الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

المصلح مكانه (دائرة الحلول)

المهم أن يكون في \"مربع حل المشاكل\" التي تواجهه في بيئته التي له فيها تأثير

المصلح مكانه (دائرة الحلول)
أسامة شحادة
الأربعاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٧ - ١٦:٣٧ م
1022

المصلح مكانه "دائرة الحلول"

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن وظيفة المصلح إصلاح الخلل الواقع في حياة الأمة والناس مِن خلال تقديم الحلول الصحيحة والسليمة لمشاكلهم، وما يواجهونه مِن عقباتٍ أو صعوبات، والتي تتعدد أسبابها ودوافعها مِن جهلٍ أو انحرافٍ بتفريط وتضييع، أو تشدد وتنطّع، أو بسبب كيد الشيطان والأعداء.

فالمشكلة تتفاقم حين يسجن المصلح نفسه في دائرة الشكوى والتبرم، واللوم والعتاب على ما يحصل للأمة والمسلمين مِن نكباتٍ وضعفٍ وتخلف، أو يكتفي بتوزيع الاتهامات واللوم على الآخرين، والغرق في نظرية المؤامرة دون أي جهدٍ حقيقي نحو تجاوز المشكلة والمأزق.

والقضية الأساس هنا هي: قضية "عقلية الأزمة" و"عقلية الحل"؛ فكثيرٌ مِن الناس "يستسهل" عقلية الأزمة، وتستغرقه ويغرق في تفاصيلها، فهو لا ينفك عن الحديث عن المشكلة وتفاصيلها وأسبابها، وتاريخها وآثارها ونتائجها، وقد يكون كثير مِن ذلك غير دقيق أو غير صحيح أصلًا، لكن هذا كل ما لديه؛ تكرار اجترار الشكوى عبْر الزمن!

وما أصدق قول إبراهيم طوقان في هؤلاء:

أفـنـيـتَ يا مسكيـن عـمـرك بالتـأوه والحَـزَنْ                  وقعدتَ مكتوف اليدين تقول: حاربني الزمن

ما لم تـقـم بالعبء أنتَ، فمَن يـقـوم به إذن؟                  كم قـلتَ: أمـراض البلاد وأنتَ مِن أمراضها

بينما منهج الإسلام وسنة النبي العدنان -صلى الله عليه وسلم- هو التخندق في خندق الحلول، والمبادرة لحل المشكلات، وهذا ما تعلمه الصحابة الكرام مِن مدرسة النبوة؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- بادر لطرح منهج المؤاخاة بيْن المهاجرين والأنصار؛ لعلاج المشكلة الاجتماعية للمهاجرين، وحين تعرضت المدينة لهجوم الأحزاب؛ فكر النبي -صلى الله عليه وسلم- بتحييد اليهود عن التحالف مع الأحزاب بمقابلٍ مادي، وهكذا في أمثلةٍ كثيرة.

وفي زمن الصحابة والخلفاء الراشدين: رأينا كيف سارعوا لعلاج مشكلة قتل قراء وحفظة القرآن بجمع مصحفٍ كامل عند الخليفة الصديق، ومِن ثَمَّ في زمن عثمان ذي النورين تم تدوين المصحف في مصاحف، وتوزيعها على الأمصار بإشراف لجنةٍ علمية موثوقة.

وكيف عالج "الفاروق" مشكلة الأراضي المفتوحة بمنع توزيعها وتوزيع ثمرتها وخراجها على المسلمين؛ حتى تكون ذخرًا للأجيال القادمة، وعشرات الأمثلة التي لا مجال لسردها هنا.

وفي زماننا برز المصلحون الحقيقيون مِن خلال تقديم حلول لمشاكل الأمة:

- فهذا الإمام "محمد بن عبد الوهاب" ينبري لمقاومة الشرك والوثنية في الأمة وينشر التوحيد.

- وهذا الخليفة "عبد الحميد الثاني" يعمل على نشر العمران والتعليم، والصناعة والزراعة والتجارة في ربوع بلاد المسلمين في جهودٍ عظيمة منسيّة.

- وهذا العلامة "ابن باديس" يتصدى لنشر الإسلام واللغة العربية، ويكوّن الجيل الذي يقوم بالثورة ضد المحتلين الفرنسيين.

- وهذا المحدث "الألباني" يعالِج مشكلة بُعد الأمة عن السُّنة فيقرّبها لهم، ويصفّيها مِن الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وينشر علم السُّنة في الأمة.

- وهذا "عبد الرحمن السميط" رجل المعروف، يقوم بنجدة ملايين المحتاجين وإسعادهم ودعوتهم للتوحيد، والأمثلة على ذلك كثيرة جدُّا.

ولا يشترط في المصلح أن يعالِج مشكلة كبيرة، لكن المهم أن يكون في "مربع حل المشاكل" التي تواجهه في بيئته التي له فيها تأثير.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً