الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

هل حقـًّا نعظـِّم شرع الله؟!

نحتاج إلى مراجعةٍ حقيقية لتعظيمنا لشرع الله -تبارك وتعالى- \\\"شعائر وحرمات\\\"

هل حقـًّا نعظـِّم شرع الله؟!
أحمد جميل
الأربعاء ٢١ يونيو ٢٠١٧ - ٠٥:٠٠ ص
831

هل حقـًّا نعظـِّم شرع الله؟!

كتبه/ أحمد جميل

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالصيام امتناع عن المفطرات التي يُستخفى غالبًا بتناولها، ولا يَمنع المؤمن منها حال صومه إلا تقوى الله وتعظيم شرعه.

وتعظيم شرع الله -تبارك وتعالى- بتعظيم أوامره والتزامها، وتعظيم زواجره واجتنابها، قال الله -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) (الحج:30)، وقال -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج:32)

علامة على تقوى العبد:

تعظيم أمر الله -تعالى- بالتعرف على الخالق -عز وجل- بأسمائه وصفاته، والتعبد بذلك؛ بتعظيم كلامه: "تلاوة، وحفظًا، ومدارسة، وتطبيقًا، وتحاكمًا"، ورمضان فرصة كبيرة لذلك.

وكذا تعظيم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمحبته وطاعته والتأسي به.

وتعظيم شرع الله كما أنه يَلزم الفرد؛ فهو يَلزم الأمة جميعًا؛ رجالاً ونساءً، حكامًا ومحكومين.

فالحاكم المسلم يلزمه القيام بشعائر الدين الظاهرة وفروض الكفايات، وتذليل العقبات أمام الناس لعبادة ربهم وإعانتهم عليها "وذلك مِن تعظيم شعائر الله"، كما يلزمه الأخذ على يد المجرمين والمفسدين والفساق والمجاهرين بالمعاصي "وذلك مِن تعظيم حرمات الله".

وقس على ذلك، فكلنا راع -بوجهٍ مِن الوجوه- ومسئول عن رعيته.

ومِن تعظيم شعائر الله: عدم استصغار أي طاعة أو احتقار أي معروف، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَقِي، وتُكَلِّمَ أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْبَسِطٌ) (رواه أحمد وابن حبان، وقال الألباني: صحيح لغيره).  

ومِن تعظيم حرمات الله: عدم استصغار أي معصية أو الاستهانة بالذنب، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "إِنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ" فَقَالَ بِهِ هَكَذَا، قَالَ أَبُو شِهَابٍ: بِيَدِهِ فَوْقَ أَنْفِهِ -يعني فطار-. (رواه البخاري)

لا تــــحــــقـــرن صــغـــيــرة                          إن الــجــبــال مِـن الـحـصــى

نحتاج إلى مراجعةٍ حقيقية لتعظيمنا لشرع الله -تبارك وتعالى- "شعائر وحرمات".

- ونحن في شهر الصيام نجد أهل الكبائر مِن المجاهرين بالفطر المستفزين لشعور المسلمين! قال الإمام الذهبي -رحمه الله- في كتاب الكبائر: "وعند المؤمنين مقرر أن مَن ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض -أي بلا عذر يبيح ذلك- أنه شر مِن الزاني ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه، ويظنون به الزندقة والانحلال".

- ونجد شياطين الإنس مِن سدنة الإعلام  ينفقون مئات الملايين؛ لإضلال المسلمين، وصدهم عن الطاعة في شهرهم الفضيل، وإشاعة الفاحشة فيهم، والعبث بعقولهم، وزعزعة ثوابت دينهم دون رقيبٍ أو حسيبٍ! ويعينهم في ذلك ملايين مِن المسلمين أنفسهم، ممن يتابعون هذا الإعلام "برامج ومسلسلات"، فيُعِينون أهل الباطل على الاستمرار في غيهم، ويدعمونهم بالمال مِن جيوبهم؛ فتعود تكاليف الإنتاج أرباحًا مضاعفة!

ورحم الله زمانًا كانت فيه بعض "الأسر المصرية" تدير فيه شاشة التلفاز للحائط أو تغطيه بقطعة قماش "إمساكًا لحرمة الشهر!".

ويا عجبًا مِن صبر بعض الكافرين على كفرهم، وتعظيمهم لمعتقدهم ربما أكثر مِن تعظيم بعض المسلمين لدينهم! 

وأختم بتلك القصة المروية عن الدكتور "مصطفى محمود" -رحمه الله-: أنه كان في رحلة إلى أمريكا، فدخل أحد المحال التجارية -وكان يوم احتفالهم بميلاد المسيح-؛ فوجد البائع قد أغلق ثلاجة الخمور بالأقفال! فتعجب مِن ذلك! فقال له الرجل: "نحن وإن كنا نشرب الخمر، لكن ينبغي في هذا اليوم احترام ميلاد السيد المسيح!".

فاللهم اجعلنا ممن يعلي دينك، ويعظـِّم شريعتك. آمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة