الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

رحلة جدار عتيق!

المطلوب : أن تأهلوا أنفسكم على تحمّل الصعاب وأن تنضموا لهذا الجدار ليصبح أكثر متانة

رحلة جدار عتيق!
أنا السلفي
الأربعاء ١١ يناير ٢٠١٧ - ١٨:١٦ م
1551

رحلة جدار عتيق!

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أشعر وكأن حائطي يتصدّع والخوف الأكبر من أن يكون الوليد لا يعي قيمة ما قام به الأب لبقاء هذا الجدار شامخاً حتى ولو كان ناقصاً!

 

فالجدران العتيقة هذه تحمّلت صنوفاً من محاولات الهدم وكذلك محاولات الدمج أو الفصل او التنعيم وغير ذلك من محاولات تغيير بنية الجدار، وبفضل الله وحده ثم بجهود الاباء ظل الجدار محتفظاً بوجوده رغم كثرة الفؤوس التي انهالت عليه من كل مكان بعد فشل محاولات الدمج والتنعيم السابقة!

 

لن يدرك الكثير قيمة هذه الجدران لأنها تكوّنت في وقت كان صعباً جداً الحصول فيه على حجارة تصلح للاصطفاف ضد فيضان الماء!

 

لن يدرك الكثير ممن فاتته مثل هذه اللحظات أن جدران كثيرة متشابهة حاولت الاستمرار لكنها سقطت بل واندثرت تحت ضغوط الحياة والأنظمة والأمن حتى صارت بضع أسطر تُكتب في أحد فصول التاريخ!

 

لن يدرك الكثير أن وقتما كانت الحركات الناصرية والماركسية تسيطر على المناحي الثقافية في بلادنا فلم يقف لها إلا جدار صغير ظل يكبر يوماً بعد يوم حتى جعلها تبدو وكأنها تسيطر على غرفة واحدة داخل مستشفى كبيرة للغاية!

 

لن يدرك الكثير أن الثورة الخومينية كانت لها أثر بالغ في حركات الإسلام السياسي ولم يقف لها إلا جدار صغير وسط موجاتٍ هائلة من الفيضان المُبالغ في الثناء على الخوميني وأتباعه، فيبارك الله في القليل وتتولد الأحجار الأصغر فتتكاتف وتكبر حتى تكون نداً قوياً لدولة كبيرة لها إعلام وجيش وأتباع بالملايين في العالم الإسلامي، بل وتقف لها بالمرصاد في سائر البقاع!

 

لن يدرك الكثير أن حركات التكفير والتفجير والتثوير - بلا ضوابط- حاولت كثيراً وإلى الآن أن تشكك في المنهج السلفي وأن تجذب أبناؤه إليهم بكل سبيل سواء عن طريق الاتهامات لكباره بعمالتهم للسلطة أو بضعفهم العلمي أو سذاجتهم الفكرية او بأي شيء آخر، ورغم ذلك تكّسرت ضرباتهم فوق قوة هذا الجدار العتيق حتى ولو تأثر هذا الجدار ببعض الضربات فلقد ظل كما هو بفضل من الله.

 

لن يدرك الكثير أن العلمانيين والليبراليين والملحدين والحركات النسوية وكذلك حركات التحرر من قيود الشريعة قامت جميعاً وفى أوقات مختلفة بضرب بيد من قوانين ومضايقات وإعلام وتحجيمات للدعوة لكى يقللوا من آثارها ويضعفوا من انتشارها ويمنعوا قطاف ثمارها ولكن أبى الله إلا أن تتواصل الدعوة وتصل إلى شاطئ الأمان بأبنائها.

 

لن يدرك الكثير المحاولات الأمنية المتتالية في بث الفُرقة بين أبناء هذا المنهج والتحجيم له والضغط عليه بالسجن سواء بالقضايا الملفقة أو بالاعتقال المجرد أو بسلبه المنابر والجمعيات والمؤسسات إلا أن الله سبحانه حفظ هؤلاء من الوقوع في شراكهم أو السقوط في آبارهم!

 

لن يدرك الكثير بذل المؤسسين وأتباعهم من أموالهم وأوقاتهم وصحتهم لإلقاء آلاف المحاضرات واللقاءات وفتح باب النقاش في آلاف الحوارات والجلسات وتدريس العلوم المتنوعة للحفاظ على صلابة المنهج وتحصين أتباعه من ركوب موجات الأوهام والتضحية بالنفس من أجل الحفاظ على كراسي الطُّغاة!

أو السقوط في بئر التكفير أو الإرجاء أو الولوج في أعراض العلماء والدعاة.

 

لن يدرك الكثير أن الهجمة الأقوى والأكبر على الدعوة كانت في السنوات الأخيرة من الجميع سلطة ومعارضة وإسلاميين -إلا من رحم الله طبعاً-، وكان التشويه لدى الكثير هدفاً واضحاً بغض النظر عن التفاصيل ودون خوض في هذا لأنكم عاصرتموه ، وظل الجدار في مكانه رغم ما ألم به من ثقوب!

 

هذا قليل من كثير، هذا الجدار وصلكم الآن ووصل بكم إلى ما ترون رغم هذه الرحلة الشاقّة خلال هذه السنوات الطويلة مثخناً بالجراح ومثقلاً بالهموم وناجياً من شرك الكثيرين!

لقد رأيتم تجاعيده في وجوه كباركم، وآلامه في عيونهم، وأثر ثقله على أكتافهم التي مالت وانحنت من طول الطريق وكثرة الأعباء.

 

فيا تُرى هل وعيتم تاريخكم - رغم أنى لم أذكر شيئاً ذا بال- ؟!

أم أنكم ستجلدون أنفسكم وآبائكم رغم هذه الرحلة الشاقة والتي لا يعرف تفاصيلها إلا القليل؟!

فتمتعوا بآبائكم وهم أحياء، فغداً ستكونون أيتاماً بين يدى آلاف اللئام ينتظرون سقوطكم ويتمنون بأن تصبحوا حجارة صغيرة مثلهم، تتقنون التنقل بين الأيدي ولا تستطيعون الصمود أمام أصغر فيضان!

 

والمطلوب : أن تأهلوا أنفسكم على تحمّل الصعاب وأن تنضموا لهذا الجدار ليصبح أكثر متانة ولتكونوا لبنة اليوم وحجارة الغد وصخرة المستقبل، وفقكم الله لكل خير.

 

فرحمة الله تترى على الشيخ على حاتم أحد لبنات هذا الجدار.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة