الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الولاء والبراء -6

المشكلة إنما هي الاستحلال ممن فعلها مستحلًا أو ممن لم يفعلها ولكنه استحلها

الولاء والبراء -6
عبد المنعم الشحات
الاثنين ١٤ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٢:٤٨ م
1318

الولاء والبراء (6)

عبد المنعم الشحات

يقول: «4- المعاونة والقيام بالأمر والنصح:

ومن موالاة الكافرين معاونتهم على ظلمهم ونصرتهم ويضرب القرآن لذلك مثالين هما امرأة لوط التي كانت ردءًا لقومها حيث كانت على طريقتهم راضية بأفعالهم القبيحة ودلت قومها على ضيوف لوط كان فعل امرأة نوحٍ عليهما السلام».

هذا مثال لمن يعاون الغير على كفره فامرأة لوط عاونت قوم لوط على ما هم فيه من فساد  - حتى يكون المثال واضحًا لأن قوم لوط كفروا وكان السبب الرئيسي في كفرهم - الذي ورد ذكره في القرآن- هو جحودهم حكم الله -عز وجل- واستحسانهم خلاف شرع الله -عز وجل- في أمر إتيان الذكران فكانوا يرون أن هذا أمراً حسنًا وهذا كفر بخلاف فعل المعصية فإنه ليس كفر ولكن قوم لوط كفروا باستحلالها واستحسنها ومن استحلها فقد كفر وإن لم يفعلها كفعل امرأة لوط.

وشيوع فاحشة اللواط في بلد أو مجتمعٍ ما من المفترض أن يجعل النساء [يثرن وينكرن هذا الأمر لأنهن]  أول من يظلم لأن الله -عز وجل- ركب إذا الشهوة في الرجال والنساء وجعل الفطرة في أن الرجال يطلبون النساء فلو أن الرجال انتكست فطرتهم وأردوا أن يقضوا شهوتهم مع الرجال فهذا يكون ظلمًا للنساء لأنهم لا يقومون بحق زوجاتهم أو لا يتزوجون أصلًا فكان هذا ظلمًا للنساء ولكن من الممكن أن امرأة ترضى بهذا الأمر رغم أنه قد يكون لها فيه ظلم لأنها تحب قومها وتشجعهم على ما هم عليه فيكون من رضي بهذه الفعلة وإن لم يفعلها وإن لم يقع عليه ظلم منها فيكون كافرًا مثل من فعلها بل إن الفعل في حد ذاته ليس هو المشكلة ولكن المشكلة إنما هي الاستحلال ممن فعلها مستحلًا أو ممن لم يفعلها ولكنه استحلها.

ففي حالة امرأة لوط التي استحلت ما استحله قومها ومع أن هذا فيه ظلم لبنات جنسها [كفر بين لا شك فيه].

وأما ما ظنه البعض من امرأة لوط -عليه السلام- وقعت في الفاحشة فهذا مصادم لعصمة الأنبياء فمن الممكن أن يكفر  أبناء الأنبياء أو زوجاتهم الأنبياء ولم يكن في شريعة لوط حرمة الزواج من المشركة بينما هو محرم في شريعتنا كما تحريم الزواج من المشركات في شريعتنا مختص بقوم فبعض المشركات يمكن نكحاهن كأهل الكتاب.

فكان يجوز للوط -عليه السلام- أن يبقى على الزوجية مع امرأة مشركة وأما أن تفعل امرأته الفاحشة فهذا مما يقدح فيه إذن لم تكن امرأة لوط تفعل الفاحشة ناهيك أن المعروف من عادة قومها فعل الفاحشة من اللواط ونحو هذا إذن فلا شهوة لهم في النساء عمومًا فما بالك بامرأة عجوز فكانت أبعد ما تكون أن تكون محل لشهوة هؤلاء وإنما كانت ردءًا لهم فأخبرتهم أنه قد جاءه ضيوف لأنها تخطب ود قومها وتعاونهم على ما يريدون من هذه الفاحشة فدلتهم على أن عند لوط -عليه السلام- من يصلحون لهم والعياذ بالله.

فكفر امرأة النبي لا يقدح فيه هو إذا كان في شريعته أنه يجوز أن يتزوج بكافرة أو أن يبقي على الزوجية بينها بينما هي لم تفعل الفاحشة - وإن كانت الفاحشة في خاصة نفسها أهون من الكفر- لكن [أكبر] في حق زوجها ففعل المرأة للفاحشة يضر زوجها فهي لم تفعل الفاحشة وإنما رضيت باستحسانها وهنا يوجد فرق بين من يسهل المعصية لغيرة لشهوة كالمال كأن يكون قوادًا إلى الفاحشة مثلًا والعياذ بالله فهمه المال وهناك زناة همهم الزنا فيسهل الزنا للزناة فهو عاصٍ إذن لأنه سهل المعصية لشهوة في نفسه ولكن الإشكال هنا في استحسان المعصية أو الزعم بأنها حسنة والطعن على الشرع والعياذ بالله.

فكانت امرأة لوط وامرأة نوح هكذا على حالهم فمن موالاة الكافرين: معاونتهم على ظلمهم ونصرتهم، وإذا ما أعانهم على نشر الكفر - حتى وإن لم يكن له هم في نشره ابتدءًا- فهو كافر مثلهم والعياذ بالله وكما ذكرنا أن كل صورة من صور الموالاة عموماً قد تكون في بعض جزئياتها كفر أكبر والبعض الآخر يكون كفرًا أصغر.

يقول: «ومنها صحبتهم والثناء عليهم ونشر فضائلهم». 

الثناء على المشركين أحد أهم صور الموالاة، فإن كان يثني عليهم بكفرهم فهذا كفر والعياذ بالله كأن يقول أن دينهم حسن أو غير ذلك ومثل ذلك مثل مسألة الاستحلال بمعنى أنه يثني على الغرب أو الكفار بأنهم يستحلون المحرمات كقضية الزنا أحد أبرز القضايا التي يثنى عليهم فيها بأن منهجهم حسن وهي مسألة الإباحية والعياذ بالله، فإن كان يثني عليهم بما هو كفر فهو كفر والعياذ بالله إن كان يثني عليهم بما هو ثناء حقيقي ولكن في الدنيا هؤلاء كفار فإذًا دينهم باطل ولكن قد يكون دينهم أفضل من دين غيرهم وفي الشر خيار فبعض صور الكفر أشد كفرًا من الصور الأخرى أو قد يكون عندهم من أمور الدنيا ما يستأهل الثناء هذه هي الشبة التي جعلت الكثير من المنتسبين للإسلام يسارعون إلى الثناء على الكفار ويقول أنه لم يمدحهم مع أنهم أحيانًا يمدحون أخلاقهم الذميمة ويقلبونها حسنة ولكن حتى لو مدح شيئًا من أمور الدنيا فالقضية هنا أن المسلم لا يكذب ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا﴾ [المائدة: 8]

فبغضه للكفار لا يجعله يصفهم بما ليس فيهم أو أن يمتنع عن الاعتراف بشيء حسن أتوا به ولكن القضية القلبية التي أنت متعبد بها في خاصة نفسك ومتعبد أن تعبد الناس بها وهي بغض هؤلاء الكفار فعندما يأتي بعض الناس وينشر بعض الفضائل في صورة تغري الجهال بأن يحبوا هؤلاء وأن يحترموهم فهذا من أبطل الباطل وما كان الوهن في قلوب المسلمين إلا نتاج المدح الواسع جدًا لحضارة الغرب ونظام الغرب وأمانة الغرب وصار الناس ينبهرون بهذا المر مع أن كل ما عندهم من أمور الدنيا لا يساوي عند الله جناح بعوضة ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ [الروم:7] فهم لا يعرفون شيئًا في دين الله تبارك وتعالى.

فينبغي إذا ما اضطررت إلى أن تذكر شيئًا من المحاسن الدنيوية عندهم لابد أن تذكر أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة وحتى لو أردت لسبب أو لآخر أن تذكر خلقًا صالحاً عندهم فينبغي أن تذكر أن هذا الخلق الصالح لا ينفعهم حيث أنهم تلبسوا بأشد رجس وهو الكذب على الله تبارك وتعالى وسب الله -سبحانه وتعالى- فلو فرضت أنك مضطر أن تحكي عن أمانتهم - إن كان عندهم أمانة- أو عن صدقهم فيلزم أن تنبه حتى لا يغتر أحد أما أن تنشر الفضائل ويوضح السياق غرض المتكلم من الكلام حتى لا يخفى غرضه على أحد لأن بعض الناس يحاول أن تجادل بالباطل فالذي يتكلم يعلم من حاله في أي اتجاه يتكلم والثناء المطلق بلا شك أن أي عاقل يعرف أن غرضه في النهاية أن يحصل نوع من التعظيم والاحترام لمن يثنى عليه المفترض أنك لو اضطررت إلى الاعتراف بشيء حسن عندهم لا نقول تغبطهم حقهم فيه ولكن اذكر ما عندهم من مثالب حتى لا ينخدع أحد بشأنهم.

ولعلنا قد ذكرنا قبل ذلك من باب إتمام الفائدة وإلا فالأصل أنهم لو كان عندهم شيء من الأخلاق فهذا لا ينفعهم لأن الإيمان له أصل وله كمال - كما ذكرنا- فالرجل يأتي بورقة شجرة لا يكون مثل الذي معه الشجرة والذي أتى بجذع الشجرة التي تساقطت أورقها لا يكون مثل الذي أتى بورق الشجرة ولم يأتي بشيء من أصل الشجرة لأن بعض الناس يحلو له أن يقارن بين كافر عنده أخلاق - كما يزعمون- وبين مسلم ليس عنده أخلاق فيقول أن هذا الكافر أحسن من المسلم هذه الكلمة لو درى صاحبها معناها لكفر والعياذ بالله إلا أن معظم من يتكلم بها لا يدري معناها.

كيف تفضل طريقة من ينسب إلى الله الصاحبة والولد فتقول كتقييم إجمالًا أفضل من مسلم عاصي لا، فهذا معه ورق الشجرة والآخر معه جذع الشجرة ثابتة ولكن متساقطة الأوراق أو الثمار فلا هذا أتى بالمطلوب ولا هذا أتى بالمطلوب ولكن عند المقارنة شتان بين الذي عنده شجرة متساقطة الأوراق وبين من عنده مجرد ورق الشجرة فإذا أعجبتك هذه الورقة وهذا ليس عنده ورقها مثلها فأعلم أن هذه مجرد ورقة شجرة هذا هو تقييمها في النهاية، إذن فهذه الأخلاق الموجودة عند الغرب لا تعدو أن تكون كذلك.

الأمر الآخر أن المتأمل في الواقع يجد أن كثير من المنتسبين إلى الإسلام - بل أحيانًا المنتسبين إلى الدعوة- يتمتع بدرجة عالية من درجات الكرم مع الكفار لا تدري سببها فيصفهم بما يتنصلون هم منه فهم مصرون على أنهم عندهم أخلاق وهم أنفسهم – أي: الكفار- يقولون بنسبية الأخلاق فهذه نظرية عندهم تحكم تصوراتهم فكيف نصر نحن على أن نصفهم بما يتنصلون هم منه؟!!

ثم ما تعريف الخلق الحسن عندهم؟ يقولون الخلق الحسن: ما ينفع صاحبه! ولذلك لا تستغرب أن يقال أنهم يكيلون بمكيلين ويزنون بميزانين وإنما هو في الحقيقة مكيال واحد وميزان واحد هو المنفعة الشخصية أو الذاتية سواء كشخص أو كأمة فالمنفعة الذاتية المادية المحضة [هي الدافع لالتزام النظام عندهم] فمرة يلتزم بإشارات المرور والنموذج الذي يعجب الناس جدًا عندما تكون الساعة الثانية ليلًا والإشارات تعمل تلقائيًا ولا يوجد شرطي المرور فيجدها تشير إلى الوقوف فيقف، هذا في حد ذاته نوع من أنواع الهزيمة البالغة أن يكون تقييمك في اتباع إشارات المرور فقط أنت لم تبدأ الأمور من أولها إلى آخرها ولم تبدأ بالأهم فالمهم.

بل هو نفسه لما يأتي إلى بلاد المسلمين تجد أنه لا يلتزم بإشارة المرور لا التلقائية ولا غير التلقائية لأنه لما التزم هناك كان ذلك جزء من قناعته بأنه لو خالفها فسيخالفها غيره فيأتي عليه يوم يتعطل فيه عن عمله، وبذلك تكون القناعة المشتركة بين كل هؤلاء الناس أنه لا بد وأن يحافظ على النظام فيحافظ عليه بدوافع ذاتية.

وهناك لأجل أن يقنعه أن يفعل شيئًا فلا بد أن يقنعه أنه مستفيد منها استفادة دنيوية فهم لا يخجلون من هذا ولكنهم يفخرون بأنهم تحكمهم النظرية النفعية ونسبية الأخلاق وأنهم استطاعوا بهذا النظام عرفوا أن يقيموا مجتمعًا متقدمًا دنيويًا - كما يزعمون-.

فإذا أن يلتزم الناس بشيء معين فقدم لهم نفعًا بالمقابل واعرف أن كل واحد منهم يفكر بطريقته النفعية الخاصة وأن الشيء الحسن عنده هو الذي ينفعه فالذين يخططون لمستقبل هذه المجتمعات ما دام هو الذي غرس هذه السياسات فإنه يعرف كيف يفكر الناس ويجيد أن يعطيهم الأمور التي تسوسهم.

والمشكلة في بلاد المسلمين أنه لا يوجد من يرتب الأمور ومن يرتبها فهو غير عالم [بدوافعهم] فهناك ناس دوافعهم دينية يريدون الله واليوم الآخر وناس مثل الكفار تماماً في هذه الجزئية حيث يرون بالنظرية النفعية وناس بين بين، فلا توجد ثقافة عامة موحدة في المجتمع لكن القضية أن هناك عندهم ثقافة عامة موحدة هذه الثقافة ثقافة دارسة ولكن ما دام أن الذي يخطط يعرفها فهو سيعرف كيف يتعامل معها وهذا الذي جعل مجتمعاتهم فيها قدر أعلى من النظام والالتزام بالقواعد العامة للمجتمع وهذا الذي جعلهم ينجحون في غرس ثقافة موحدة تقوم على النظرية النفعية ونسبية الأخلاق وبعد ذلك يتعامل مع هذا الواقع الذي فرضه بهذه المعطيات.

أما في بلاد المسلمين فلا يوجد ذلك إلا إذا استطاعت أن تغرس ثقافة موحدة فعندها تستطيع أن تتعامل مع المجتمع كله بطريقة سلسلة وتلقائية لكن بلا شك يأمل أي مسلم - حتى لو ظلت الأمور مضطربة ولا نظام فيها- أن تغرس ثقافة الإلحاد أو ثقافة النظريات المادية أو نحو ذلك لكن لو وجد - في يوم من الأيام بفضل الله تبارك وتعالى- عند الناس مسألة الاعتناء بأوامر دينهم – ولا سيما جانب المعاملات منه- لوجدت مجتمع بهر الدنيا قبل ذلك في الالتزام والانضباط الحقيقي.

وهناك كل ما لا يستطيعوا أن يوجدوا أمامه مصلحة نفعية فإنهم يضطر إلى التنازل عنها فقد حاولوا مثلًا أن يلغوا الخمر محاولات في كل دول العالم من الشرق إلى الغرب ووضعت قوانين وأنفقت مليارات الدولارات في تجارب قانونية - لعل بعضها كان قريب في منع الخمر- ولم يستطيعوا أن يقنعوا الناس إذ ما زالت الشهوة واللذة التي يحصل عليها أعلى بكثير فاضطروا أن يقننوا هذا الموضوع لأنه لا يستطيع أن يواجه هذه الشهوة وهكذا شهوة الجنس أو غيرها من الشهوات.

فلا تنبهر بشيء هو الجزء الوحيد الذي نجحوا فيه بينما يحاول أن يقنع الناس أن لا يشربوا الخمر لكي تقل الحوادث وما إلى ذلك فلا يستطيع، يقول للناس لا للفوضى الجنسية حتى نقلل من الإصابة بالإيذر وغيره ويطالب بإجراءات معينة ولا يوجد أحد هناك يطمح أن يطالب الناس أن يتركوا شهواتهم ولكن يطلب بقدر من القيد والتنظيم بدل من مليارات الدولارات التي تنفق على الإيذر وغيره فالأفضل أن يلتزم الناس لأن الإنسان وقت قضاء الشهوة حيوان ثائر لا يريد أن يلتزم حتى بالإجراءات الوقائية التي يضغط بها إعلاميًا حتى يلتزم الناس بها ولا أحد يلتزم بها وهم كأمم يخسرون الأموال الطائلة لكي يتفادوا الآثار الجانبية لهذه الأمور.

إذن فالأخلاق عندهم - حتى لو كانت موجودة- فهي مثل ورق الشجرة لا تقارن بشجرة كاملة ولا تقارن بشجرة موجودة قائمة ولكن متساقطة الأوراق وهذا الذي نعتقده في الإيمان أنه قول وعمل يزيد وينقض وله أصل وله كمال لا نجزأ أي تصور بعيد عن التصور العقدي.

الأمر الآخر: أن ورقة الشجرة التي أنت منبهر بها اجعلها في إطارها أنها ورقة شجرة فقط ولا تزيد عن ذلك فلو تأملت لوجدتها ورقة شجر صناعية أيضًا ليست بالأمر الذي تنبهر به.

وعلى أية حال لو أتيت تذكر شيئًا من هذا لابد أن تبين قيمة هذا الجزء عند هؤلاء الكفار لأن لديك القضية عقدية قلبية رئيسية وهي بغض الكفار وأن هذا دين تتقرب به إلى الله تبارك وتعالى فلا يأتي أحد ويعتذر أنه منصف هذا الإنصاف الذي أمرك به الشرع لا يتعارض مع بغض الكافرين الذي أمرك به الشرع ولذا في قصة الشيطان مع أبي هريرة -رضي الله عنه- لما أخبره بأن من قرأ آية الكرسي قبل أن ينام فهي ستر له من الشيطان حتى يصبح فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «صدقك وهو كذوب». إذن لما أخبره أنه صادق بين له أن هذه ليست سجيته، لأنك لو صدقت شخصًا في قضية معينة فقد يُفهم أن هذا تزكية منك له فلذلك احتاج الأمر إلى توضيح مع أن أمر الشيطان واضح ولكن للزيادة في الوضوح وسدًا للذريعة بين النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «صدقك وهو كذوب».

ذكرنا في بداية الكلام أن في قضية الولاء والبراء تنطبق على الكفار وتنطبق على المؤمن العاصي أو المبتدع ولكن كلهم بحسبه فالرجل الواحد يجتمع فيه إيمان وكفر ومن ثم يجتمع فيه ولاء وبراء.

ومن ثم أيضًا حذر السلف تحذيرًا شديدًا من الثناء المطلق على أهل البدع فلا تأتي رجلًا مبتدعًا معروفًا ببدعته فتثني عليه فيظن الناس أن هذا عالم من علماء السنة فلو أحسن مبتدع في باب من الأبواب وأحببت أن تبين أنه يستفاد منه في هذا الباب أو تمدحه بهذا الأمر فينبغي أن تقيد هذا وتنبه لاسيما أن كان السامع ممن لا يعرف حال المذكور فلا بد أن تنبه وتبين حتى لا يغتر أحد ببدعته.

ومسألة الثناء على الكافر أو على المبتدع ينبغي أن يكون مقيدًا ببيان كفره أو ببيان بدعته عكسه بعض الدعاة المعاصرين بما يعرف عندهم بقضية الموازنات وتجد بعضهم يصر على أنك لو أردت أن تنقد مبتدعًا - وهم لا يتكلمون على الكفار- لابد لك أن تذكر محاسنه لتكون منصفًا وهذا مخالف للكتاب والسنة ولهدي السلف الذين نقلوا عنهم من الذم المطلق غير المقيد لأصناف أهل البدع مما هو مشهور وموجود في كتب السنة.

إذن فالذم المطلق ليس فيه إشكالًا اقصد أن تذمه بما فيه وتسكت عن محاسنه فهذا ليس للكفار هو الأصل لأنه لا رغبة لك في ذكر شيء من محاسنه.

وبالنسبة للمبتدعة الذين ليس عندهم فائدة تستفاد منهم فهو مسلم وهذا أمر ينفعه عند الله ولكن القضية التي تهمك بالنسبة للمدعو إن كان القضية أن هذا الرجل المبتدع لا يعرف لا يمكن أن يستفاد منه في خير في حق أو ما عنده من الخير يوجد من يغني عنه من أهل السنة فأنت كل ما يهمك أن تخذل عنه  فتقول: «فلان معروف بالبدعة الفلانية» أو بكذا أو بكذا وهذا لا يلزم منه أنك متى سُألت: ألا يوجد له من محاسن؟ فلا تكذب أو نحو ذلك أو كان عند من يعرف الكلام ولا يخشى عليه الفتنة وأنت تتكلم عن ترجمة لشخص معين أو لفرقة معينة فتذكر ما عندهم من المحاسن والمساوئ هذا كله لا إشكال فيه لكن الإشكال أنه لا يلزم إن كان يغلب على ظنك أن المصلحة في التنفير من مبتدع معين لا يلزم أن عندما تنفر عنه تقول كلامًا مفاده في النهاية أنك ترغب فيه.

والسبب الرئيسي أن بعض الدعاة المعاصرين تأثروا ببعض من أخذت عليهم ملاحظات لاسيما الدعاة المعاصرين الذين تأثروا بالأستاذ حسن البنا أو الأستاذ سيد قطب ويريد منك أنك كلما تكلمت على خطأ عند هؤلاء أن تثني عليه فهذا لا يلزم، لاسيما لو كان شخصًا يغلب على ظنك أنه لم يكن مصرًا على بدعته قد يجب أن تذكر شيء من محاسنه ونحو هذا ولكن لا يتحول هذا إلى قاعدة وأصل من الأصول بل يدعى أن هذا أصل من أصول أهل السنة.

فالقضية أن الإنسان الكافر والمبتدع المعروف ببدعته لو لم يكن مصلحة من أن الناس تعرف شيء عن ما عنده من الخير، فالخير الذي عنده لا يلزمك أو لا يلزم الناس فأنت تأتي بالتحذير من بدعته ولا تكذب عليه ولكن لا يكون همك استقصاء حسناته كم يدعون لكن إن كان هناك من يستفاد منه أو من متى أرسلت ما عنده من الخير ترتب على هذا نوع من الظلم يكون اتجاه معين موجود على الساحة وأنت مثلًا لابد أن يحدث نوع من أنواع الاحتكاك ولابد أن يعرف الناس حال من يخالطوهم لأنه يترتب عليه أنواع من البر أو الولاء والبراء وكما ذكرنا أن الشخص الواحد يجتمع فيه إيمان وكفر وبالتالي يجتمع فيه ولاء وبراء.

إذن فقضية الموازنات ليست لازمة كما يحاول البعض أن يجعلها لازمة ولكن تلزم إذا كان الأمر فيها مصلحي حسب اجتهاد الداعية إلى الله تبارك وتعالى ماذا يحتاج الناس؟ ماذا يعرفون عن فلان أو عن الاتجاه الفلاني؟ ما مدى احتكاك الناس بهذا؟ إن كان هناك مبتدع لن يأتي من ورائه إلا البدع فيكفي التحذير من شره ورد الناس عنه وأما إن كان هناك كواقع مفروض على الساحة وربما لو أنك اكتفيت بجانب النقد لظن الناس أن كل ما يقوله باطل وهذا الذي يقوله مشهور موجود يعرفه الناس أو كان هو ممن يغلب على الظن أنه لم يكن حتى وإن أخطأ ولم يكن مصر على هذا الخطأ أو أنه غير ذلك فقد يحسن أن تذكر حاله ولا يجب في كل مرة تذكره كما قد يدعي البعض لكن القضية العكسية لا يجوز أن تثني على كافر وتسكت ولا يجوز أن تثني على مبتدع وتسكت لأن في ذلك نوع من هدم الدين.

يقول: «وهذه الصورة ظهرت واضحة في العصور الأخيرة فقد رأينا أفراخ المستشرقين ينشرون فضائلهم وأنهم أصحاب المنهج العلمي السليم وكذا وكذا كذلك جاء من ينشر فضائل الغرب أو الشرق مضفيًا عليهما ألقاب التقدم والحضارة والرقي وواصفًا الإسلام والمنتسبين إليه بالرجعية والجمود والتأخر عن مسايرة الركب الحضاري والأمم المتقدمة».

فهذا بالنسبة لهذه الصورة من صور الموالاة وهي المعاونة والقيام بالأمر والنصح وقد قلنا: أن كل صورة من صور الموالاة لابد أن تتذكر أنه يجب أن تصرف للمؤمنين وتمنع من الكافرين ويصرف ضدها للكافرين ويمنع ضدها من أن يصرف للمؤمنين إذن فالإنسان يتقرب إلى الله بالثناء على المؤمنين وبنشر فضائلهم ويثني على أنبياء الله ويذكُر سيرتهم ويذكِّر الناس بها فهذه من أجل العبوديات ويذكر الصحابة y ويعرف الناس بهم وبفضائلهم وجاهدهم وهكذا الأئمة الأعلام الذين جعل الله لهم لسان صدق في الأمة وجعل الأمة تلهج بالثناء عليهم فهذا كله من الولاء.  ولذلك - كما ذكرنا- لا يتصور انفصام أي جزء من الدين عن العقيدة حتى مثلًا لعل البعض يرى أن من أبعد فروع العلوم الشرعية عن العقيدة السير والتاريخ مع أنها تطبيق للولاء والبراء السيرة والتاريخ فمتى دخلتها من خلال عقيدتك فتثني على أهل الخير عبر التاريخ من لدن آدم -عليه السلام- إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وتذم أهل الشر عبر التاريخ فهذا تطبيق لقاعدة الولاء والبراء ناهيك عن الدروس المستفادة وقد يكون كثير منها يتعلق بالعقيدة من الإيمان بالله -عز وجل- والتوكل على الله والثقة فيما عنده -سبحانه وتعالى- وعدم الضعف والوهن والاستكانة وموالاة الكافرين فهذا كله تطبيق لهذه القضية.

فأنت تثني على المؤمنين وتنشر فضائلهم ولا تثني على الكفار ولا تنشر فضائلهم - إن كانت لهم فضائل- بل لا تذكرها إلا لمصلحة راجحة عندك وإذا ذكرتها تقيدها بما يبين أنهم ليسوا ممدوحين مدحًا تامًا.

وكذلك يحرم أن تذم المسلمين بل متى فعل المسلمون ما يذمون عليه سترت عليهم ولم تفضحهم إلا أن يكون هناك مصلحة راجحة فالأصل في المسلم أن تثني عليه متى استطاعت بأنواع الثناء الموجودة وأن تمتنع عن مذمته وإن كان أهلًا للذم، حتى العاصي لا يذم إلا إن جاهرًا بمعصيته وإنما ينصح سرًا.

فينبغي أن يمسك عن ذم المؤمنين بينما يتقرب إلى الله بذم الكافرين ببيان باطلهم وهذا من أشد ما يذمون عليه بل ما عندهم من مذمات تتعلق بأمر الدنيا أيضًا يذكر لأنه لابد أن له أثر فما من شيء يذكر إلا وله أثر ولذا قال -صلى الله عليه وسلم-: «نظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود تجمع الأكباء في أكنيتها».

فذم اليهود على أنواع من العادات الرذيلة ناهيك عما ذمهم عليه من عقائدهم الباطلة ومن كذبهم على الله تبارك وتعالى فبين ما عند اليهود من أنواع العادات الرذيلة ونهى المسلمين أن يكونوا مثلهم.

ذكر هنا كثير من التفاصيل لهذه الصورة وقد لا ندرك إتمامها كلها في هذه المرة ولكن على الأقل نشرع فيها.

إذا ما قلنا أن التشبه معنى من معاني الموالاة دائمًا نستحضر كما ذكرنا الصورة وضدها والمؤمنين والكفار في كل صورة نتكلم على أربع صور لما نقول التشبه يكون التشبه بالمؤمنين هذا أمر مطلوب وعدم التشبه بالكفار هذا أمر أيضًا مطلوب عدم التشبه بالمؤمنين هذا أمر مخالف لما ينبغي أن يكون عليه المؤمن من اتباع سبيل المؤمنين وعدم التشبه بالكفار أو القصد إلى التشبه بالكفار هذا معنى أبلغ من مجرد عدم التشبه، فعندنا التشبه كقضية والقصد إلى عدم التشبه ضدها والتشبه بالمؤمنين مشروع والتشبه بالكافرين غير مشروع والقصد إلى مخالفة المؤمنين أمر مذموم والقصد إلى مخالفة المشركين أمر مشروع ولذلك كما ذكرنا مسألة التشبه ليس فقط أن تترك التشبه بالنسبة للكفار بل أبلغ من ذلك أن تقصد إلى مخالفتهم - كما سيأتي تفصيله- فمن عادة من يتكلم في قضية الولاء والبراء أن يغلب جانب النهي عن موالاة الكافرين بينما جانب موالاة المؤمنين تجده أكثر تفصيلًا في كتب الآداب ونحو هذا وتجد الكلام على الأخوة الإيمانية وحقوق الأخوة مفصلة وهكذا لكن ينبغي أن نستحضر الصورة.

ربما أشرنا قبل ذلك أن كتب العقيدة بصفة عامة غالبًا تعتني أكثر بمواطن الاشتباه التي يكون فيها شبهات تثار ونحو هذا فيكون التركيز على معالجة هذه الشبهات ومناقشتها بخلاف، المنهج المتكامل الذي يلزمك دائمًا فلكي يكون الفهم الصحيح للعقيدة أن تضيف إليها الدين كله لاسيما الآداب والسلوك حتى تضمن التطبيق التفصيلي للجوانب الحسنة من العقيدة، والعقيدة عادة ما تتكلم على التوحيد والشرك والولاء والبراء في كثير من الأحيان، فتجد أن جوانب الشرك وجوانب البراء من المشركين فيها تفصيل قوي في كتب العقيدة بينما يترك تفصيل الجوانب الحسنة إلى كتب التشريع لأن التشريع كله تفصيل للأمور الحسنة التي أمرت بها العقيدة.

يقول: «ومن معاني المتابعة التشبه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من تشبه بقوم فهو منهم» والمسلم يتشبه بالرسول -صلى الله عليه وسلم- في هديه الظاهر والباطن وكذا بصحابته رضوان الله عليهم وبما عليه جماعة المؤمنين، فأما التشبه بالكفار في الظاهر أن الباطن فمن أخطر الأمور على دين المرء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :: «ثم جعل ـ أي الله تعالى ـ محمداً -صلى الله عليه وسلم- على شريعة من الأمر شرعها له وأمره باتباعها ونهاه عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون وقد دخل في الذين لا يعلمون كل من خالف شريعته.

«وأهواءهم» هي كل ما يهوونه وما عليه المشركون من هديهم الظاهر الذي هو من موجبات دينهم الباطل وتوابع ذلك فهم يهوونه وموافقتهم فيه اتباع لما يهوونه ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم ويسرون به ويودون أن لو بذلوا مالاً عظيماً ليحصل ذلك».

هذا إلى يومنا هذا فتجد الكفار يبذلون أموالًا كثيرو لكي يوافقهم المسلمون في هديهم الظاهر - هذا إن كان الكفار قلة ذميون في بلاد المسلمين- فلا شك أنهم يأنسون بمشاركة المسلمين لهم في بعض هديهم الظاهر.

ولذا تجد أنهم يبذلون جهدًا كبيرًا لكي تجعل أعيادهم أعيادًا عامة للمسلمين ولغيرهم مع أن الذي يبدو أنه لا مصلحة لهم فيه، فإن جعلت الأعياد وأعطوا فيها ما يناسبهم من أنواع الأجازات أو غيرها [لم يكتفوا بذلك] لأنهم لا يريدون فقط مجرد فسحة لهم لكي يحتفلوا بأعيادهم بقدر ما يريدون نوعًا من التشجيع ولو كان تشجيعًا سلبيًا ونوعًا من تشجيع المسلمين على مشاركتهم وإذا ما فرغ المسلمون من أشغالهم فهذا فيه أغراء لهم بأن يجعل هذا اليوم فيه أنواع من الترويح فيكون يوم عيد كما يكون في يوم شم النسيم وغيره والعياذ بالله فتجد معظم المسلمين يعرف أن هذا ليس يومًا للمسلمين وأنه دائر بين أن يكون يومًا للنصارى - وهذه هي حقيقة أمره- وبين أن يكون يومًا للفراعنة وهو لو كان كذلك لكان الأمر أسوأ وأطم فالنصارى أهل كتاب والفراعنة وثنيون وبالتالي فهذا اليوم يوم من أيام المشركين وكل المسلمين يعرفون هذا ولكن يضنون بهذا اليوم والعياذ بالله عندما يفرغون من أعمالهم ويجدون أن الأمر لا سيما وأنه يكون في بداية تحسن الأجواء وصلاحية الطقس لأنواع من الترويح والتنزه فتجد أن كثير من المسلمين لا يقاوم هذا الإغراء والعياذ بالله مع أنه فيه خطر عظيم لاسيما وهذا اليوم يخص بأنواع من الأطعمة ربما أيضًا تشتهيها النفس ولا تحصلها - فيما يظنون- إلا في مثل هذا اليوم فيحصل أنواع منا الإقبال على هذه الأيام والعياذ بالله.

إذن فغرضهم أن يوجد نوع من إغراء المسلمين بالمشاركة حتى وإن لم يكونوا حريصين عليها هذا لمن كانوا قلة فيريدون أن يستكثروا بالمسلمين وأن يجعلوا المسلمين يكثرون سوداهم.

أما من كانوا أممًا متسلطة متجبرة أيضًا فإنه يعنيهم أن يحاكيهم المسلمين والله تبارك وتعالى عليم حكيم خبير وحينما يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من تشبه بقوم فهو منهم» فاعلم أن هذه سنة كونية موجودة أفصح لك الشرع عنها وقد اكتشفوا هذه السنة الكونية في علم الاجتماع وغيره فوجدوا أن المحاكة - ولو في الهدي الظاهر- توجد أنواع من المشاكلة والمؤانسة وتسهل مرور الأفكار والمبادئ ولذا تجد أنهم يحرصون جداً -كأمم حريصة على نشر ثقافتها كما يقولون- على أمور من الأمور التي يظنها البعض شكلية والأمر في هذا ليس سرًا سواء في بلاد المسلمين أو في كل البلاد التي لهم فيها مصلحة أن يغزوها ويتسلطوا على عقول أبناءها.

فقبل انهيار الاتحاد السوفيتي بسنوات بدأت تقارير تشير إلى أن الاتحاد السوفيتي على وشك الانهيار لأن الشباب هناك بدأ يلبس الجينز ويأكل الهمبرجر ويشرب أنواعًا أخرى من الخمور غير الفودكا الروسية المشهورة.

إذا أصبح شعب منفتحًا على ثقافة غيره فيوشك أن يؤخذ بها وهذا طبعًا يرقبونه في بلاد المسلمين أكثر ولذلك تجد بعض المحلات التي تقدم أنواعًا من الأطعمة مشهورة بأنها تحمل صبغة معينة يمكن أن يحضر افتتاحها محل سفير [.......... يوجد هنا فقد من الشريط ووقت فارغ من الكلام يقرب من اثني عشرة دقيقة من 43إلى 54].

ليس هو الذي يحدث مع الأمة الإسلامية في ظل وجود صحوة تعيد الناس إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

عرف الأعداء مكمن الخطر عليهم ما يريدون والأمر يسير جدًا في ظل القوة المفرطة لهؤلاء وبعد التشخيص الدقيق للمسألة [قرروا] أن يستأصلوا شأفة الذين يربون الناس على كتاب الله -عز وجل- وعلى سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ونقول هنا ما قال موسى -عليه السلام- لما قال له قومه ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء:61- 62] فهم أدركوا مكمن الخطر وعرفوا الطريق.

فقد تؤهلهم أمكانياتهم المادية ولكن هذا بإذن الله لا يحدث كما أن قريشًا كانت معها الإمكانيات المادية ففي حادث الهجرة تتبعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وكانوا قاب قوسين أو أدنى من أن يظفروا به -صلى الله عليه وسلم- حتى خشي صديق هذه الأمة -رضي الله عنه- من هذا فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة:40].

فشابهت إجابة النبي -صلى الله عليه وسلم- إجابة موسى -عليه السلام- فنحن نعنى بما نحن فيه من بيان العقيدة الإسلامية ومن غرس الاستعلاء بالإيمان والبغض للكفر وأهله ونتوكل على الله تبارك وتعالى ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: 3].

وبإذن الله تبارك وتعالى يكون لهذه الدعوة الصدى المطلوب في إحياء قلوب المؤمنين وثباتها على دين الله تبارك وتعالى.

يقول: «ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم ويسرون به ويودون أن لو بذلوا مالا عظيما ليحصل ذلك ولو فرض أن ليس الفعل من اتباع أهوائهم فلا ريب أن مخالفتهم في ذلك أحسم لمادة متابعتهم في أهوائهم وأعون على حصول مرضاة الله في تركها وأن موافقتهم في ذلك قد تكون ذريعة إلى موافقتهم في غيره فإن من حام حول الحمى أوشك أن يواقعه».

وسنبين تفصيليًا بعد ذلك بعض النقول من «اقتضاء الصراط المستقيم» فيها أن بعض الصور قد ينهى عنها سدًا للذريعة وإن لم تكن تشبهًا بالمعنى المفهوم كما يأتي بيانه إن شاء الله هذه النقول مختصرة من كتاب «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم».

هذا الصراط المستقيم يقضي عليك أن تخالف أصحاب الجحيم وهو من أجمع ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية : تعالى ولابد من مراجعته ومطالعته.

في الواقع الكلام في «اقتضاء الصراط المستقيم» كان كعادة شيخ الإسلام ابن تيمية في التأليف الإجمال ثم التفصيل والاستطراد في بحوث قد ينجر إليها الكلام فالمذكور معنا هنا في الكتاب والذي سنتناوله في المرة القادمة إن شاء الله تبارك وتعالى ملخص القواعد الإجمالية التي تحكم باب التشبه والتفصيل يرجع إليه في كتاب «اقتضاء الصراط المستقيم».

لأننا كما ذكرنا سنجد في الكتاب إجمالًا وتفصيلًا واستطرادًا ربما يكون خارج الموضوع كأنه يضرب مثلًا في مسألة فقهية فيستقصي الأقوال فيها ونحو ذلك. ومن التلخيص الجيد للتفصيل الموجود في كتاب «حجاب المرأة المسلمة» للعلامة الألباني : تعالى كان من ضمن شروط حجاب المرأة المسلمة أن لا يشبه ثياب الكافرات فذكر الشيخ الألباني : في تعليقه على هذه الجزئية بيان أن هذه كلية من كليات الشريعة ومما يدل على أنها كلية من الكليات أن تكثر الجزئيات المندرجة تحتها فهذه أحد العلامات التي تبين أن هذا الشيء قد يكون من كليات الشريعة.

وبالتالي ذكر الشيخ الألباني الأحاديث التفصيلية التي جاءت في النهي عن التشبه عن الكافرين مرتبة على الأبواب الفقهية فبلغت نيفًا وثلاثين حديث كجزء مختصر جدًا في الأحاديث الصحيحة المتعلقة في النهي عن التشبه بالكافرين أكثر من ثلاثين حديث ذكرها الألباني : تعالى مرتبة على الأبواب الفقهية ومعظمها موجود في «اقتضاء الصراط المستقيم» ولكن بدون ترقيم فعندك الجزء الذي في هذا التعليق وسنشرحه تفصيليًا في المرة القادمة إن شاء الله تبارك وتعالى الأحاديث مع تعليق موجز عليها في كتاب «حجاب المرأة المسلمة» للعلامة الألباني :.

أما التفصيل مع بعض الاستطراد في قضايا أخرى أيضًا فهو موجود في «اقتضاء الصراط المستقيم» فيطلب من الإخوة أن تراجع شيئًا من هذا قبل المرة القادمة إن شاء الله تعالى.

 

طريق السلف

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

ربما يهمك أيضاً

الولاء والبراء -12
1567 ٢٧ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -11
1708 ١٨ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -10
2035 ١١ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -9
2038 ٠٤ يناير ٢٠١٦
الولاء والبراء -8
1671 ٢٨ ديسمبر ٢٠١٥
الولاء والبراء -7
1431 ٢١ ديسمبر ٢٠١٥