الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مصيبة المخدِّرات

لتعلم أن الله يراك، ومطّلع عليك، لاتخفى عليه خافية، وهو قادر عليك

مصيبة المخدِّرات
أحمد حمدي
السبت ١٧ ديسمبر ٢٠١٦ - ١٩:١٩ م
1416

مصيبة المخدِّرات

كتبه/ أحمد حمدي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لقد أنعم الله علينا بنعمة العقل، وجعل من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظها؛ لذلك حرّم الله على الانسان أن يذهب عقله بالمُسْكِرات والخمور، فإذا غاب عقلُه ربما سرق أو قتل أو طلّق زوجته أو زنا بأمه أو أخته أو ....

فشرب المخدِّرات والمُسْكِرات والإدمان والخمور تدمير لشباب الأمة واقتصادها ودينها؛ قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون * إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ"، فالحشيش والترامادول (برشام فراولة) والهيروين (البودرة) كل ذلك من الخمر الذي حرّمه الله عزّ وجلّ؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ"، فالجرعة الكبيرة إذا كانت تُسْكِر فالقليل حرام أيضًا.

وجعل الاسلام حدًا لشرب الخمر، وهو الجلد أربعين جلدة، في عهد أبي بكر -رضي الله عنه- وثمانين جلدة في عهد عُمَر -رضي الله عنه-.

ويوم القيامة: قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ"، وقال: "وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ"، وقال: " .... وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدَغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا رَدَغَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ" أي: صديدهم وقَيْحهم، وقال أيضًا: "مُدْمِنُ الْخَمْرِ إِنْ مَاتَ، لَقِيَ اللَّهَ كَعَابِدِ وَثَنٍ" وقال: "لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خَمْسٌ وذكر منهم مُدْمِنُ خَمْرٍ" وقال: "منْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ".

قال عثمان بن عفان -رضي الله عنه-: "اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممن خلا قبلكم تعبَّد فعلقته امرأة غويّة فأرسلت إليه جاريتها فقالت له: إنا ندعوك للشهادة؛ فانطلق مع جاريتها فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر فقالت: إني والله ما دعوتك للشهادة ولكن دعوتك لتقع عليّ، أو تشرب كأسًا من هذه الخمرة، أو تقتل هذا الغلام، قال: فاسقني كأسا فسقته كأسًا، قال: زيديني، فلم يرم حتى وقع عليها، وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر؛ فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر إلا ليوشك أن يُخرج أحدهما صاحبَه، فهي مفتاح كل شر، ومضيعة للمال، ورجس من عمل الشيطان، وتدعو الى الزنا وتذهب الغيرة".

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها" (مشروبات روحية) وقال أيضا: "ليكوننّ من أمتي قوم يستحلون الحر -أي الزنا- والحرير والخمر والمعازف" رواه البخاري.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "في هذه الأمة خسف ومسخ -قردة وخنازير- وقذف -أي بالحجارة-. فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله ومتى ذاك؟ قال: إذا ظهرت القينات -أي المغنيات- والمعازف وشربت الخمور".

فشرب المخدرات من كبائر الذنوب، وكذلك بيعها وثمنها حرام وسُحْت؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ"، وقال: "لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ"، واللعن هو الطرد من رحمة الله.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِه"؛ فلا يغرنك مكسبه السريع، فليس فيه بركة، وهو تعاون على الإثم والعدوان، وتدمير لشباب الأمة، وإفساد في الأرض.

والمخدرات لها مخاطر عظيمة، مثل: فقدان الشهيّة للطعام؛ مما يؤدي إلى النحافة والهزال، والضعف العام، وإتلاف الكبد وتليّفه، حيث يحلل المخدِّر -الأفيون مثلاً- خلايا الكبد ويحدث بها تليفاً، وزيادة في نسبة السكر، مما يسبب الالتهاب، والتضخم في الكبد وتوقف عمله بسبب السموم التي يعجز الكبد عن تخليص الجسم منها.

وكذلك تؤدي المخدِّرات إلى التهاب في المخ، وتحطيم وتآكل ملايين الخلايا العصبية التي تكوّن المخ؛ مما يؤدي إلى فقدان الذاكرة، والهلاوس السمعية والبصرية والفكرية.

وأيضا تؤدي إلى اضطرابات في القلب..

إلى غير ذلك من الآثار النفسية، مثل القلق والتوتر المستمر، وعدم القدرة على العمل أو الاستمرار فيه.

كما أن المخدرات هي السبب الرئيسي في الإصابة بأشد الأمراض خطورة مثل السرطان، وقد قال تعالى: "وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ".

فإياك وصحبة السوء وأن تجرك لهذا المستنقع، أو أن تجرّب، أو تريد أن تهرب من الواقع أو البطالة أو الهموم أو الديون أو الفشل الدراسي أو المشاكل الأسرية إلى شرب المخدرات؛ فتخسر الدنيا والآخرة، فهى لذّة محرّمة، يعقبها حسرة وندامة. 

فعليك أخي الحبيب بالمسارعة إلى التوبة والإقلاع فورًا عما يغضب الله، والمسارعة إلى العلاج في أي مصحّة لعلاج الإدمان، حكومية أو خاصة، ولا تُسوِّف؛ فإن الموت يأتي بغتة.

واحذر من سوء الخاتمة؛ فكم من شاب مات وفي يده "السيجارة"، أو مات بجرعة زائدة، وكذلك يبعث يوم القيامة؛ فوالله نحن ضعفاء، لا نتحمل عذاب القبر، أو غمسة واحدة في نار جهنم.

ولتعلم أن الله يراك، ومطّلع عليك، لاتخفى عليه خافية، وهو قادر عليك؛ فلا تستخفي بمعصية الله.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

آداب العمل الجماعي -3
630 ٣٠ أبريل ٢٠٢٠
رمضان في ظروف خاصة!
784 ٢٧ أبريل ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -2
618 ٢٢ مارس ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -1
945 ١٩ مارس ٢٠٢٠
الطموح -2
624 ١٠ مارس ٢٠٢٠
الطموح (1)
682 ٢٧ فبراير ٢٠٢٠