الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

جواب في الإيمان ونواقضه -9

ما هو قول مرجئة الفقهاء ؟

جواب في الإيمان ونواقضه -9
عبد المنعم الشحات
الاثنين ٠٩ نوفمبر ٢٠١٥ - ١٢:٤٦ م
1430

ما هو قول مرجئة الفقهاء ؟

عبد المنعم الشحات

نحن ضربنا مثال للإيمان بالشجرة ، فلما نطبق هذا على الإيمان لابد أن نتأكد أن المثال منطبق وفق وصف الشرع للإيمان فيكون كل استخدامنا لكلمة الشجرة وهو مثال تقريبي وتوضيحي ، فلا يكون لمجرد إثبات شيء في الشجرة يساوي أنها ثابتة في الإيمان لازماً ، وإن كان المثال منطبق منا إلى النهاية ، بمعنى أن الشجرة فيها ثمار ، وسماها أهل اللغة ثمرة لأنها تكون نتاج علميات امتصاص الغذاء وغيره في الجزر والساق فالثمرة هي ثمرة للشجرة وهي جزء منها ، خلاف ما تقول أن الشمس أثمرت النبات لأن هذا الضوء ليس جزءاً من النبات ولا الثمرة جزء من الشمس ، فيمكن أن يحدث نوع من التأثر ونقول أن هذه ثمرة لهذا ولكن لا يكون جزء منه ومن الممكن أن يكون جزء ، فلما تقول ثمرة وهي كمسألة لغوية ننظر إلى القصد ،فأهل السنة يقولون أن عمل الجوارح ثمرة لعمل القلب ، البعض يعتبر أن هذه جناية عظمى لكن هذا هو نص الحديث ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ، فلا يعوقنا أن قال مرجئة الفقهاء أن ثمرة لها معنى خاص عندهم وهو أنها أثر لما في القلب ولكنها ليست جزء من الإيمان ، فعندهم أن الإيمان هو ما في القلب والجوارح أثر لما في القلب وأثر للإيمان وليست جزء من الإيمان ، وأهل السنة عندهم أن الجوارح ثمرة لما في القلب ومجموع الاثنين إيمان ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فكان الإيمان شاملاً للازم والملزوم " ، فيلزم مما في القلب عمل الجوارح ، والإيمان يشمل الاثنين ، فلما يأتي من يؤكد أن عنده الإيمان قول وعمل ثم يقول أن العمل شرط كمال وشرط صحة ، فكونه صرح أن الإيمان قول وعمل ينفي أي شبهة في كلمة " ليس شرط ما كان خارجاً من المهية " لأنه صرح أنه دخلاً في المهية ، وأن الأعمال عنده داخلة في الإيمان . فالبعض يجعل هذه القضية قضية مفاصلة ومنازلة وهي اصطلاح شاع في كلام السنة وقبل لأن معناه واضح ولأنه يستخدم الشرط هنا بمعناه اللغوي لا بمعناه الاصطلاحي ، وكأن تقدير الكلام " يشترط لكي يقبل إيمان الرجل أن ينطق بالشهادتين ويشترط أن يوجد قول القلب وانقياده إلى غير ذلك " .

مرجئة الفقهاء يقولون أن الإيمان هو ما في القلب فقط بل هو التصديق فقط ويأولون الأحاديث الواردة أو النصوص الكثيرة الواردة في أن الأعمال من الإيمان فيقولون أنها من ثمراته خارجة عنه .

وأهل السنة يقولون أن عمل الجوارح ثمرة لما في القلب ومجموع الاثنين يسمى إيماناً .

ولعلنا أيضاً نضطر نبين لماذا قال ذلك مرجئة الفقهاء أو عموماً ماذا قال كل فريق ، وهنا الشيخ قاله باختصار شديد جامع نقرأه ونفصله في المرة القادمة إن شاء الله تبارك وتعالى .

هو بعد أن بين أن كلمة شرط الواردة في كلام كثير من العلماء وشراح كتب السنة لا تستأهل الجلبة التي صنعت حولها .

يقول : وهذا التفصيل كله على مذهب أهل السنة والجماعة فلا يكون من قال بعدم كفر ترك الصلاة كسلاً أو غيرها من الأركان مجرئاً كما لا يكون القائل بكفره حرورياً لأنها مسائل خلاف بين أهل السنة ، وفعلاً هذه تأخذ حجمها الطبيعي طالما اعترفنا أنها وسعت السلف فلابد من المناقشة فيها ، نعم يكون مناقشة وترجيح كسائر المسائل الفقهية أو غيرها مما وسع في الخلاف ، وإنما يكون الرجم من المرجئة

فهذا توصيف سريع وبسيط جداً لكلام المرجئة والخوارج ومرجئة الفقهاء .

قال : وإنما يكون الرجل من المرجئة بإخراج أعمال القلوب والجوارح عن مسمى الإيمان ، فلو قال أن الإيمان هو التصديق فقط قول المرجئة ويقول أن أعمال القلوب والجوارح ليست من الإيمان ، فإذا أخرج العمل من مسمى الإيمان كان مرجئاً ، فإن كان مع قوله بإخراج العمل من مسمى الإيمان يقول بوجوب الواجبات وتحريم المحرمات وترتب العقوبات فهو قول مرجئة الفقهاء المعروف ، فرغم أنهم أخرجوا العمل من مسمى الإيمان لكن لم يستحلوا المعاصي بل قالوا أنهامن واجبات الدين ولا نسميها إيمان ، فعندهم يوجبون الواجبات ويحرمون المحرمات ويأولون الأدلة التي فيها أن العمل من الإيمان ويقولون أنها ثمرة من ثمرات الإيمان وليست منه ، فمن أخرج العمل عن مسمى الإيمان فهذا هو قول المرجئة ، فإن كان يقول بوجوب الواجبات وتحريم المحرمات وترتب العقوبات فهو قول مرجئة الفقهاء المعروف وهو الذي أنكره الأئمة وبينوا مخالفة نصوص الكتاب والسنة .

وإن قال لا يضر مع الإيمان ذنب فيكون من المرجئة المستحلة وأخرج العمل من مسمى الإيمان ثم قال أنه من نص العمل وهذا بلا قيد ، بمعنى أنه مجرد أن حدث عنه التصديق والمعرفة صار مؤمن كامل الإيمان ، ومرجئة الفقهاء يقولون ذلك أيضاً ولكن يقولون أن عليه واجبات الدين إن فعلها كان عاصياً مع كمال الإيمان ، أما المرجئة المستحلة يقولون لا يضر مع الإيمان ذنب من ترك الواجبات وفعل المعاصي ، فقالوا لا يضر مع الإيمان ذنب والإيمان هو المعرفة فهو قول غلاة المرجئة الجهمية وهم كفار عند السلف .

فإذًا النصوص الكثيرة المنقولة عن كثير من المرجئة لا يمكن حملها على مرجئة الفقهاء فضلاً أن تحمل على من لم لتزم معهم فيكون من أهل السنة ولا يكفر تارك الصلاة أو لم يكفر في المسائل التي يقولون بها أو نحو ذلك .

فأي نص منقول عن السلف في تكفير المرجئة تعرف أنه يتكلم على المرجئة الجهمية المستحلة وهم كفار عند السلف .

وبهذا يظهر الجواب عن مسألة العمل في الإيمان هل هو شرط صحة أو شرط كمال ومذهب المرجئة في ذلك ، يقول وهذا ولا أعلم أحداً من الأئمة المتقدمين تكلم بهذا ـ مسألة جنس العمل ـ وإنما ورد في كلام بعض المتأخرين .

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

ربما يهمك أيضاً

الولاء والبراء -12
1563 ٢٧ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -11
1704 ١٨ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -10
2032 ١١ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -9
2028 ٠٤ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -8
1665 ٢٨ ديسمبر ٢٠١٥
الولاء والبراء -7
1429 ٢١ ديسمبر ٢٠١٥