الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الشباب والتوكتوك وعلم أمريكا

العزة ارتباط بالله تعالى، وارتفاع بالنفس عن مواضع المهانة، والتحرُّر من رقِّ الأهواء ومن ذل الطمع، وعدم السير إلا وفق ما شرع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم

الشباب والتوكتوك وعلم أمريكا
شحاتة صقر
الثلاثاء ١٦ فبراير ٢٠١٦ - ١٠:٢٥ ص
1253

الشباب والتوكتوك وعلم أمريكا

كتبه/ شحاتة صقر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

ظهر أمرٌ خطير أرجو ألا يكون ظاهرةً، وهو أنك قد ترى بعض الشباب المسلم يرتدي ملابسَ عليها علم أمريكا أو صورة الصليب، وقد يكون هذا الصليب رمزًا لفريق رياضي يشجعه –للأسف- هذا المسلم!! وقد تجد ذلك العلم أو الصليب بمقاس أكبر منقوشًا على "توكتوك"، وهذا أمرٌ يثير الحسرة والألم في قلب كل غيور على دين الإسلام، فإن من يفعل ذلك أغلب الظن أنه لا يدري خطورة هذا الفِعل، وهذا يُلقِي عبئًا أكبر على الدعاة إلى الله عز وجل لتوعية هؤلاء الشباب، ونُصحهم بالرفق واللين عن طريق الدعوة الفردية حتى يُراجِعوا أنفسهم وتزداد عزتهم بدينهم الذي منع المسلم من التشبه بالكفار فيما هو من شعائرهم وخصائص دينهم، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ َتَشَّبَه بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». (رواه الإمام أحمد وغيره، وصححه الألباني).

ما أحوج الأمة اليوم إلى مَن يعتز بدينه فيُعيد لأمته تاريخها المجيد، وعزها السليب، ذاك المجد الذي استمر قرونًا طويلة، وأزمنة مديدة، ولكن البعض منا ظن أن كرامته في تقليد عدوه، والسير على منواله فأصابه الذل والهوان.

إن العزة تنقسم إلى قسمين: عزة شرعية، وعزة غير شرعية.

الأول: العزة الشرعية: وهي التي ترتبط بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فيعتز المرء بدينه ويرتفع بنفسه عن مواضع المهانة، فهو لا يريق ماء وجهه، ولا يبذل عِرضه فيما يدنسه، فيبقى موفور الكرامة، مرتاح الضمير، مرفوع الرأس، شامخ العَرين، سالمًا من ألم الهوان، متحررًا من رق الأهواء ومن ذُلّ الطمع، لا يسير إلا وفق ما يُمْليه عليه إيمانه، والحق الذي يحمله ويدعو إليه.

عن طارق بن شهاب قال: «خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح، فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة، فنزل عنها وخلع خُفّيْه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته، فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة: « يا أمير المؤمنين، أأنت تفعل هذا؟! تخلع خُفّيك وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة؟! ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك! »، فقال عمر: « أَوَّهْ، لو يَقُلْ ذَا غيرُك أبا عبيدة، جعلته نكالًا لأمة محمد – صلى الله عليه وآله وسلم -! إنا كنا أَذَلّ قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله ». (رواه الحاكم وقال: « صحيح على شرط الشيخين ». ووافقه الذهبي ، والألباني). (استشرفوك): رفعوا أبصارهم ينظرون إليك، (أَوَّهْ) كَلِمَة تُقَال عِنْد التَّوَجُّع، (لو يَقُلْ ذَا غيرُك): لو يَقُلْ أحدٌ غيرُك هذا الكلام.

القسم الثاني من العزة: العزة غير الشرعية: كاعتزاز الكفار بكفرهم وهو في الحقيقية ذل، أو الاعتزاز بالنسب على جهة الفخر والخيلاء، أو الاعتزاز بالمال ، كل هذه مذمومة.

وللعزة مصادر شتى لكنها مثل السراب لا حقيقة لها، والعزة الحقيقة لها مصدر واحد وهو الله جل جلاله، والالتجاء إلى جنابه، فهو سبحانه يذل من يشاء، ويعز من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، يقول الله تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران: 26). فالله سبحانه هو المُعِزّ الحقيقي لمن يشاء إعزازه من البشر، بما يُقَيِّضُ له من الأسباب الموجبة للعز، كالقـــوة، ونُصْــرة الحق، وكثرة الأعوان، ونفاذ الكلمة، وغير ذلك من الصفات التي تجعل الحاصل عليها عزيزا.

إن العزة ارتباط بالله تعالى، وارتفاع بالنفس عن مواضع المهانة، والتحرُّر من رقِّ الأهواء ومن ذل الطمع، وعدم السير إلا وفق ما شرع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com