الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

فقه طلب الرزق (1)

والحياة الطيبة هي حياة السعادة بجميع معانيها

فقه طلب الرزق (1)
عصام حسنين
الأربعاء ٢٣ يناير ٢٠١٩ - ١١:٥٦ ص
919

فقه طلب الرزق (1)

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فينبغي للمؤمن في كل ما يتلبس به مِن أمر دينه أن يتعلم فقهه؛ لقوله- صلي الله عليه وسلم-: (طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

ومما يتلبس به كل واحد منا ويشغل باله: طلب رزقه المباح، ولطلب الرزق فقه شرعي دقيق نحتاج إلى معرفته وتوضيحه؛ لنكون على بصيرةٍ فيه.

أولًا: مما ينبغي أن يكون في قلب كل واحد منا أن الرزق بيد الله وحده لا بيد غيره، والحمد لله أن جعل خزائن رزقه بيده وحده، ولو كانت بأيدينا أو بيدٍ واحدٍ منا لشحّ أو بخل، قال -تعالى-: (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا) (الإسراء:100).

والله -تعالى- رزاق، يرزق كل ذي قوت مِن العباد قوته؛ مؤمنهم وكافرهم، إنسهم وجنهم، وحيواناتهم.

والله -سبحانه- متصرِّف في أرزاق العباد، يجعل مَن يشاء غنيًّا، كثيرَ الرزق، ويَقدِر على آخرين، وله في ذلك حِكمٌ بالغة؛ قال -تعالى-: (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا) (الإسراء:30).

قال ابن كثير -رحمه الله-: "أي خبير بصير بمَن يستحق الغنى ومَن يستحق الفقر، فمِن العباد مَن لا يَصلُحُ حالُه إلا بالغنى، فإن أصابه الفقرُ، فسَد حالُه، ومنهم بضدِّ ذلك".

ثانيًا: رزقنا مقدر، قد فُرغ منه قبل أن يخلق الله السماوات والارض بخمسين ألف سنة، ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها كما قال -صلى الله عليه وسلم-، ورزقنا يطلبنا أكثر مما يطلبنا أجلنا، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الْعَبْدَ أَكْثَرَ مِمَّا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ) (رواه الطبراني في المعجم الكبير، وحسنه الألباني).

وإذا كان الامر كذلك فليأخذ الواحد منا بأسباب الرزق الحلال متوكلًا على الله -تعالى-، راضيًا عنه، قانعًا بما آتاه، وإن ضاقت؛ فليصبر ولينتظر فرجه -سبحانه-.

ثالثًا: الرزق أنواع: فالصحة رزق، والزوجة الصالحة خير متاع الحياة الدنيا، وأعظم الأرزاق وخيرها: الهداية والإيمان، والعلم بالله وأمره -سبحانه-. 

ومِن الذكر: ذكر نعم ربنا علينا؛ فاجلس وعدّد نعم ربك عليك تزدد له حبًّا وطاعة، ثم قارن بيْن حالك وحال غيرك المبتلى؛ تجد الله متعك بالصحة في أعضائك، وبارك لك فيها، وتجد آخر مبتلى ينفق الآلاف مِن أجل استرجاع عضو منه أو شفائه أو في طلب ولد.

والسعادة في الدنيا ليستْ في كثرة المال؛ وإلا فكم ممَن آتاهم الله الأموال، ويخبرون عن أنفسهم بالشقاء، ومنهم مَن ينتحر؛ لأنه لا يجد السعادة!

فالسعادة في الإيمان والرضى والقناعة: قال الله -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97).

والحياة الطيبة هي حياة السعادة بجميع معانيها.

هذا التذكر يوجب شكرًا وقناعة بما رزقه الله.

والحمد لله أولًا وآخرًا.

يتبع -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً