ليست من الكفر العملي إلا باعتبار أنها تؤدى بالجوارح ولكنها لا تقع إلا مع كفر في القلب وزندقة .

دل هذا عنده أنه عندما قال كفر الاعتقاد هو الأكبر والكفر العملي هو الأصغر كان يعني العمل المجرد عن كفر القلب ، بأن يكون كفر عملي بالجوارح ولم يكن معه أي كفر قلبي لا من جهة الاعتقاد ولا من جهة العمل . أما السجود للصنم لابد أن يكون معه كفر قلب إما من جهة الاعتقاد بأنه يسوغ هذه العبادة أو من جهة عمل القلب بمعنى أن محبة شيء ما في قلبه جعلته يفعل هذا الشرك لكي يجامل به أو يشتري به عرض الحياة الدنيا

الحاصل هنا أن كلام الشيخ جرى على قاعدة أن عنده الكفر العملي يشمل الأكبر والأصغر .

وهذه الأمور لابد من تحريرها قبل النقد عن أي عالم من العلماء ، لأن من عجيب الأمور أن الإمام ابن القيم رحمه الله تكلم على أن الكفر منه ما هو كفر اعتقادي وكفر عملي ، ثم مثل الكفر العملي بالحكم بغير ما أنزل الله والصلاة ، وعبد أن بين أن هذا من الكفر العملي يطرح السؤال هل هو من الأكبر أم من الأصغر ؟ ، وهذا الكلام في عدة مواطن أشهرها كتاب الصلاة الذي عمله لموازنة بين أقوال مكفري تارك الصلاة وعدم المكفرين ، العجيب أن البعض يأخذ الجزء الأول من الكلام بأنه قال أن الحكم بغير ما أنزل الله وترك الصلاة من الكفر العملي ثم يقول أن ابن القيم يقول أن الحكم بغير ما أنزل الله من الكفر العملي إذن هو من الكفر الأصغر . كيف وأن تمام الكلام بعد أن بين أنه من الكفر العملي سأل هل هو من الأكبر أم من الأصغر ، والسياق في الكتاب يحكي قولين في المسألة التي حكم أنها من العملي ويوازن بينهم ، وربما في مناسبة أخرى ذكرنا أن ابن القيم رحمه الله لم يحسم أمره في المسألة ، رغم أم عظم الناس ترى أن كتاب ابن القيم انتصار للقول بكفر تارك الصلاة ، لا ندري كيف يكون الكتاب الذي بدوا منه على الأقل أنه انتصار للقول للكفر بتارك الصلاة ويأتي البعض يفهم هذه العبارة منه أنه قال أن من الكفر العملي الحكم بغير ما أنزل الله وترك الصلاة تساوي عنده كفر أصغر .

فإذن هذا نوع من التلبيس والتدليس ، فالكفر الاعتقادي والكفر العملي تقسيم غير محدد عند كل العلماء بطريقة واحدة ، وعند النقل لابد من التأني والتروي والنظر في القائل ماذا يريد .

قلنا أن ابن القيم لما قال ذلك عدوا منه الكفر الكفر ما هو أكبر ومنه ما هو أصغر إلى الدرجة التي ظن البعض أنه يرى أن كفر تارك الصلاة وأن الكفر العملي الأكبر مع أن الذي يظهر والله تعالى أعلى وأعلم أن ابن القيم كشيخه ابن تيمية يرى كفر من عرض على السيف ففضل القتل على الصلاة وأن ذلك عنده من الكفر الأكبر ، وما سوى ذلك فلا يرى كفره ظاهراً ، وإن كان يرى أنه متى أصر على الترك في المستقبل وإن لم يدعى إلى العقوبة فإنه كافر باطناً  .

وهذا خلاصة مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة ترك الصلاة ، والذي ذكره مفرطاً في كتاب الإيمان ، وربما ذكره مجموعاً في سياق واحد في شرحه للعمدة .

والظاهر من صنيع الإمام ابن القيم رحمه الله في كتاب الصلاة أنه موافق لشيخه في هذه المسألة ، في أن المسألة المحسومة عنده هي أنه من عرض على السيف وفضل القتل على الصلاة فهو كافر كفر أكبر ، مع أنه محسومة عنده وليس أنه ينفي الخلاف فيها . وابن تيميمة يحكي الخلاف في المسألة ويحكي في مسألة من عرض على السيف فضلاً عن مسألة ترك الصلاة ككل ، وهو يرى ويذكر أن هذه المسألة على أقوال ، ومسألة من عرض على السيف ذكر  أن فيها قولين في مذهب أحمد .

وإن كان الراجح فعلاً أن من عرض على السيف وفضل القتل على الصلاة ويكاد يكون هذا القول قول كافة المتأخرين في أن من عرض على السيف وفضل القتل على الصلاة أنه يكون بذلك كافر كفر أكبر ظاهراً وباطناً .

وأما هل هناك حالة أخرى يكفر فيها باطناً فقط ؟

فالظاهر أن شيخ الإسلام ابن يتيمية يرى أن من ترك الصلاة بالكلية وإن لم يعرض على السيف فإنه يكون كافر باطناً ، وقد نص على أن ذلك يكون باطناً ، ولو لم ينص لابد من اعتبار أنه لا يمكن ضبط المسألة ظاهراً إلا بالاستتابه ، وأما باطناً فهو يبلغ هذا الحكم للخلق ليعرف كل إنسان نفسه ويعرض نفسه على كتاب لله أن هذا الذي يصر على ترك الصلاة ويعزم في نفسه أن يظل هكذا لا يصلي فهو عنده كافر باطناً وإن لم يعرض على السيف , وأم أنه كيف يظهر كفره ؟ بأن يعرض على السيف وهذه الحالة الثانية فيها خلاف ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى ، وظاهر صنيع ابن القيم في كتاب الصلاة أنه أيضاً يرى أن كما أن الأعمال لا تقبل إلا بقول مخصوص وهو الشهادتين فلا تقبل إلا بعمل مخصوص وهو الصلاة ، فظاهر صنيع ابن القيم في كتاب الصلاة أنه يرى أيضاً رأي شيخه ، ومذهب ابن القيم في الصلاة فيه جزئين أو ثلاثة إن شئت :

أنه يكفر ظاهراً وباطناً إذا عرض على السيف ففضل القتل على الصلاة

أنه يكفر باطنا إذا أصر على الترك إلى أن يموت وإن لم يعرض على السيف وإن لم نتبين نحن كفره لأننا لم نعرضه ولم نستتيبه ولم نتبين إصراره على الترك ، وأنه فيما سوى ذلك فهو من عصاة الأمة فهو في المشيئة إن شاء عذبه وإن شاء غفر الله كما جاء في الحديث .

كلام ابن القيم في كتاب الصلاة قد لا يكون بهذه الدرجة من الوضوح إلا في جزئية من عرض على السيف ، لكنه ظل يوازن بين أقوال المكفرين وأقوال غير المكفرين ، ويتكلم بلسان هؤلاء ثم يتكلم بلسان هؤلاء إلى أن ختم البحث باستنكاره قول من قال أنه حتى ولو عرض على السيف فإنه يموت مسلماً كحال شيخه الذي يرى هذا القول جدير بالاستنكار وإن كان ينفي أنه قد قال به من قال من السلف ، وفرق بين أنه ينتصر لقول ما ويرى أن غيره من الضعف بمكان وبين أنه ينفي أنه قاله أحد من السلف .

على أي حالة الذي جرنا لهذا الكلام أن الشيخ تكلم على الكفر الاعتقاد والكفر العملي وجرى على أن الكفر منه ما هو أكبر ومنه ما هو أصغر وليس أن كلمة الكفر العملي يساوي الأصغر كما كان في كلام ابن القيم في كتاب الصلاة وغيره .

يقول : السابع : لأنه ذكر ست انواع منها ـ جحد وجود الله واعتقاد أن الله معه خالقاً والثالث  اعتقاد أن لله مثلاً في أسماءه وصفاته ، ومنها تشبيه الله في خلقه وصفاته أو أفعاله ، ومنها أن احداً يستحق العبادة من دون الله أو مع الله ، ومنها عبادة أحد مع الله وهذا ما يصرح به الاعتقاد والعمل والاثنين في باب عبادة غير الله كفر أكبر ـ

قال : السابع : جحد أسماء الله وصفاته أو شيء منها

الثامن : السحر : ويشمل ما يفرق به بين المرء وزوجه كسحر أهل بابل ، وما يسحر أعين الناس حتى ترى الأشياء على غير حقيقتها كسحر سحرة فرعون .

الإجابة مختصرة جداً وقد يكون يضمن في مباحث طويلة ، وربما تكلمنا في موضوع السحر ، فهل هناك سحر تأثير أم ان كله من التخييل ، فالشيخ هنا يذكر أن هناك تأثير لأن الذي يفرقون به بين المرء وزوجه يخلق بغض في قلب الرجل أو في قلب المرأة أو في قلب كل منهما للآخر ، إذن هذا سحر تأثير ، وهناك سحر تخييل وهو أن يرى الأشياء على غير حقيقتها كانقلاب العصا حية ، وبعض الناس أنكر سحر التأثير بدعوى أن هذا يناقض الربوبية ، والصحيح أنه سبب جعله الله تعالى مع أنه سبب محرم ، جعله فتنة وابتلاءاً ، وقد حكى أنهم يفرقون بين المرء وزوجه فعلم أن لهم قدرة على شيء من التأثير لكن لا يقدرون على ما لا يقدر عليه إلا الله ، بالتالي لما يريد السحرة قلب العصا حية لا يقدرون على ذلك إلا بالتخييل ، ومن الممكن أن يفعلوا أشياء تصيب المسحور بمرض ويكون تأثير ، أو تصيبه بحب أو بغض ، لكن هذا سبب محدود بنطاق معين ، فلا يقدرون أن يخلقوا شيء من العدم ولا أن ينفخوا الروح في شيء ولا شيء من ذلك ، فأرادوا أن يدعوا هذا لجأوا إلى التخييل ، وبالتالي أدرك سحرة فرعون أن الذي فعله موسى عليه السلام بانقلاب العصا إلى حية حقيقة أكلت ولقفت ما يأفكون ولم يستطيعون هم إلغاء السحر بسحر مثله وأنها تظل عصا ،لأن تأثير بمعنى أنه شياطين تتلاعب فيلقي الساحر عصاه فيتلاعب الشيطان على هيئة ثعبان والعصا كما هي ، فلما وجدوا أها حية حقيقية وهناك أمرات لأنها حقيقية لأنها أكلت ولغت تأثير من حولها ونحو ذلك أدركوا أن هذا مما لا تستطيع السحرة .

وبالتي كعقيدة نعتقد وجود سحر التأثير ووجود سحر التخييل ولكن سحر التأثير محدود ، وكحكم كلا الأمرين كفر { وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة لا تكفر } ولا يكون إلا بالتقرب إلى الشياطين وعبادتهم كما هو معلوم من حال السحرة .

فإذن هذا كله من السحر الذي هو كفر أكبر من التفريق بين المرء وزوجه أو سحر أعين الناس ، وما يكون بالنفخ في العقد كسحر لبيد ابن الأعصم وبناته ونحو ذلك ، وهذا في الواقع ـ النفخ في العقد ـ كيف يتم السحر ؟

يتم هذا الميثاق الذي بين الساحر وبين الشياطين أنه يعمل لهم هذه التعاويذ التي فيها خروج على الفطرة وأشياء قذرة ومنتنة وميتة وكفر بالله ويكتب ألفاظ كفرية ، ولما يتم كل هذا الكلام بخضوع وإزعان للجن ويفعل ما يريدونه يفعلون ما طلبه منهم ، وهو في باب التأثير مداره على الأذى الذي داخل في قدرة الجن ، لأن الجن لهم قدرة بإيقاع الأذى على الإنس بنطاق معين ، فيقول الساحر بعد هذا الكلام يقعون هم الأذى وفق ما طلب منهم الساحر .

وهذه طريقة طلب السحر أو طريقة عمل السحر أن يتقرب الساحر إلى الشياطين بهذه الطقوس وهي تكون مدارها على الكفر ومخالفة الفطرة والإذعان والعبودية للجن فيفعل هو ما يريدونه .

كل هذه الأعمال تقوم على الشرك بالله  وعبادة الجن أو لكواكب والكواكب جمادات يدعوا الجن إلى عبادتها ، فيعود الأمر إلى عبادة الجن ، لكن لم يجدوا أن البعض نافر من عبادة الجن يقولون لهم اعبدو الكواكب .

أما السحر الرياضي وهو ما يرجع إلى خفة اليد وسرعة الحركة , والسحر التموهي وهو ما يقول بتمويه بعض المواد فيظهرها على غير حقيقتها

فهذا النوعان من الغش والخداع وليس من السحر الذي هو كفر .

وإن كان هذا يعزر لإفساده عقائد الناس ، وهذا ما يسمونه السحر الرياضي .

والسحر التموهي استخدام بعض القوانين الكميائية أو الفزيائية التي لا يعلمها الناس ، أن تكون أشياء معينة تساهم في رفع أشياء وخفض أشياء .

فأي شيء ليس فيه تقرب إلى الجن وإنما استخداء أشياء مباحة الأصل إلا أنه لما يستخدمها تحت مسمى السحر يفسد عقائد الناس فهذا ليس من الكفر وإن كان يعذر ويؤدب من قام به .

إذن هذه الأنواع السبعة أو الثمانية ، ومنها السحر لأن السحر ينافي الربوبية وهو يدعي ابتداءاً الساحر يتعبد إلى الجن فهو كفر من هذا الباب ويتضمن غالباً ما تكون عبادته للجن متضمنه سب وإهانة لكلام الله تبارك وتعالى ، فيكون محتوي على أنواع كثيرة جداً من الكفر ، بالإضافة إلى أن الساحر مدعي للقدرة المطلقة فهذا شرك في الربوبية .

فهذه أنواع الكفر الواقعة في باب الإلهية وتكون راجعة إلى الربوبية أو الإلهية أو إلى الأسماء والصفات

ثم يذكر بعد ذلك أنواع الردة المناقضة لحقيقة شهادة أن محمداً رسول الله ، نذكرها في المرة القادمة إن شاء الله تبارك وتعالى .

سبحانك اللهم وبحمد أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

ربما يهمك أيضاً

الولاء والبراء -12
1567 ٢٧ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -11
1709 ١٨ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -10
2035 ١١ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -9
2038 ٠٤ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -8
1671 ٢٨ ديسمبر ٢٠١٥
الولاء والبراء -7
1431 ٢١ ديسمبر ٢٠١٥