الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

"حزب النور" يؤيد ترشيح "السيسي"... كيف؟ ولماذا؟

اجتمعتْ إرادة قيادة الحزب مع قاعدته في الحرص على الوطن والحفاظ على مقومات الدولة

"حزب النور" يؤيد ترشيح "السيسي"... كيف؟ ولماذا؟
جمال محمد متولي
الثلاثاء ٢٠ مارس ٢٠١٨ - ١١:٢٦ ص
1409

"حزب النور" يؤيد ترشيح "السيسي"... كيف؟ ولماذا؟

كتبه/ جمال محمد متولي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد استقبل المصريون بيان "حزب النور" لتأييد ترشيح الرئيس "السيسي" لمدةٍ رئاسيةٍ ثانية، بحسب الخلفية الذهنية والسياسية لكلٍّ منهم، وحتى لا نطيل الحديث في تصنيف المستقبلين لبيان الحزب، نوجز ونؤكِّد أننا نتوجَّه بحديثنا هذا لمَن يسأل هذين السؤالين: "كيف؟ ولماذا؟" بنية وذهنية خالصة لله ثم للوطن، ولا همّ ولا رغبة لديه سوى التعرف على منهجية وأسباب القرار بإنصاف وحيادية، ولمّا يعرف بعد الفحص والتمحيص المعرفي، يحكم بجودة ورشادة القرار مِن عدمه.

وحديثي ليس لأولئك الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في أي شهر ولو كان رمضان المبارك؛ إلا إذا كانوا هم أصحاب إعلان رؤيته، وليس غيرهم! إذ أن الفئة الأخيرة -مع الأسف الشديد- لن ترضى عن "حزب النور"، ولا أي فصيل وطني آخر؛ إلا إذا كفرنا بالوطن، وارتمينا في أحضانهم؛ نشهد ما يشهدون به، ونرضى بما يرضيهم، ونأتمر بأمرهم، وندور في فلكهم!

ليس ذلك فحسب، بل وأن تسلِّم عقلك وشحمك ولحمك لقيادتهم، وتكون معهم كالميت بيْن يدي مغسله!

فكما هو واضح وضوح الشمس، ولدينا المثال الحي أنهم قاموا "بشرشحة!" -إن جاز لنا هذا التعبير- د."عبد المنعم أبو الفتوح"، مع أن نقاط التلاقي بينهم أكثر كثيرًا كثيرًا مما يختلفون فيه!

وبالرغم مِن ذلك لم يَسلم مِن آذاهم ولا ظلمهم وظلماتهم؛ فكيف بـ"حزب النور" الذي ليس لهم شغل يشغلهم إلا تكفيره دينيًّا وسياسيًّا، ولم تشغلهم أخطاؤهم التي أوردتهم الشتات والتمزق الحالي؟! ولم نسمع يومًا ما أنهم فكروا في أخطائهم وخطاياهم في حق أنفسهم قبْل أي شي آخر؛ ليتداركوا ويصححوا مسارهم ومسيرتهم!

ويَشهد الله -تعالى- أننا في حزب النور لم نسعد لذلك، ولا يسعدنا مطلقا أن يكون هذا حالهم، لكن ماذا عسانا أن نفعل؟! وهذه الفئة على وجه الخصوص لا تعرف سوي مبدأ: "مَن ليس يأتمر بأمرنا، وينصاع لقرارنا؛ فليس مِن الأمة، ولا الوطن!"، وكل نصيحة تأتيهم مِن ناصح مهما بلغ مِن علمٍ ورشدٍ؛ فهو جاهل ببواطن الأمور وظواهرها على حد سواء؛ ولم يرقَ لمستوى فهمهم، ولا فكرهم (العتيق!).

نعود للسؤال الذي يسأله الوطنيون المنصفون الذين يبنون مواقفهم السياسية على ميزانٍ منهجيٍ وعلمي، وليس على ميزان العاطفة والاتباع المصمت المنغلق.

نبدأ بالإجابة الأهم، وهي: كيف أيد حزبنا ترشيح الرئيس "السيسي" لمدةٍ رئاسية ثانية؟! وبدأنا بالإجابة عن كيف؟ لأنها هي الأهم عند مَن لديه الذهنية الراشدة القابلة للاقتناع إذا ما وجدت أسبابه ومبرراته. وبعد ذلك نجيب عن سؤال: لماذا أيدنا ترشيح "السيسي" لرئاسة ثانية؟

كان مِن الممكن جدًّا، بل ومِن اليسير علينا أن نكون مقلدين لغيرنا ممَن اختاروا التأييد الرئاسي على إطلاقه، وبنظرة عين واحدة، وبالطبع لسنا بذلك نقلل مِن أسلوب وخيار أحد في طريقته، ولكن نعرض التميز العملي والمنهجي الفريد -لحزب النور- كما هو في غالب خياراته وانحيازاته الوطنية.

راعي الحزب -وبشكل غاية في الدقة- التوازن بيْن متطلبات المرحلة والواقع السياسي في مصر، وبيْن حاجات الشعب المصري العظيم وتطلعاته ومتطلباته؛ فكانت عينانا منفتحتين على الكفتين دون طغيان إحداهما على الأخرى؛ عين نظرت للواقع السياسي "وفي القلب منه المنصب الرفيع في الوطن"، وعين نظرت لحاجات الوطن والشعب الآنية والمستقبلية مع تصحيح مسار الأولويات في البناء الوطني الحالي.

لم نشارك في "مهرجانات الزفاف السياسية!" ونقدِّم للشعب شعارات ولافتات ويافطات، نقول فيها: مِن أجل التنمية، والاستقرار، واستكمال المسيرة، ومكافحة الإرهاب... إلخ، مع إقرارنا بإنجازاتٍ حقيقيةٍ -بل وجديًّا غير مسبوقة في بعضها-، واعترافنا بصدق بعض هذه اللافتات والشعارات؛ إلا أننا أيضًا نعلم ونلمس جديًّا تحسس -بل رفض- قطاع كبير مِن الشعب المصري للسكوت في التأييد عند هذا الحد؛ نظرًا لما توارثه وحفظه وشبع منه منذ خمسينيات القرن الماضي حتى سقوط مبارك؛ إذ إن هذه الشعارات كانت تصلح وقت الاستفتاءات الرئاسية الجوفاء، بل والخرقاء، والتي كانت تنتهي بالفوز بـ 99.999%، فكانت حملات التأييد لكل الرؤساء لا تخرج عن هذه الشعارات واليافطات، بل وهذه النتيجة دون مراعاةٍ لحاجات الشعب ومتطلباته وتطلعاته - مِن هنا كان تفرد "حزب النور" ورشادته في اختيار أسلوب ومنهج تأييده الذي ذكر صراحة ودون مواربة، حاجات الوطن حاليًا ومستقبليًّا وفق رؤية حقيقية وعملية.

وهذا ما عبَّرنا عنه بإيجازٍ شديدٍ في قولنا سابقًا: نؤيد ترشيح الرئيس "السيسي" لمدةٍ رئاسية ثانية؛ لأنه أوقع مع دولاب عمل الوطن، مع ضرورة تصحيح مسار إدارة الأولويات، ولم -ولن- يكون "حزب النور" -بإذن الله تعالى- ممَن يوقِّع تأييدًا لكائنٍ ما كان لترشحه لهذه الأمانة الثقيلة العظيمة على بياض! ولا لمصالحه الذاتية (وهذا وعد وعهد لله ثم لشعبنا).

وذلك حينما أصدرنا بيان التأييد لإعادة ترشح السيد/ "عبد الفتاح السيسي"، ذكرنا أهم ما يحتاجه الوطن والمواطن مطالبين سيادته (حال فوزه المتوقع بثقة الشعب): أن تكون أولوياته هي أولويات حاجات الشعب التي تسهم إسهامًا حقيقيًّا وجادًّا في بنائه وتنميته، وتعمل بحق على إعادة المجد المصري، وليست أولويات الإدارة السياسية فحسب.

كيف ذلك؟!

قال بيان الحزب نصًّا في البند التاسع: "بناء الإنسان"، وأوضح الحزب في بيانه أن هذه القضية مع كونها ذكرت في البند التاسع مِن بيان الحزب؛ إلا أن ذلك التأخير لا يعني أنها أقل أهمية مِن سبقها، بل لأنها الهدف والتاج لكل ما سبق ذكره في البيان مِن عوامل بناء الوطن وتقدمه، فقال البيان: "الأولوية الأولى للوطن والمواطن: لا يجب أن تشغلنا الأهداف الاقتصادية والسياسية آنفة الذكر عن قضية أهم مِن ذلك كله، وهي: قضية بناء الإنسان المصري".

وذلك لوعي الحزب بأن رأس مال الوطن القوي هو المواطن نفسه، وليس غيره، وأن بناء المواطن بناءً سليمًا عقائديًّا وتعليميًّا وصحيًّا هو الاستثمار الأول، بل والأهم لضمان قوة الوطن، واستمرار نمائه؛ بغض النظر عن الآلية السياسية التي تحكمه؛ فبناء البشر مقدَّم حتمًا وفرضًا على بناء الحجر، وكما أن الكيان -أي كيان- يكتسب قوته وأهميته مِن عقلية وصلابة مَن فيه، كذلك أيضًا الوطن يكتسب أهميته مِن عظمة بناء وعقل مواطنيه؛ ولذلك -وبذلك- تقدمت الأمم وارتقت، وأسست ريادتها في العالم مِن حولنا.

وفي سبيل ذلك ركَّز الحزب على أهم قاعدتين في عوامل بناء المواطن بناءً سليمًا صحيحًا، فقال في البند الثامن:

- الاهتمام بمنظومتي: "التعليم - والصحة": وهاتان القاعدتان لا يمكن، بل مِن المستحيل أن يتقدم وطنٌ وتنهض دولة مِن غير بنائهما بنــاءً يعمل على إنتاج النضج والوعي والعقلية الرشيدة للمواطن، وبذلك لا يكون صالحًا لوطنه فقط، بل للإنسانية جمعاء؛ بتطوير التعليم تطويرًا يعمل على إخراج الجيل الواعي لضرورة تحمل المسؤولية، وديمومة البناء والارتقاء الوطني.

- وأن التنمية مهما علت قيمتها وشأنها في الوطن مع الجهل والمرض، فمصيرها حتمًا وحكمًا الانهيار -بل والزوال-.

- وتطوير منظومة التعليم على وجه الخصوص تعني المراجعة الشاملة لكلٍّ مِن: المؤسسة والبيئة التعليمية، والمنهج والمحتوى التعليمي، والمعلم والطالب، لكل مكونات وتفاصيل نظامنا التعليمي بدءًا مِن رياض الأطفال، وانتهاءً بالجامعة.

- وكذلك مراحل التعليم الفني.

ولا يكون التفكير التطويري مطلقًا بالقفز على المنتصف منه كما يجري الحال الآن في التفكير فقط في الثانوية العامة، وإهمال ما قبلها وما بعدها! مما يعني أننا نسلّم طالبًا مشوشًا يعتمد على الحفظ والحشد فقط في التعليم الأساسي، ثم نفاجئه في الثانوية العامة بنظامٍ مختلفٍ كليًّا يعتمد على الفهم والاستنباط!

ويرى الحزب أن الركيزة الأهم لبناء الإنسان المصري هو التأكيد الحقيقي والفاعل على ترسيخ المرجعية العليا للشريعة الإسلامية، وأنها الركيزة لصياغة جوهر الإنسان بحكم ربانيتها في جميع نواحي الحياة: التشريعية، والثقافية، والاجتماعية، وأنها الضمانة الحقيقية لكل المصريين للحفاظ على حقوقهم وضمان تقدمهم، وفق ما نصَّت عليه المادة الثانية في الدستور الذي ارتضته جماهير الشعب المصري بنسيجه الوطني.

القاعدة الثالثة في البناء:

"الحقوق الدستورية وحريات المواطنين": وقد نص بيان الحزب على ضرورة تفعيل الدستور وسنِّ التشريعات اللازمة لهذا التفعيل عمومًا، وذلك أننا ما زلنا نرى أن الدستور به الكثير مِن المواد المعطلة.

وأهم ما ينبغي تفعيله في أولويات الوطن وبناء المواطن: مجال الحقوق الدستورية للمواطنين، وأن ألف باء تفعيل إطلاق حرية المواطن وفقًا للحقوق الدستورية، تعني ضمانة بناء الولاء والاعتزاز الكبير في نفس المواطن ذاته بالانتماء الحقيقي للوطن، وأن تعطيل الحقوق الدستورية والاعتداء على حريته يعني إهدار كرامته وجرحها، والتي بالأساس مِن كرامة وعزة الوطن؛ وبالتالي: فكلما كان المواطن مرفوع الهامة بحقوقه وحريته، مُصان الكرامة؛ سيكون هو نفس المواطن الذي سيدفع روحه وأعز ما يملك ثمنًا لمَن يسيء أو يقدم على جرح وطنه؛ لذلك فإن "حزب النور" يؤمن بأن حرية وحقوق المواطن الدستورية ليستْ خيارًا سياسيًّا، بل ضرورة أمن وبقاء ووجود للوطن كله.

من أجل ذلك طالب حزب النور بإجراءاتٍ عمليةٍ، منها:

- سرعة القضاء على مظاهر العدوان على حقوق وحرية المواطن.

- الحذر مِن إعطاء صلاحيات تتجاوز الدستور والقانون لأي فردٍ أو مؤسسةٍ.

- مطالبة الإدارة السياسية بالتعاون مع البرلمان في مراجعة التشريعات التي تمد أمد الحبس الاحتياطي، وتتجاوز مهمة التحقيق والتحريات.

- ضرورة المعالجة الفورية والسريعة لقضايا التعذيب.

- ضرورة تخصيص دوائر خاصة في المحاكم تعمل على سرعة الفصل في قضايا الحقوق الوطنية والوظيفية، والحريات عمومًا والاعتداء عليها، والتعذيب خصوصًا.

- الوقف الفوري لكل صور وأشكال التضييق على العمل السياسي والاجتماعي.

- ضمان حق المواطن في الحصول على المعلومات بشفافيةٍ دون عوائق.

- تهيئة الأجواء لإلغاء حالة الطوارئ في أقرب فرصة.

- اتخاذ الخطوات التشريعية والتنفيذية اللازمة لحل مشكلة بطء إجراءات التقاضي.

- مراجعة قوائم المسجونين وسرعة الإفراج عن جميع المسجونين ظلمًا.

- فتح باب الاندماج في المجتمع أمام كل مَن ينبذ التكفير والعنف ولم يحمل سلاحًا.

- تحسين حالة السجون بما يتناسب مع آدمية المسجونين.

ويرى "حزب النور" بهذه القواعد على وجه الخصوص الوسيلة الأنجع لجناحي التنمية ومواجهة الإرهاب، بل وكل الأخطار التي تهدد الوطن.

الأولوية الثانية: إصلاح المجال الاقتصادي:

يثمِّن "حزب النور" -ولا شك- الجهود المبذولة للتنمية، وإنجاز المشروعات القومية الكبرى، والتي لا يمكن التغافل عنها، وأنها أساس للبنية التحتية المطلوبة، ونقدِّر أنها ستوفر على مِصر الكثير مستقبلًا.

وكذلك نثمن ضمن ذلك: الإجراءات والضربات المتوالية لضرب بؤر الفساد الاقتصادي والإداري، مع ضرورة وضع رؤية شاملة للقضاء على الفساد يتفاعل معها الشعب بأكمله، ولكن يظل الاقتصاد المصري يغيب عنه الأولويات الضرورية والآنية التي نرى أنه كان ينبغي مراعاتها والانتباه إليها في ذات الوقت، ونرى أنه اتخذت إجراءات اقتصادية قبْل أوانها.

مِن هذه الخطوات -على سبيل المثال-: قرار "تعويم الجنيه"؛ إذ إن هذا القرار على وجه الخصوص كان يحتاج لوجود سياساتٍ اقتصاديةٍ إنتاجيةٍ تسهم في التنمية بعد التعويم لتعمل على الحدِّ مِن الاستيراد؛ مما يوفِّر استخدامنا للعملة الصعبة إلا في الحدود الضرورية والضيقة، وفي ذات الوقت تساعد على اتساع التصدير للإنتاج الذي يفتح منافذ وآفاقًا دولية أوسع تعوِّض القيمة المفقودة مِن "تعويم الجنيه"؛ وبالتالي لا نجد ما هو واقع الآن مِن تأثيرٍ سلبيٍ تسبب في ارتفاعٍ غير مسبوق في ميزان المدفوعات، وعجزًا أيضًا غير مسبوق في الموازنة.

كذلك مِن أخطائنا الاقتصادية: اتباعنا للبرامج الإصلاحية لصندوق النقد الدولي التي أدت بنا إلى ارتفاع الديون الخارجية والداخلية، لحدود مخيفة مِن ناحية، ومِن ناحية أخرى: زادت مِن إفقار الفقراء التي لم تفلح برامج الحماية الاجتماعية في مواجهتها.

لذلك طالب الحزب الرئيس العمل على:  

- التوسع في إقامة المشروعات الصناعية والإنتاجية، والأولوية في ذلك للمصانع وخطوط الإنتاج المتوقفة والمتعثرة.

- التوسع في المشروعات الزراعية واستصلاح الأراضي لتوفير السلع الرئيسة التي يحتاجها الاستهلاك الداخلي والخارجي للتصدير، مع رفع مستوي المزارعين والعناية بهم تقنيًّا وفنيًّا واجتماعيًّا.

- إعطاء أولوية واهتمام الدولة بالمشروعات الصغيرة التي تستوعب أكبر عددٍ مِن البطالة، مع العناية ببرامج التعليم والتدريب اللازم للسوق المحلي والإفريقي والعربي.

- معالجة الآثار السلبية للإجراءات الاقتصادية على الطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل، والإسراع في سياسة تضييق الفجوة بيْن طبقات المجتمع وحماية الطبقة الوسطي مِن التآكل.

- الوقف الفوري لسياسة الاقتراض، وضرورة ألا تكون لسدِّ عجز الموازنة؛ حماية للأجيال القادمة مِن زيادة كاهلها بالأعباء التي تلتهم كل جهود التنمية.

- الإسراع في توجيه القروض المتحصلة فعلًا إلى مشروعات الإنتاج التي تسهم، بل وتتحمل مسؤولية سدادها دون تكلفةٍ جديدة على الشعب حاليًا أو مستقبلًا.

- وضع الخطط والبرامج الضامنة لتحمل الأغنياء للقسط الأكبر مِن فاتورة الإصلاح الاقتصادي تحقيقًا للعدالة الاجتماعية، مع توفير برامج حوافزهم، وتحفيزهم لزيادة الاستثمار.

- ربط الأسعار بالأجور حماية لأصحاب الدخول الصغيرة.

- اعتماد سياسة ترشيد الإنفاق الحكومي الحقيقي، وإعداد الخطط والبرامج لنشر ثقافة ترشيد الاستهلاك الحكومي والشعبي في جميع المجالات.

- إطلاق يد الأجهزة الرقابية المختلفة لضرب الفساد في كل اتجاه، وفق خطة شاملة لاقتلاعه مِن جميع المؤسسات والمرافق.  

الأولوية الثالثة: مكافحة الإرهاب وتجديد الخطاب الديني:

- يدرك الحزب ويعي تمامًا حجم المؤامرة على مِصر أرضًا وشعبًا، وأن الإرهاب ما هو إلا حلقة مِن حلقات هذه المؤامرة التي يهمها أن تعيق تقدم ونهضة مصر وشعبها.

- ويرى أن الإرهاب يعمل على زعزعة المجتمع وتبديد ثرواته، وكان الحزب مِن أوائل الفاعلين سياسيًّا وعمليًّا على الأرض في مواجهة الأفكار التكفيرية والتخريبية -وما زال-.

- ويؤازر الحزب بقوةٍ الدولة في خطواتها وحطتها في الحرب على الإرهاب فِكرًا وحركة.

ويري الحزب ويطالب:

- باعتبار المواجهة الفكرية والمنهجية لظاهرة الإرهاب أهمية كبرى لا تقل عن أهمية المواجهة الأمنية.

- ضرورة التعاون بيْن المؤسسات الدينية الرسمية "وعلى الرأس منها: الأزهر الشريف". والشعبية: "الجمعيات الدعوية"، والاستفادة مِن كل كيانٍ وفردٍ يسهم في هذه المواجهة.

- ضرورة تبني الدولة بمؤسساتها الدينية والتعليمية والثقافية الحفاظ على ثوابت الأمة المصرية مِن عقائد وعبادات وأخلاق، مع التصدي الجاد وفق الدستور والقانون لمَن يطعنون في هذه الثوابت ثقافيًّا وإعلاميًّا؛ حماية لشبابنا مِن كافة أشكال وصور الانحراف أولًا، ثم سدًّا لحجج وإدعاءات الجماعات المتطرفة عليها بالتحلل مِن هذه الثوابت.

- ترسيخ قيمة الحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية في نفوس الشعب عمومًا والأجيال الناشئة خصوصًا.

- تعظيم الاستفادة مِن الجمعيات الدعوية والدعاة الوسطيين والمثقفين والإعلاميين الذين يوازنون بيْن الحفاظ على الهوية وقيم المجتمع المصري ومواكبة التطوير والتحديث في المواجهة الفكرية والثقافية، وخاصة مع أولئك الذين يبدون استعدادًا حقيقيًّا للمراجعة الفكرية والمنهجية، ولم يحملوا سلاحًا أو يرتكبوا جرائم عنف وتخريب ضد الوطن.

الأولوية الرابعة: إصلاح المجال السياسي:

وذلك بتفعيل النصوص الدستورية التي تنص على بناء نظامٍ يقوم على التعددية الحزبية، وأن الأحزاب الرسمية المؤيدة والمعارضة على حد سواء جزءٌ مِن نظام الدولة.

وإعادة النظر في قوانين الانتخابات البرلمانية العاملة بنظام القائمة المطلقة المغلقة التي أدت لانسداد المنافذ، وعكرت الأجواء السياسية، وجعلت الدولة في مرمى الطاعنين فيها مِن جماعات ومنظمات ودول الكراهية.

ولابد مِن الإيمان الكامل والعميق بأن تفعيل النصوص الدستورية الخاصة بفتح المجال السياسي أمام المواطنين هو الخطوة الأولى، بل والأهم في امتلاك القدرة الاقتصادية، وتعزيز قيمة الدولة وتمدد نفوذها ومكانتها الدولية، واليقين بأن ذلك هو الضمانة الأولى، بل والوحيدة لخلق مجتمع يتمتع بالحيوية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن هذا المسلك يوحِّد بيْن القيادة وكل المجتمع مهما كانت درجات التباين بينهما في السياسات الإجرائية.  

الأولوية الخامسة: مجال العلاقات الخارجية:

يرى الحزب أن مِصر في طريقها لاستعادة مركزها ومكانتها على المستوي الدولي، ويطالب باستمرار الجهود في توطيد العلاقات مع الدول العربية والإسلامية الشقيقة، وسرعة التحرك في القارة الإفريقية بما يليق بريادة الدولة المصرية (التي أدى الإهمال السابق لها لسعي البعض منها على إضرارنا في شريان حياة المصريين - مياه النيل).

واستعادة الدور الفاعل والريادي لمصر في الإقليم والعالم بوضع حدٍّ لمعاناة الشعوب العربية مِن الحروب الداخلية فيها، والحفاظ على وحدة أراضيها مِن التقسيم، والتصدي ومواجهة العمل على بثِّ بذور الفتن الطائفية التي تسعى إليها بعض الدول والأحزاب الإقليمية.

وفي القلب مِن ذلك: التصدي بقوةٍ وحسمٍ للقرار الأمريكي الذي يعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، مع استمرار الدور الحيوي المصري الساعي لاستعادة الحق الفلسطيني، وتعظيم الدور المصري بأزهره الشريف في التصدي لمعاناة الأقليات الإسلامية "وخاصة مسلمي بورما"، وكذلك العناية والاهتمام بقضايا الأقليات المسلمة في مختلف الأنحاء؛ هذه هي الكيفية التي أكَّد عليها "حزب النور" في بيان تأييده لترشح الرئيس السيسي لمدة رئاسية ثانية (وأخيرة).

وأما لماذا أيَّد "حزب النور" الرئيس "السيسي" للترشح لمدةٍ رئاسيةٍ أخرى وأخيرة وفقًا للدستور؟

فبداية... مِن المهم الاتفاق على قواعد ثلاث، وهي:

القاعدة الأولى: أن لكل مواطن وحزب أن يختار ما يشاء مِن قرارٍ سياسيٍ -أو غيره- طالما أن قراره نابع مِن قناعاته الخاصة دون إكراهٍ أو مجاملةٍ، وبالطبع مِن الضروري أن يصب القرار في مصلحة الوطن، وليس في المصالح الخاصة بالحزب أو الشخص.

القاعدة الثانية: وهو أن القاعدة الشرعية والمنطقية العقلانية تقرر بأن درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح.

القاعدة الثالثة: أن لكل كيانٍ أو بناءٍ تنظيمي مؤسسي ناجح ألا تتخذ قياداته قرارًا يتسم بالمصيري منفردة ومنعزلة به عن قواعدها.

وأعتقد أنه بداهة لا يختلف على هذه القواعد اثنان، ولا يتناطح فيها عنزان -كما يُقال-.

إذن ما هي صلة هذه القواعد بحديثنا الآن؟!

نقول: أما "القاعدة الأولى": فليس مِن حق أحد أن يصادِر على أحد أو يعيب عليه اختياراته وقناعاته طالما أنها ما زالت داخل الإطار الوطني، مع اعترافنا بحق الجميع في مناقشة وتحليل وتأييد أو رفض القرار أو ترجيح ما يراه وما يستقر عليه مِن رأي، ونكرر طالما أنه في النهاية للصالح العام وليس لمصلحةٍ شخصيةٍ مطلقًا (ومِن الضروري أن أذكر هنا كلام الدكتور محمود حسين -الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين- في لقائه الأخير على الجزيرة في هذا الشهر الجاري، والذي قال فيه ردًّا على سؤال المذيع عن أي شيء ممكن تعتذر الجماعة مِن أخطائها خلال مسيرتها الماضية، فقال نصًّا: نحن في مراجعة مستمرة! ولقد أصدرنا في الفترة الأخيرة بعض الوثائق، والتي منها وثيقة احترام التعددية الحزبية والسياسية، واحترام الرأي والرأي الآخر". بل قال عن رأيه في بعض أتباع الجماعة في بعض الدول الذين قاموا بحلِّ الجماعة في بلدانهم، كالكويت -على سبيل المثال-: نحترم رأيهم وخيارهم!).

هذا أولًا. وثانيًا: أن الإخوان وهم يشنِّعون ويشغبون على مواقفنا وخياراتنا، نذكِّرهم بأنهم في انتخابات المهزلة "2010م" اتفقت كل القوى السياسية بلا استثناء، وقررت مقاطعة الانتخابات ترشيحًا وتصويتًا؛ إلا الإخوان قرروا الترشح والتصويت بقوةٍ، وخرجوا منها ولم ينجح منهم فيها أحد! مع أنهم حينئذٍ كانوا هم مركز الثقل في المعارضة، ومواقفهم لها التأثير الكبير على الموقف، وطالبوا الآخرين باحترام موقفهم!

أوردنا هذا الموقف وهذه التصريحات في موضوعنا؛ لأن الإخوان الجماعة الوحيدة الآن التي تثير الزعابيب على النور.

ويتساءل المرء: أين هي وثيقة التعددية الحزبية والسياسية، واحترام الرأي حتى في قرار حلِّ الجماعة في بعض البلدان -وهو مِن أخص ما يهمهم- مِن عدم احترامهم لخيار ورأي حزب النور فيما لا يخصهم؟!

أما القاعدة الثانية وصلتها بموضوعنا، والتي تنص على أن: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، وهو جوهر جوابنا عن سؤال: لماذا أيدنا "السيسي" في ترشيحه لمدة رئاسية أخيرة؛ إذ إننا وبالرغم مِن كوننا نرى تعاكس في إدارة الأولويات، وتقديم ما هو مهم عما هو أهم إلا أننا مقتنعون قناعة تامة ويقينية أن الرجل نجح في أهم ما يهم مصر وطنًا وشعبًا، وهو:

- الحفاظ على وحدة ترابها وأرضها، ومقاومة وإفشال مخططات انزوائها، ونشر الفوضى فيها، وعدم انزلاقها في مستنقع الاحتراب الأهلي، وكون البعض لم يكن يرى، ولا يزال معصوب العينين عن هذا الخطر المتآمر على وطننا؛ فهذا شأنه! لكننا في "حزب النور" نعلم يقينًا أن مصرنا لم تكن بعيدة عن مخططات التفتيت، والعمل الدءوب على تهديد كيانها الوطني سياسيًّا، بل وجغرافيًّا، مع محاولاتٍ بائسةٍ للعمل على إضعافها وتحويلها إلى وطنٍ ممزقٍ ومهترئ لصالح سيطرة قوى إقليمية وعالمية بغيضة.

- وما الحرب الشرسة على الإرهاب الآن إلا جزءٌ فقط مِن هذا التأمين؛ لكونه وسيلة خبيثة مِن وسائل تمزيق مصر -لا قدر الله -تعالى-، ومع كل ذلك فبالطبع نرى أنه ما زال هناك الكثير مِن القصور في المواجهة التي ما زالت أمنية فقط!

- بالإضافة أن الرجل أمسك بحكمةٍ وحسمٍ بتلابيب إدارة سائر المؤسسات الوطنية، وخاصة ما يسمى (بالسيادية) منها، بعد أن كانت كل صلتها بالحكومة مِن بعد الثورة وحتى توليه المسؤولية هو استلام حصتها مِن الموازنة العامة، وبعد ذلك كل مؤسسة ليس لها مِن همٍّ سوى تسيير أعمالها اليومية، وكجزر منعزلة عن صلب ومركز كيان الدولة! (ولا علاقة لذلك بمبدأ المركزية وعدمها في الإدارة).

أما القاعدة الثالثة: فهي أن "حزب النور" حزب مؤسسات، ولدينا ميزة التلاحم والتماسك بيْن قاعدة النور وقياداته، وهذا التماسك يجعل القرارات الهامة في الحزب تصعد مِن القاعدة للقمة وليس العكس.

ولقد قام الحزب وقياداته بإجراء استطلاعات وجلسات استماع للكثير مِن قواعده ولجانه وأماناته حتى وجدت القيادة في القاعدة الحس الوطني القلق على مصر مِن المؤامرات والمخاطر التي ما زالت محدقة بها، وأنهم مدركون تمام الإدراك لهذه المخاطر.

وأنه ما زال هناك مِن جهدٍ مطلوب لاجتثاث واقتلاع جذور هذه المخططات الخبيثة، وتوافقت الأغلبية الساحقة مِن قواعد النور على تأييد ترشيح السيسي لمدة ثانية وأخيرة، مع التوصية بالعمل فيها على سرعة إنجاز القضاء على هذه المخاطر وعلى الإرهاب الأسود القاصد تخريب مصر وتشتيت أهلها، وفي خطٍّ موازٍ ضرورة العمل على إنجاز الأولويات الوطنية العاملة على تحديث وبناء المواطن؛ ضمانة لبناء سليم وصلب للوطن.

مِن هنا اجتمعتْ إرادة قيادة الحزب مع قاعدته في الحرص على الوطن والحفاظ على مقومات الدولة؛ ولذلك كان اتخاذ قرار تأييد ترشيح الرئيس "السيسي" لمدة رئاسية ثانية و(أخيرة).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة