السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

عبارات مقلوبة

علينا أن نعيد التفكير في كل جوانب القصور في حياتنا

عبارات مقلوبة
أحمد شكري
الثلاثاء ٠٩ أغسطس ٢٠١٦ - ١١:١١ ص
1888

عبارات مقلوبة

كتبه/ أحمد شكري

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

يميل الإنسان إلى تبرير تقصيره، وإلقاء اللوم على غيره، ويفسر الظواهر بتفسيرات قد تكون بعيدة عن الموضوعية والإنصاف، وبذلك تصدر منه بعض العبارات المقلوبة

منها مثلا قول البعض:

(أنا لا أشارك في الدعوة بسبب كثرة الانشغال)

وهذه عبارة مقلوبة، بل الصحيح أنه ابتلي بكثرة الانشغال بسبب تخاذله عن المشاركة في الدعوة؛ فإن الله تعالى أكرم من أن يشغل من صدق في الإقبال عليه بغيره، ولذلك قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}.

 وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من جعل الهموم هما واحدا -هم المعاد- كفاه الله بقية الهموم".

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت الآخرة همه؛ جمع الله عليه شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همه؛ فرق الله عليه شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له".

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله تعالى: يا ابن ادم تفرغ لعبادتي املأ قلبك غنى، وأسد فقرك، وإلا تفعل املأ يديك شغلا، ولم أسد فقرك".

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن تصدق الله يصدقك".

فلو كان همك نصرة الدين بصدق لاستعملك الله تعالى في ذلك، وليسر لك الأسباب، وفتح لك الأبواب، والله يرزق من يشاء بغير حساب.  

ومن العبارات المقلوبة كذلك قول البعض:

(هناك حالة إحباط عامة أدت إلى التكاسل)

وبرأيي فإن هذه العبارة مقلوبة؛ لأن التكاسل هو المتسبب في حصول الإحباط، ولذلك لا تجد مثل هذا الإحباط عند من يعمل ولا يترك بابًا من أبواب الدعوة إلى الله تعالى إلا ويطرقه، ومهما أغلق أمامه باب طرق هو عشرة أبواب أخرى. فوالله من كان هذا حاله فإن الله تعالى يريه بعينه من ثمرة جهده -من إقبال الناس، أو توبة شاب، أو ختم طفل للقرآن، أو ما شابه ذلك- ما يزيل من قلبه أي بادرة إحباط.

ولذلك ترك الكسل هو علاج الإحباط، فمن قام الآن ونزل إلى الشارع ودعا بعض الشباب إلى رحلة أو مسابقة أو وليمة، ثم استثمر اجتماعهم في تذكيرهم بشيء من السيرة أو فضائل الأعمال لا شك أنه سيجد من بينهم من يستجيب لدعوته، ويحرص على إكمال طريق الالتزام. 

ومثل ذلك يقال في الأطفال والنساء وكل طبقات المجتمع.

ومن العبارات المقلوبة كذلك قول البعض:

(أنا واخد جنب عشان مليش دور)

وهذه عبارة مقلوبة، بل الصحيح أنه لم يُكلّف بدور محدد لأنه ابتعد عن العاملين، ولو كان تواجد بينهم وشاركهم فيما يقومون به من أنشطة لكانت ظهرت مهاراته ومواهبه، ولحفر لنفسه دورا، ولوجد من القائمين على العمل كل تشجيع، لكن جلوسه وانتظاره أن يأتيه فلان فيكلفه بعمل كذا وكذا هو ما أدى إلى خروجه من دائرة الاهتمام، وإلا فكل القائمين على العمل يشتكون من قلة من حولهم، ولذلك تتراكم التكاليف على أفراد بعينهم.

وهنا أهمس في أذن كل من تحمل أمانة العمل: (لا تكن عونا للشيطان على أخيك، ولا بد من مراعاة الفروق الفردية بين الأفراد، فليس لدى كل الناس نفس القدر من الإيجابية والمبادرة، بل البعض رغم ما عنده من المواهب إلا أنه يعاني من قدر من الانطوائية أو السلبية أو عنده شبهة أو وسوسة، ولذلك على القائمين على العمل أن يتفقدوا إخوانهم يزيلوا عنهم الشبهات، ويوجدوا لهم الأدوار الملائمة).

ومن العبارات المقلوبة كذلك:

(أنا لا أنفق بسبب ضيق الحال)

والحق أنه يعاني من ضيق الحال بسبب قلة إنفاقه في سبيل الله تعالى، فإن من أعظم أسباب سعة الرزق كثرة الإنفاق في سبيل الله.

قال تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}. وقال في الحديث القدسي "أَنفق أُنفق عليك". وفي الحديث "اللهم أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكا تلفا".

 ومن العبارات المقلوبة كذلك:

(لم يعد للوقت بركة ولذلك نعجز عن إتمام المهام)

والحق أننا لم نخطط لمهام كبيرة فحرمنا بركة الوقت، فهل يحق لمن يقضي الساعات أمام مواقع التواصل، وبرامج "التوك شو" أن يسأل عن بركة الوقت؟!

لا يحق أبدا لمن استيقظ من نومه وهو لا يدري ما يفعله في هذا اليوم، لا يحق له أبدا أن يسأل عن البركة في هذا اليوم.

ومشتت العزمات ينفق عمره *** حيران لا ظفر ولا إخفاق

والله لو صدقنا مع الله تعالى في أننا نريد إتمام قراءة كتاب كذا، أو سماع شرح كذا، أو التحرك في نصرة دين الله تعالى بفعل كذا وكذا؛ لبارك الله تعالى في أعمارنا وأوقاتنا ولأعاننا على طاعته. ولو صدقنا مع أنفسنا لوجدنا أوقات فراغ كثيرة نهدرها فيما لا فائدة فيه أو فيما غيره أولى منه.

وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ".

وفي الختام علينا أن نعيد التفكير في كل جوانب القصور في حياتنا، ونترك التبرير ونواجه أنفسنا بصدق ونلجأ إلى الله تعالى أن يصلح شأننا كله.

اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً