الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

التميُّز مطلب شرعي

التميُّز مطلبٌ شرعيٌّ، وحاجةٌ ضروريةٌ، لأنه وسيلة للنجاح في الدنيا والآخرة

التميُّز مطلب شرعي
عصام زهران
الأحد ١٥ يناير ٢٠١٧ - ١٥:٣٨ م
1279

التميُّز مطلب شرعي

كتبه/ عصام زهران

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الناظر إلى الأمة الإسلامية وما يحدث فيها من قتلٍ وتعذيبٍ يقف مشدوهًا متحيرًا، سائلاً نفسه: لماذا وصلت الأمة إلى هذا الدرك؟!

وهذا السؤال له عدة إجابات، وسأجيب من جهة خاصة جدا؛ اكتفاء المسلم بمواهبه المتواضعة دون تنميتها، واكتساب غيرها.

أمر في غاية الضعف؛ فالمطلوب أن تتميز، وتأخذ بالعزم ولا تركن للدعة.

فالمسلمون في الأرض يمارَس عليهم جميع أنواع التعذيب؛ لأنهم لم يتميزوا وينهضوا ويرتقوا إلى درجة الإيمان المحققة للنصر والتمكين. قال تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا). تأمل كلمة "المؤمنين"، (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).

فالتميُّز مطلبٌ شرعيٌّ، وحاجةٌ ضروريةٌ، لأنه وسيلة للنجاح في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من عَمِل منكم عَمَلًا فليُتْقِنْه)؛ فإحسان العمل وإتقانه من التميُّز، والتميُّز سبيل التقدم والحضارة والرقي والازدهار.

ويكون التميز أيضًا بالأخلاق الفاضلة، فهي أساس التعامل مع الخَلْق، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقًا).

ومن أبرز ما يتميز به المسلم أيضًا: النظافة والمظهر الحسن؛ لأنَّ ديننا دين النظافة والجمال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ، وَأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ، حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فِي النَّاسِ).

ويكون التميز كذلك في الفِكر والعلم والتعليم، قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).

ويكون في التعامل مع الآخرين، وذلك باحتواء الناس ومحبَّتِهم، ومصاحبتهم ومنفعتهم، قال الله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوزع شهادات تميُّز على أصحابه بين الفينة والأخرى، تقديراً لجهودهم في المجالات التي برعوا فيها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: (أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ).

ومن قَبلهم تميَّز رسول الله عن كل قومه، فكان يُلقّب بـالصادق الأمين، وميّزه الله عن سائر الأنبياء بجُملة من الخصال، فكان يقول: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي، وَلا أَقُولُهُنَّ فَخْرًا: بُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، فَأَخَّرْتُهَا لِأُمَّتِي، فَهِيَ لِمَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة