السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

خطوات مقاومة حرب الأفكار العدوانية

أبواب ومنافذ مقاومة الغزو الفكري متعددة، ونحتاج إلى أن نُجَيّش كل الطاقات وفي كل المجالات

خطوات مقاومة حرب الأفكار العدوانية
أسامة شحادة
الثلاثاء ٠٧ مارس ٢٠١٧ - ١١:٥٣ ص
1086

خطوات مقاومة حرب الأفكار العدوانية

كتبه/ أسامة شحادة

 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

في الأسابيع الماضية استعرضنا الخطوط العريضة لحرب الأفكار العدوانية، والغزو الناعم والقاتل والذي تتعرض له أمتنا الإسلامية بمجتمعاتها ودولها في مجالات التعليم والإعلام والتجارة، وسياسات الفواحش وثقافة الضرار وحصان طروادة المتمثل بمؤسسات المجتمع المدني..

وقد عرضنا فيها بعض الحلول والإجراءات المطلوبة لمقاومة هذه الحرب الفكرية والغزو والناعم، ونحتاج مزيدًا من ترسيخ نهج المقاومة السليمة والفعالة لحرب الأفكار الدائرة على عقول المسلمين وقلوبهم.

وعمومًا؛ تحارَب الأفكار بالأفكار، فكيف إذا كانت أفكارًا باطلة، وتقاومها أفكارٌ مُحِقّة ومستمَدّة من عقيدة التوحيد وشريعة الإسلام؟! وحتى لو زُخرِفَت أفكار الباطل بالشبهات والمغريات، فقد أخبرنا الله -عزّ وجلّ- أن الحق منتصر دومًا: "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"، ولكن المشكلة الحقيقية هي أن نقوم بواجبنا تجاه الحق كما قال تعالى: "وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا"، لكن المعضلة الحقيقية: هل قمنا بحمل الحق والدعوة إليه ومواجهة أهل الباطل بالحكمة حتى يزول باطلهم؟

ولننصر الحق ونهزم حرب الأفكار الباطلة نحتاج إلى الخطوات التالية:

1- منهجية سليمة في التفكير أمام حرب الأفكار، ولنتذكر موقف الصِدّيق -رضي الله عنه- حين جاءه كفار قريش يريدون زعزعة إيمانه لما أُسْرِيَ بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لبيت المقدس وعُرج به إلى السماء، لكن الصِدّيق -الذي إيمانه يرجح إيمان الأُمّة- كان يملك منهجيةً سليمةً وموضوعيةً في التفكير، فقال لهم: "إني لأُصَدِّقه ما هو أبعد من ذلك، أُصَدِّقه في خبر السماء في غدوة أو روحة"، وكم نحتاج إلى إعادة بث منهج الصحابة والسلف في التفكير في وجه التحديات وحرب الأفكار العصرية.

2- علم ومعرفة سليمة وصحيحة بالدين والدنيا، وكم تسبب غياب العلم والمعرفة أو انحرافهما في مصائب وكوارث، ولترسيخ العلم والمعرفة يلزم ترسيخ ثقافة الرجوع لأهل الشأن فيما يستجد من شبهات وإشكالات وسلوكيات مريبة، وبذلك تنغلق أبواب من الشر كثيرة جداً "وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ".

3- مبادرة وفاعلية مع الأحداث، وهذا من سُنّته -صلى الله عليه وسلم-، فحين سمع أهل المدينة صوتًا مُزْعِجًا من جهة جبل سلع، خرج الناس يستطلِعون الخبر، فإذا النبي -صلى الله عليه وسلم- قد ركب فرسه بلا سرج وسيفه في عنقه وقد عاد من "سلع" يستطلع لهم الخبر، ويقول لهم: "لن تراعوا لن تراعوا"؛ فلنترك الكسل والدعة التي خسرنا بسببهما الكثير الكثير.

4- مهارات الإتقان والنجاح، ما أصدق مقولة الخليفة الرابع علي بن أبي طالب: "قيمة المرء ما يُحْسِن"، وفعلًا كلما كان المرء متقنًا لمهارات التأثير والإقناع والتخطيط والتنفيذ والتفكير والإبداع كلما كان دوره عظيمًا، ولو درسنا شخصية بعض الصحابة والتابعين الذين كان يقال فيهم: "رجل بألف"، لوجدنا أنهم أصحاب احتراف في مهارات متعددة جعلت قيمتهم عالية، واليوم نحتاج رفد العلوم والمعارف بمهارات التفوق والنجاح والقيادة الفعّالة، لنكسب حرب العقول والقلوب الطاحنة.

لكلٍّ منّا دور في هذه المعركة؛ فكما أن أبواب ومنافذ حرب الأفكار متعددة، فكذلك أبواب ومنافذ مقاومة الغزو الفكري متعددة، ونحتاج إلى أن نُجَيّش كل الطاقات وفي كل المجالات لسد الثغرات، فعلى التُجّار والمُعلِّمين والإعلاميين والأُسرة والمسؤولين وغيرهم دورٌ في ذلك، وهذا يلزمه قيام العلماء والمفكرين والهيئات المختصة بإشاعة برنامج عمل مُقْنِعٍ ومفتوحٍ ومُعْلَنٍ للجميع، لبيان كيف يساهمون في الحفاظ على دينهم ودنياهم من أخطار الحرب المفتوحة عليهم بدون قصف وتفجير!

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً