الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى

ماذا ستقول لربك يوم أن تلقاه فردًا؟

وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى
خالد آل رحيم
الاثنين ٠٦ فبراير ٢٠١٧ - ١١:٢٨ ص
1157

وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى

كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

آية يجب على كل إنسان يعيش على ظهرالأرض أن يتدبرها، لأنه معنِيٌّ بها، وهي قوله تعالى: (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ).

قال القرطبي: والمعنى: جئتمونا واحدًا واحدًا، كلُّ واحدٍ منكم مُنفَرِدًا، بلا أهل ولا مال ولا ولد ولا ناصر ممن كان يصاحبكم، مُنفَرِدين كما خُلِقتم. وقيل: عُرَاةً كما خرجتم من بطون أمهاتكم، حفاةً غُرلًا بُهْمًا ليس معهم شيء.

(وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ)، أي: أعطيناكم ومَلَّكْناكم. والخول: ما أعطاه الله للإنسان من العبيد والنعم. (وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ)، أي: خَلْفِكم.

قال الحسن البصري -رحمه الله-: "يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج، فيقول الله -عزّ وجلّ- له: أين ما جمعت؟ فيقول: يا رب، جمعته وتركته أوفر ما كان، فيقول: فأين ما قدمت لنفسك؟ فلا يراه قدم شيئًا، وتلا هذه الآية (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ).

أما نظرتي لهذه الآية فهي من زاوية مختلفة تمامًا، فلا خلاف أن الجميع سيأتيه فَرْدًا، ولكن الخلاف فيما سيأتون به أمامَه.

وهذا هو سؤالي: بماذا ستَقْدُم على ربك أيها الإنسان؟

والإجابة على هذا السؤال على شقين:

الأول: وهو الذي يأتى الله تعالى بطاعاتٍ وعباداتٍ وقُرُباتٍ وحسناتٍ أمثال الجبال,

فهذا يفوز فوزًا عظيمًا بإذن الله تعالى، وهذا ليس المقصود بالسؤال..

الثاني: وهو محور السؤال، والذي نقول له: بماذا ستقدم على ربك؟

-        بمنصِبِك، وبقيام الناس صفوفًا أمامك يرتجفون ويطلبون رضاك؟

-        بمالِك، وبتَطَلُّع الناس إليك ينتظرون أن تُلقِيَ إليهم بعض الفُتات؟

-        بجَاهِك ووجاهتك، وبتمني الناس أن يكونوا في منزلتك ومكانتك؟

-        بأغانيك ومؤَلَّفَاتِك الموسيقية، وترديدها على المسارح والشاشات؟

-        بمسلسلاتك وأفلامك ومسرحياتك التي أفسدت الكثير، ولا زالت؟

-        بأهدافك التي أحرَزْتَها، وباسمك الذي هتف به الجميع في ملاعب الكُرَة؟

-        بمشاهدَتِك للمباريات وقيام الليل أمامها، والبكاء على هزيمة من تُشَجِّعُه؟

-        بتضييعك للصلوات والطاعات، واللهث وراء دنيا حقيرة فانية؟

-        بقلمك الذي سَخَّرْتَه للطعن في الشريعة والتهكُّم على الكتاب والسنة؟

-        بإعلامك المرئي والمسموع والمكتوب الذي يُفسِد أكثر بكثير مما يصلح؟

-        بطَعْنِك وسَبِّك للعلماء والدعاة والمصلحين؟

-        بتكفيرِك وتفسيقِك للناس على الهويَّة دون مراعاةٍ لقواعد أو أصول؟

-        باتباعك لهواك ولو أدى بك إلى الهاوية؟

-        بالـ "فيس بوك وتويتر والواتس آب" دون العمل على أرض الواقع؟

قل لي بربك: بماذا ستَقْدُم عليه، وهو الذي أخبرك أنك ستأتيه فردًا وستترك كل ما خوَّلَك خلف ظهرِك؟ فماذا ستقول له؟ ماذا ستقول لربك يوم أن تلقاه فردًا؟

والله من وراء القصد.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة